المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النحو عند الدكتور حسن شحاتة


أم هشام
01-09-07, 07:59 PM
قواعد النحو والصرف

يتناول هذا الفصل عرضا لأهم القضايا والمسائل التي يحتاج إليها المعلم في تدريس القواعد النحوية والصرفية في حياته المهنية. فيبدأ هذا الفصل بعرض أهداف تدريس القواعد، وصعوبة درس القواعد، ثم تدريس القواعد، والمبادئ العامة لتدريسها، وطرائق تدريسها، وخطوات السير في درس القواعد، والأنشطة اللازمة، ثم الاتجاهات الحديثة في تعليم القواعد النحوية والصرفية.
ويمكن عرض ذلك تفصيلا كما يلي:

أولا:أهداف تدريس القواعد:

ليست القواعد غاية تقصد لذاتها،ولكنها وسيلة إلى ضبط الكلام،وتصحيح الأساليب ،وتقويم اللسان؛ولذلك ينبغي ألا ندرس منها إلا القدر الذي يعين على تحقيق هذه الغاية.
ومن الأغراض التي ترمي إليها دروس القواعد ما يأتي:
-تساعد القواعد في تصحيح الأساليب وخلوها من الخطأ النحوي الذي يذهب بجمالها ،فيستطيع التلميذ بتعلمها أن يفهم وجه الخطأ فيما يكتب فيتجنبه،وفي ذلك اقتصاد في الوقت والمجهود.
-تحمل التلاميذ على التفكير،وإدراك الفروق الدقيقة بين التراكيب والعبارات والجمل.
-تنمية المادة اللغوية للتلاميذ،بفضل ما يدرسونه ويبحثونه من عبارات وأمثلة تدور حول بيئتهم،وتعبر عن ميولهم.
-تنظم معلومات التلاميذ اللغوية تنظيما يسهل عليهم الانتفاع بها،ويمكنهم من نقد الأساليب والعبارات نقداً يبين لهم وجه الغموض،وأسباب الركاكة في هذه الأساليب.
-وتساعد القواعد في تعويد التلاميذ دقة الملاحظة والموازنة والحكم،وتكون في نفوسهم الذوق الأدبي؛لأن من وظيفتها تحليل الألفاظ والعبارات والأساليب،والتمييز بين صوابها وخطئها،ومراعاة العلاقات بين التراكيب ومعانيها،والبحث فيما طرأ عليها من تغيير.
-تدريب التلاميذ على استعمال الألفاظ والتراكيب استعمالا صحيحا،بادراك الخصائص الفنية السهلة للجملة العربية،كأن يدربوا على أنها تتكون من فعل وفاعل،أو مبتدأ وخبر،ومن بعض المكملات الأخرى،كالمفعول به والحال والتمييز وغير ذلك.
-تكوين العادات اللغوية الصحيحة؛حتى لا يتأثروا بتيار العامية.
-تزويدهم بطائفة من التراكيب اللغوية وإقدارهم بالتدريج على تمييز الخطأ من الصواب.

ثانيا:صعوبة درس القواعد:

لعله من أسباب صعوبة النحو العربي في المدارس أنها كدست أبواب النحو في مناهجها،وأرهق بها التلاميذ،وأن العناية المعلمين متجهة إلى جانب النظري منها،فلم يعنوا بالناحية التطبيقية إلا بالقدر الذي يساعد على فهم القاعدة وحفظها للمرور في امتحان يوضع عادة بصورة لا تتطلب أكثر من ذلك.
ومعلم اللغة العربية ليس في حاجة إلى أن يقتنع بأنه لا خير في قواعد يفهمها الطلبة ويحفظونها دون أن تتبع بتطبيق عملي يجعل اللغة مهارة من شأنها سرعة الأداء مع صحة التعبير، ولكنه
لا يجد من الوقت متسعا للتطبيق على هذه الأبواب الكثيرة من النحو التي شحن بها المنهج الدراسي من غير تمييز بين ما هو ضروري،فقد أصبح الوقت المخصص لها في الجدول المدرسي لا يكاد يكفي لدراستها،واضطر المعلمون-مسايرة للامتحانات العامة ونتائجها-أن يطغوا بالقواعد والتطبيق على حصص القراءة وغيرها من حصص القراءة وغيرها من حصص اللغة، وسيظل النحو يشغلنا ويصرفنا عن الأدب الممتع ما لم نضعه من اللغة في المكانة التي يجب أن تكون له لا يتعدها،بل إن النحو نفسه بهذا لا يستطيع الطلبة الانتفاع به،وحسبنا أنا أخفقنا في تعويد الطلبة صحة استخدام النحو في تعبيرهم،والقراءة الصحيحة الخالية من اللحن.
ويبالغ النحاة في أهمية النحو فيقولون:إنه يشحذ العقل،ويصقل الذوق الأدبي،ويقوم اللسان،وييسر المعنى.والحق أنه ليس للقواعد النحوية في حد ذاتها من فائدة إلا أن تعصمنا من اللحن،وتعيننا على فهم الكلام على وجهه الصحيح.
ولست اقصد إلى أن اصغر من شأن النحو،إنما اقصد إلى انه يجب ألا نشغل الطلبة من مسائلة إلا بالقدر الذي لا غنى عنه في سلامة التعبير؛لنفسح أمامهم المجال للقراءة الأدبية،وإما ما عداها من المسائل فيجب أن يترك للذين يتخصصون في اللغة.
وهذا هو الجاحظ يقول في إحدى رسائله((وأما النحو فلا تشغل قلبه (أي الصبي)به إلا بقدر ما يؤديه إلى السلامة من فاحش اللحن،زمن مقدار جهل العوام في كتاب إن كتبه،وشعر إن انشده،وشيء إن وصفه،وما زاد على ذلك فهو مشغلة عما هو أولى به من رواية المثل الشاهد،والخبر الصادق،والتعبير البارع،وإنما يرغب في بلوغ غايته ومجاوزة الاقتصاد فيه من لا يحتاج إلى تعرف جسيمات الأمور...ومن ليس له حظ غيره ولا معاش سواه،وعويص النحو لا يجدي في المعاملات،ولا يضطر إليه في شيء))وعلى ضوء هذه الغاية من النحو يجب أن ننظر إلى المناهج المدرسية،فنصفي أبوابها ولا نبقى منها إلا ماله فائدة عملية وظيفية في الحياة اللغوية للمتعلم.
وعلى هذا المبدأ يمكن القول بإلغاء الإعراب المحلي في المفردات والجمل،والاستغناء عن كثير من مسائل الصرف،وكثير من أبواب المشتقات والتصغير والنسب.ثم تدرس أبواب النحو على أنها أساليب بين معناها واستعمالها صلة ويقاس عليها،ولا نكلف الطلبة عناء إعرابها وتخريجها على قواعد النحو.بل انه يمكن تثبيت كثير من أبواب النحو والصرف بسهولة على السنة الطلبة وأقلامهم بطريق التطبيق العملي دون حاجة إلى دراسة نظرية تشرح فيها القواعد أو تحدد فيها التعاريف والمصطلحات مثل :أبواب التطابق في الإفراد والتثنية والجمع،أو التذكير والتأنيث،و أسماء الإشارة،والأسماء الموصولة، والضمائر وإسناد الأفعال إليها،وكتثنية المقصور والمنقوص والممدود وجمعها،واستخراج المصادر،وتصريف الأفعال،ومثل التدريب على البحث في المعاجم؛فعن طريق هذا التدريب وفي خلاله يدرس المجرد والمزيد،و أبواب الثلاثي المجرد،والميزان الصرفي في ابسط صوره مما لا غنى عنه للباحث في مثل هذه المعاجم.

ثالثا:أساسيات تدريس القواعد:

يمكن أن نبدأ بتدريس النحو في المرحلة الأولى، ولكن على أن تعلم قواعده عرضا،فلا يجعل لها حصص خاصة في جدول الدراسة،بل نعتمد في دراستها على ما يعرض من خلال دروس القراءة والتعبير من مسائل-ونحن نوافق على البدء بالنحو في هذه المرحلة،ولكنا نعتقد أن مسائل النحو في اللغة العربية أكثر من أن يتسع لها هذا المدخل العرضي ،و لا بدلها من دراسة منظمة،وتطبيق واسع النطاق،وهذا غير ممكن إلا في حصص تخصص لها،وإلا أفسدنا حصص القراءة وخرجنا بها عن الغاية المقصودة منها .
إن من الواجب أن ندرس قواعد النحو في ظلال اللغة،ولكن على أن يكون ذلك في حصص خاصة بها.على أنه من المستحسن أن نستمد من دروس القراءة والتعبير حافزًا يدفع التلاميذ إلى دراسة القواعد:بان تنتهز فرصة خطأ نحوي شائع بينهم في القراءة أو التعبير،فنجعل بشرح قاعدة ذلك والتطبيق عليها في الحصة الخاصة بالنحو ولا نتقيد بترتيب أبواب المنهج المدرسي.
وهناك من يرون أن تخلو المرحلة الأولى من دراسة القواعد ، فلا تدرس لا أصالة ولا عرضا،وان تستبدل بها القراءة الكثيرة والحفظ الكثير،والمحادثة والمحاورة،وكأنهم رأوا أن يكتفوا في هذه المرحلة بالمرانة غير المقصودة التي يكتسبها التلميذ من اتصاله باللغة عن طريق القراءة والأساليب الصحيحة التي تغمر سمعه.
إن خير ما تكتسب به القدرة اللغوية هو المزاولة والمحاكاة والتكرار،إلا أننا نرى بدراسة النحو من السنة الثالثة الابتدائية؛ فإن التلميذ في هذه الفرقة قد وصل إلى درجة يشعر معها بأنه في حاجة إلى ضوابط يتجنب بها الخطأ في تعبيره،ولن يكون في ذلك البدء مشغلة عن القراءة والحفظ بعد أن تخفف مناهج النحو وتدرس في ظل اللغة عن طريق القراءة والتعبير.
إن دراسة النحو يجب أن تعالج عن طريق التدريب العملي دون حاجة إلى شرح قواعدها،كما يجب أن تدرس على الطريقة الاستنباطية،ولكن ليس في ظل هذه الأمثلة المتكلفة المبتورة التي تنتزع من أدوية مختلفة لا يجمع شتاتها جامع،ولا تمثل معنى يشعر الطالب بأنه في حاجة إليه.بل يجب أن تدرس في ظلال اللغة والأدب في خلال عبارات قيمة كتبت في موضوع حيوي يهم الطلبة،تختار من كتبهم في القراءة ،أو من دروسهم في التاريخ وغيره من مواد الدراسة،أو من صحف اليوم ومجلات الأسبوع،مما يتصل بالحوادث الجارية بين سمعهم وبصرهم.
إن تعليم اللغة يجيء عن طريق معالجة اللغة نفسها ومزاولة عباراتها،فليكن تعلم القواعد إذن على هذا النهج الذي نرتكز فيه على اللغة الصحيحة ومعالجتها وعرضها على الأسماع والأنظار وتمرين الألسنة على استخدامها.فالطفل إذا ترك وشأنه للتراكيب الصحيحة التي نغمر بها سمعه ونتخذها وسيلة للتعبير عنا يصل إليه من تجارب وحقائق فإنه يستطيع أن يدرك بنفسه خصائص اللغة أو القسط الأكبر منها،أي أنه يستطيع أن يدرك القواعد النحوية إدراكا مقرونا بالتطبيق العملي،ولا يكون الفرق بين ما يصل إليه من هذا وبين الذي نتعمد تعليمه إياه من القواعد في دروسها الخاصة سوى الاصطلاحات و التعاريف،وليست هذه بالكثيرة الأثر في الغرض الذي من اجله تدرس القواعد،بل إنها من الأعباء الثقال التي لا داعي إلى إثقال كاهل التلاميذ بها ماداموا يستطيعون الوصول بدونها إلى الغاية المقصودة.
والملاحظة اللغوية لا تكتسب من دراسة القواعد دراسة منعزلة عن اللغة وتراكيبها ومقاصدها ومعانيها وفنونها ولا من الدراسة التي لا يقترن بها من تراكيب اللغة إلا تلك الأمثلة البتراء:كجاء زيد،وضرب زيد عمرا،أو ما يشبه ذلك مما قد يبدو انه تجديد مثل تغيير زيد،وعمرو بالوردة والزهرة ونحوهما،فليس كل هذا بذي اثر يستحق الذكر في الغاية من تعليم اللغة وقواعدها،ولكن الذي نرى انه عظيم الأثر هو أن تكون القواعد نابعة من دراسة اللغة وتراكيبها،وعونا على الاستزادة من الاطلاع،وسبيلا إلى تفهم أساليب اللغة وجليل معانيها،وهذا لا يتحقق إلا إذا درست اللغة وفهمت منها القواعد أو الخصائص.
أما إذا درست القواعد دراسة مستقلة على أنها غاية في ذاتها لا على أنها وسيلة للفهم والتعبير فإن هذا المقصد تلتوي فجاجه،ونهج يبعدنا عن الهدف الذي ترمي إليه اللغة ويتجافى بنا عن الغاية المثلى التي يجب أن نتجه إليها.
ويتضح من كل هذا أن القواعد ليست هي الغاية،بل الوسيلة إلى تعلم التراكيب الصحيحة،فإن الناس جميعا قد تعلموا الكلام الصحيح،ولا يزالون يتعلمونه،لاعن طريق القواعد النحوية،بل عن طريق محاكاة اللغة الصحيحة.
وتعلم القواعد يجب أن يسير على نهج إنشائي لغوي،وان يرتكز على تعليم اللغة وعلى ما يجيء في ثنايا ذلك من عبارات وأفكار،
وعلى هذا ينبغي أن يكون مجال تعليم القواعد موضوعات تامة شائقة تناسب مستوى التلاميذ كقطع القراءة.
والجدير بالذكر أننا لسنا من أنصار طريقة واحدة في تعلم أي فرع من فروع اللغة،بل في تعليم أي شيء،ونجاح الطريقة يتوقف دائما على الموضوع الذي يتعلمه التلميذ،وعلى التلميذ نفسه،وعلى المدرس وتصرفه وفهمه لغرضه؛ولذا
نرى أن تقتصر مهمتنا هنا على ذكر بعض المقترحات أو المبادئ العامة التي يمكن أن تفيد لو أضاف إليها المدرس خبرته بتلاميذه،ومعرفته بمادته:1-

-لابد من دروس للقواعد .يرى بعض المربين أن أحسن طريقة لتعليم القواعد هي الطريقة العرضية.ولا خلاف في أن القدرة على الكلام والكتابة إنما تتكون عن طريق خلق فرص وافرة للتدريب أكثر مما تتكون عن طريق حفظ القواعد ومناقشة الصواب والخطأ.والتدريب على الخطأ يثبت الخطأ،ثم إن فهم الأصول التي يقوم عليها أسلوب من الأساليب،حينما يحاول التلميذ أن يستعمل هذا الأسلوب-أجدى من تركه في محاولاته العشوائية.ودروس القواعد تتيح للتلاميذ فرصة يحللون فيها الأساليب التي يستعملونها؛ليروا الطريقة التي تتكون بها وأثرها في المعاني التي يعبرون عنها.وهذا يماثل حاجة سائق السيارة الماهر إلى معرفة أشياء عن الأجزاء التي يتركب منها المحرك،حتى يستطيع أن يصلحها إذا ما توقفت منه في الطريق.ففي أغلب الأحيان يكون وقوف السيارة راجعا إلى سبب يستطيع السائق أن يتغلب عليه لو عرف بعض المبادئ الأساسية عن حركة السيارة.فموقف التلاميذ في مراحل التعليم العام عن اللغة واستعمالها كموقف السائق الماهر للسيارة،أما المتخصصون في اللغة من الباحثين أو الأدباء فلهم شأن آخر يقرب من شأن مهندس السيارات.
المهم في هذا أن حصص القواعد تتيح للتلاميذ الفرصة لفهم ميكانيكية الجملة والفقرة،بحيث يستطيعون أن يصلحوها إذا ما التوى بهم التعبير وسط الطريق.

2-لابد أن يشعر المتعلم بحاجة إلى القواعد ويحس بجدواها:
ينبغي أن تتاح للتلاميذ فرص كثيرة للكلام والكتابة، وفيها يستعملون القاعدة،وعندئذ يشعر بحاجة إلى معرفتها،ويبذل جهده في تعلمها،ويحس بقيمتها في حياته وتعبيره.وهذا هو ما نعرفه في علم النفس بقانون الأثر والنتيجة؛إذ انه يقوم على وجود دافع أو رغبة في التعلم،ثم إشباع لهذا الدافع يترك أثرا سارا في نفس المتعلم.ويتوالى الآثار السارة يقوى ما تعلمه الإنسان.ومن أمثلة استثارة الدوافع في دروس القواعد قصة المصنع الذي يريد صاحبه أن يختار بعض العمال فيحتاج إلى كتابة استمارات.
وهذا بدوره يسلم إلى معرفته الأسئلة التي ينبغي أن يواجهها إلى المتقدمين.فالتلميذ الذي يتقمص شخصية صاحب المصنع يشعر بحاجة واضحة إلى معرفة أساليب الاستفهام.

3-لابد من التركيز على ناحية معينة:بعد أن تنشأ الحاجة ينبغي أن ينتهز المعلم هذه الفرصة ويخصص حصة أو عددا من الحصص للتركيز على صعوبة معينة؛ليفهم التلاميذ المصطلحات المتعلقة بهذه الناحية،ويدركوا القاعدة،ويتدربوا على استعمالها حتى يتقنوها.ولابد بعد ذلك أن يتيح لهم المعلم فرصا طبيعية في دروس التعبير لتطبيق القاعدة،وهذا هو ما نعرفه في علم النفس بقانون لاستعمال.
4-لابد من دراسة أثر البيئة: المنزل،والشارع،والحي،والمدرسة،
والجرائد،والكتب،والمؤسسات،المختلفة ذات أثر كبير في ثقافة التلاميذ وما يكتسبونه من قيم وعادات ومعلومات.

ولاشك أن معرفة المدرس بالأساليب التي تشيع في هذه البيئات وما تحتويه من القواعد النحوية المختلفة تساعده أكبر مساعدة على انتقاء الأساليب التي يهتم بها والعادات التي يقويها والاتجاهات التي يصححها.

أم هشام
01-09-07, 08:01 PM
رابعا:طرق تدريس القواعد:
ينطبق هنا ما سبق أن قلناه من حيث عدم وجود طريقة معينة للسير في درس القواعد؛ولذا نقتصر هنا على بعض الطرق الثلاث المتبعة في تدريس القواعد.
إذ بحثنا في الطرق التي اتبعت في نصف القرن الأخير ألفينا أنها انتقلت انتقالات مهمة:ففي بداية القرن كانت الطريقة القياسية والاستقرائية ((الاستنباطية))،ثم ظهرت أخيرا الطريقة المعدلة القائمة على تدريس القواعد من خلال النصوص المتكاملة،

و الآن نبحث كل طريقة من هذه الطرق بغية تعرف الأسس التي تقوم عليها،والخطوات التي تتبعها في تدريس القواعد النحوية مبتدئين بأقدمها وهي الطريقة القياسية.

1-الطريقة القياسية:

وهي أقدم الطرق الثلاث،وقد احتلت مكانة عظيمة في التدريس قديما،وتسير في خطوات ثلاث:يستهل المدرسون الدرس بذكر القاعدة أو التعريف أو المبدأ العام،ثم يوضحون هذه القاعدة بذكر بعض الأمثلة التي تنطبق عليها؛ليعقب ذلك التطبيق على القاعدة.أما الأساس الذي تقوم عليه فهو عملية القياس حيث ينتقل الفكر فيها من الحقيقة العامة إلى الحقائق الجزئية،ومن القانون العام إلى الحالات الخاصة،ومن الكلي إلى الجزئي،ومن المبادئ إلى النتائج،وهي بذلك إحدى طرق التفكير التي يسلكها العقل في الوصول من المعلوم إلى المجهول،ولقد كانت سائدة في تدريس القواعد النحوية في مطلع هذا القرن،
فيعمد المدرس إلى ذكر القاعدة مباشرة موضحا إياها ببعض الأمثلة،ثم يأتي بالتطبيقات والتمرينات عليها،ولقد الفت بعض الكتب النحوية على هذا الأساس،ككتاب قواعد اللغة العربية لحفني ناصف وآخرين معه.
والواقع أن لكل طريقة أنصارا وخصوما،وأنصارها يعتبرونها أفضل الطرق، وخصومها يرون أنها لا تجدي في تدريس القواعد النحوية،فأنصار الطريقة القياسية يرون أنها خير معين لتدريس النحو من ناحية سهولتها أو سرعتها في الأداء((فالطالب الذي يفهم القاعدة أصلا فهما جيدا يستقيم لسانه اكثر كثيرا من الذي يستنبط القاعدة من أمثلة توضع له قبل ذكرها ولا سبيل إلى حفظها حفظا يعين على تذكرها)).في حين يرى خصوم هذه الطريقة أنها ضارة وغير مفيدة؛لأنها ((تبعث في التلميذ الميل إلى الحفظ،وتعوده المحاكاة العمياء والاعتماد على غيره،وتضعف فيه قوة الابتكار في الأفكار والأداء)).كما أنها ((ليست من الطرق الجيدة في إفهام التلاميذ؛لان مفاجأتهم بالحكم العام قد تكون سببا في صعوبته،وذلك يدعو إلى صعوبة التطبيق والخطأ فيه)).
وهي لا تسلك طريقا طبيعيا لكسب المعلومات؛إذ أن المتعارف إن الأحكام العامة في هذه الطريقة تعطى أولا، ثم تتبع بالأمثلة والجزئيات،خلافا لطريق العقل في الوصول إلى إدراك الأمور الكلية بعد مشاهدة جزئياتها.
كما أن تقديم القاعدة والتعريف على الأمثلة والتطبيقات يكون بمثابة تقديم الصعب على السهل،والسير من الصعب إلى السهل مما ينافي قواعد التدريس كل المنافاة.وهي عندما تنقل الحقائق من تفكير خارجي وعن طريق التلقين تجعل هذه الحقائق مزعزعة في ذهنه،ومعرضة للزوال والنسيان؛لان اضعف الحقائق في الذهن هي ما ترد إليه عن هذا الطريق.

2-الطريقة الاستقرائية((الاستنباطية)):

نشأت هذه الطريقة مع مقدم أعضاء البعثات التعليمية من أوروبا ،فقد نشا هؤلاء في ظل الطريقة القياسية،إلا أنهم تأثروا لدى وجودهم في أوربا بالثورة التي قام بها المربي الألماني يوحنا فردريك هربارت في نهاية القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين،فإذا بهم ينقلون مبادئ هربارت إلى طرق تدريسهم للمواد،ومنها القواعد النحوية،حيث يرتب الدرس إلى عدة نقاط يسميها هربارت((خطوات الدرس))وهي:المقدمة،العرض،الربط، القاعدة أو الاستنباط،التطبيق:ففي المقدمة يهيئ المدرس طلابه لتقبل المادة العلمية الجديدة،وذلك عن طريق القصة والحوار أو بسط الفكرة،بحيث تثير في نفوس الطلاب الذكريات المشتركة،فتشدهم إلى التعلق بالدرس، وهي أساسية؛لأنها واسطة من وسائط النجاح،وسبيل إلى فهم الدرس وتوضيحه،ثم ينتقل المدرس بعد هذه الخطوة إلى العرض.
والعرض هو لب الدرس،وعليه يتحدد الموضوع بحيث يعرض عرضا سريعا الهدف الذي يريد المدرس أن يبلغ بالطلاب إليه،فهو مادة دسمة مغذية تصل ما سبقها بما لحقها،وهو يدل على براعة المدرس،ثم ينتقل بعد ذلك إلى الربط.
والربط هو الموازنة بين ما تعلمه الطالب اليوم،وبين ما تعلمه بالأمس القريب والبعيد،فالهدف منه أن ترتبط المعلومات وتتسلسل في ذهن الطالب،ثم يصل المدرس بطلاقة إلى الاستنتاج.
وهنا يقف المدرس؛ليستنتج من عرضه للموضوع مادة يسجلها الطلاب قاعدة،على أن يفسح المجال أمام الطلاب لاستنتاج هذه القاعدة بأنفسهم،لا أن يلقنهم إياها تلقينا،والاستنتاج زبده ما بلغ إليه السعي من الدرس، ثم تأتي الخطوة الأخيرة وهي التطبيق.
والتطبيق تعلق عليه الأهمية الكبرى؛لان دراسة القواعد لا تؤتي ثمارها إلا بكثرة التطبيق عليها،وتدريب التلاميذ تدريبا كافيا على الأبواب التي يدرسونها،فالإلمام بالقواعد يمثل الجانب النظري من الخصائص اللغوية في حين أن التطبيقات تمثل الجانب العملي الذي تبدو فائدته في القراءة السليمة والتعبير السليم.
والطريقة الاستقرائية من طرق التفكير الطبيعية التي يسلكها العقل في الوصول من الحكم على حقائق مشاهدة أو معلومة إلى حقائق غير مشاهدة أو مجهولة،
وفيها ينتقل الفكر من الجزئي إلى القانون العام،ومن حالات خاصة إلى أحكام عامة،وهي تنطوي على أن يكشف التلاميذ المعلومات والحقائق بأنفسهم،كما أن إتباعها في التدريس يتطلب من المدرس جمع كثير من الأمثلة التي تنطبق عليها القاعدة العامة،ثم الانتقال من مثال إلى آخر ومناقشة،بغية استنباط القاعدة العامة،فيعبر عنها الطلبة بأنفسهم،ولقد الفت بعض الكتب النحوية على هذا الأساس،ككتاب((النحو الواضح))لعلى الجارم ومصطفى أمين.
وأنصار الطريقة الاستقرائية يجدون في طريقتهم خير سبيل لتحقيق أهداف القواعد النحوية؛لأنها تهيج في الطلبة قوة التفكير،وتأخذ بأيديهم قليلا قليلا حتى يصلوا إلى الحقيقة؛لان الكلمات القليلة التي ترشد الحدث إلى الطريق الجادة تعد بذور النبت المستقبل الريان.
وهي طريقة جادة في التربية؛لأنها توصل إلى الحكم العم تدريجيا،وذلك يجعل معناه واضحا جليا،فيصير التطبيق عليه سهلا.كما أنها تقوم على عرض الأمثلة الكثيرة المتنوعة التي تدور حول الحقائق الملموسة،وتتخذ الأساليب والتراكيب أساسا لفهم القاعدة،وتلك هي الطريقة الطبيعية؛لأنها تمزج القواعد بالأساليب.
يضاف إلى هذا أنها ((تحرك الدوافع النفسية لدى المتعلم،فيهتم اهتماما بالغا،فيتنبه ويفكر ويعمل))إلا أن خصوم هذه الطريقة يأخذون عليها البطء في إيصال
المعلومات إلى أذهان الطلبة،والاكتفاء أحيانا بمثال أو مثالين أو ثلاثة لاستنباط القاعدة،وفي هذا من التفريط ما يجعلها غير سليمة؛فهي تختار أمثلتها متقطعة لاتصل بينها صلة فكرية ولا لفظية،إنما هي جمل مبتورة في موضوعات مختلفة ليس فيها خاصة لغوية،إلا أنها تحمل تمثيلا لقاعدة خاصة.وأما أنها تشرح فكرة من الأفكار التي تمتلئ بها عقول الناس،وأما أنها ترتبط برباط لفظي من أدوات الربط الكثيرة في اللغة العربية،فذلك كله وغيره مما تخلو منه هذه الأمثلة،وهي لا ترمي إلى غاية تعبيرية خاصة،ولا تثير في نفس التلاميذ شوقا إليها ولا إلى القاعدة التي سيدرسونها في ظلالها،مع أن كل دروس اللغة العربية ترمي في نهاية أمرها جميعا إلى شيئين:هما الفهم والإفهام،وكل ما تقدم في هذه الدروس وسيلة إليهما،وهي تستخدم التطبيق بشكل تعجيز للطلاب، مع أن المفروض فيه طبع الأساليب السليمة التي تحوى من خصائص اللغة ما هو فطري بعيد عن التكلف))كما أن استنباط القاعدة من أمثلة معينة لا خير فيه ولا غناء،وهي عملية((ثبت أنها مستحيلة وليس لها اصل علمي،ولا وجه للمقارنة بين اللغات والعلوم الطبيعية في الاستنباط؛لان التجربة في العلوم الطبيعية ثابتة مطردة يمكن استخلاص قوانين عامة منها،ولكن هذا لا ينطبق على اللغات.

أم هشام
01-09-07, 08:02 PM
-الطريقة المعدلة(النص الأدبي):

وهي احدث الطرق الثلاث من جهة الترتيب التاريخي،وقد نشأت نتيجة تعديل في طريقة التدريس السابقة؛ وهي تقوم على تدريس القواعد النحوية في خلال الأساليب المتصلة،لا أساليب المنقطعة،ويراد بالأساليب المتصلة قطعة من القراءة في موضوع واحد،أو نص من النصوص،يقرؤه الطلاب ويفهمون معناه،ثم يشار
إلى الجمل وما فيها من الخصائص،ويعقب ذلك استنباط القاعدة منها،وأخيرا تأتي مرحلة التطبيق.
ومن الصور التي أخذتها هذه الطريقة معالجة بعض أبواب منهج النحو بطريقة التطبيق العمل دون حاجة إلى شرح قواعدها،أما ما عداها من الأبواب فيجب أن يدرس على الطريقة الاستنباطية،ولكن ليس في ظل هذه الأمثلة المتكلفة المبتور التي تنتزع من أدوية مختلفة لا يجمع شتاتها جامع،ولا تمثل معنى يشعر الطال انه في حاجة إليه،بل يجب أن تدرس في ظلال اللغة والأدب خلال عبارات قيمة كتبت في موضوع حيوي يهم الطلبة تختار من كتبهم في المطالعة،أو من دروسهم في التاريخ،أو غيره من مواد الدراسة،أو من صحف اليوم ومجلات الأسبوع مما يتصل بالحوادث الجارية بين سمعهم وبصرهم.
ولقد رئي لن تعليم القواعد وفق هذه الطريقة إنما يجاري تعليم اللغة نفسها؛إذ أن من الثابت الذي لا جدال فيه أن تعليم اللغة إنما يجئ عن طريق معالجة اللغة نفسها ومزاولة عباراتها،فليكن تعليم القواعد إذن على هذا النهج الذي ترتكز فيه على اللغة الصحيحة ومعالجتها وعرضها على الأسماع والأنظار وتمرين الألسنة والأقلام على استخدامها.
وقد تبنت المناهج في البلاد العربية هذه الطريقة؛إذ أبانت أن الغرض من تدريس القواعد هو أن يكون وسيلة تعين الدارس على تقويم لسانه وعصمة أسلوبه من اللحن والخطأ،وان الطريق لتحقيق هذه الغاية هو أن تدرس القواعد في ظل اللغة،وذلك بان تختار أمثلتها وتمريناتها من النصوص الأدبية السهلة التي تسمو بأساليب التلاميذ،وتزيد في ثقافتهم،وتوسع دائرة معارفهم،بالإضافة إلى ما نوضحه من القواعد اللغوية،وان تربط المادة اللغوية التي تختار لشرح القواعد أو التطبيق عليها بميولهم،ومصادر اهتمامهم،ونواحي نشاطهم في هذه المرحلة.
أما الطريقة المعدلة فان أنصارها يرون أنها الطريقة الفضلى في تحقيق الأهداف المرسومة للقواعد النحوية؛
لأنه يتم عن طريقها مزج القواعد بالتراكيب وبالتعبير الصحيح المؤدي إلى رسوخ اللغة وأساليبها رسوخا مقرونا بخصائصها الإعرابية))ولا يخالجنا الشك في أن تعليم القواعد على هذه الطريقة– وفي ثنايا القراءة والنصوص- أجدى وانفع،فقد ظللنا السنين الطوال ندرسها تدريسا مستقلا،ونسلك إلى ذلك الطرق السليمة والمستقيمة، فلم يغن كل هذا في الوصول إلى الغاية،ولا يزال كثير من التلاميذ الذين استقامت أساليبهم،وسمت عباراتهم، ونمت مقدراتهم البيانية،يخطئون في أسهل القواعد النحوية،على مابذلوا من وقت وجهد في درسها واستذكارها))وأنهم يجدون أيضا أن المطالعة طريق طبيعي سهل في تعليم القواعد النحوية بغية جعل العبارات الصحيحة أساسا لطبع خصائص اللغة في الأذهان؛لان ذلك يكسب مرانا مستمدا من الاستعمال الصحيح للغة،هذه الطريقة هي المثلى في تعليم القواعد؛لأنها تعتمد أول ما تعتمد على المران المستمد من هذا الاستعمال الصحيح للغة من كافة مجالاتها الحيوية،وسائر أحوالها في مجرى الاستعمال الواقعي.
بيد أن خصوم هذه الطريقة يرون أنها تعمل على إضعاف الطلبة باللغة العربية وجهلهم لأبسط قواعدها؛لان مبدأ التقديم بنص يناقشه المدرس مع تلاميذه،ثم يستخرج منه الأمثلة التي تعينه على استنباط القاعدة التي يراد تدريسها،إنما هو ضياع للوقت؛لان الموضوع لا علاقة له بالقواعد النحوية التي هي موضوع الدرس الحقيقي،وان الكتاب الذي تضمن هذه الموضوعات إنما هو كتاب نحو،ويجب قبل كل شيء أن يعلم الطالب كيف يقرأ قراءة صحيحة،وهذه الطريقة تشغل الطال بموضوع الإنشاء فتصرفه عن قاعدة النحو المراد شرحها؛لان ذاك يقوم على افتراض أن المعنى أصل والنحو عرض كما أن النصوص التي يقدم بها للقاعدة في الكتب المدرسية إنما تدور حول المسائل القومية والوطنية وذكر الفضائل وتاريخ عظماء العرب،فينبغي أن يكون لهذا كاه موضع في القراءة والنصوص،وان يكون للنحو كتاب خاص،أما أن يكون كتاب نحو مشتملا على ذلك فانه يصرف الطالب على القاعدة التي تفهم المعنى،ثم أن هذه الطريقة جعلت الكتاب عجيبا.

أم هشام
01-09-07, 08:04 PM
خامسا:خطوات السير في درس القواعد:

بقي بعد ذلك أن نعرض المقترحات التي يمكن أن نهتدي بها في درس القواعد.
1-يجب البدء بمشكلة:

وهذا يتصل بما سبق أن ذكرناه عن إتاحة فرص الكلام والكتابة للتلاميذ.فدروس التعير ممكن أن تكون نقطة بداية طيبة للفت أنظار التلاميذ إلى ما يقعون فيه من أخطاء وضرورة العناية بتصحيحها،ثم نبين لهم أن ذلك سيكون في حصة القواعد التالية:
ويمكن أن يخلق المدرس في حصة القواعد الموقف التعبير الذي يرغبهم في دراسة القاعدة على نحو ما ذكرناه في درس الاستفهام، وكذلك يمكن أن يستغل قطعة من قطع المطالعة لابتعاث الرغبة فيهم لفهم أسلوب من الأساليب أو طريقة صياغة نوع معين من الجمل.ثم يقودهم بعد ذلك إلى صياغة القواعد بأنفسهم،ثم مقارنتها بالقواعد التي في الكتاب،بل أنه إذا أفلس خياله يمكن أن يستغل الكتاب الذي في أيديهم كنقطة ابتداء،فيكلفهم قراءته وفهمه،وشرحه والسير في تطبيقاته،وفي هذه الحالة ينبغي أن يعني بجعل التلاميذ يتقبلون دراسة الكتاب على انه مشكلة تستحق منهم الالتفات والعناية.
وهذه الطريقة قد تكون مجدية مع التلاميذ في الفرق المتقدمة.
2-معاونة التلميذ على حل المشكلة:بعد أن يدرك التلاميذ المشكلة ويأخذوا في السعي لحلها

ينبغي على المعلم أن يعاونهم على إدراك العلاقة بين حل المشكلة وقاعدة معينة من قواعد النحو.وفي هذه الحالة ينبغي أن يعنى أولاً: بالناحية التعبيرية،أي بالعلاقة بين المعنى والأسلوب،وبعد مناقشة هذه الأساليب،بحيث يفهم التلاميذ القاعدة دون تعرض للمصطلحات.ويأتي دور المصطلحات سواء في التحليل أو في ذكر القاعدة؛ليتوج الخبرة كلها ويلخصها.

3-كثرة التمرين:

على المدرس في هذه الخطوة أن يعني عناية فائقة بقطع التمرينات العملية على القاعدة بجميع نقطها.ولقد ذكرنا وصفا للتمرينات؛لتلفت المدرس إلى ضرورة أن تكون هذه التمرينات ممثلة للموقف الطبيعية التي تطهر فيها هذه القواعد في الحياة،فتبدو عناصر فعالة في مواقف التعبير.

4-العلاج الفردي:

يجب أن يركز المدرس على الصعوبات الفردية،ويمكن أن يقوم المدرس بوضع اختبارات في نواحي القواعد المختلفة ويجريها على التلاميذ.وبتحليل نتائج هذه الاختبارات يستطيع أن يكشف أهم الأخطاء التي يقع فيها التلاميذ،فيجعلها موضوعا لدراسته أصلا،أو يعيد تدريسها إذا كان الاختبار للكشف عن إتقان التلاميذ لقاعدة معينة وبعد معرفة هذه الأخطاء يزود المدرس التلاميذ بما يحتاجون إليه أفرادا وجماعات بالتمرينات اللازمة.وفي كل ذلك ينبغي أن يساعد المدرس التلاميذ على معرفة أخطائهم،وما أحرزه من تقدم في سبيل التغلب عليها.فليس هناك ما يولد الثقة بالنفس مثل الشعور بالنجاح،والثقة تعود فتدفع إلى بذل الجهد فالنجاح.

5-عرض المصطلحات:

سبق لن تحدثنا عن الوقت الذي ينبغي أن نعرض فيه المصطلحات،وضرورة مجيئها بعد أن يفهم التلاميذ التركيب وعلاقته بالمعنى،ويجب هنا أن نشير إلى شيئين :الأول: أن هذه المصطلحات ليست إلا طريقة أصحاب الفن في فهم الظاهرة التي يقوم فنهم بدراستها.أنها فهم معين للظاهرة.وعلى هذا ينبغي أن نتخلص من القداسة التي نخلعها على هذه المصطلحات أنها تختصر كثيرا من الكلام في وصف الظاهرة؛ولذا ينبغي أن نتناول المصطلحات دائما بهذه الروح،فنعرفها بعد أن يكون التلاميذ قد تكون لديهم الأساس الصالح لها. والشيء الثاني:أن قدرة التلاميذ على استيعاب المصطلحات محدودة؛لذا ينبغي الاختصار على أهمها،وبخاصة إذا أدركنا أن التلميذ مطالب بمعرفة مصطلحات أخرى في الأدب والبلاغة،وفي الجغرافيا والكيمياء.


سادسا:أنشطة للممارسة النحوية:

هناك مجموعة أنشطة يمكن أن تساعد في تحقيق الأهداف ،منها الألعاب اللغوية،والتدريب الشفهي الجمعي بالبطاقات أو بغير البطاقات،ثم المساءلات الشفوية عب سرد أنواع التطبيقات وتفصيل ذلك كما يلي:
• الألعاب اللغوية:

لعبة التغمية:والغاية منها تمرين الأطفال على الاستفهام(بمن)،وان الجواب عنها يكون بتعيين المسئول عنه،وعلى استعمال بعض الأفعال مع الفاعل والمفعول به،وتجري هذه اللعبة بالطريقة الآتية:
يغمى احد التلاميذ،ويقف حوله الباقون من زملائه،ثم يكلف المدرس احد التلاميذ لمس إذن التلميذ المغمى أو انفه أو يده،ثم يوجه التلاميذ إلى سؤال المغمى بما يأتي:
من لمس إذنك؟ومن لمس انفك؟أو من لمس يدك؟فإذا أجاب:لمس إذني عادل مثلا،وكانت الإجابة صحيحة،حل محله التلميذ السائل،وان اخطأ بقي مغمى إلى أن يصيب.
وتستمر اللعبة على هذا النحو بطريق التعاقب بين التلاميذ،ويحسن بعد التدريب على الفعل(لمس)مثلا أن يغير بفعل آخر،وهكذا مع التنويع في الأسئلة تبعا لتغير الأفعال.
لعبة أنا وأنت:وترمي هذه اللعبة إلى تمرين التلاميذ على طريقة الاستفهام بماذا،والجواب بالتعيين،وعلى استعمال الأفعال،وبعض الضمائر،والمفعول،
في جمل قصيرة.
وطريقتها:أن يقف التلاميذ صفين متقابلين،ثم تبدأ اللعبة بأن يسأل التلميذ الأول من الصف الأول مثلا التلميذ الذي أمامه بالصف الثاني بقوله:أن اشتريت قلما،وأنت ماذا اشتريت؟فيجيب المسئول:أنا اشتريت كراسة،
ثم يسأل غيره على هذا النحو،والمخطئ أو البطيء يخرج من الصف،وتكرر اللعبة في الحصة الواحدة عدة مرات،وفي كل مرة يغير الفعل.
لعبة الصندوق:والغاية منها التمرين التلاميذ على الاستفهام بكم،
وطريقتها:أن يعد مقدار ما من الفول أو البندق أو النقود،ويوضع في صندوق أو كيس مثلا،يحمله رئيس اللعبة،ثم يقف التلاميذ صفين متقابلين،
ويتقدم حامل الصندوق أو الكيس من التلميذ الأول بالصف الأول،ويطلب منه أن يأخذ من الصندوق أو الكيس بندقتين أو أكثر بصوت خفيض لا يسمعه التلاميذ،ويأمره أن يخفي ما أخذه بقبضه يده،ثم يسأل هذا التلميذ زميله المقابل له في الصف الثاني،كم بندقة في يدي؟فإن أصاب انتقل الصندوق إليه،فيأخذ منه بعض البندق مثلا،ثم يسأل التلميذ المجاور للذي سأله أولا،والمخطئ يخرج من اللعبة،ويظل الصندوق ينتقل،والسؤال مستمرا إلى نهاية الصفين.
دور المدرس في التوجيه هذه الألعاب:
-يشرح اللعبة التي يختارها،فبين كيف تجري،وما الذي يفعله كل تلميذ في أثناء ذلك.
-يدون على السبورة بعض الأسئلة والأجوبة الصحيحة،التي ينطبق بها الأطفال وهم يقومون باللعبة،فإذا كانت اللعبة التي تجري لعبة(أنا وأنت)مثلا.كتب على السبورة ما يأتي:
ماذا اشتريت؟ اشتريت قلما.
وأنت ماذا اشتريت؟ اشتريت كراسة.
على أن تكون الكتابة بالخط الواضح،مع الضبط بالشكل.
-يراعى المدرس تمرين الأطفال على النطق بالأسئلة والأجوبة عدة مرات؛ حتى يثبت في أذهانهم الاستعمال اللغوي الصحيح للجمل والكلمات العربية.
-ولا مانع من أن تظل الأسئلة والأجوبة على السبورة؛حتى يفيد منها المخطئون،أو الموشكون على الخطأ في أثناء اللعبة.ولابد أن يكون إشراف المدرس كاملا؛إذ عليه أن يعين الأطفال على تصحيح أخطائهم،وتنويع عباراتهم.
-أمثلة الألعاب اللغوية أيضا للتدريب على الاستفهام بهل أو الهمزة،وما يتبع ذلك من الجواب بالإثبات أو النفي:يقوم الأطفال باللعبة الآتية:
يخرج رئيس اللعبة احد الأطفال من الفصل،ويعرض على نصف التلاميذ شيئا أو يسر إليهم اسم شيء من الأشياء(بحيث لا يعرف الباقون ذلك)ثم يدخل الطفل الفصل،ويطلب إليه رئيس اللعبة أن يميز الذين رأوا الشيء من الذين لم يروه بطريق الإشارة إلى كل طفل وسؤاله:هل رأيت ما عرضه الرئيس؟(مستعملا الهمزة أو هل)فيجب كل تلميذ رأى:نعم رأيت ..ويجيب كل تلميذ لم ير:لا،ما رأيت..أو:لا،لم أر-وتستمر المساءلة.حتى يخرج أفراد المجموعة التي رأت فيقفوا صفا،ويقف الباقون صفا آخر أمامهم.ويبدأ التلاميذ الذين لم يروا بسؤال الذين رأوا،كل تلميذ يسأل الذي أمامه على النحو الآتي:
هل هو حيوان؟الجواب:لا ليس حيوانا أو :ما هو حيوان
أهو نبات؟الجواب:لا،ليس نباتا أو:ما هو نبات
هل هو جماد؟الجواب:نعم،هو جماد
أهو ساعة؟الجواب:ليس ساعة
ويستمر السؤال والجواب حتى يصل تلميذ إلى معرفة الشيء الذي كان معروضا فيتولى هو رئاسة اللعبة،وإعادتها من جديد.
وللتدريب على استعمال كم الاستفهامية،يقوم التلاميذ باللعبة الآتية:
يوضع قليل من البندق أو حب الفول في كيس يحمله رئيس اللعبة.ويقف التلاميذ في دائرة، ويقف حامل الكيس في وسطها،ثم يبدأ بتلميذ ويكلفه اخذ قبضة صغيرة مما في الكيس ويسأل من يجاوره:كم بندقة في يدي؟فان أصاب المجيب انتقل الكيس إليه،وتزعم هو العمل،وان أخطا خرج من الدائرة،وهكذا حتى تحدث تصفية.
وتعديل يسير في هذه يجعلها صالحة للتدريب على المفرد والمثنى بان يكلف الطفل ألا يأخذ من الكيس إلا بندقة أو بندقتين،ويسأل:كم بندقة في يدي؟فيجاب في يدك بندقة،أو:في يدك بندقتان،أو يسال:كم بندقة أخذت؟فيجاب:أخذت بندقة،أو:أخذت بندقتين.
وإذا لم تتيسر الألعاب التي تجتمع فيها عناصر اللعب ومميزاته حل مكانها تدريب لغوي في صورة تشبه اللعب عنصراه الأساسيان:السرعة في الإجابة وصحة الضبط،فللتدريب على المفعول به مثلا:يقف التلاميذ في دائرة،ويبدأ تلميذ بسؤال من يجاوره:أنا اشتريت كذا،وأنت ماذا اشتريت؟فيجيب:أنا اشتريت كذا،ثم يسرع هذا فيسأل من يجاوره:وأنت ماذا اشتريت؟وهكذا.
والذي يبطئ أو يخطئ في الضبط يخرج من الدائرة،وهكذا حتى تحدث تصفية.ويلاحظ ألا يقتصر في التدريب على استعمال فعل واحد،بل حين يعاد التدريب بعد التصفية الأولى يغير الفعل مثل.أنا أكلت كذا،وأنت ماذا أكلت ؟أنا قرأت كذا،وأنت ماذا قرأت؟
وطبيعي أن يقبل الأطفال على مثل هذه الألعاب،فأكثرها شبيه بما يلعبونه من تلقاء أنفسهم في المنزل أو فناء المدرسة،وكل مافي الأمر أنهم يستبدلون باللغة العامية لغة صحيحة مضبوطة،وسيشعرون بعد قليل أن هذه اللغة التي يتكلفونها بادئ الأمر قد صارت طبيعية على ألسنتهم.

أم هشام
01-09-07, 08:08 PM
• التدريب الشفوي الجمعي بالبطاقات:

تكتب الأسئلة في بطاقات بخط واضح،ثم يجاب عن هذه الأسئلة في بطاقات أخرى بخط واضح أيضا.وكأن يكتب في الأولى:من بنى الهرم الأكبر؟من فتح مصر؟من يحرث الأرض؟ويكتب في الثانية:خوفو بنى الهرم الأكبر.وعمرو ابن العاص فتح مصر.الفلاح يحرث الأرض.ثم يجري التدريب بان يقرا تلميذ من حاملي بطاقات الأسئلة السؤال الذي في بطاقته جهرا.وعندئذ يجيبه من يحمل البطاقة الخاصة بالإجابة عن هذا السؤال بقراءة الجواب جهرا.والذي لا يعرف الإجابة.أو يسهو يخرج من الصف،ثم يقرا السؤال الثاني وإجابته،وهكذا.
وبعد التدريب الكافي على أداة من أدوات الاستفهام بالنظام السابق يمكن الانتقال إلى التدريب على غيرها،ويجوز أن يجري التدريب بالعكس،فيقرا حاملو بطاقات الإجابة أولا،ويجيبهم حاملو بطاقات الأسئلة.
كما يجوز أن يجري التدريب على النحو السابق بغير بطاقات،فيقسم المدرس الأطفال قسمين:قسما يقوم بتوجيه الأسئلة،والقسم الثاني يقوم بالإجابة،
وهذا الأسلوب من التدريب على الاستعمال اللغوي يحتاج إلى مهارة وحسن توجيه من المدرس.
• المناقشة الشفوية عقب سرد القصة أو القراءة:
عقب سرد القصة توجه إلى الأطفال أسئلة استرجاعية يقصد منها مساعدة الأطفال على تكوين القصة.وفي الأسئلة تستخدم أدوات الاستفهام كلها أو بعضها.وفي توجيه الأسئلة على هذه الصورة،وفي الإجابة عنها تمرين عملي على بعض قواعد النحو،كأدوات الاستفهام،والجملة الفعلية،وما تشتمل عليه من فعل وفاعل ومفعول،وكذلك الجملة الاسمية وما تشتمل عليه من مبتدأ وخبر،وما يضاف إليها من مكملات.وكما نصنع ذلك عقب سرد القصة كذلك نفعل مثله عقب المطالعة الجهرية أو الصامتة,وهذه الأسئلة بألوانها المختلفة تدريب على قواعد النحو,وتمرين على استعمال أدوات الاستفهام.وينبغي أن يعلم المدرس أن التدريب على قواعد النحو يأتي عرضا خلال الأسئلة؛ولذلك يجب أن تغير أدوات الاستفهام؛حتى تؤدي المساءلات الشفوية الغرض منها وهو التدريب العرضي على القواعد,مع الاستماع والفهم والتذوق.

• التدريب التحريري بالبطاقات:

والمقصود منه إعداد بطاقات متدرجة،تخصص مجموعة منها لكل أداة من أدوات الاستفهام، فيدون في كل بطاقة عدد من الأسئلة بخط واضح،ثم توزع على التلاميذ،ويطلب منهم الإجابة عن هذه الأسئلة في كراساتهم مع كتابة رقم البطاقة،فإذا انتهوا من مجموعة انتقلوا إلى مجموعة أخرى،وهكذا.
ويمكن الانتفاع في هذا التدريب بالأسئلة التكميلية،وكذلك أسئلة التكوين والتركيب،وفي كتب القواعد التي بأيدي الأطفال الكثير منها.

سابعا:التطبيق وأنواعه:

من الخير ألا نسرف في شرح القاعدة واستنباطها من العبارات بحيث نستغرق الحصة كلها في شرح القاعدة،بل يجب أن ننتقل إلى التطبيق عليها بمجرد أن نطمئن إلى فهم الطلبة إياها،فالتطبيق هو أهم ما يجب أن تتجه إليه عناية المعلم،والقواعد كما قدمنا لا يكون لها الأثر المطلوب في تعويد الطالب سرعة الأداء مع صحة التعبير إلا بعد الإكثار من التطبيق عليها.
والتطبيق الشفوي هو أجدى الوسائل في أن تصبح مراعاة القواعد النحوية مهارة لا يحتاج معها إلى كثير من التأمل والتفكير.أما مادة التطبيق سواء أكان شفويا أم تحريريا،فيجب أن يراعى في اختيارها ما روعي في اختيار العبارات التي تتخذ لشرح القاعدة،فلا تستخدم تلك الأمثلة التي تنتزع من كل واد إلا حيث تقضى علينا الضرورة باستخدامها.
وليس من أنواع التطبيق الجيد التطبيق الايجادي،وهو الذي يطلب فيه إلى التلميذ أن يؤلف جملة على قاعدة معينة أو يشترك في تأليفها،أما التطبيق الجيد فهو تكميل عبارة بوضع ألفاظ من عنده مضبوطة،أو استخدام ألفاظ تعين له في عبارة من إنشائه بحيث تكون هذه الألفاظ مرفوعة أو منصوبة مثلا،أو مطالبته بان يصف بعض الأسماء-في عبارة تقدم له- بنعوت مناسبة من عنده مع ضبطها،أوكأن نسأله أسئلة تكون الإجابة عنها جملة تخضع لقاعدة واحدة معينة.
وإذا كان التطبيق تحريريا فمن الواجب ألا يشرح أو يناقش إلا بعد أن يجيب عنه التلاميذ وينتهي المعلم من إصلاحه،وحينذاك يرشدون إلى أخطائهم ويقومون بتصويبها.
أن هذا النوع الذي يجب أن نجعله في الطليعة من أنواع التطبيق هو التطبيق الشفوي،حيث يقصد منه تدريب الطلبة على صحة الضبط مع السرعة.وهذا النوع من التطبيق هو الذي يجب أن نعتمد عليه؛لنجعل مراعاة الطلبة لقواعد النحو عادة راسخة كأنها تصدر عن سليقة وطبع.ويقوم الطلبة بهذا التدريب عقب شرح القاعدة،ويكرر بين آونة وأخرى أو كلما دعت الحاجة إلى تكراره.
وطريقة هذا التطبيق أن يعد المدرس لكل قاعدة يشرحها عددا كبيرا من الأمثلة،يطبعها ويوزعها على الطلبة عقب شرح القاعدة ليبدأ التدريب.

ويراعي في اختيار أسئلة التطبيق:

-أن تكون القطع والأسئلة المختارة فصيحة العبارة،سهلة التركيب،معبرة عن تجارب التلاميذ وخبرتهم،ويحسن أن تكون مستمدة من دروس الأدب والنصوص والمحفوظات والقراءة.
-أن تكون متنوعة،فلا يعتمد فيها على الإعراب وحده،وان تدعو التلاميذ إلى التفكير،بشرط ألا تصل إلى التعجيز،ومن الأسئلة المفيدة أسئلة التكوين والضبط.
-أن تكون واضحة خالية من التصنع والتكلف والغموض،وان يكون الغرض تمرين التلاميذ على تكوين العبارات الصحيحة،والجمل الأدبية،والتفكير فيما يعرض لهم من الأمور في حياتهم اليومية، وان تكون صلتها قوية بجوهر القاعدة.

التطبيق نوعان:شفوي وكتابي:

(أ)التدريب الشفوي:ويكون بكتابة أسئلة متنوعة على السبورة،أو على بطاقات توزع على التلاميذ،ويطلب منهم الإجابة عما فيها،أو يكون بقراءة قطع غير مشكولة،ويراد منهم ضبطها وبيان سبب الضبط،كما يكون بتوجيه التلاميذ إلى مناقشة الأخطاء التي تقع منهم في دروس التعبير أو القراءة.
والغرض من التطبيق الشفوي:
-وقوف المدرس على مواطن الضعف في تلاميذه،والأجزاء الغامضة التي لم يفهموها في دروس القواعد،فيعيد شرحها،وتبسيطها لهم حتى تستقر في أذهانهم.
-تثبيت القاعدة؛لما فيه من مناقشات عامة متنوعة.
-تعود التلاميذ النطق الصحيح والتعبير السليم.
-يساعد في تشجيع التلاميذ،ويشوقهم إلى دروس القواعد،ويحببها إليهم، ويثير المنافسة بين جميع تلاميذ الفصل،وفي ذلك تعويد لهم على إجادة التعبير والتفكير.
-يمكن المدرس من مساعدة تلاميذه الضعفاء،فيأخذ بيدهم،ويعونهم على فهم الأسئلة وتنظيم الإجابة عنها.
طريقة السير في التطبيق الشفوي:

-يكتب المدرس التطبيق على سبورة إضافية قبل بدء الدرس،ثم يضع السبورة على حامل أمام التلاميذ،بحيث تكون الأسئلة واضحة ظاهرة،يراها جميع التلاميذ،ثم يكلف واحدا منهم قراءة السؤال الأول قراءة واضحة،ويدعو التلاميذ بعد ذلك إلى التفكير في الإجابة،على أن يعطيهم فرصة مناسبة للتفكير،وعلى هذا النحو يسير في الأسئلة الباقية.
-تكون الإجابة شفويا عن السؤال المقروء جزءا جزءا،وفي أثناء ذلك ينبه التلاميذ إلى مواطن الخطأ في الإجابة،على أن يكون تصحيح الأخطاء من عمل التلاميذ أنفسهم.
-يوضح لتلاميذه ما يصعب عليهم الإجابة عنه،بأن
يعيد لهم شرح القاعدة التي تتصل بالأسئلة التي عجزوا عن فهمها،هذا على فرض وجود هذه الصعوبة.
يترك التلاميذ أحرارا،وعليه أن يتدخل إذا مست الحاجة إلى ذلك،حتى يكون التدريب مفيدا.
-تكون إجابة التلاميذ بلغة فصيحة سليمة,مع العناية بأن تكون صحيحة،تتناول كل جزء مطلوب في السؤال.

(ب)التدريب الكتابي:
الهدف من التطبيق التحريري ما يلي:
-تعويد التلاميذ الاعتماد على النفس،والاستقلال في الفهم،والقدرة على التفكير والقياس والاستنباط،بشرط ألا تبقى الكراسات عند التلاميذ بعد انتهاء الحصة.وواجب المدرس أن يتسلمها بنفسه بعد انتهاء الحصة مباشرة.
-يربي في التلاميذ دقة الملاحظة،وتنظيم الأفكار،وترتيب الذهن،ويغرس في نفوسهم حب النظام وترتيب والتنسيق.
-ويقف المدرس على مستوى كل تلميذ بدقة،وعلى مبلغ نشاطه واستفادته من دروس القواعد وتقديره بالنسبة لزملائه.
-إثارة المنافسة الشريفة بين التلاميذ،بما يقدره المدرس لكل منهم من درجات،تكون باعثا على الجد والنشاط.
طريقة السير في دروس التدريب التحريري:-يطبع المدرس التطبيق طبعا متقنا،ويوزعه على التلاميذ بنظام،أو يكتب الأسئلة على سبورة إضافية مراعيا ما اشرنا إليه في اختيار الأسئلة.
-مناقشة التلاميذ في القاعدة أو القواعد المتصلة بالتطبيق،ثم مطالبتهم بقراءة التمرينات وحلها.ووظيفة المدرس في ذلك،التوجيه إلى الإجابة الصحيحة، وتوضيح ما يصعب عليهم حينما يشعرون بالصعوبة.
-يجيب التلاميذ عن الأسئلة في كراستهم مع ملاحظة جودة الخط والنظافة،وتنسيق الإجابة.
-يمر المدرس بينهم في أثناء الإجابة؛ليرشد من يحتاج إلى الإرشاد،ويساعد من يحتاج إلى مساعدة،ويفهم المخطئ صواب خطئه،ويدعوه إلى كتابته.
ثامنا:الاتجاهات الحديثة في تعليم النحو:
سبق أن ذكرنا أن نتائج البحوث العلمية في ميدان التربية وعلم النفس في النصف القرن الأخير كشفت عن عقم البحث عن طريقة واحدة لتدريس جميع المواد أو طريقة واحدة لتدريس مادة بعينها،وحولت الأنظار إلى أن الخبرة التعليمية ككل متكامل ليست الطريقة إلا جزءا منه.فالعملية التعليمية هي عملية إحداث تغيرات في سلوك التلاميذ،إذا أريد بالسلوك معناه الواسع الذي يشمل الإدراك والانفعال والعمل. هذه التغيرات إنما تحدث عن طريق الخبرة.والخبرة هي التفاعل الذي يحدث بين التلاميذ والموقف الذي يوجدون فيه.
ويتكون الموقف من عناصر لا حصر لها،أهمها المعلم،والمادة،والطريقة،و الأدوات التعليمية، والعلاقات الاجتماعية في الفصل.ويتوقف التفاعل بين التلاميذ والموقف على مدى ملائمة الموقف بكل عناصره لأغراض التلاميذ،وحاجاتهم،واستعداداتهم،وقدرتهم.فإذا كان الموقف ملائما فانه يدفع التلاميذ إلى النشاط والتفكير والعمل فأنهم يتغيرون،أي يكتسبون معلومات لم تكن لديهم،أو يشعرون بمشاعر لم يحسوا بها من قبل،أو يقومون بأشياء لم يكونوا قادرين على القيام بها.وعندئذ تكون الخبرة قد أدت وظيفتها.وإذا كان الموقف غير ملائم للتلاميذ من حيث شعورهم بأنه بعيد عن أغراضهم، أو بأنه لا يشبع حاجة عندهم،أو بأنه أعلى من مستواهم فأنهم لا ينشطون، ولا يحاولون ولا يفكرون،وبالتالي لا يتعلمون.
قد يبذل المعلم في هذا الموقف جهدا كبيرا في الشرح والعرض،وقد يحفظ التلاميذ المعلومات التي يريدهم أن يحفظوها،ولكن الأمر على كل حال لا يتعدى ترديد الألفاظ والعبارات دون فهم حقيقي لمعانيها وتطبيقاتها.بناء على ذلك تصبح للمعلم ثلاث مهام:الأولى:اختيار الخبرات التعليمية وتنظيم عناصرها بحيث تستثير التلاميذ وتدفعهم إلى النشاط والتفكير،
والثانية:توجيه نشاط التلاميذ وتفكيرهم نحو التغيرات المطلوبة،والثالثة:تقويم آثار هذا النشاط للتأكد من حدوث هذه التغيرات وتعديل الخبرات التعليمية في ضوء النتائج التي يسفر عنها هذا التقويم.
وأمام المعلم في كل مهمة من هذه المهام طرق وأساليب كثيرة يستطيع أن يستخدمها.وبذلك توضع الطريقة في موضعها الصحيح من العملية التعليمية،
قد تصبح جزءا من الخبرة،وتتعدد وتتنوع وتختلف باختلاف التلاميذ،والأغراض والمواقف التعليمية.
والشروط التي ينبغي أن تتوفر في الخبرات الموجهة لتعليم القواعد على نوعين:شروط عامة: يجب أن تتوفر في كل خبرة،وشروط خاصة يجب أن تتوفر في خبرات القوعدة.أما الشروط العامة فاهمها الأربعة التالية:(أ)يجب أن تكون الخبرة متصلة بغرض من أغراض المتعلمين أو سد حاجة لديهم:هذا الشرط يشير إلى أهمية الدور الذي تلعبه الدوافع في درس القواعد،فنحن نعرف أن المتعلم لا ينشط أو يتحرك إلا إذا كانت له حاجة يريد أن يسدها أو غرض يريد أن يحققه.وقد يبدو للوهلة الأولى أن دروس القواعد بعيدة بطبيعتها عن حاجات التلاميذ وأغراضهم،ولكن النظر الدقيق يدل على فساد هذه الفكرة.فمن الواقع أن التلاميذ يمرون داخل المدرسة وخارجها بكثير من مواقف الحياة التي تتطلب منهم الفهم والإفهام، وتشعرهم بالحاجة إلى إتقان الاستعمالات اللغوية المختلفة،ومن الواقع أيضا أنهم يقعون في كثير من الأخطاء في أثناء دروس التعبير والقراءة والأدب، وهذه الأخطاء ليست ألا تعبير عن حاجاتهم إلى تعلم الأساليب الصحيحة. هذه المواقف وتلك الأخطاء يمكن أن تستغل في استثارة دوافعهم حول مواقف الحياة اليومية التي يمر بها التلاميذ في البيع والشراء أو قضاء المصالح، وأسلوب التعجب أن يدار حول المواقف الغربية التي تدهشهم والأساليب العامية التي يستعملونها للتعبير عنها مثل: ((يا سلام! الله ما أحلاها .. الخ)). وأسلوب الطلب يمكن أن يدار حول المواقف التي تستعمل فيها الإرشادات والتعليمات والتوجيهات داخل المدرسة وخارجها في الدعوة إلى النظافة، وتجنب الأخطار،وترتيب الأشياء،والقيام بالمشروعات..الخ، والأحكام الإعرابية يمكن أن يدار تعليمها حول أخطاء التلاميذ في الكلام والكتابة أو حول الأساليب التي تعرض في أثناء القراءة ويحتاج فهمها إلى التحليل والإعراب.
فإذا لم يشعر التلميذ بحاجة مباشرة إلى تعليم القواعد فواجب المعلم أن يخلق فيهم هذه الحاجة.فيمكنه مثلا أن يلفتهم إلى خلو كلامهم وكتابتهم من أسلوب معين،أو يقودهم إلى تأمل تركيب عرض في كتاب من الكتب التي يقرءونها،أو ينبههم إلى عبارة أو جملة وردت على لسان احدهم،ثم يدعوهم إلى تحليل هذه العبارات و التراكيب وفهم القواعد التي تخضع لها للانتفاع بها في الكلام والكتابة،والمهم في ذلك كله أن يبرز المعلم التلاميذ دائما حاجاتهم إلى ما يتعلمون،ويبين لهم أن القواعد التي يتعلمونها هي أداة المثقفين من أعضاء المجتمع في الفهم والإفهام،ويريهم أن تعلم القواعد يوسع أمامهم مجال الاتصال بهؤلاء الأعضاء كلاما وكتابة وقراءة واستماعا،في حين يؤدي إهمالها إلى تضييق هذا المجال وقصره على طوائف معينة من الناس حرمت نعمة الثقافة.
من هذا نتبين أن الدوافع إلى تعليم القواعد يمكن أن تستثار،كما انه يمكن أن تخلق. و نتبين أيضا أن هذا وذاك يمكن أن يتم في درس القواعد،كما انه يمكن أن يتم في الدروس الأخرى للغة.فمثلا يستطيع المعلم أن يبدأ درس القواعد بمناقشة حول نظافة المدرسة يخلص منها ضرورة كتابة لافتات لحث التلاميذ على المحافظة على النظافة،ثم يستغل رغبتهم في كتابة اللافتات في تعلم أسلوب الطلب.كذلك يستطيع المعلم أن يبدأ الدرس بالإشارة إلى خلو كلامهم من أسلوب كأسلوب التعجب،ثم يستغل رغبتهم في معالجة هذا النقص في دراسة أسلوب التعجب باستعراض مواقف الحياة التي يستعمل فيها هذا الأسلوب والمقارنة بين العامية والعربية في التعبير عن هذه المواقف، أما في فروع اللغة الأخرى فيستطيع المعلم أن يقطع درس التعبير أو المطالعة أو الأدب ويقف وقفة قصيرة جدا يشير فيها إلى التركيب الخطأ أو الأسلوب الجديد،ويبين أنهما سيعالجان في درس أو أكثر من دروس القواعد المقبلة،ثم يستأنف الدرس الأصلي.
وينبغي أن يحرص المعلم في هذه الوقفة على أن يضع هذه الأساليب وتلك الأخطاء كمشكلات أمام التلاميذ،ويحفزهم إلى المشاركة في حلها فيجمع المعلومات عن طريق الرجوع إلى الكتب أو الاستماع إلى الناس.
ونحب قبل أن نترك هذا الشرط أن نشير إلى اعتراض يوجه إلى مسالة الدوافع.وهو أنها تتعارض مع الترتيب الذي تقتضيه دراسة القواعد.فدراسة الجملة مترتبة على دراسة أقسام الكلمة،ودراسة التطابق بين جزأي
الجملة متوقفة على معرفة المفرد والمثنى والجمع،ودراسة المكملات مترتبة على دراسة ركني الجملة.فإذا سرنا على أساس حاجات التلاميذ وأغراضهم ضحينا بتنظيم القواعد في عقل التلميذ،وإذا سرنا على أساس الترتيب الطبيعي لموضوعات القواعد ضحينا بحاجات التلاميذ وأغراضهم.وفي اعتقادي أن هذا التعارض لا وجود له،وان المعلم يستطيع أن يوفق بين الناحيتين،فإذا افترضنا أن الموضوع الذي يمس اهتمام التلاميذ هو دراسة الجملة فيمكن أن يبدأ المعلم معهم بدراسة هذا الموضوع،ثم يستطرد إلى دراسة أقسام الكلمة مبينا أن هذه ليست إلا أدوات لتحليل الجملة ومتوسعا فيها بالقدر الذي تحتاج إليه الناحية المعينة التي يدرسها في الجملة،ثم يعود إلى إكمال موضوعه الأصلي.وبعد عدة موضوعات بهذا الشكل يمكن أن يخصص درسا مستقلا لجمع القواعد المتفرقة التي تتناول أقسام الكلمة وخصائص كل قسم.ومثل ذلك يمكن أن يقال في الموضوعات الأخرى:يبدأ التلاميذ بالموضوع الذي يتصل باهتمامهم وحاجاتهم ويعرضون للمفاهيم والقواعد التي تقتضيها دراسة هذا الموضوع مما لم يدرس من قبل،ويتبينون العلاقة بينه وبين الموضوع الأول،ثم يستأنفون دراسة الموضوع الأصلي على أن يعودوا فيجمعوا القواعد المتفرقة التي تتصل بالموضوع الفرعي ويرتبوها الترتيب الصحيح. ولا شك أن هذا كله يتطلب من المعلم أن ينظر في موضوعات المنهج في أول السنة،ويضع خطة للعمل يراعي فيها التوفيق بين دوافع التلاميذ وترتيب المادة،كما تتطلب منه ضرورة العناية بالنظر في كراسات تلاميذه لتنظيم القواعد التي يسجلونها من ناحية،ولمراجعة تقدمهم في تعلمها من ناحية أخرى.وهذا مجال آخر من المجالات التي تحتاج إلى توجيهكم ومعاونتكم.
(ب)يجب أن تكون الاستجابة المراد من التلاميذ القيام بها في أثناء الخبرة في نطاق استعداداتهم:
وإذا كان الشرط الأول يشير إلى أهمية الدوافع في التعليم فإن هذا الشرط يشير إلى أهمية الاستعداد.وخلاصته أن التلاميذ يجب أن يكونوا مستعدين لأداء الاستجابة التي تتطلبها منهم الخبرة الجديدة،سواء أكانت هذه الاستجابة إدراك حقيقة من الحقائق أو القيام بعمل من الأعمال. فإذا لم يكونوا مستعدين فيجب على المعلم أن يكون هذا الاستعداد معتمدا على ما لديهم من معلومات وقدرات.
ولا شك أن هذا الاستعداد مهم جدا؛إذ عليه يتوقف نجاحهم في بلوغ غرضهم،وبالتالي تغيير سلوكهم.فإذا افترضنا أننا استطعنا أن نستثير دوافع التلاميذ إلى دراسة أسلوب الطلب عن طريق قيامهم بكتابة لافتات للمحافظة على نظافة المدرسة فإن شرط الاستعداد يقتضينا أن نسأل:ماذا يعرفون من صيغ الطلب؟ماذا يستعملون منها في كلامهم وكتاباتهم؟ماذا يعرفون من مصطلحات،الطلب،المضارع،لام الأمر،اسم فعل الأمر؟ماذا يعرفون من المفاهيم التي يمكن أن تستخدم في معرفة ما يجهلون من هذه المصطلحات؟
وباختصار:ما مدى استعدادهم لفهم صيغ الطلب واستعمالها؟ فإذا كانوا يعرفون صيغ الطلب والمصطلحات اللازمة لفهمها فأنهم يكونون مستعدين لتحليل هذه الصيغ واستخراج القواعد المتصلة بها وتطبيقها،وإذا كانوا يعرفون الصيغ ولكن تنقصهم المصطلحات وجب أم نستخدم ما عندهم من المعلومات والمصطلحات في فهم المصطلحات واستخراج القواعد الجديدة،وإذا كانوا لا يعرفون إلا صيغة واحدة وجب أن نبدأ بها،ثم تندرج منها إلى الصيغ الأخرى،مستغلين ما لديهم من معلومات ومصطلحات في فهم المعلومات والمصطلحات الجديدة.على هذا النحو يستطيع التلاميذ أن يفهموا صيغ الطلب ويستعملوها في كتابة اللافتات وفي غير ذلك من الأغراض.
(جـ)يجب أن تتيح الخبرة للمتعلمين فرصة ممارسة السلوك الذي يراد منهم تعلمه:
وهذا الشرط يشير إلى ضرورة قيام المعلم بمحاولة لتفسير الموقف الجديد وتجريب هذا التفسير.ففي المثال السابق ينبغي أن يقوم التلاميذ،بعد استثارتهم لكتابة اللافتات،باستعراض مظاهر عدم المحافظة على النظافة في المدرسة،والتفكير في الكلام الذي يوجه إلى التلاميذ لحثهم على العناية بالنظافة،وكتابة نماذج للافتات يستعملون فيها صيغ الطلب التي يعرفونها،وعرض هذه النماذج على زملائهم ومناقشتهم فيها والمعلم في أثناء ذلك كله يسأل ويرشد ويشجع،دون أن يتدخل تدخلا من شأنه أن يقطع عليهم طريق المحاولة.وعلى هذا النحو تكون الفرصة قد أتيحت للتلاميذ ليفكروا في المعاني التي يجب أن تشتمل عليها اللافتات والصيغ التي تعرض بها،كما انه تكون قد أتيحت لهم أيضا فرصة تنفيذ هذا التفكير.وهذا هو معنى ممارسة السلوك الذي يراد منهم تعلمه.
ولا يحتاج هذا الشرط إلى مزيد من الإيضاح.غير أنني أحب أن أقف عند نقطتين مهمتين في التطبيق:الأولى تتعلق بالطريقة التقليدية في تدريس القواعد،والثانية تتعلق بأهمية الدور الذي تلعبه المحاولة.أما النقطة الأولى فتتضح بتطبيق
الطريقة التقليدية على تدريس صيغ الطلب التي سبق التمثيل بها.فعلى أساس هذه الطريقة التقليدية نجد أن المعلم يحضر مقدما عدة أمثلة لصيغ الطلب أو يأخذها من التلاميذ،ويكتبها على السبورة،ثم يوجه أنظارهم إلى أجزاء بعينها من هذه الأمثلة،ثم يرشدهم إلى جمع هذه الأجزاء في قاعدة عامة يسجلها تحت الأمثلة،ثم يكلفهم تطبيق القاعدة على أمثلة جديدة.وفي كل هذه الخطوات نجد أن المعلم وحده هو الذي يعرف الموقف كله والغرض منه،ويقدمه للتلاميذ جزءا جزءا دون أن يدع لهم مجالا للمبادأة في تفسير الموقف،ثم تجريب هذا التفسير وتعديله في ضوء المعلومات التي اكتسبوها.أما النقطة الثانية فهي أننا-نحن المعلمين-نحرص على سلامة العبارة وصحة الإعراب حرصا يجعلنا نتتبع كل لفظة يقولها التلاميذ،ونرفض كل محاولة يرتكب فيها شيء من الخطأ.ويترتب على ذلك إضعاف روح المحاولة والتجريب في نفوسهم،وخلق الإحساس بالخوف من الفشل في التعبير،وإشاعة الشعور باليأس من إتقان أية قاعدة.يجب ألا ننسى أن المحاولة هي وسيلة التلاميذ إلى التعلم،وان الخطأ تعبير طبيعي عن الحركة والعمل،وان تنمية روح المحاولة والتجريب أجدى عليهم ألف مرة من صواب يؤدي إلى كل هذه الخسائر.يجب أن نذكر أن التخطيء المستمر يجعل التلاميذ يشعرون أن هذه اللغة بعيدة عن أنفسهم،وأنها شيء يترتب على استعماله دائما نتائج غير سارة،ولكن ليس معنى هذا أن نترك التلاميذ يخطئون دون أن نصحح لهم أخطاءهم ؛إذ أن ذلك تقصير في أداء واجبنا نحوهم،بل معناه أن نتركهم يحاولون ويجربون،حتى إذا ما جاء وقت تصحيح الأخطاء قام به المعلم في حينه،وبالطريقة الرشيدة.
(د)يجب أن تشتمل الخبرة على نتائج تؤدي إلى تثبيت سلوك المتعلم أو تعديله:
وهذا الشرط يكمل الشرط السابق.وذلك أن المتعلم الذي اختار تفسيرا معينا للموقف ووضعه موضع التجريب يتوقع نتائج معينة لتجربته.فإذا كانت هذه النتائج موافقة لما توقعه ثبت التفسير،وإذا ما ثبت تفسير في موقف من المواقف فان المتعلم يميل إلى تكراره في المواقف المماثلة.وهذه هي الغاية الأساسية من كل عملية تعليمية.وإذا لم تكن النتائج موافقة لما توقعه فانه يعدل تفسيره ويعيد التجريب حتى يحصل على النتائج المنشودة،أو يفشل ويخرج من الموقف.وينطبق هذا الشرط على المثل السابق:نجد أن التلاميذ قد كتبوا عدة نماذج للافتات يطلبون فيها من إخوانهم المحافظة علة النظافة،واخذوا يعرضونها على معلمهم وزملائهم متوقعين نتائج معينة،فإذا كانوا قد جاءوا في محاولاتهم بالصيغ المختلفة للطلب وحللوها تحليلا وافقهم عليه المعلم- فإن ذلك يثبت استنتاجاتهم ومعلوماتهم.وإذا كانوا قد أتوا ببعض الصيغ دون بعضها الآخر وكان في تحليلهم شيء من الخطأ وأرشدهم المعلم إلى ما في محاولاتهم من نقص وخطا،وزودهم بالمصطلحات والقواعد التي تعينهم على ذلك-فإنهم يعدلون تفسيرهم،ويجربون التفسير المعدل من جديد،فإذا وافق المعلم على التجارب الجديدة ثبتت المعلومات التي تعلموها،ومالوا إلى تكرارها في كل موقف يتطلب استعمال صيغ الطلب. ومن هنا يتضح لنا دور المعلم في هذا الجزء من الخبرة هو تثبيت أن كان صحيحا،أو تعديله أن كان خاطئا أو ناقصا،وهذا العمل ممكن أن يؤدى بصورة مختلفة.و أقل هذه الصور فائدة أن يقوم المعلم بنفسه بتصحيح الخطأ وإكمال النقص،واجداها وانفعها أن يزود التلاميذ ببعض الحقائق ويشجعهم على استخدامها في تعديل تفسيرهم وإعادة تجريبه.ففي المثال السابق يمكنه-إذا وجد أنهم لا يستعملون إلا صيغة واحدة من صيغ الطلب-أن يبين لهم اهمية تعدد الصيغ في الحث على العمل،وان يلفتهم إلى خصائص الصيغ التي استعملوها،وان يلوح لهم بالصيغ التي لم يستعملوها ويرشدهم إلى مصادر البحث عنها.وبعد جمع هذه الصيغ يقوم معهم بتحليلها،ومعرفة خصائصها والقواعد التي تخضع لها،ثم يحفزهم إلى تجربتها ثانية في كتابة لافتات جديدة.وهو يعني في أثناء ذلك كله عناية خاصة بإعطائهم فرصة الشعور بالنجاح،على أساس أن النجاح يترك في نفوسهم آثارا سارة مما يؤدي إلى تثبيت ما تعلموه،وهكذا يساعدهم المعلم على أن يقوموا بأنفسهم بتثبيت العناصر الصحيحة وتعديل العناصر الخاطئة،ويكسبوا في أثناء ذلك القواعد والمصطلحات اللازمة.

أم هشام
01-09-07, 08:10 PM
ولننتقل الآن إلى الشروط الخاصة التي ينبغي أن تتوفر في الخبرات الموجهة لتعليم القواعد.وقبل أن نعرض هذه الشروط يجب أن ننبه إلى أنها خاصة بالقواعد باعتبارها نوعا من المعلومات التي تتطلب من التلميذ أن يقوم بادراك العلاقات،وفهم المصطلحات،والتمييز بين المفاهيم.واهم هذه الشروط ما يأتي:

(أ‌) يجب أن تشتمل الخبرة على مشكلة تكتسب القواعد والمفاهيم والمصطلحات عن طريق القيام بحلها:

نحن متفقون على أن القواعد ليست مطلوبة لذاتها،بل لتقويم اللسان عند الكلام والقلم عند الكتابة،وأحسن أنواع الخبرات في تحقيق هذا المطلب هو النوع الذي يبدأ فيه المتعلم وهو يحس أن أمامه مشكلة تتحداه ويسعى لحلها.وسوف أضرب لكم مثلا شاهدته في احد المدارس الإعدادية: كان الدرس عن أدوات الاستفهام، وكان تلاميذ الفصل في ذلك الوقت يزمعون القيام بزيارة المؤسسات التي في حي المدرسة. فاستغل المعلم اهتمام التلاميذ بهذه الزيارة ووضع أمامهم مشكلة هي :ماذا نريد أن نعرف من هذه المؤسسات أثناء زيارتنا لها؟وبعد مناقشة قصيرة استقر الرأي على أن يقوم كل منهم بكتابة عدة أسئلة يريد أن يعرف الإجابة عنها.وبعد أن كتب التلاميذ ماعَنَّ لهم دُوِّنَت الأسئلة التي وافقت عليها الجماعة على السبورة بالصورة التي كتبت بها،ثم اخذوا في مناقشتها.وفي أثناء المناقشة تعرضوا لوظيفة السؤال كأداة للبحث عن المعلومات،ومعنى أدوات الاستفهام المختلفة، والفروق بينها،ووصلوا إلى جملة من المقاييس التي ينبغي أن تنطبق في الحكم على صلاحية السؤال.وعندها انتقل كل منهم إلى إعادة النظر فيما كتبه في ضوء هذه المقاييس والقواعد.وكان المعلم في أثناء ذلك يسأل ويوجه سير المناقشة،ويفتح الطريق.وفي هذا المثل نرى أن المعلم بدا الخبرة بمشكلة تهم التلاميذ ثم حفزهم على السعي لحلها،وعن طريق سعيهم لحلها اكتسبوا المصطلحات والقواعد اللازمة.ونلحظ في هذا المثل أيضا أن المتعلم يدرك بوضوح الغرض من تعلم هذه المعلومات،وطريقة استخدامه.ولاشك أن هذه من أهم العوامل التي تساعد على الاحتفاظ بها، واستعمالها في مواقف الحياة التي تتطلب استخدامها.

(ب)يجب أن يوجه المجهود إلى اكتساب القواعد والمصطلحات الأساسية اللازمة لحل المشكلة:

يتصل هذا الشرط بما نعرفه عن النسيان والتذكر في علم النفس.فنحن نعرف أن التلاميذ ينسون50% من المعلومات التي تعلموها بعد سنة من دراستها و75%من هذه المعلومات بعد سنتين.ونحن نعرف أن معظم المعلومات التي تنسى هي المعلومات التي لا تستعمل كثيرا،والمعلومات التي لا تكون واضحة أو دقيقة؛ولذا يجب الاقتصار على عدد قليل من المصطلحات والقواعد الأساسية التي يكثر استعمالها في الحياة أو التي لا يمكن الاستغناء عنها في دراسة موضوع من الموضوعات،فإذا ركز المتعلم انتباهه في هذه القواعد والمصطلحات فإنه يستطيع أن يفهمها فهما واضحا دقيقا،كما انه يستطيع أن يحتفظ بها أطول مدة ممكنة ففي المثل السابق يجد المعلم أمامه قواعد ومصطلحات كثيرة:منها ما هو أساسي مثل أدوات الاستفهام،ومعنى كل أداة،وشروط استعمالها،ومنها ماهو غير أساسي مثل تعريف الاستفهام،وتقسيم أدواته إلى أسماء وحروف،وإعرابها،وذكر الصور المتعددة للإجابة عنها،وما يستلزمه ذلك من المصطلحات مثل التصور، والتصديق،والمعادل والتخيير..الخ.ولاشك أن معرفة هذه المعلومات مفيدة،ولكن الحرص على تعليمها كلها مرة واحدة يضيع الغرض من تعليمها،كما انه يفوت على التلميذ فرصة إتقان القواعد والمصطلحات الأساسية؛ولذا يجب التركيز في أول الأمر على ماهو أساسي،وترك ما ليس أساسيا إلى فرص أخرى مقصودة وغير مقصودة.
وتحتل المصطلحات مكانة مهمة في تعليم القواعد؛إذ أنها تسهل عمليات التحليل والتعميم،كما أنها تساعد على ضبط التفكير؛ولذا ينبغي أن يعنى بها المعلم عناية خاصة.فيجعل هدفه في تعليم المصطلحات التي يختارها،الدقة في استعمال المصطلح.وتعليم المصطلح عبارة عن عملية نمو يمر بها التلميذ،وينتقل فيها من الفهم الغامض غير المحدد إلى الفهم الواضح المحدد الدقيق لما يصدق عليه المصطلح، وفي أثناء هذا النمو يعرف الخصائص المميزة لمدلولاته.ولتدريب التلاميذ على استعمال المصطلح بدقة يجب على المعلم:

1-أن يبدأ بخبراتهم فيشتق منها مدلولات المصطلح.
2-ويلاحظ المواضع التي يستعملونها فيها؛ليعرف التغيرات التي طرأت عليه.
3-ويتيح لهم الفرصة لاستعماله في مواقف مختلفة.
4-ويمرنهم على التصنيف والتمييز في حالة المصطلحات السهلة،ويرشدهم إلى الخصائص المهمة للأشياء التي ينطبق عليها في حالة المصطلحات الغربية أو المربكة.


(جـ)يجب أن تترك الخبرة في نفس المتعلم آثارا كثيرة وعميقة عن المعلومات التي يتعلمها:
ومعنى هذا الشرط أن القاعدة يراد تعلمها يجب أن تعرض على المتعلم بطرق متعددة وفي مواقف متنوعة،بحيث يترك كل واحد من هذه الطرق أو المواقف في نفسه انطباعا عن القاعدة،وبتكرار هذه الانطباعات يصبح أكثر فهما للقاعدة واقدر على استعمالها،كما يزداد احتمال تذكره لها فيما بعد،ففي درس الاستفهام السابق كتب التلاميذ بعض الأسئلة ثم بعد الوصول إلى القاعدة أعادوا النظر فيما كتبوه.هذا موقف ترتب عليه اثر معين عن الاستفهام وأدواته،ويجب على المعلم بعد ذلك لن ينظم لهم مواقف أخرى لفهم أسلوب الاستفهام واستخدامه،فمثلا يمكنه أن ينقلهم إلى كتاب القواعد لمراجعة ما عرفوه عن الاستفهام على ما كتبه الكتاب،للتأكد مما عرفوه،ويمكنه أيضا أن ينظم المجال بحيث يقوم احد التلاميذ بقص قصة أو رواية خبر لزملائه وهم يستمعون له ويسجلون أسئلة يوجهونها إليه عقب انتهائه من قصته.هذه أمثلة لبعض المواقف التي تؤدي إلى تعميق فهم التلاميذ للقواعد والمصطلحات.ولا شك أن المعلم الماهر يستطيع أن يبتكر مواقف أخرى كثيرة تحقق نفس الغرض.
ونحب قبل أن نترك هذا الشرط أن نقف وقفة قصيرة عند مسألة الفهم،فبعض المعلمين يكتفون من التلاميذ بترديد القاعدة أو تعريف المصطلح،ويعدون هذا دليلا على الفهم.وأسئلتهم نفسها عن غير قصد توجه التلاميذ إلى سلوك هذا المسلك،والواقع أن هذا أدنى مستويات الفهم.وبعض المعلمين يكتفون من التلاميذ بشرح القاعدة في ألفاظ من عندهما يضرب بعض الأمثلة التي تنطبق عليها.وهذا المستوى من الفهم-وان كان يفضل الأول في اعتماده على تجارب حقيقية عند التلاميذ فأنه لايفي بالغرض المطلوب من تعليم القواعد.فالغرض من تعليم القواعد هو استعمالها في الكلام والكتابة؛ولذا يجب أن يكون المستوى الذي نسعى إليه في الفهم هو إدراك العلاقة بين القاعدة الجديدة والقواعد السابقة والقدرة على تطبيقها في حل مسائل جديدة.
وهناك عدة وسائل لزيادة فهم التلاميذ للقواعد.ومن أهم هذه الوسائل ما سبق لن قلناه عن المواقف المتعددة المتنوعة،هذه المواقف تكون بمثابة الأرضية التي تبرز عليها القاعدة.ففي المثال السابق ثلاثة مواقف كل منها مختلف عن الآخر.وكل منها يتطلب من التلميذ استخدام أدوات الاستفهام،وكل منها واقعي يألفه التلميذ بحيث يمكن أن تبرز فيه القاعدة الجديدة وتتضح.
ومن هذه الوسائل أيضا شرح القاعدة شرحا وافيا،ويمكن أن يتم هذا الشرح في أثناء المحاولات المختلفة التي يقوم بها التلاميذ لحل المشكلة التي تواجههم.
والمهم انه ينبغي على المعلم في الشرح أن يستخدم الكلمات المألوفة لدى التلاميذ ويبرز المصطلحات المبهمة والجوانب الأساسية من القاعدة،ويكرر عرض الأفكار المبهمة والصعبة بعبارات مختلفة،ويوضح العلاقات بين أجزاء العرض المختلفة.
ومن هذه الوسائل أيضا تقرير القاعدة تقريرا واضحا،فقد دلت التجارب العديدة التي أجريت في انتقال اثر التدريب على أن المتعلم يميل إلى نقل ما تعلمه في موقف آخر حينما يخرج بقاعدة معينة ويعرف أنها صالحة للتطبيق في مواقف مشابهة؛ولذا يجب أن تنتهي المناقشات والمحاولات بتقرير واضح للقاعدة سواء قام بذلك المعلم أو التلاميذ.
ومن هذه الوسائل أيضا تنظيم المادة بطريقة مناسبة.وقد أثبتت التجارب أن انسب الطرق هي التي تسير على أساس البدء بعرض الكل،ثم الانتقال منه إلى الأجزاء،ثم العودة إلى الربط بين الأجزاء والكل.وهذا واضح في المثالين اللذين سقناهما في دراسة أسلوبي الطلب والاستفهام.
والخلاصة انه ينبغي في القواعد أن نعنى عناية خاصة بأعلى مستويات الفهم.
واهم الوسائل التي تساعدنا على الوصول إلى هذا المستوى توفير المواقف الواقعية المتعددة،وشرح القواعد شرحا وافيا.وتقريرها تقرير واضحا،وتنظيم المادة تنظيما مناسبا.
ويجدر بنا أن نضيف أن مسائل النحو-وان كان معظمها يمكن تعليمه بالطرق السابقة،فإن هناك مسائل قليلة يضطر فيها المعلم إلى الاعتماد على التكرار والحفظ دون الشرح والتعليل.وهذه المسائل إما أن تكون بطبيعتها غير قابلة للشرح والتعليل مثل:لماذا سمينا الاسم اسما،والحرف حرفا؟أو تكون أعلى من مستوى نضج التلاميذ مثل:لماذا كان المسند إليه مرفوعا؟ولماذا كان الاسم المسند بعد كان وأخواتها منصوبا؟ولكن ينبغي أن يكون التجاء المعلم إلى الحفظ والتكرار محدودا بالحالتين السابقتين.

(د)يجب أن يكون في الخبرة ما يساعد التلاميذ على تكوين إطار فكري ينظم القواعد والمصطلحات الجديدة:
من الحقائق التي أثبتتها التجارب العلمية والمشاهدة أن الإنسان يميل دائما إلى وضع المعلومات التي يتعلمها في نظام خاص،له معنى عنده.وهذا النظام يساعده على الربط بينها وتذكرها فيما بعد:ففي تعلم أحكام المفعول مثلا يميل بعضنا إلى اتخاذا ترتيب الألفية أساسا لتنظيم هذه الأحكام،ويميل بعضنا إلى اتخاذا معنى المفعول والأحوال التي تطرأ عليه أساسا لتنظيمها،وقد نجد بعضنا يتخذ من الترتيب الذي درسها به أساسا لهذا التنظيم،كما أننا قد نجد بعضنا يتخذ من ترتيب أبواب أخرى أساسا لتنظيم أحكام المفعول.الخ.
المهم أن كل واحد منا يلجا إلى طريقة معينة ينظم بها معلوماته.هذه الطريقة هي التي نسميها الإطار الفكري.والإطار الفكري بهذا الشكل يؤدي وظيفة مهمة في التعلم،إلا انه يربط بين أجزاء المعلومات من ناحية،ويساعد على تذكرها من ناحية أخرى،وكلما كان الإطار الفكري الذي يكونه المتعلم قائما على المعاني وإدراك العلاقات بين الأفكار كان احتمال ثباته أكثر،وكان المتعلم أقدر على تذكر المعلومات الجزئية التي يشتمل عليها،بل على استنتاجها ثانية إذا ما نسيها.وقد دلت الدراسات التي أجريت على النسيان على أن نسبته تكون عالية في المعلومات الجزئية،في حين يبقي الإطار الفكري فترة طويلة،حتى بعد النسيان للمعلومات التي كانت تملؤه.وكثيرا ما نشكو من أن التلاميذ يعرفون القاعدة، ولكنهم لا يستطيعون تطبيقها.ولعل السبب في ذلك أن الإطار الفكري الذي كونوه عن الموضوع لم يكن سليما، بمعنى انه يشتمل على بعض المعلومات الخاطئة أو انه لم يشتمل على كل المعلومات المهمة.فعند التطبيق لم يستطيعوا أن يركبوا من المعلومات التي لديهم إلا تفسيرا خاطئا أو ناقصا للموقف الجديد.هذه الحقائق كلها تدعونا إلى ضرورة العناية بتكوين الإطار الفكري السليم لدى التلاميذ عن الموضوع الذي يدرسونه،ومساعدتهم على وضع المعلومات الجزئية في مكانها الصحيح من هذا الإطار.فمثلا يمكن أن يكون اشتمال الجملة على ركنين ومكملات إطارا كبيرا لتنظيم القواعد المتصلة بالمسند والمسند إليه والمكملات،ويمكن أن يكون اهتمام اللغة العربية بالعدد والنوع إطارا أصغر لتنظيم القواعد المتصلة بالتطابق بين المسند والمسند إليه،ويمكن أن تكون فكرة أن المكمل يبين جزءا في الجملة من حيث الهيئة أو الزمان أو المكان..الخ إطارا اصغر لتنظيم القواعد المتصلة بالحال والظرف والمفعول..الخ وينبغي أن نلاحظ أن الإطار لا يخدم في معرفة القواعد المطردة فحسب،بل انه أكثر نفعا في معرفة ما يشذ عن القاعدة وتذكره.
ويمكن أن يتم هذا بطرق كثيرة:منها إمدادهم بهيكل عام للموضوع عقب دراسته،أو مساعدتهم على أن يضعوا بأنفسهم مثل هذا الهيكل،ومناقشتهم في الأفكار التي استخلصوها من الموضوع المدروس وتنظيمها في جملة قضايا عامة.


(هـ)يجب أن تشتمل الخبرة على مواقف كثيرة ومختلفة تسمح للمتعلم باستعمال القواعد والمصطلحات التي اكتسبها:
كان الشرط الثالث من شروط الخبرة أن تترك في نفس المتعلم آثارا متعددة وعميقة للقاعدة أو المصطلح عن طريق كثرة المواقف التي تعرض فيها وتنوعها.ولكن هذا وحده لا يكفي،بل لابد أن يقوم المتعلم باستخدام هذه المعلومات في مناسبات عديدة ولابد أن تكون هذه المناسبات مختلفة.
وهنا ينبغي أن ننبه إلى شيئين:الأول: أن استخدام القواعد في مواقف مختلفة يساعد التلاميذ على إعادة تنظيمها بطرق مختلفة لتناسب هذه المواقف.وهذا بلا شك يجعلهم اقدر على الانتفاع بها،والشيء الثاني:أن هذه المواقف ينبغي أن تكون مشابهة للمواقف التي يكثر دورانها في الحياة خارج المدرسة حتى ينقل ما تعلمه التلميذ داخل المدرسة إلى مواقف الحياة وخارجها.ولعل أوسع مجال لتطبيق هذا المبدأ هو اللغة،فالحياة مليئة بمواقف الحديث،والمناقشة،والمقابلة،وكتابة الرسائل،والمقاولات،والمذكرات،واليوميات،والتقارير، والإرشادات، والإعلانات،وتصميم الاستمارات،وقراءة الصحف والاستماع إلى الخطب والراديو،ورواية الأخبار والقصص.. الخ.وكل هذه المواقف مادة صالحة يستطيع المتعلم أن يطبق فيها القواعد والمصطلحات التي تعلمها.

(و)يجب أن نتيح لخبرة التلاميذ فرصة للاتصال بمصادر المعلومات:
لاشك أن القواعد والمصطلحات التي يبحث عنها التلميذ ويجمعها ويسجلها تكون اثبت عنده من تلك التي تلقي إليه مهضومة جاهزة.وفضلا عن ذلك نجد أن البحث عن القواعد وجمعها يتيح للتلميذ أن يتدرب على الاتصال بمصادر المعلومات،وأماكنها،وخصائصها،وأنواعها.وهذا مكسب كبير له.
وفي هذا النوع من الخبرات ينبغي أن نحرص على زيادة معرفة التلاميذ بمصادر المعلومات القديمة والحديثة،وندربهم على الرجوع إليها،والاستفادة منها،كما ينبغي أن ننظر إلى الكتاب المدرسي على انه واحد من هذه المراجع.
وينبغي أن نلاحظ أن هذا الشرط أكثر انطباقا على التلاميذ في الفرق العليا؛نظرا لأنهم يكونون أكثر قدرة على استغلال القراءة في تقصي المعلومات ولأن القواعد التي يدرسونها في هذه الفرق هي التي تسمح بالمتابعة والاستقصاء.
هذه هي الشروط الخاصة التي يجب أن تتوفر في الخبرات الموجهة إلى اكتساب المعلومات حاولنا أن ننظر إليها من زاوية القواعد.وهذه الشروط قائمة على جملة من الحقائق المستمدة من تجارب علم النفس في انتقال اثر التدريب وفي تعليم المصطلحات والمبادئ العامة،ومن التجارب التي أجريت في ذلك الميدان ومثل ذلك يمكن أي يقال في ميدان تعليم الإملاء.أما القواعد فليس لدينا إلا هذه الحقائق.
فهل يتاح لهذا الميدان من ينهض بجمع الحقائق التي تتصل به من بعيد أو قريب،ويستكمل ما ينقص منها عن طريق التجربة العلمية الدقيقة،وينسق لنا ذلك كله في نظرية موحدة تساعد في تعليم القواعد؟
ـــــــــــــ تم ولله الحمد و المنة..
الله ينفع به...

ام اسمى
09-12-07, 03:48 PM
بارك الله فيك
ولكن في كثير من المدارس يركزون على القواعد دون تطبيقها فنجد الطالب في درس الانشاء يكتب المفعول به مرفوعا وغيرها من الاخطاء والسبب قلة التركيز من معلمينا على التطبيق.
جزيتي كل خير على طرح هذا الموضوع

أم هشام
15-12-07, 11:13 AM
حياك الله أم أسمى (( أسماء -أسما ))
لاننكر أنّ لقنوات التعلم جميعها أثرًا في ضبط التعلم [ المرسل الجيد ، المستقبل الجيد ، الرسالة الجيدة (المعلومة)]
ولانستطيع لوم أحد ، أو تحميل أحد المسؤولية !
فقد بلغنا من المستوى العقلي ما يجعلنا نرفع من مستوانا التعليمي ، والبحث عن الأجدر ، أما أن نلقي بالطائلة على الغير فليس من المستحسن فعله!
والحمدلله أن يسر لنا أسباب التعلم من طرق شتى ، لكن الحصيف من ينتقي أشرف وأنفع العلوم في دينه ودنياه !

إشراف الأقسام العامة
16-07-10, 05:55 PM
_______________