أم حازم الجزائرية
21-02-17, 03:09 PM
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjab-header.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من شرفات الحياة نطل على فصول أربع
فصل الربيع وفصل الصيف وفصل الخريف ثم فصل الشتاء
ومن على الشرفة نلاحظ تغير الفصول وكأنها صفحات كتاب
تتقلب أمام ناظرنا لنقرأ الصفحة تلوى الأخرى ونعيش فصول الحكاية
حكاية البشر ومسيرة الحياة
فتتقلب أحوالنا ومزاجنا ونمط عيشنا مع كل فصل لنتعايش معه بكل انسجام
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
مع الربيع تنشرح النفس وتبتهج وتلبس حلة من الزهور
وتعلو الآفاق روائح الياسمين وشقائق النعمان والفل والأقحوان
لتستمتع النفس بروائع هذا الفصل . فتبارك الله أحسن الخالقين
جاء الصيف لتبحث النفس عن شربة ماء بارد يرويها من ظمأ الهواجر
فتستنشق عبق البحر وتداعبها نسمات الصيف
تميل النفس للحل والترحال في مضارب الأرض طلبا للراحة والاستجمام
فللصيف نكهة بطعم الفواكه والمشروبات الصيفية المنتعشة بألوان بهية
وفيه تثمر الأرض ويكون الحصاد فيسعد الفلاح بمحصول السنة فقد جد واجتهد فوجد فسعد
ويجيء الخريف وتبدأ الأرض تتجرد من حلتها وتضع زينتها وقد شحب لونها واصفر
’فباتت كئيبة وكأنها حزينة على أشياء عزيزة صارت تفتقدها
أو على شباب بات يكبر ويشيخ لتظهر عليه تجاعيد السنين
لله تصريف الأمور فلا تحزني أيتها الأم
ودعنا الخريف ليرحل ويترك الدور لفصل الشتاء، كي تكتمل فصول الحكاية ويعيشها بنو البشر
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
برد ورياح رعود وأمطار ثلوج وبَرَد
أدوار منتظمة تؤدى بحكمة وقدرة قادر . فتتبارك الله أحسن الخالقين
لفصل الشتاء نكهة خاصة وذكريات جميلات تذكرنا بجوي أسري يشعرنا في عز البرد بالدفء
فتروي الجدة العزيزة حكايات فيها أسرار وفكاهات وعبر وعظات
تلتف الأسرة حول مدفأة لتتدفأ معها مشاعرنا الأسرية فتخيم السعادة والصفاء أجواء الدار
لنحتسي سويا شوربة شاي حتى يداعب النعاس أجفاننا فنحمل لأَسرتناونلتحف لحافا كأنه قطع قطن
نسبح عليها في عالم الأحلام الوردية
نستفيق بين الفينة والأخرى على صوت الرعود و حبات البَرَدْ تطرق نوافذ الغرفة لتعزف أجمل الألحان
فتطرب لها الآذان نتمسك أكثر باللحاف ليحلو الليل الطويل ويطول النوم الجميل
ونستعذب النعاس ونتمنى أن يطول الليل أكثر
وهناك نور خافت لمدفأة تنير أركان الدار فتعطيه إشعاعا رائعا
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
يبزغ الفجر وتشرق الشمس ليطلع النهار ونستفيق من نوم الملوك والسلاطين من على فراش وثير
فلنبس خفين من قطن أو صوف لتتدفأ الأقدام الناعمة
نفتح حنفية الماء فيسيل منها ماء دافئ يزيد من نعومة أيدينا
تجتمع الأسرة بعد اجتماع العشاء وهذه المرة على مائدة الإفطار وعليها ما لذ وطاب
حليب دافئ ’ كعك محشو بالعسل ’وحلويات محتلفات
نجهز حالنا ونلبس معاطفنا ونحمل محافظنا لنتجه صوب مدارسنا
وسعادة غامرة تنتعش لها النفس ندخل القسم ونخرج كتاب القراءة
وتقول المعلمة : افتحوا الكتاب على صفحة النملة والصرصور
ومدفأة القسم قد أعطت جوا أسريا آخرا فتتوالى النعم فتسعد لها النفس أكثر
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
وفي زاوية من زوايا القسم صديق لنا يرتجف بردا متمسكا بمعطفه المرقع
فتأمره المعلمة بخلعه في الصف ويخلعه وهو مكرها
حذاءه ما عدا يحمي أقدامه المتجمدة من البرد أسنانه تصطك فتكاد تسمع لها صوت
يخرج كتابه ويتابع الدرس متناسيا الجوع والبرد يشق مصاعب الحياة لنيل أعلى الدرجات
علَّه يحقق بها جملة من الأمنيات فهو من النجباء الطامحين للمعالي لأنه يحمل هدف
علّه يخرج أسرته من دائرة الفقر والفاقة والبؤس
علّه يسكنهم في بيت جدرانه من أجر وإسمنت و سقفه من قرميد
علّه يفتح حنفية ماء وبها ماء ساخن أو ينام على فراش من حرير
أو يجتمع مع أسرته على مائدة الشاي والإفطار أو العشاء ونور المدفأة يبهج الأرواح
ليشعر بما يشعر به الأغنياء
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
إليكم يا من تتقلبون على فراش وثير وتلتحفون لحافا من حرير يا من تستعذبون فصل الشتاء
ويطيب لكم فيه العيش الرغيد وعندكم فائض من الكساء والغذاء وحتى الدواء
هناك من جيرانكم وأقاربكم وإخوانكم من يفتقدون أبسط شروط الحياة
هناك من يفترشون الحصير ويلتحفون القصدير ويسكتون جوع صبيتهم بكسرة خبز ومدقة لبن إن وجدت
وهناك القابعين تحت الخيام التي تتلاعب بها الرياح وكأنها ألبسة بالية خرقة
ما عادت تستر الجسد النحيل والهيكل الهزيل
خيمتهم مهددة بالزوال ليصير من هم تحتها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء
فصار فصل الشتاء عندهم كأنه بعبع قادم من بعيد يحسبون لقدومه ألف حساب
فلا بيت صامد يؤوهم بل كوخ من قصدير أو خيمة من نسيج يرتعدان مع كل رياح
حتى خشي من هم تحتهما أن يصيروا في العراء
شيخ وعجوز وطفل ورضيع لا يستطيعون مقاومة البرد ولا سد الجوع
في زمن العصرنة والمدنية تعيش البشرية أزمة خبز وبيت ودفء
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
أين أنت يا عمر لترى ما آلت إليه الرعية ؟
من يمر على البيوت ليلا ليسمع ما سمع عمر من أنين الجوعى ولوعة الثكلى؟
من يوقد النار ليطهو الطعام ويسكت الجياع؟
من يبكي لحال الفقراء ويعاتب نفسه ويلومها حتى على بغلة إن تعثرت في العراق؟
أيعود عهد عمر؟
أم أنه صار قصة تروى على الأنام ليقال : كان يا ماكان في سالف العصر والأوان
خليفة همام يتفقد الرعية والناس نيام .
بقلم : أم حازم
شتاء يوم :الإثنين 21 جمادي الأولى 1434ه
الموافق لـ:
2013-03-04
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من شرفات الحياة نطل على فصول أربع
فصل الربيع وفصل الصيف وفصل الخريف ثم فصل الشتاء
ومن على الشرفة نلاحظ تغير الفصول وكأنها صفحات كتاب
تتقلب أمام ناظرنا لنقرأ الصفحة تلوى الأخرى ونعيش فصول الحكاية
حكاية البشر ومسيرة الحياة
فتتقلب أحوالنا ومزاجنا ونمط عيشنا مع كل فصل لنتعايش معه بكل انسجام
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
مع الربيع تنشرح النفس وتبتهج وتلبس حلة من الزهور
وتعلو الآفاق روائح الياسمين وشقائق النعمان والفل والأقحوان
لتستمتع النفس بروائع هذا الفصل . فتبارك الله أحسن الخالقين
جاء الصيف لتبحث النفس عن شربة ماء بارد يرويها من ظمأ الهواجر
فتستنشق عبق البحر وتداعبها نسمات الصيف
تميل النفس للحل والترحال في مضارب الأرض طلبا للراحة والاستجمام
فللصيف نكهة بطعم الفواكه والمشروبات الصيفية المنتعشة بألوان بهية
وفيه تثمر الأرض ويكون الحصاد فيسعد الفلاح بمحصول السنة فقد جد واجتهد فوجد فسعد
ويجيء الخريف وتبدأ الأرض تتجرد من حلتها وتضع زينتها وقد شحب لونها واصفر
’فباتت كئيبة وكأنها حزينة على أشياء عزيزة صارت تفتقدها
أو على شباب بات يكبر ويشيخ لتظهر عليه تجاعيد السنين
لله تصريف الأمور فلا تحزني أيتها الأم
ودعنا الخريف ليرحل ويترك الدور لفصل الشتاء، كي تكتمل فصول الحكاية ويعيشها بنو البشر
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
برد ورياح رعود وأمطار ثلوج وبَرَد
أدوار منتظمة تؤدى بحكمة وقدرة قادر . فتتبارك الله أحسن الخالقين
لفصل الشتاء نكهة خاصة وذكريات جميلات تذكرنا بجوي أسري يشعرنا في عز البرد بالدفء
فتروي الجدة العزيزة حكايات فيها أسرار وفكاهات وعبر وعظات
تلتف الأسرة حول مدفأة لتتدفأ معها مشاعرنا الأسرية فتخيم السعادة والصفاء أجواء الدار
لنحتسي سويا شوربة شاي حتى يداعب النعاس أجفاننا فنحمل لأَسرتناونلتحف لحافا كأنه قطع قطن
نسبح عليها في عالم الأحلام الوردية
نستفيق بين الفينة والأخرى على صوت الرعود و حبات البَرَدْ تطرق نوافذ الغرفة لتعزف أجمل الألحان
فتطرب لها الآذان نتمسك أكثر باللحاف ليحلو الليل الطويل ويطول النوم الجميل
ونستعذب النعاس ونتمنى أن يطول الليل أكثر
وهناك نور خافت لمدفأة تنير أركان الدار فتعطيه إشعاعا رائعا
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
يبزغ الفجر وتشرق الشمس ليطلع النهار ونستفيق من نوم الملوك والسلاطين من على فراش وثير
فلنبس خفين من قطن أو صوف لتتدفأ الأقدام الناعمة
نفتح حنفية الماء فيسيل منها ماء دافئ يزيد من نعومة أيدينا
تجتمع الأسرة بعد اجتماع العشاء وهذه المرة على مائدة الإفطار وعليها ما لذ وطاب
حليب دافئ ’ كعك محشو بالعسل ’وحلويات محتلفات
نجهز حالنا ونلبس معاطفنا ونحمل محافظنا لنتجه صوب مدارسنا
وسعادة غامرة تنتعش لها النفس ندخل القسم ونخرج كتاب القراءة
وتقول المعلمة : افتحوا الكتاب على صفحة النملة والصرصور
ومدفأة القسم قد أعطت جوا أسريا آخرا فتتوالى النعم فتسعد لها النفس أكثر
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
وفي زاوية من زوايا القسم صديق لنا يرتجف بردا متمسكا بمعطفه المرقع
فتأمره المعلمة بخلعه في الصف ويخلعه وهو مكرها
حذاءه ما عدا يحمي أقدامه المتجمدة من البرد أسنانه تصطك فتكاد تسمع لها صوت
يخرج كتابه ويتابع الدرس متناسيا الجوع والبرد يشق مصاعب الحياة لنيل أعلى الدرجات
علَّه يحقق بها جملة من الأمنيات فهو من النجباء الطامحين للمعالي لأنه يحمل هدف
علّه يخرج أسرته من دائرة الفقر والفاقة والبؤس
علّه يسكنهم في بيت جدرانه من أجر وإسمنت و سقفه من قرميد
علّه يفتح حنفية ماء وبها ماء ساخن أو ينام على فراش من حرير
أو يجتمع مع أسرته على مائدة الشاي والإفطار أو العشاء ونور المدفأة يبهج الأرواح
ليشعر بما يشعر به الأغنياء
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
إليكم يا من تتقلبون على فراش وثير وتلتحفون لحافا من حرير يا من تستعذبون فصل الشتاء
ويطيب لكم فيه العيش الرغيد وعندكم فائض من الكساء والغذاء وحتى الدواء
هناك من جيرانكم وأقاربكم وإخوانكم من يفتقدون أبسط شروط الحياة
هناك من يفترشون الحصير ويلتحفون القصدير ويسكتون جوع صبيتهم بكسرة خبز ومدقة لبن إن وجدت
وهناك القابعين تحت الخيام التي تتلاعب بها الرياح وكأنها ألبسة بالية خرقة
ما عادت تستر الجسد النحيل والهيكل الهزيل
خيمتهم مهددة بالزوال ليصير من هم تحتها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء
فصار فصل الشتاء عندهم كأنه بعبع قادم من بعيد يحسبون لقدومه ألف حساب
فلا بيت صامد يؤوهم بل كوخ من قصدير أو خيمة من نسيج يرتعدان مع كل رياح
حتى خشي من هم تحتهما أن يصيروا في العراء
شيخ وعجوز وطفل ورضيع لا يستطيعون مقاومة البرد ولا سد الجوع
في زمن العصرنة والمدنية تعيش البشرية أزمة خبز وبيت ودفء
http://www.muslmh.com/save/30/data/p-r--omjabr-f.png
أين أنت يا عمر لترى ما آلت إليه الرعية ؟
من يمر على البيوت ليلا ليسمع ما سمع عمر من أنين الجوعى ولوعة الثكلى؟
من يوقد النار ليطهو الطعام ويسكت الجياع؟
من يبكي لحال الفقراء ويعاتب نفسه ويلومها حتى على بغلة إن تعثرت في العراق؟
أيعود عهد عمر؟
أم أنه صار قصة تروى على الأنام ليقال : كان يا ماكان في سالف العصر والأوان
خليفة همام يتفقد الرعية والناس نيام .
بقلم : أم حازم
شتاء يوم :الإثنين 21 جمادي الأولى 1434ه
الموافق لـ:
2013-03-04