المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوفيق بين قوله تعالى : {هدى للناس} وقوله : {هدى للمتقين}


أم يوسف و هبة
01-06-07, 08:26 PM
السلام عليكم
قرات هذا التوضيح فاعجبني ارجو ان تجدن فيه الفائدة

التوفيق بين قوله تعالى : {هدى للناس} وقوله : {هدى للمتقين}

في صدر سورة البقرة، يخبر - سبحانه - أن هذا القرآن: {هدى للمتقين} أي: في القرآن إرشاد للمتقين، واهتداء لما فيه صلاحهم ومصالحهم في العاجل والآجل؛ ونقرأ في السورة نفسها، بعد تقرير فريضة الصيام، قوله - تعالى -في صفة هذا القرآن، أنه: {هدى للناس} (البقرة: 185).

وظاهر الآية الأولى، أن هداية القرآن الكريم خاصة بالمتقين فحسب؛ بينما جاءت الآية الثانية عامة، فوصفت هدى القرآن بأنه للناس، ولفظ (الناس) لفظ عام، يشمل المتقين وغيرهم، والمؤمنين ومَن سواهم.

ويبدو للناظر أن بين الآيتين تعارضًا، ووجه الجمع بينهما - كما قرر أهل العلم - أن يقال: إن الهداية في القرآن نوعان: هداية دلالة وإرشاد، وهو الذي تقدر عليه الرسل وأتباعهم، وهو المعنيُّ في قوله - تعالى -: {ولكل قوم هاد} (الرعد: 7) أي: لكل قوم هاد يدلهم ويُرشدهم إلى سُبُل الحق؛ ومن هذا الباب قوله جلا وعلا: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشورى: 52) فأثبت - سبحانه - للرسل ومن سلك سبيلهم الهدى، الذي معناه الدلالة، والدعوة، والتنبيه؛ وتفرد - سبحانه - بالهدى - وهو النوع الثاني - الذي معناه التأييد والتوفيق والتسديد، فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} (القصص: 56) فالهداية هنا بمعنى التوفيق لالتزام سبيل المؤمنين، ونهج سلوك المتقين، وهو المعنيُّ في قوله - تعالى -: {ويهدي من يشاء} (يونس: 25).

ونزيد الأمر وضوحًا، فنقول: إن الهداية في القرآن تَرِدُ على نحوين اثنين: أحدهما عام، والثاني خاص؛ فأما الهداية العامة، فمعناها إبانة طريق الحق والرشاد، وإيضاح المحجة والسداد، وعلى هذا المعنى، قوله - تعالى -: {وأما ثمود فهدينهم} (فُصِّلت: 17) والمعنى: بيَّنا لهم طريق الحق من الضلال، ووضَّحنا لهم طريق الرشاد من الفساد، بَيْدَ أنهم آثروا الثاني على الأول؛ فالأمر هنا أمر اختيار واختبار، يوضع أمام العبد ليختار منهما ما يشاء، والدليل على هذا الاختيار، قوله - سبحانه -: {فاستحبوا العمى على الهدى} (فُصِّلت: 17) ومثله أيضًا قوله - تعالى -: {وهديناه النجدين} (البلد: 10) أي: بيَّنا له طريق الخير وطريق الشر.

وأما الهداية الخاصة، فهي تفضُّل من الله - سبحانه - على العبد بتوفيقه إلى طاعته، وتيسيره سلوك طريق النجاة والفلاح؛ وعلى هذا المعنى قوله - عز وجل -: {أولئك الذين هدى الله} (الأنعام: 90) وقوله - سبحانه -: {فمن يُرِد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} (الأنعام: 125).

إذا علمت هذا، فلا يُشكل عليك فهمُ ما جاء من آيات تخصُّ الهداية بالمتقين، وما جاء من آيات عامة، تعمُّ الهداية للناس أجمعين؛ وبه أيضًا يرتفع ما يبدو من إشكال بين قوله - تعالى -: {إنك لا تهدي من أحببت} (القصص: 56) وبين قوله - سبحانه -: {وإنك لتهدي على صراط مستقيم} (الشورى: 52) لأن الهداية المنفيَّة عنه - صلى الله عليه وسلم - في الآية الأولى هي الهداية الخاصة، إذ التوفيق بيد الله - سبحانه -؛ أما الهداية المثبتة له - عليه الصلاة والسلام - في الآية الثانية، فهي الهداية بمعناها العام، وهي إبانة الطريق، وهو ما فعله - صلى الله عليه وسلم -، وقام به أحسن القيام، وأتمَّه خير التمام، حتى ترك أمته على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.

على أن للمفسرين توجيهات أُخرى لآية البقرة {هدى للمتقين} وما شابهها من آيات، لا ينبغي أن يُغفل عنها في مقام كهذا؛ فقد قالوا:

- خصَّ - سبحانه - المتقين بالهداية، وإنْ كان القرآن هدى للخلق أجمعين؛ تشريفًا لهم، وإجلالاً لهم، وكرامة لهم، وبيانًا لفضلهم؛ لأنهم آمنوا به، وصدقوا بما فيه.

- إنَّ تخصيص الهدى بالمتقين باعتبار الغاية، أي: إن من استمسك بهدي القرآن فإن عاقبته أن يكون من المتقين.

- إن اختصاصه بالمتقين؛ لأنهم المهتدون به فعلاً، والمنتفعون بما فيه حقيقة، وإن كانت دلالته عامة لكل ناظر من مسلم أو كافر؛ وبهذا الاعتبار قال - تعالى -: {هدى للناس}

أم أســامة
05-06-07, 09:01 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..


موضوع قيم ..
جزاكِ الله خيراً يا أم يوسف ..ونفع الله بك .,



وفقكِ الله لمرضاته ..

...

الكلمة الطيبة
06-06-07, 11:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

شكرا غاليتى ام يوسف على هذا الموضوع المتميز

جعله الله فى ميزان حسناتك

خصَّ - سبحانه - المتقين بالهداية، وإنْ كان القرآن هدى للخلق أجمعين؛

اللهم ارزقنا التقوى...اااااااامين

اختكم فى الله
06-06-07, 01:00 PM
جزاك الله خيرا ام يوسف
بارك الله فيك
موقع رائع

ام اسمى
01-12-07, 03:12 PM
بارك الله فيكن