المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوَدَق الزّاكي مِنْ إرثِ النبيّ الهاديّ


ابنة الرميصاء
10-04-10, 06:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لله الحمد من قبل ومن بعد على ما أعطى وأخذ به نستعين وعليه نتوكل ولا حول ولا قوة لنا إلا به ، له الحمد أن عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، والصلاة والسلام على النبي محمد خير من خلق الله وأوجد بُعِثَ بالحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا هدانا لإرثه الذي لا ينتهي فقال إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ، وبعـد :

http://www.7looo.com/uploader//uploads/images/7looo.comab1fd78547.jpg (http://www.7looo.com/uploader//uploads/images/7looo.comab1fd78547.jpg)


العِلـمُ صيدٌ والكـتابةُ قَيْدُه ** قَيِّـدْ صُيودَك بالحِبَالِ المُوثِقَهْ
وَمِنَ الجَهَالة أن تصِيدَ حمامةً ** وتتركُها بَيْنَ الأوانِس مطلقهْ



إنّ مِنْ نِعَمِ الله علينا التي تَبُثُ في أرواحنا الأمل تِلكَ الدروس والمحاضرات التي انتشرت سواءً في المساجد والقاعات أو في التلفزيون والراديو والانترنت نسأل الله جل وعلا أن لا يحرمنا خيرها ويصرف شر كل حاقد عنّا وعنها ..

وتنوعت بين دروس علمية مسلسلة ومحاضرات وعظية عامة بين تفسير لكتاب الله و شرح لحديث رسول الله أو درس فقه أو برنامج فتاوى .. وجميلٌ أن ينظم المرء وقته ويحدد لنفسه في وسط هذا الزخم الطيب عدد من البرامج الأكثر مناسبة وإفادة له يتابعها يسجل ما يسمعه من خير ومن ثم يستزيد بالقراءة فيما سمع أو إتمام ما نقص أثناء تقييده لما يستمع فإنه حتما سيحتاج له يوما ..

وإنّي في هذه السلسلة بإذن الله سأنسخ لكم شيء مما أقيّده فزكاة العلم تبليغه .. سائلة ربي القبول منه والنفع لخلقه ثم منكم التنبيه إن كان من خطأ أو تقصير .. فحياكم الله في [ ريْشَةُ مُسْتَمِعْ ] علماً بأني أحيانا لا يكون النص تماما بلسان الشيخ فقد يفتني شيء أعيد كتابته بأسلوبي .. وحقوق الطبع للجميع بأي صورة من الصور بل وأسعد بذلك ما دام نشرا للعلم والخير .. فعلى الله توكلنا .




http://www.7looo.com/uploader//uploads/images/7looo.com179418e81d.gif (http://www.7looo.com/uploader//uploads/images/7looo.com179418e81d.gif)
{ اعلموا رحمكم الله أن هذا العلم يندُّ كما تند الإبل ،
فاجعلوا الكتب له حماة ، والأقلام عليه رعاة }الشافعي







ابنة الرميصاء
4,4,1431
ولمن ضيع الهجري
20,3,2010

ابنة الرميصاء
10-04-10, 06:07 AM
من برنامج النور الساري شرح صحيح البخاري
الشيخ/مصطفى العدوي/قناتي الحكمة ومواهب وأفكار
السبت 10:30 م الإعادة الأحد 9:30 صباحا و1:15 ظهرا
ما زال البرنامج قائم وهو في حلقاته الأولى ..



بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدأ ببرنامج النور الساري حيث أن البرنامج ما زال في أوله فمن أحبت أن تتابعه يمكنها أن تقرأ ما فاتها ثم تتابعه , علما بأني فاتني حلقات من أوله لا أدري عددها تحتوي في الغالب على المقدمات وشرح أول حديثين وجزء من أول الحديث الثالث , مسجل لدي الآن آخر ست حلقات أنزلها تبعا بإذن الله خلال أسبوع ثم انتقل للمحاضرات الأخرى ويكون موعدنا مع النور الساري كل اثنين بإذن الله بعد الحلقة المباشرة بيومين ..

تنبيه .. الشيخ يذكر بعض من علوم الأدوات في الشرح أحيانا أقيد لفتته إليها فقط لدراستي السابقة لها فإن غلب على ظنّي أنه ربما لا تكون معلومة أصلا عند المتابعات فإما أني لا أذكرها مطلقا وإما أن أعود وأشرحها بلفظي .. أو أذكر الإشارة إليه فقط فإن أشرت إلى شيء والتبس فهمه على أحد فلا يتأخر في السؤال وسأستعين بمدوناتي الدراسية في شرحه بإذن الله واثنان لا يتعلمان مستحٍ ومتكبر ..



النور الساري شرح صحيح البخاري ( 1 )
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
الحديث الثالث (الجزئية التي ستشرح )

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِى النَّوْمِ ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا ...


- تحدث عن مرسل الصحابي وقبوله ..
- سُئل الشعبي –وكان ذو دعابة- هل تتزوج الشياطين ؟ فقال : ذاك عرس لم نشهده .. ثم استدرك قائلا : نعم ، فلا ذرية بغير زواج قال الله تبارك وتعالى : ( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) (الكهف: من الآية50) ولا ذرية بغير زواج لذا فإن ميلاد عيسى عليه السلام كان معجزة .
- ( إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل عليّ رقيب ) ينسب ل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .
- فُسِّر التحنث بالتعبد ، وهو مدرج على كلام أمي عائشة رضي الله عنها فإنما هو من كلام الزهري رحمه الله ..
- في الإدراج : يعرف الإدراج بمتابعة طرق الحديث .. وسبب الإدراج في الغالب أن يقصد الراوي الشرح فيظن الناقل أنه من نص الحديث .. ومثال الإدراج : قال أبو هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم " للعبد المملوك أجران " ( والذي نفسي بيده لولا الجهاد وبر أمي لأحببت أن أكون مملوكا ) فالتبس على بعض الرواه وظن ما بين القوسين من قول رسول الله وإنما هو من قول أبو هريرة رضي الله عنه ..
- " قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ " يشرع التزود للأسفار وقد ورد بإسناد اختلف فيه كان أهلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ ، فلا يَتَزَوَّدُونَ ، ويقولونَ : نحن المتوكِّلونَ ، فإذا قَدِمُوا مَكَّةَ سألُوا الناسَ ، فأنزل الله عز وجل : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)(البقرة: من الآية197 )
- ثم تحدث عن فضل أمي خديجة وأمي عائشة رضي الله عنهما وذكر إجمالا أن خديجة رضي الله عنها أفضل من عائشة رضي الله عنها وكلاهما من أهل الفضل وقمم الخير وقد فصل بعض أهل العلم فقالوا أن فضل خديجة على الدعوة وفضل عائشة في نشر العلم ..

وإلى اللقاء غدا بإذن الله مع شرح الجزئية التالية من الحديث الثالث من صحيح البخاري ..

ابنة الرميصاء
11-04-10, 02:00 PM
من برنامج النور الساري شرح صحيح البخاري
الشيخ/مصطفى العدوي/قناتي الحكمة ومواهب وأفكار

السبت 10:30 مالإعادة الأحد 9:30 صباحا و1:15 ظهرا
ما زال البرنامج قائم وهو في حلقاته الأولى,تاريخ هذه الحلقة

السادس من شهر ربيع الأول 1431





النور الساري شرح صحيح البخاري (2)

كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –

الجزء الثاني من الحديث الثالث


حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} ..


- كان النبي صلى الله عليه وسلم أميّ ، وأميّته هذه تنفع في دفع الشبهات عنه حيث كان من ضمن ما اتهم به صلى الله عليه وسلم أن بشراً علمه حبرا من أحبار يهود أو راهبا من رهبان النصارى ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103)فكانت أميّته دفعاً لتلك الشبهة إذا أنه لا يقرأ ولا يكتب قال تعالى (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت:48)

- كانت ( إقرأ ) أول كلمة أُمِرَ بها ، ومنه أخذ العلماء فضيلة القراءة والتعلم ولا يعكر على ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم أميّ فذلك كان لغاية كما أوضحنا سلفا .. والعلم شرف ورفعة للإنسان بل وللحيوان أيضا فقد فُضل الكلب المعلم والصقر المعلم وأُحِل الأكل من صيده .
- { مَا أَنَا بِقَارِئٍ } هذا وصف لحاله وليس رفضا لامتثال الأمر .
- الثالثة مبلغ الاعتذار ، كما في الطلاق والاستئذان ، وكما في قصة الخضر وموسى عليهما السلام .
- هنا لم تذكر البسملة ومنه ورد الاختلاف في كون البسملة آية من أول كل سورة أم من الفاتحة فقط أو لا هذا ولا ذاك – وذكر تفاصيل الخلاف وأدلة كل فريق ولم يُرَجِح- .
- { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } اقرأ مفتتحا باسم الله وقيل اقرأ متبركا باسم الله .. وقال { الذي خلق } لأن مشركي قريش كانوا يقرون بأن الله هو الخالق ففتتح بشيء يعرفونه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )(لقمان: من الآية25)
- { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } كُرِرَ الأمر بالقراءة .. ومن التكرار تتأتى منقبة القراءة والتعلم .

فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ..

- ذكر طرفا من فضائل أمي خديجة رضي الله عنها وشيء من خبر زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم .
- { يَرْجُفُ فُؤَادُهُ } { حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ } فيه دليل أن الخوف الجِبلّي يعتري الصالحين بل وحتى النبيين ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طـه:67)
-وقال تعالى في شأن يعقوب عليه السلام (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13) وقال في شأن الصحابة رضوان الله عليهم(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (لأنفال:26 ) فهو بينة أن الخوف يتسرب إلى قلب الإنسان وإن علا شأنه .
- ذكر طرفا في الرحم وأهميته ووصله ومن الأحاديث التي ذكرها (وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَىِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً) صحيح مسلم ، فمن كان واصلا لرحمه مؤديا لأمانته أخذتا بيده فعبر ومن كان غير ذلك أسقطتاه .
- قال عليّ بن الحسين زين العابدين رحمه الله موصيا ابنه ( إياك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع في ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22-23) ( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة:27)

ابنة الرميصاء
17-04-10, 09:26 AM
من برنامج النور الساري شرح صحيح البخاري
الشيخ/مصطفى العدوي/قناتي الحكمة ومواهب وأفكار
السبت 10:30 م الإعادة الأحد 9:30 صباحا و1:15 ظهرا
تاريخ هذه الحلقة 13 ربيع الأول 1431




النور الساري شرح صحيح البخاري (3)
كتاببَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –

الجزء الثالث من الحديث الثالث

قَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ ..


- { وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ } أي تحمل الضعيف وتعطي المحروم " وهو كَلٌ على مولاه .. " الكل هو الرجل لا يستطيع القيام على أمر نفسه إما لفقره أو لضعفه .. فكل على مولاه أي عالة على سيده .. والمعدوم : الفقير الذي لا مال معه .
- رأس سعد أن لنفسه فضل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : { وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم } قيل بإحسانكم إليهم ينصركم الله وقيل بدعائهم لكم حين تحسنون إليهم .. مع الفارق في التوصيف .
- { وَتَقْرِي الضَّيْفَ } تقدم للضيف حقه الذي ينبغي له وتلك من المحامد في الجاهلية وأقرها الإسلام .. وقد تمدح يوسف عليه السلام بها قال : ( أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)(يوسف: من الآية59) ولمّا سأل النبي بني سلمة عن سيدهم – وأورد الحديث- ثم قال لهم { وأي داء أدوى من البخل } وقال صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " وفي هذا قال الشاعر واصفا رجلاً بخيلا اسمه ( الفضل )
رأيت الفضل متكأ ** يناغي الخبز والسمكَ
فقطب حين أبصرني ** ونكس رأسه وبكى
فلما أن حلفـت له ** بأني صائم ضحـكَ
- { وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ } النوائب : المصائب ، أما الحق فللعلماء فيها توجيهان : [1] المراد بالحق الله جل وعلا كما في قوله تعالى : " ويعلمون أن الله هو الحق المبين " فالحق من أسماء الله تبارك وتعالى فيكون المقصود تعين من تصيبه مصيبة بقدر الله على أن يتجاوز مصيبته [2] أن الرجل إذا شهد شهادة حق ليست في صالح ذو السلطان وقع به من المصاب والضرر بسبب ذلك الجائر فينصره النبي صلى الله عليه وسلم ويعينه على المصيبة التي أصابته لشهادته بحق ..
- هناك زيادات في روايات أخرى فيها مزيد وصف لكريم خلق النبي صلى الله عليه وسلم على لسان أمي خديجة رضي الله عنها .. ومطلب في الشرح أن تجمع الروايات لمزيد إيضاح وبيان فيكمل النقص ويتضح الغموض ، ثم ضرب الشيخ مثالا لذلك وجمع أحاديث حق الطريق ..
- صنائع المعروف تنفع الشخص بعد هدايته .. أورد حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه وجاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أسلمت على ما سلف –ما أسلفت - لك من الخير }
- هُنا مسألة : كيف أثنت خديجة رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في المدح ما جاء قال تعالى " ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " وعن النبي أنه قال : { .. فاحثوا في وجوه المادحين التراب } وإلى آخر ما جاء من نصوص في ذلك فكيف نوفق بين موقف أمي خديجة رضي الله عنها وبين تلك النصوص ؟ وجواب ذلك أن أمنا خديجة رضي الله عنها قالت ذلك قبل أن يأتي النهي فمعلوم أن هذا الموقف كان في مطلع النبوة ، ويقال أيضا أن التزكية ليست بممنوعة مطلقا بل تمنع إذا خشيت الفتنة ، فأحيانا يكون الثناء دافعا لمزيد من الإحسان .. وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عدد من المواقف مدح فيها أصحاب بأعينهم أمامهم .. فليس الثناء كله مذموم بل وأحيانا يثني الإنسان على نفسه عند الحاجة فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ] وقال أيضا للأنصار [ ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ] وكذا يثني العبد على نفسه دفعاً للشبه كما فعل عثمان رضي الله عنه وقت الفتنة ..
- { ابْنِ أَخِيكَ } أطلقت تجوّزاً كما يقال للشخص الكبير يا عمّ أو يا خال ..

مروة عاشور
27-04-10, 07:12 AM
اللهم بارك بإنتظارك أختي


حفظكِ الله وجزاكِ خيرا

ابنة الرميصاء
27-04-10, 11:51 PM
من برنامج النور الساري شرح صحيح البخاري

الشيخ/مصطفى العدوي/قناتي الحكمة ومواهب وأفكار
السبت 10:30 مالإعادة الأحد 9:30 صباحا و1:15 ظهرا

20 ربيع الأول 1431




النور الساري شرح صحيح البخاري (4)

كتاببَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
الجزء الأخير من الحديث الثالث





{ .. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ }

- الجذع من النعم هو الصغير ، فتمنى ورقة أن يكون صغيرا شابا فتيا لينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- أي هذا الوحي الذي أنزل عليك هو الذي نزل على موسى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) (النساء:163)
-وتسأل أهل العلم عن سبب قول ورقة : موسى وليس عيسى ، وعيسى هو الذي سبق النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ؟ فأجابوا بأن شرعة نبي الله موسى تشبه شرعة النبي محمد صلى الله عليهما وسلم وأن سيرة النبي محمد أشبه ما تكون بسيرة النبي موسى عليهما الصلاة والسلام فمحمد صلى الله عليه وسلم أخرج من مكة وموسى عليه السلام أخرج من مصر كلاهما خرج خائفا .. وكلاهما رجع بعد مُدّة وابتلي محمد بأبي لهب فرعون هذه الأمة وبأبي جهل وابتلي موسى بفرعون مصر وقارون ، وابتلي محمد برأس المنافقين وموسى ابتلي بالسّامري .. وهكذا ليس ورقة وحده من ذكر موسى عليه السلام كذلك الجن قالت (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى)(الاحقاف: من الآية30) ومن ذلك أيضا أن عيسى عليه السلام أتى مُكمِّلا لرسالة موسى ومحلا لبني إسرائيل بعض الذي حرم عليهم أما موسى فقد أتى بشرعة جديدة ونرى نصارى اليوم يقولون العهد القديم يقصدون به ما كان نزل على موسى والعهد الجديد وهو ما نزل على عيسى _على محمد وموسى وعيسى أفضل صلاة وأتم تسليم_ .
- من قول ورقة { يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا } أُخِذَ جواز تمني الخير ، أما النهي عن كلمة (لو) فمنهي عنها إن صحبها تسخط على القدر والنص في ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم { الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ } رواه مسلم ، ودليل أن النهي عن لو ليس مطلقا أن النبي نفسه صلى الله عليه وسلم قالها في غير موضع { لو استقبلت من أمري ما استدبرت ... } وكذا ما قاله ورقة هنا وما قاله مؤمن فرعون { يا ليت قومي يعلمون } وقد أورد البخاري رحمه الله بابا سماه ( باب ما جاء في لو ) .
- فهم ورقة أن الأمم الكافرة لا ترضى وجود المؤمنين معهم " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا"(ابراهيم: من الآية13) قالها قوم لوط لنبيهم وكذا قالها قوم شعيب وقال الله جل وعلا في شأن قريش " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ "(لأنفال: من الآية30) وقد علم ورقة ذلك بالاستقراء ودراسته لتاريخ الأمم السابقة .
- تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهر العجب بقوله { أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ } فقد كان قومه يحبونه ويثنون عليه ويسمونه الصادق الأمين .
- { عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ } أي اليوم الذي تخرج فيه برسالتك على الناس وتجهر بالدعوة .. والحكم عند الأكثرية أن ورقة الرجل الصالح رحمه الله ورضي عنه من أهل الإسلام لهذا الموقف والمقال منه ولأنه كان على الحنيفية ..
- (لكُلِّ عاملٍ شِرَّةٌ ، ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فمن صارت فترته إلى سُنَّتي فقد اهتدى ، ومن أخطأ فقد ضَلَّ ) وتطلق الفترة على عدة معاني تطلق على السكون والانقطاع ، والمقصد أن الوحي انقطع زمنا ثم نزلت سورة المدثر ومن ذلك توهم البعض أنها أول سورة نزلت .. والصواب أنها أول سورة نزلت بعد فتور الوحي أما أول ما نزل على الإطلاق فمطلع سورة العلق .
- ثم ذكر كلام في المعلقات والمراسيل وذكر طرفا من فضائل جابر والزهري وأبو سلمة رحمهم الله ورضي عنهم .. وذكر كلاما في علم المصطلح لم أشأ نسخه هنا .. وأغلب كلامه يندرج تحت شرح الحديث الرابع لم أدركه بتمامه ..

وإلى اللقاء مع الدرس القادم في شرح الحديث الخامس من الجامع الصحيح للأمام البخاري .

مفكرة إسلامية
11-05-10, 03:43 AM
كل شيء رائع هنا ..

الانتقاء الطيب، العرض الجميل، الأسلوب البديع، التوثيق الدقيق ..

موضوع يستحق التثبيت بجدارة .



ابنة الرميصاء .. حُييتِ بيننا أختًا وحبيبة، بارك الله قلمك. http://www.t-elm.net/moltaqa/images/icons/icon56.gif

ابنة الرميصاء
20-07-10, 02:39 PM
زهـرة ، مفكرة إسلاميـة

حياكم الله وجزاكم خيرا .. نتابع بإذن الله .

ابنة الرميصاء
20-07-10, 02:41 PM
من برنامج النور الساري شرح صحيح البخاري
الشيخ/مصطفى العدوي/قناتي الحكمة ومواهب وأفكار
السبت 10:30 م الإعادة الأحد 9:30 صباحا و1:15 ظهرا
تاريخ هذه الحلقة 27 ربيع الأول 1431




النور الساري شرح صحيح البخاري (5)

كتاببَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
الحديث الخامس –


حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}قَالَ –أي ابن عباس- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}قَالَ –أي ابن عباس- جَمْعُهُ لَه فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}قَالَ –أي ابن عباس- فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ .

- فاتني جزء من أول الحلقة ..
- سعيد بن جبير من أعلم الناس بتفسير بن عباس لازم بن عباس سنوات كثيرة وهو من العلماء الأثبات وقُتِلَ ظلما وعدوانا على يد الحجاج بن يوسف الثقفي .
- عبد الله بن عباس حبر الأمة دعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم علمه الحكمة " وفي مرة " اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين " وفي مرة " اللهم علمه تأويل القرآن " وفي مرة " اللهم علمه الكتاب " كان صغيرا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وأمّه من المستضعفين الذين لم يهاجروا وأنزل الله في شأنهم "إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً" (النساء:98)
- { وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ } أي وكان من أسباب تلك الشدة أن النبي صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه ولسانه أثناء الوحي حتى يحفظ ما يوحى إليه ..
- أما قول بن عباس { فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ } هذا ما يسمى بـ الحديث المسلسل والتسلسل أنواع فهذا متسلسل بتحريك الشفتين وفيه المتسلسل بالضحك .. فهناك المتسلسل بفعل معين كأن يفعل النبي فعلا (تبسما أو غيره) فيفعل الراوي ذلك وهكذا كل من روى الحديث يقوم بتلك الفعلة فيسمى متسلسل ب ( .. ) وقد يكون التسلسل بصفة معينة اشترك فيها رجالات السند كـ مسلسل بالمصريين وكذا قد يكون التسلسل ب لفظة التحديث كأن يقول كل راوي حدثني فلان قال حدثني فلان أو مسلسل بالعنعنه عن فلان عن فلان .. وهكذا ..
- {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} أي أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم لا تحرك بالقرآن لسانك لتستعجل حفظه ، فإن الله سبحانه سيجمعه ويحفظه في صدره –صلى الله عليه وسلم- ويمكنه من قراءته ..
- فيه دليل أن أحداً لا يستطيع أن يحفظ آية من كتب الله إلا إذا أعانه الله وإذا حفظ لا يستطيع أن يقرأ ولا أن يبين إلا إذا أعانه الله ووفقه .. فكم من حافظ إذا آتى ليقرأ في المحافل أو غيرها توقف في محل ما كان يتوقف فيه وموضوع يسير جدا عليه .. فلا حفظ ولا أداء إلابإذن الله وهذا لا يقف على القرآن بل كُلّ علم ديني أو دنيوي لا يكون إلا بعون الله وإذنه وإن علم فلا يستطيع استفادة من علمه بالأداء و التطبيق والعمل إلا بتوفيق الله .. ألا ترى كم من طبيب بلغت شهرته الآفاق .. وأخطأ بسبب نسيان أمّر لا يخطئ فيه حتى المبتدأ في الطب !
- ومما يروى في هذا الباب تبينا لذلك ما حدث مع الفاروق رضي الله عنه وهو في العلم هو كم من مرة وافقه القرآن وكم من مستعصيات هداه الله إليها بعد الفتوحات فيعهده كفقه الخراج والمسألة العمرية في الميراث وغيرهما كثير .. ويكفي ما أورده البخاري ) إن النبي صلي الله عليه وسلم رأي رؤيا أنهيشرب اللبن حتى رأي الري في أظفاره ثم ناول عمر اللبن قالوا يا رسول فما أولتها قال العلم ) ومع هذا خفيّ عليه شيء رغم وضوحه التام لصحابة فاقهم علما بكثير .. فقد قال ( وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلملم يقبض حتى يبين لنا الكلالة والخلافة وأبوابا من الربا ) وما زال يسأل النبي عن الكلالة فيبين له فلا يستوعب ويعاود السؤال حتى قال : (ما أغلظ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء أكثر من آية الكلالة حتى ضرب صدري وقال يكفيك منها آية الصيف التي أنزلت فيآخر سورة النساء ) فالحاصل .. أن أحدا لا يستطيع الحفظ إلا بإذن الله وإن حفظ لا يستطيع بثه حتى يأذن له الله فعلينا أن نسأل الله التوفيق والإعانة كما أمرنا بذلك في كتابه " ربّ زدني علما " ومنه أن لا يغتار عالما بعلمه فإنما ذلك محض فضل من الله ولو شاء لأنسيه أوما استوعبه ..[ هذه النقطة والتي سبقتها كنت قد أعدت صياغتهما بتصرف كبير في عناقيد الضياء وهما الآن على ما هما عليه من تصرف ]
- من الفوائد الحديثية
[1] بيان معنى الحديث التسلسل .
[2] أن يتواضع العبد ويتذلل لله ويداوم على سؤاله العون وأن يستخدمه في نصرة دينه
[3] على صاحب كل ذي نعمة أن يحدث شكرا لله وحمدا ، والحمد كلمة كل شاكر فعلينا مع كل شكر بلسان شكر بالقلب وبالعمل بالإحسان إلى الخلق وما إلى ذلك ..
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ** يدي ولساني والضميرَ المُحجبَ
- أورد مسألة في قوله تعالى ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (لأعراف:204) ويرى أن جمهور المفسرين أن المقصود بالآية أنها في قرآن الصلاة .


الحديث السادس


حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ .

- { حَدَّثَنَا عَبْدَانُ } : عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي من بلاد مرو ..
- { أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ } : الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله ، كان يحج عاما ويجاهد عاما وكان متصدقا ينفق على أهل العلم يجهد في التجارة لأجل الإنفاق عليهم ، وكان في زمانه عالم خرسان ومفتيها كما كان الأوزاعي عالم الشام ومفتيها والليث بن سعد عالم مصر ومفتيها ومالك عالم المدينة ومفتيها كلٌ في مكانه وزمانه .. وذكر شيء من فضائل بن المبارك ومنه قصته مع إسماعيل بن عليه حين قبل الأخير تولي القضاء .. (وقد نقلتها لكم من تاريخ بغداد أوردها في نهاية الدرس بإذن الله)
- { ح } أي حول السند وسيبتدأ السند من جديد (سلسلة أخرى من الرجال روى الحديث ) .
- { نَحْوَهُ } أي قريب من معناه .
- { عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ } : عبيد الله بن عبد الله بن عتبه أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين الذين يرى الإمام مالك أنه إجماعهم حجة ..
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر ** روايته عن العلم ليست خارجه
فقل هم عبيد الله عروة قاسـم ** سعيد أبو بكـر سليمان خارجه
- { أَجْوَدَ النَّاسِ } أي مِعطاءً . فالنبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس على العموم ولكن جوده يزداد في رمضان عند لقاءه جبريل عليه السلام ، وفيه فائدة أن المرء يزداد بِرَاً حين يلقى الصالحين . ومما جاء في ذلك استحباب الدعاء عند صيحا الديك فإنها تكون قد رأت ملكاً ، ومنه استحباب الدعاء في حضور الصالحين حتى يؤمنون عليه ويكون ذلك أدعى للإجابة .
- { فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ } من المدارسة استنباط المعاني وتفهمها وبيان مراداتها .
- { الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ } هي التي تهب فلا ينقطع هبوبها وفيها من الخير الكثير ، فالرياح أنواع : منها الريح العقيم ومنها ريح الدبور التي أهلك بها قوم عاد ومنها ريح الصبا التي نُصِرَ بها النبي صلى الله عليه وسلم ..
- وهاكم ما كان بين الرجلين العظيمين نقلا من تاريخ بغداد ..
( عبد الله بن المبارك كان يتجر في البز وكان يقول لولا خمسة ما اتجرت فقيل له يا أبا محمد من الخمسة؟ فقال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض ومحمد بن السماك وابن علية قال وكان يخرج فيتجر إلى خراسان فكلما ربح من شيء أخذ القوت للعيال ونفقة الحج والباقي يصل به إخوانه الخمسة قال فقدم سنة فقيل له قد ولى بن علية القضاء فلم يأته ولم يصله بالصرة التي كان يصله بها في كل سنة فبلغ بن علية أن بن المبارك قد قدم فركب إليه فتنكس على رأسه فلم يرفع به عبد الله رأسا ولم يكلمه فانصرف فلما كان من غد كتب إليه رقعة بسم الله الرحمن الرحيم أسعدك الله بطاعته وتولاك بحفظه وحاطك بحياطته قد كنت منتظراً لبرك وصلتك أتبرك بها وجئتك أمس فلم تكلمني ورأيتك واجدا على فأي شيء رأيت منى حتى اعتذر إليك منه فلما وردت الرقعة على عبد الله بن المبارك دعا بالدواة والقرطاس وقال يأبي هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا ثم كتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم:
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك في سردها ... لترك أبواب السلاطين
أين رواياتك في سردها ... عن بن عون وابن سيرين
إن قلت أكرهت فماذا باطل ... زل حمار العلم في الطين
فلما وقف بن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء فوطىء بساط هارون وقال يا أمير المؤمنين الله الله ارحم شيبتي فإني لا اصبر للخطأ فقال له هارون لعل هذا المجنون أغرى عليك فقال الله الله أنقذني أنقذك الله فأعفاه من القضاء فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك وجه إليه بالصرة )


لقاءنا القادم بإذن الله مع الحديث السابع حديث هرقل .. وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد .

خلود أم يوسف
20-07-10, 02:54 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله تبارك الله
بارك الله بكِ أختنا الغالية
وحفظ الله شيخنا وبارك به
وجزاكِ وجزاه عنا خير الجزاء وأتمه~

ابنة الرميصاء
29-07-10, 09:28 PM
النور الساري شرح صحيح البخاري (6)

4 ربيع الثاني 1431
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج1]



{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ ..}
- فاتني تعريف أبو اليمان .. وللأمانة العلمية صِرتُ أتمم بعض ما لم أدركه من الحلقة من فتح الباري ..
- شعيب : ابن أبي حمزة دينار الحمصي وهو من أثبات أصحاب الزهري .
- الزهري وعبيد الله تم التعريف بهما في الدروس السابقة .
- أبو سفيان : صخر بن حرب وزوجته هند بنت عتبة رضي الله عنها أسلم متأخرا في فتح مكة ، وكانت هذه الواقعة التي يرويها في الحديث سببا من أسباب إسلامه .
{ .. أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ ..}
- كل من حكم الروم يسمى بقيصر ومن حكم الفرس كِسرى ومن حكم الحبشة النجاشي ومن حكم مصر فِرعون ( هي ألقاب تطلق وليست أسماء كقولنا رئيس ملك أمير )
- إيلياء : اسم منطقة بالشام ، المُدّة : فترة الصلح التي عقدت في الحديبية سنة 6 من الهجرة .. وذكر طرفا من ذلك .
{ .. فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَ اللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ ..}
- حروف الجر يحصل بينها تناوب ، كما في قوله تعالى ( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) (الفرقان: من الآية59)أي عنه ، وكذا كما جاء في القرآن من قول فرعون ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ )(طـه: من الآية71 ) أي على جذوع النخل .

{ .. قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ..}
- فأي دينٍ –بارك الله فيكم- أحسن من هذا الدين ، لا نعبد إلا الله الخالق .. ونعطي المخلوقين حقوقهم .
- عفافٌ عن ردئ الأخلاق ، عفاف عن الفواحش ومقدماتها .
- الصلة : صلة الرحم وصلة الأخوّة .
{ .. وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ .. }
- أن الإيمان يبدأ قليلا ثم يزداد ويزداد حتى يبلغ التمام ، وبعد التمام يبدأ النقص وليس معناه أن الدين ينقص –معاذ الله- إنما تمسك الناس به يقل كما استنبط الفاروق رضي الله عنه [ لما نزلت:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص! فقال: صدقت ] (تفسير الطبري ج9 ص519 )
- فمن ذاق طعم الإيمان لا يرتد أبداً عنه ، إلاَّ أن يُراد بِهِ سوءاً أو يطمع في دنيا زائلة .

{ .. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ..}
- قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغدر ، ثم ذكر طائفة من الأحاديث في ذلك منها : ( إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ ) رواه البخاري ومسلم .
- دين يحفظ العقول والأموال والأعراض والأنفس .. فالحمد لله على هذا الدين .




يتجدد اللقاء بإذن الله مع شرح الجزئية التالية من هذا الحديث .

ابنة الرميصاء
06-08-10, 10:02 PM
النور الساري شرح صحيح البخاري (7)
11,ربيع الثاني,1431
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج2]

{.. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ..}

- قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسائل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام فمنهم من وقرها واحترمها ك (هرقل) ومنهم من مزقها ك (كسرى) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليه وعلى مملكة الفرس ، وفي ردة فعل كسرى إشارة إلى شدّة عداوة الفرس وهم عُبّاد نار .
- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : هكذا مطلع تلك الرسالة ، وبهذا تصدر الرسائل (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (النمل:30) وكذا الاتفاقيات تصدر بالبسملة كما في صلح الحديبية ( يا علي أكتب بسم الله الرحمن الرحيم ) لا بسم الشعب ولا بسم فلان كأناً من كان ..
- مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ : هكذا يكون التواضع لله تعالى ثم في الدعوة إلى الله ، وهكذا نستفيد من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم أداباً ، لم يقل – وإن كان هو كذلك وله أهل- ( من صاحب الشفاعة العظمى ، من صاحب الكوثر ، من سيد ولد آدم ) فنتعلم من تواضعه وتواضع الأنبياء ، هُم أأمتنا وقدوتنا عليهم سلام الله وصلواته لا نتأسى أصالة إلا بهم )أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(الأنعام: من الآية90) رسالة من مطلعها نتعلم التواضع كذلك سليمان عليه السلام قال " إنه من سليمان " ما قال من النبي الملك الذي سُخِّرت له الدنيا – وإن كان ذلك حق- وكذلك يوسف عليه السلام (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ )(يوسف: من الآية90) ما قال أنا العزيز يوسف ، قال صلى الله عليه وسلم (ثلاث أُقْسِمُ عليهن ، وأُحَدِّثُكم حديثا ، فاحفظوه : ما نقص مالُ [ عبد ] من صدقة ، ولا ظُلِمَ عَبْد مَظْلمَة فصبر عليها ، إلا زاده الله بها عِزا ، ولا فتح عبد بابَ مسألة ، إلا فتح الله عليه بها باب فقر وما تواضع عبد للَّه إلا رفعه الله) فإذا كان هذا التواضع مع غير المؤمنين فمع المؤمنين أولى (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الحجر: من الآية88) ففي كل كلمة من كلمات الأنبياء نور ونفع وتوجيه وقبلها كتاب الله وما يدرك ذلك إلا أهل التقى ..
- عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ : هو عبد الله وكلنا لله عبيد ونِعْم صنيع من أقرّ بذلك وارتضاه ، عبيد لله نسمع ونطيع .. لسنا بأحرار نكتب ونفع ما شئنا ..
- إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ : هكذا أنزل الرجل منزلته دون أن يشين في شريعة الله ، إنما وصفه بوصفه ، فإنزال الناس منازلهم مطلوب دون إخلال بشريعتنا .
- تلك السنة في الرسائل أن تبدأ بالاسم لا أن تذيل به وإن كان قد جاء في ذلك ولكن الأتبع للسنة أن يكون الاسم في مبدأ الرسالة .
{.. سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ {وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .. }

- سلام : قيل معناها التحية وقيل معناها آمان .. وهكذا نُحيي أهل الكتاب (لا تبتدؤا اليهود والنصارى بالسلام ) ( وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)(طـه: من الآية47) .. فما كان النبي صلى الله عليه وسلم بغشاش أبداً ولا مُجاملا في الدين فلا يليق بنا أن نغش نصرانيا ونشعره أنه على خير وهو يعبد غير الله بل نوجه بخير وننصح له فذاك فضل على غشنا له وتعدي على شرعة ربنا .
- أَمَّا بَعْدُ : أخذ من ذلك مشروعية ( أما بعد ) بين التقدمة وصلب الكلام ، وقد فسر بعض العلماء ( وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)(صّ: من الآية20) أن فصل الخطاب هو قولة ( أما بعد ) وإنما ذلك قول لا يقين به ، وقيل أن فصل الخطاب فضّ النزاعات الكبيرة بكلمات يسيره ، كذا قالها النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع منها (خطبة حادثة الإفك) .
- بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ : دعاية التوحيد والشهادة والصلاة والزكاة والحج والصيام ..
- أَسْلِمْ تَسْلَمْ : أسلم لله تسلم من عذابه .. وهذا من جوامع الكلم ، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ، كلمات قليلة لها معانٍ جليلة .
- يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ : بيان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم فأمن به .. )
- فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ : إن أعرضت عن الإسلام عليك تحمل تبعة ذلك من كفر رعاياك ، الأريسيين قيل الأتباع وقيل الفلاحون ، فمن تسبب في إضلال قوم وإغوائهم يُحاسب على ذلك (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (العنكبوت:13) .
- وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ : تصدير طيب يفتح قلب السامع ليتلقى منك ( يا أيها العالم , الفاضل .. ) فتفتتح حديثك بذكر صفة طيبة هي في المخاطب حق .. (يا أهل الكتاب ) يا أهل العلم لستم بأميين فأنت للهداية أقرب .
- تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كلمة وسط عدل أن لا نعبد رباً سِوا الله ولا نتخذ له شريكاً كأنا من كان ، فإن أعرضتم عن ذلك ورفضتم هذا المجيء إلى توحيد الله والعبودية لله فإنّا نشهدكم أنّا مستسلمين طائعين خاضعين لله ، رضينا به رباً ومعبوداً لا شريك له .
- كلمات موجزة مختصرة حوت المطلوب بجلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم