عائشة صقر
15-06-07, 12:48 PM
فريق في الجنة وفريق في السعير
قال ابن القيم -رحمه الله- : أقام الله سبحانه هذا الخلق بين الأمر والنهي ، والعطاء والمنع ، فافترقوا فرقتين ، فرقة قابلت أمره بالترك ، ونهيه بالارتكاب ، وعطاءه بالغفلة عن الشكر ، ومنعه بالسخط ، وهؤلاء أعداؤه ، وفيهم من العداوة بحسب ما فيهم من ذلك.
وقسم قالوا : إنما نحن عبيدك فإن أمرتنا سارعنا إلى الإجابة ، وإن نهيتنا أمسكنا نفوسنا وكففناها عما نهيتنا عنه ، وإن أعطيتنا حمدناك وشكرناك ، وإن منعتنا تضرعنا إليك وذكرناك ، فليس هؤلاء وبين الجنة إلا ستر الحياة الدنيا ، فإذا مَزَّقَهُ عليهم الموت صاروا إلى النعيم المقيم ، وقرة الأعين. كما أن أولئك ليس بينهم وبين النار ، إلا ستر الحياة فإذا مزقه الموت صاروا إلى الحسرة والألم.
فإذا تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبك ، وأردت أن تعلم من أي الفريقين أنت ، فانظر مع من تميل منهما ومع من تقاتل إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين ، فأنت مع أحدهما لا محالة.
فالفريق الأول : استغثوا الهوى فخالفوه ، واستنصحوا العقل فشاوروه ، وفرغوا قلوبهم الفكر فيما خلقوا له ، وجوارحهم للعمل بما أمروا به ، وأوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة ، واستظهروا على سرعة الأجل ، بالمبادرة إلى الأعمال ،وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافرة عنها ، واستوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها ، واهتموا بالله وطاعته على قدر حاجتهم إليه ، وتزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها ، فعجل لهم سبحانه من نعيم الجنة وروحها أن آنسهم بنفسه ، وأقبل بقلوبهم إليه ، وجمعها على محبته ، وشوقهم إلى لقائه ، ونعمهم بقربه ، وفرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا ، والهم والحزن على فوتها ، والغم من خوف ذهابها ، فاستلانوا ما استعوره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم ، والملأ الأعلى بأرواحهم.
(الفوائد 249،250).
قال ابن القيم -رحمه الله- : أقام الله سبحانه هذا الخلق بين الأمر والنهي ، والعطاء والمنع ، فافترقوا فرقتين ، فرقة قابلت أمره بالترك ، ونهيه بالارتكاب ، وعطاءه بالغفلة عن الشكر ، ومنعه بالسخط ، وهؤلاء أعداؤه ، وفيهم من العداوة بحسب ما فيهم من ذلك.
وقسم قالوا : إنما نحن عبيدك فإن أمرتنا سارعنا إلى الإجابة ، وإن نهيتنا أمسكنا نفوسنا وكففناها عما نهيتنا عنه ، وإن أعطيتنا حمدناك وشكرناك ، وإن منعتنا تضرعنا إليك وذكرناك ، فليس هؤلاء وبين الجنة إلا ستر الحياة الدنيا ، فإذا مَزَّقَهُ عليهم الموت صاروا إلى النعيم المقيم ، وقرة الأعين. كما أن أولئك ليس بينهم وبين النار ، إلا ستر الحياة فإذا مزقه الموت صاروا إلى الحسرة والألم.
فإذا تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبك ، وأردت أن تعلم من أي الفريقين أنت ، فانظر مع من تميل منهما ومع من تقاتل إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين ، فأنت مع أحدهما لا محالة.
فالفريق الأول : استغثوا الهوى فخالفوه ، واستنصحوا العقل فشاوروه ، وفرغوا قلوبهم الفكر فيما خلقوا له ، وجوارحهم للعمل بما أمروا به ، وأوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة ، واستظهروا على سرعة الأجل ، بالمبادرة إلى الأعمال ،وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافرة عنها ، واستوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها ، واهتموا بالله وطاعته على قدر حاجتهم إليه ، وتزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها ، فعجل لهم سبحانه من نعيم الجنة وروحها أن آنسهم بنفسه ، وأقبل بقلوبهم إليه ، وجمعها على محبته ، وشوقهم إلى لقائه ، ونعمهم بقربه ، وفرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا ، والهم والحزن على فوتها ، والغم من خوف ذهابها ، فاستلانوا ما استعوره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم ، والملأ الأعلى بأرواحهم.
(الفوائد 249،250).