المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملخص الدرس الخامس من سلسلة الاخلاق ..


غـسـق
25-06-12, 05:13 AM
الدرس الخامس من سلسلة الأخلاق لـ أ. عبير عزمي ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

أما بعد: أخواتي نتابع معاً سيرنا إن شاء الله لمادة الأخلاقيات، وما زلنا في عرض هذه الأخلاقيات للمرأة المسلمة أو الرجل المسلم أيضا في تعامله مع مجتمعه، أخذنا إلى الآن تقريبا 24 صفة، الصدق، وعدم الغش والخداع، وتجنب الحسد، والالتزام بالنصح للمسلمين، والوفاء بالوعد والعهد، وحسن الخلق، والحياء، والرفق، والرحمة، والعفو، والمغفرة، والسماحة وطلاقة الوجه، وخفة الظل، والحلم، وتجنب السباب والفسق، أو رمي أحد بكفر أو بدعة، وأن يكون حييا ستير لا يتدخل فيما لا يعنيه، بعيد عن الغيبة والنميمة، ويجتنب قول الزور، ويجتنب ظن السوء، ويحفظ السر ولا يناجي ثانيا دون الثالث، ولا يتكبر، هذا آخر ما أخذناه مسبقاً وهو تجنب صفة الكبر .
اليوم بإذن الله نأخذ أيضاً قرابة اثنا عشر خصلة ..
نتابع إن شاء الله، نبدأ اليوم بأول خصلة لدرس اليوم وهي:
1. التواضع: لاحظي الكبر وتجنب الكبر وبينا بأن الكبرياء من خصائص الله عز وجل ولا يجوز أبدا للمسلم أن يتعدى فيقتبس هذه الصفة، رغم أن صفات الله عز وجل غالبا أن التعبد بها أن يرى الإنسان بمقتضاها، والعمل بمقتضى صفات الله عز وجل أن يحاول الإنسان تطبيقها سلوكا في حياته، مثل أن من صفاته: عفو، غفور، رحيم، رفيق كل هذا يحتاج المرء أن يقتدي سبحان الله في صفات الله عز وجل في ذلك إلا صفتين هما: الكبرياء والعز كما بينا مسبقا مما اختص الله عز وجل به ولا يجوز للمرء أبدا أن يتمثل بهما، ويترتب على ذلك العقوبة وهي: أن يلقى الله عز وجل وهو عليه غضبان، أيضا أن يعذبه في نار جهنم نسأل الله السلامة .
وعكس الكبر التواضع وهي مضادة، الكبر منهي عنه والتواضع محثوث عليه من قبل الشارع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: "ما تواضع أحد لله إلا رفعه"، سبحان الله الإنسان الذي يخفض جناحه للمؤمنين خاصة أيضا لمن يرى منهم مثلا أنهم دون علية القوم ومع ذلك يتواضع لهم و يخفض جناحه لهم هذه من صفات أولياء الله عز وجل (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) فهذه من سمت أولياء الله عز وجل التواضع والذل للمؤمن والعلو على الكافر، أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد"، لأن التواضع سبحان الله يجعل المودة تفشو بين أفراد المجتمع أكثر، بعكس الكبر إذا إنسان تعالى على الشخص مستحيل أن تجدي هذه المودة، فالتواضع، خفض الجناح، لين الجانب، سماحة النفس، هذه يؤدي صراحة إلى زيادة المحبة بين أفراد المسلمين وأيضا تزيد الأواصر بينهم، ويكون بابا لإدخال السرور والتبسط معهم، كان النبي صلى الله عليه وسلم كما روي عن أنس رضي الله عنه وأرضاه أنه يمر على الصبيان وهم أطفال صغار يسلم عليهم، فاقتدى به أنس رضي الله عنه وأرضاه وكان يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فمن تواضعه أنه إذا مر على صبيان سلم عليهم، فهذا باب من أبواب التواضع؛ لأن هذا يبدو فيه الكبر عند مثلا الإنسان إذا كان كبيرا قد تعلو به نفسه، أو ذو مكانة معينة أن يسلم على الصبيان ويعتبر أن هذا إهانة له أو مذلة له أن يتكلم مع الصبيان أو يلقي عليهم التحية، فلذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على نشر هذه الخصلة بين المسلمين؛ حتى يتأسى به المسلمون، بعكس طبعا إذا الإنسان تعالى على ذلك يؤدي إلى النفرة وإلى البغض في ذلك، أيضا مما روى أنس رضي الله عنه وأرضاه: أن الأمة من إماء المدينة كانت تأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتطلق به حيث شاءت فهذا أيضا مظهر من مظاهر تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، أيضا فيما رواه الإمام مسلم قال: ورد عن تميم بن السعيد عندما قدم أتى إلى المدينة قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ قال فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وترك النبي صلى الله عليه وسلم خطبته حتى انتهى إلى هذا الرجل فأتي بكرسي، فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمه مما علمه الله، بعد ذلك أتى الخطبة فأتم آخرها .
تخيلي أنه قطع الخطبة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يلقى هذا الرجل الذي جاء خصيصاً لتعلم شعائر الدين، ثم بعد أن افهمه وعلمه مما علمه الله عز وجل، رجع فأكمل الخطبة، وهذا مما رواه مسلم، يعني حديث من أقوى الأحاديث في الصحابات أحاديث البخاري، وهذه فيها حكمة، لكن الأمر دائما يعني سبحان الله حتى مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم احتاج الأمر أيضا إلى فهم فقه هذا الحديث، ليس معنى ذلك أن يتأسى الإنسان مثلا مطلقا والله إنسان يقوم بإعطاء درس مثلا أو خطبة معينة بمجرد ما يدخل إنسان يأتي بكرسي ويجلس لابد من حكمة، لعل والله أعلم أن هذا الرجل خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج مثلاً ولا يستطيع الوصول إليه بعد ذلك فيفوته أمر التعليم، فأكيد النبي صلى الله عليه وسلم أدرك بأن الحكمة الآن والمقدم أمر هذا الرجل حتى يرغبه حتى لا يفوت الأمر فيخرج أو لا يشعر باهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بإقباله على تعلم أمور دينه؛ لذلك وجد بأن فقه الأولويات يقطع الخطبة من أجل هذا الرجل، لكن هذا لا يكون مطلقاً على العموم لكن بحسب حال من أتى لطلب هذا العلم، وأيضا ما هو الذي يستطيع المرء تأجيله الخطبة أم التعليم؟ فعند التعارض فالأصل أن يكمل الخطبة ثم يأتي فيعلم هذا الرجل، لكن إن خشي فوات الأوان أو خروج هذا الرجل قبل أن ينتهي من الخطبة فمن باب أولى أن يجمع بين الأمرين .
أيضا من نهجه عليه الصلاة والسلام كان لو دعي إلى ذراع أو كُرَاع – وكُرَاع يعني الذين يكون بين الركبة والساق من الدابة يعني أهون الأشياء ليس لحم أو شيء فيه سبحان الله مزيد من ذلك- لأجاب الدعوة، وهذا أيضا يتجلى فيه صفة التواضع، أنه لا يعلو بأن يعني يستلزم أن تكون مثلا الوليمة أو الدعوة إلى غداء فيه النهبة، فيها يعني يبين لك أنه حتى لو عُزِم أو دعي إلى أبسط أنواع الطعام لآ قبل تواضعا منه صلى الله عليه وسلم .
أيضا من مظاهر تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد خير بين أن يكون نبيا ملكا أو نبيا عبدا، تخيلي ما كان يسعى لملك الدنيا فاختار أن يكون نبيا عبدا، فلذا كافأه الله عز وجل على اختياره على ذلك بأن جعله سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض لاختياره العبودية على الملوكية، وهذا من أعظم المقامات عند الله عز وجل مقام العبودية .
أيضا من باب تواضعه النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن القيام كما يقوم الأعاجم، النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن القيام بعض الناس لبعضهم كما يقوم الأعاجم، المقصود بذلك طبعاً أنتم تعرفون في البلاد مثلا عند من يعبد البقر ويعبد ما شابه يعني ولا يؤمنون بالله عز وجل أو بعض النصارى أيضا كانوا مثلا يقف للملك يجلس مثلا تجد رجلين يقفان عن اليمين وعن اليسار أو إذا جاء أحد مثلا ينحني انحناء في أداء التحية، فهذا منهي عنه، حدث أبو أمامة رضي الله عنه وأرضاه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكأ على عصا فقمنا له، فقال: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا، وإنما أنا عبد أكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد"، إذاً القيام الذي فيه احترام للمرء هذا لا حرج فيه؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما جاء أحد من الصحابة قام له معظما بمكانته، فالجمع بين هذه الأمور القيام المنهي عنه الذي يكون على وجه التعظيم الزائد في رفعه فوق مقام البشر أو الانحناء الذي يكون فيه كأن يسجد المرء أو يركع لمن أمامه هذا القيام المنهي عنه، لكن إذا قام المرء للآخر احتراما ما فيه حرج في ذلك، لكن إن رأى في نفسه أن في ذلك تعظيم ورفع للمقام، أو تقليدا في كيفية فعل الأعاجم فهذا المنهي عنه .
ومن تواضعه أنه كان يركب الحمار، وكان يردف خلفه – يعني يجلس أحد خلفه -، وكان يعود المساكين، كان يجالس الفقراء، كان يجيب دعوة العبد، ويجلس بين أصحابه كلهم في المجلس، أيضا كان يدعا على خبز الشعير وأبسط الطعام فكان لا يردهم، وكان ينهى عن تعظيمه، كان يقول عليه الصلاة والسلام: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم وإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" .
أيضا لما فتح مكة صلى الله عليه وسلم كان داخلا ظافرا منتصرا والجيوش ومع ذلك احنى نفسه ساجدا لله عز وجل، وكادت لحيته تمس قائم الراحل تواضعا لله عز وجل؛ لأنه في مقام نصر فخشي على نفسه من العجب، فأبدى التواضع وكمال التواضع لله عز وجل محافظة على هذا القلب وإبداء وإسداء للشكر لله عز وجل على هذه النعمة .
أيضا كان ينهى عن تعظيمه وتفضيله على سائر الأنبياء كان يقول: "لا تفضلوني على يونس بن متى ولا تفضلوا بين الأنبياء ولا تخيروني على موسى ونحن أحق بالشك من إبراهيم" فنهيه عن ماذا؟ عن تفضيله على سائر الأنبياء دليل أيضا ومظهر جلي فيه من مظاهر التواضع، أيضا مساعدته لنسائه في بيته وفي مهنة أهله، كان يحلب الشاة، كان يرقع الثوب، وهذا وردت فيه أحاديث صريحة، أيضا هذا يدل على التواضع، لو كان عنده الكبر والعلو لما كان فعل ذلك، ولما كان يخدم نفسه، ويقوم بالبيت، ويعقل البعير وهكذا، ورغم أنه كان حاملا لهم أمة كاملة ومع ذلك كان يساعد أهله في مهنة البيت .
أيضا دخل عليه رجل فأصابته من هيبته – من هيبة النبي صلى الله عليه وسلم – رعدة تعظيما لشأن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: "هون على نفسك فإني لست ملكا وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد" يعني أي تواضع هذا؟! انظري إلى حين يكون الإنسان سبحان الله ليس هذا النسب الرفيع العالي ومع ذلك تجد الأنف مرتفع إلى الأعلى والعلو وينظر إلى الناس بازدراء، أما النبي صلى الله عليه وسلم
وقد شرفه وعظمه الله عز وجل ومع ذلك يقر بأنه ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد فهذا يدل على شدة تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، رغم أنه لو تكبر لحق له ذلك من اختياره واصطفائه من بين سائر البشر وعلو مكانته عند الله عز وجل ومع ذلك كان أشد تواضعا لله عز وجل، فلا بد للإنسان أن يحرص؛ لأن كما قلنا المتكبرين عقوبتهم شديدة، فليحرص المرء أشد الحرص على أن يحقق سمت التواضع .
أيضا من الصفات التي لابد للمرء المسلم أن يقتدي بها ويحرص عليها:
2. عدم السخرية من أي أحد: احتقار الناس والسخرية منهم سمت رديء جدا، وعاقبة ذلك أن تنتشر البغضاء والكراهية بين الناس، لا أحد يحب أن يُسْخَر منه أو يستهزأ به حتى ولو كان ما يقوله أو ما يفعله ليس بحسن، أو لا يطابق الشرع، أو قد يدل على سفاهة في بعض الأحيان، ومع ذلك لا يحب أحد أن سخر منه، هذه جبلة سبحان الله علمها الله عز وجل من خلقه لهؤلاء البشر فلذا نهى عن هذه الخصلة لما عرفته بعواقب ذلك، وكل هذه الأخلاقيات الراقية ما حث عليها الشارع وما قال بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا للحرص على مجتمع راقي وجماعة متحدة، فأي شيء يؤدي إلى الفرقة أو النفرة بعضهم من بعض حرمه الشارع، وأي شيء يؤذي إلى زيادة الأواصر في المحبة والروابط سبحان الله حث عليه الشارع، قال الله عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن) فلابد للمرء أن يحرص أشد الحرص على عدم الاستهزاء، لو فعلا الإنسان يضع نفسه مكان هذا الإنسان الذي يُسْخَر منه صدقوني لن يتجرأ على ذلك، الصفة موجودة في مجتمعاتنا بكثرة صراحة خاصة عن طريق المزاح، وبينا ضوابط المزاح مسبقا، لا يجوز للمرء أن يحقر أخاه المسلم وهذا شر محض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، دائما نضع نصب عينينا "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" يرى الإنسان قبل أن يقوم بأي خطوة وضع نفسه في الموقف الذي سيعامل معه أنا متأكدة أنه سيتفادى كثير من الأخطاء، وسيرقو بصمته إلى الأعلى، لو أنا أضع بنفسي أن استهزئ بإنسان أو احتقر إنسان لأي سبب مثلا قليل العلم، قليل الدين مثلا، قبحا في الخلقة مثلا، دميم الخلقة، فُقِد بعض النعم ما أتي أنا واستهزئ يعني اهزأ به أو احتقره أو سبحان الله احقر من كلامه وإن كان أقل دنوا أو من نسبه هل أرضى ذلك لنفسي؟ أو وضعت نفسي مكان هذا الإنسان هل سأرتضي هذا الفعل؟ وإن كنت فعلا في وضاعة أو في قلة من ذلك، ما يقبلها الإنسان في أي حال من الأحوال، طالما أنا ما أقبلها على نفسي لابد أن لا أقبلها على غيري، وبالتالي اجتنب هذا السمت، ويساعدني على تركه .
أيضا من الصفات:
3. إجلال الكبير صاحب الفضل والعالم والإمام المقسط، حافظ القرآن الكريم: هناك فئات معينة حث الشارع وخص إجلالهم واحترامهم كما ورد عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا". فالمرء مأمور في هذا المجتمع الإسلامي حتى تكون هويته مسلم بحق بأن يحترم كبير السن مهما كان من أخلاقيات عنده أو ديانة، فالأمر لا يختص به من هو صاحب الدين فقط، الكبير بشكل عام لابد من احترامه في المجتمع، والصغير يرحم ويعطف عليه هذا لابد أن نطبقه في أخلاقياتنا، الآن صراحة احترام الكبير أصبح شبه مفقود، خاصة في هذا الجيل الآن، وحتما وينبغي أن يجل الإنسان الإنسان الكبير، حتى لو كان هذا المرء أكبر منه علما وأكبر منه فضلا، لابد من احترامه، هؤلاء الفئات حث النبي صلى الله عليه وسلم على احترامهم في أحاديث صحيحة واردة عنه، في قصة عبد الرحمن بن سهل وأخيه عندما جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم ليشفعوا في دية القوم – يعني جاء أصغرهم وهو عبد الرحمن بن سهل فبدأ يتكلم ليشفع في ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم – فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كبر كبر" فسكت عبد الرحمن وتكلم من هو أكبر منه. يعني عند البدء بالكلام الأولى أن تعطى الفرصة ويُبدأ بالكبير ثم بعد ذلك الصغير .
أيضا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من إجلال الله تعالى إكرام ذا الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط" إذاً هؤلاء بإجلال الله جعل الله عز وجل سبحان الله إجلال هؤلاء الفئات من إجلال الله عز وجل، كأنه يجل الله عز وجل، فمن أراد تعظيم الله عز وجل حق التعظيم فلابد أن يكرم الكبير في السن وأيضا حامل القرآن الذي يحفظ القرآن ويعمل به بعيدا عن الإفراط ولا تفريط، لا يغالي فيه ويتشدد، ولا يجافي عنه فيهمله هذا المراد، الوسط الذي يعمل به ويتلوه حق تلاوته، فإجلال الكبير أيضا ورد فيه أحاديث أخرى قال سمرة بن جندب رضي الله عنه وأرضاه: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما فكنت احفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالا هم أسن مني . يعني أكبر مني سنا، يعني كان يحفظ وكان يعلم إلا أنه لا يمنعه التكلم إلا لوجود من هو أكبر منه سنا فيعني تأدبا معهم يقدمهم في الحديث وفي نشر هذا العلم . أيضا عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه كان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في القوم أبو بكر وعمر رضي الله عنهم وأرضاهم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا قال: أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لا تحت ورقها فوقع في نفسي – يعني عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه – أنها النخلة – شجر النخيل – فكرهت أن اتكلم وثم أبو بكر وعمر – يعني استحيا وكره أن يتقدم بالحديث بين يدي أبو بكر وعمر رغم أنه يعلم الإجابة رضي الله عنهم أجمعين – فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: هي النخلة، فلما خرجت مع أبي قلت: يا أبتي وقع في نفسي النخلة، قال: ما منعك أن تقولها؟ لو كنت قلتها كان أحب إلى نفسي من كذا وكذا، قال: ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت ذلك . سبحان الله شوفي الأدب، يعني الآن تجدي الأطفال أو الأولاد صراحة تطاول بين يدي آباءهم وبين يدي الكبار ويعتبرون ذلك البلاغة والفصاحة في القول ويعتبرون ذلك يدل على قوة الشخصية، فالأمور يعني تحتاج إلى ضبط أكثر دون إفراط ولا تفريط، الأدب الآن بين هذه الأجيال المتقدمة هذه الصراحة أصبح شبه مندثر إلا من رحم ربي، أن يراعي فعلا ألا يتكلم في حضرة من يكبره سناً وأن يقدمهم عليه وإن كان يعرف الإجابة ومتقناً لها، إلا أن تجدي تطاول وربما تهديد وربما التعالي وربما لا يعطي أيضا فرصة أصلا يتكلم ويسخر به كونه كبير في السن، هذا إشكال انتكست عندنا الأمور على النقيض، نسأل الله السلامة، فكلما رأيت الإنسان متمثلا بهذه الآداب صدقوني كلما كان له فضل أعظم، أيضا صاحب الفضل صاحب العلم لابد أن يقدم على غيره، وذلك وارد من إجلال حامل القرآن يعني الذي حمل العلم الشرعي، صاحب الفضل الكبير العالم، من كان له فضل عليك أيضا لابد أن يقدم، اعترافا بفضله وشكرا على ذلك، أيضا السلطان المقسط كما بينا في الحديث السابق، فهذه الفئات الذي حث الشارع على احترامهم سبحان الله، فلا أهل العلم لهم الصدارة والإمامة والإجلال في المجالس، النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤم القوم أقراؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" . فأهل العلم يقدمون، والإمامة في الصلاة تنم أيضا على صلاحهم للإمامة في الأمور الأخرى وتقديمهم حتى في كلام البشر، أن يكون أقراؤهم لكتاب الله ثم أعلمهم بالسنة وتطبيقها ثم أقدمهم هجرة ثم أكبرهم سنا هذه المقامات الأربع في تقديم الإمام لأداء الصلاة . أيضا النبي صلى الله عليه وسلم كان في تسوية الصفوف يحرص على أن يليه أهل العلم قال وهو يسوي الصفوف: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى" أولو الأحلام يعني أهل الحلم والفضل، وأولو النهى النهى يعني العقل، توجيه حكيم له دلالة على أن لابد للمسلم أن يعامل الناس حسب مقاماتهم ومنازلهم ورتبهم، وليس المسألة مسألة تقديم من هو صاحب النسب أو صاحب المال، هذا الآن أصبحنا الآن هذا هو مع الأسف في انتكاس المجتمعات، ولا نتقيد بما قيد به النبي صلى الله عليه وسلم أو حث على احترامه وتقديمه .


تنبيه: هذا جزء من المحاضرة وليس كلها .. وجاري تجهيز الباقي لوضعه هنا بإذن الله تعالى ..

ملاك ام عبد الرحمن
26-06-12, 12:33 AM
p1s1بارك الله فيك أختي غسق و شكر لك

ام خليل وسميه
26-06-12, 12:36 AM
جزاكم الله خيرا

وداد بنت محمد
26-06-12, 02:23 AM
بارك الله فيكِ أخيتي

أعانكِ الله وتقبل منكِ

غـسـق
26-06-12, 06:03 AM
أيضاً من الصفات:

4. يعاشر كرام الناس:هي من الصفات التي لابد أن يحرص عليها المسلم حتى يرتقي بإيمانياته وأخلاقياته، من أخلاق المسلم حتى يرتقي أن يكون متصلا بالصالحين متقربا إليهم؛ ليبلغ معهم علو المنزلة، قال الله عز وجل: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) فعشرة الصالحين أو مرافقة أهل الصلاح والتقى يعني سبحان الله أثرهم ملحوظ، له فوائد عديدة عشرة الصالحين، والحرص على مخالطتهم محثوث عليه من قبل الشارع بدلالة هذا النص، وعندنا نصوص أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا ممتنة" هذا يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله تأثير الجليس الصالح التقي، وتأثير جليس السوء، حامل المسك كأنه يحمل المسك الطيب الذي يفوح بالرائحة الطيبة، فانظري ما فائدته؟ كيف شبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر؟ قال: "إما أن يحذيك" يعني: يهديك هو أصلا، يبادر بإسداء النفع والخير لك، والكلمة الطيبة، والحث على تقوى الله عز وجل والبعد عن المعصية، هو يبادر من بنفسه بحديثه أن يهديك ذلك ويبادر بنفسه لأعظم نصح، "وإما أن تبتاع منه" يعني: أنت تطلب منه النصيحة أو تطلب منه المشورة فيخلص معك في ذلك إلى مرضاة الله عز وجل، "وإما أن تجد منه ريحا طيبة" أي: لابد أن يكون له تأثير ولو بسيط جدا في المسجد، حيث أنه لو التزم الجليس الصالح بسمت حث عليه الشارع أنت تقتدي به وتلمح ذلك وإن لم يتكلم، وقد يكون له أثر في تطبيق هذا الأمر، "ونافخ الكير" الكير هذا الذي يكون فيه سبحان الله يخرج رائحة مفسدة وأيضاً يكون كالغبار أو ما يوسخ أو يعني يلوث الملابس، "إما أن يحرق ثيابك" فهذا تأثير جليس السوء؛ لأنه بكلامه وحثه على المعصية وعدم ترغيبه بالطاعة وجر الإنسان إلى سبحان الله ما يغضب الله عز وجل هذا حرق لثياب المرء، يعني حرق لأخلاقه ولدينه، "وإما أن تجد منه ريحا ممتنة" يعني: إلا تأتيك شبهة من خلفه، حتى وإن لم يكن الأمر بشكل مباشر، فالصاحب كما قال أهل العلم كالساحب فعلا يسحب صاحبه مهما بلغ الإنسان من التقى صدقوني والإيمان العالي لا يأمن على نفسه أن يجلس في مجتمعات متدنية دينيا إلا ويكون من أثر ويصبغ عليه ولو شيئا يسيرا فلذا لابد أن يحرص المرء على زيارة أهل الخير والاندماج معهم وحضور مجالسهم حتى تكون الفائدة، والفائدة والثمرة في ذلك من عشرتهم تكون منفعتها في الدنيا والآخرة، في الدنيا تزيد إيمانيات المرء ويزيد تقواه في القول والعمل؛ لأنه ينشط فيرعى هذه الأمور ويحثه فينشط في ذلك ولا ينسى، أيضا يزيد المرء فقها في الدين؛ لأنه يتعلم منه هذه الأمور، ويزيده إقبالا على الحق؛ لما يرى من هذا السمت كما قال الشاعر:
بعشرتك الكرام تعد منهم *** فلا ترين لغيرهم الوفاء
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، أيضا من فوائد ذلك يعني لاحظي فوائد عديدة أيضا بقي منها: أنه تصفو روح المسلم بخلطته بهؤلاء، إنهم يعلمونه النقاء، يعلمونه الصدق، يعلمونه حسن الظن، يعلمونه البعد عن الغيبة، فتصفو الروح وينجلي القلب كل هذا من فوائد عشرة الصالحين، وتزكو النفس، ويصبح الخير بين المجتمع أعلى، ويؤدي إلى تقوية أواصر المجتمع وشيوع المحبة هذا كله مما يهدف إليه الإسلام في مخاطبة الناس، سواء على مستوى أفراد أو مجتمعات، هذه فوائد عشرة الصالحين في الدنيا، وربما أيضا ينالك دعائهم ودعاء الصالح أو الولي مستجاب، الصالح والتقي يدعو لأخيه في الدنيا فهذا أيضا من المنفعة في الدنيا وفي الآخرة كما قال الله عز وجل: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) يعني: العداوة تكون بين الجميع واستثنى الله عز وجل المتقون فقط، الصالحين الذين تكون بينهم المودة ولا تكون العداوة، كل يلوم بعضه بعضا إن لم يكن صالحا في الآخرة، أنت من تسببت في جري لهذه المعصية، أنت من ألهيتني عن الطاعة وهكذا، غير أنه في الدنيا جره إلى هذا الانتكاس في الآخرة كل منهم يلقي بتبعة ذلك على الآخر، ولكن الإنسان المؤمن في الدنيا يزيدك صلاحا وفقها وإيمانا وإقبالا على الحق وتعليما لأمور الشرع ودعاء لك وصفاء الروح وانجلاء القلب وزكاة النفس، ومع ذلك أيضا في الآخرة يكون لك صديقا وفيا وخليلا مقربا، ولا يتبرأ منك، نسأل الله أن نكون ممن سبحان الله يعاشر كرام الناس ويحرص عليهم، والإنسان أدرى بنفسه في ذلك، المجلس الذي تجلسين فيه مع صحبتك كيف تعرفين بأن هذه صحبة طيبة وهذه صحبة فاسدة؟ انظري إلى نفسك بعد هذا المجلس وهذا الجلوس ومعاشرة هذه الفئة هل أنت تزدادي قربا من الله عز وجل أم تزدادي بعدا؟ هل تزدادي طاعة وبعدا عن المعصية أم تزدادي ابتعادا عن الطاعة وقربا من المعصية؟ هنا تستطيعي أن تقيمي هؤلاء الجلساء هل تستمر مخالطتهم؟ أم يحد من شأنهم؟ ولا يكثر الإنسان معهم إلا بحدود حقوق المسلم الظاهرة، نسأل الله السلامة، أيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة - كيف الذهب يختلف والفضة تختلف؟ - فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" يعني من كانت خيريته في الجاهلية تكون خيريته في الإسلام لكن ما هو الضابط؟ شوفي الضابط الدقيق جدا وهو الفقه العلم بشرع الله عز وجل فكلما كان الإنسان أكثر أمنا لهذا الشرع وأكثر تطبيقا كلما كان رقيه وخيريته، "والأرواح جنود مجندة فما تعارف من ائتلف وما تنافر منها اختلف" الإنسان ما ينسجم سبحان الله ولا تنتقي روحه إلا من هو على شاكلته، شوفي ذلك لا يقرب إلا من هو على شاكلته، يعني العرب سبحان الله عندما وجدوا يعني في بعض الآفاق بأن الغراب يمشي بجانب سبحان الله يعني أحد الدواب والله غيب عني اسمه فتعجبوا بمصادقة ذلك فلما تتبعوهم وشأنهم فماذا وجدوا؟ أن كلاهما فيه عرج، فهذا وجه الربط بينهما، هذا يؤكد لك على مستوى الأفراد أن ما يساير إنسان إنسان آخر صدقوني وينسجم معه كل انسجام ويحبه مجالسته إلا أن يكون على شاكلته، مستحيل إذا وجدت انسجام كامل بين شخصين تأكدي أن هناك نقاط التقاء كثيرة بينهم، وإذا وجدت النفرة مما يعني أنهما كلاهما لا يناسب سمته سمت الآخر، وانظري سبحان الله إلى يعني زيارة أهل الخير قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما وأرضاهما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ قالت: ما أبكي لأني لا أكون اعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني ما يبكيها خوفها على النبي صلى الله عليه وسلم فهو بين يدي الله عز وجل وأكيد الخير والنعيم في الجنة عنده أعلى من حياته- ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها . هذه أم أيمن يعني لما زارها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما، هي كانت حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمته في طفولته، أعتقها النبي صلى الله عليه وسلم حين كبر وزوجها زيد بن حارثة، وكان يكرمها ويبرها ويقول: "أم أيمن أمي" .


يتبع بإذن الله .................

منار السبيل 2
27-06-12, 06:18 PM
جزاكى الله خيرا