عائشة صقر
01-09-06, 11:51 AM
السلف والخوف من الله
لنا موعظة وعبرة في سلفنا الصالح ، المثل الأعلى الذي نقتدي به ، وننهل منه فى وجلهم وخشيتهم من الله سبحانه ، وفى بكائهم وارتعادهم عند سماع آية العذاب ، أو تذكر يوم الحساب ، رغم قمة إيمانهم ، وقلة ذنوبهم ونقاء صحائفهم ، وعلو شانهم ومنزلتهم عند المولى عز وجل0
عن ثابت عن مطرف عن أبيه قال :رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى ، وفى صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ، اخرجه النسائى وأبو داود والترمذى بسند صحيح0
ورأى عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - راهباً ، فبكى وقال : ذكرت قول الله :((عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية)) (الغاشية:4) فذاك أبكانى0
وعن محارب بن دثارٍ قال : دخلت على ابن عمر - رضى الله عنه - بيته وهو يصلي ، فإذا هو يبكي فى صلاته ، فلما انصرف أقبل عليّ وعلم أنيّ قد رأيته وهو يبكي فقال: إن هذه الشمس لتبكي من خشية الله ، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا0
وكان عبد الله بن عمر رضى الله عنه يبكي بالليل حتى رسعت عيناه0
وقام سعيد بن جبير ليلةً يصليّ فقرأ ((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)) (البقرة:281)0 فرددها بضعاً وعشرين مرة ، وكان يبكي بالليل حتى عمش0
وبكي عبد الله بن رواحة رضى الله عنه ، فبكت امراته ، فقال لها:ما يبكيكِ؟ قالت: أبكاني الذي أبكاك ، قال: أبكاني أنّي وارد النّار ، فلا أدري أناجٍ منها أم لا؟
وقرأت عائشة رضى الله عنها فى الصلاة (( فمن الله علينا ، ووقانا عذاب السموم)) (الطور:27)0 فبكت ، ثم قالت : اللهم مُنّ عليّ ، وَقِنِي عذاب السموم ، إنك أنت البر الرحيم0
وقال عاصم الأحول عن صفوان بن محرز : كان إذا قرأ ((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون))(الشعراء:227)0 ، بكي حتى أقول قد اندق قضيض زوره0
وقرأزرارة بن أوفى وهو يؤم في المسجد الأعظم ((فإذا نُقِرَ في الناقور ، فذلك يومئذٍ يوم عسيــر ، على الكافرين غير يسير))(المدثر:8 - 9 - 10) فخرّ ميتاً0
قال بهز بن حكيم:فكنت فيمن احتمله حتى أتينا به داره0
وقرأ عمر بن عبد العزيز بالناس ذات ليلة: ((والليل إذا يغشى))(الليل:1)0
فلما بلغ:((فأنذرتكم ناراً تلظى))(الليل:14)0 خنقته العبرة ، فلم يستطع أن ينفِذها ، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة ، فلم يستطع أن ينفِذها ، فتركها وقرأسورةً غيرها0
وبكى محمد بن المنكدر ليلةً فكثر بكاؤه حتى فزع أهله ، فأرسلوا إلى أبي حازم ، فجاء إليه فقال: ما الذي أبكاك؟ قد رُعتَ أهلك ، قال: مرّت بي آية من كتاب الله عز وجل :((وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون))(الزمر:47)0
فبكى أبو حازم معه ، فقال بعض أهله لأبي حازم : جئنا بك لتفرج عنه فزدته0
وكان عمرو بن عيبة لا يتطوع فى المسجد ، فصلى مرّةً العشاء ، ثم جاء منزله فقام يصلي حتى إذا بلغ ((وأنذرهم يوم الآزفة))(غافر:18) بكى ثم سقط فمكث ما شاء الله ، ثم أفاق فقرأ ((وأنذرهم يوم الآزفة)) فبكى ثم سقط ، فلم يزل كذلك حتى أصبح ما صلى ولا ركع0
واشتكى ثابت البنـــاي عينَه فقال له الطبيب:اضمن لى خصلة تبرأ بها عينك ، لا تبكِ ، قال: وما خير فى عين لا تبكي0
وكان سفيان الثورى يشتد قلقه من السوابق والخواتيم ، فكان يبكي ، يقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً ، ويبكي ويقول، أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت0
وعن أسد بن وداعة ، عن شداد بن أوس الأنصاري : أنه كان إذا دخل الفراش يتقلب على الفراش لا يأتيه النوم ، فيقول: اللهم إن النار أذهبت عني النوم ، فيقوم يصلي حتى يصبح0
هكذا كان السلف الصالح وهم خير القرون ، يخشون الله وينتفضون انتفاض العصافير ، ويصلون حتى تنكسر ظهورهم ، ويبكون حتى تنقطع أصواتهم من شدة الخوف ، فجنة الله الفيحاء الخالدة ليست سلعة رخيصة ، ينالها ويفوز بها كل من يهيم بها ويعشقها ((ولمن خاف مقام ربه جنتان)) (الرحمن:46) ((ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)) (إبراهيم:14)0
أذنـبــت يـــا رب وآذتـنـي ذنــــو
ب مــا لهــا مــن غـــافــــرٍ إلاكـــا
رباه ها أنا ذا خلصت من الهــوى
واســتـقــبل القلب الخلي دعـــاكـــا
وتركت أُنـسـي بالحــيــاة ولهـــوهـا
ولقيتُ كل الأنـس فى نـجـــواكـــا
ونســـيت حبي واعـتـزلـت أحـبـتي
ونســيت نفسي خــوف أن أنســاكــا
أنا كنت يــا رب مــسـحت غشاوتي
وبـدأت بالقلب البـــصـــير أراكـــــا
يـا غـافـر الـذنـب الــعـظـيـم وقـابـلاً
لــلتـوب اقـبــل تـائـبـاً نـاجـاكــــا
أتـــردهُ وتــــــرد صــادق تــوبتـــي
حــاشـاكـا ترفض تائباً حــاشــاكــا
يا رب جــئـتـك نـادمــاً أبـكي علــي
ما قـدمـتـه يـداي لا أتبـاكـا(1)
* * * *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شعر : إبراهيم بديوي0
بوركـتـــــــــــــم
محبتكن
عائشة - أم عبد الله
لنا موعظة وعبرة في سلفنا الصالح ، المثل الأعلى الذي نقتدي به ، وننهل منه فى وجلهم وخشيتهم من الله سبحانه ، وفى بكائهم وارتعادهم عند سماع آية العذاب ، أو تذكر يوم الحساب ، رغم قمة إيمانهم ، وقلة ذنوبهم ونقاء صحائفهم ، وعلو شانهم ومنزلتهم عند المولى عز وجل0
عن ثابت عن مطرف عن أبيه قال :رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى ، وفى صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ، اخرجه النسائى وأبو داود والترمذى بسند صحيح0
ورأى عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - راهباً ، فبكى وقال : ذكرت قول الله :((عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية)) (الغاشية:4) فذاك أبكانى0
وعن محارب بن دثارٍ قال : دخلت على ابن عمر - رضى الله عنه - بيته وهو يصلي ، فإذا هو يبكي فى صلاته ، فلما انصرف أقبل عليّ وعلم أنيّ قد رأيته وهو يبكي فقال: إن هذه الشمس لتبكي من خشية الله ، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا0
وكان عبد الله بن عمر رضى الله عنه يبكي بالليل حتى رسعت عيناه0
وقام سعيد بن جبير ليلةً يصليّ فقرأ ((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)) (البقرة:281)0 فرددها بضعاً وعشرين مرة ، وكان يبكي بالليل حتى عمش0
وبكي عبد الله بن رواحة رضى الله عنه ، فبكت امراته ، فقال لها:ما يبكيكِ؟ قالت: أبكاني الذي أبكاك ، قال: أبكاني أنّي وارد النّار ، فلا أدري أناجٍ منها أم لا؟
وقرأت عائشة رضى الله عنها فى الصلاة (( فمن الله علينا ، ووقانا عذاب السموم)) (الطور:27)0 فبكت ، ثم قالت : اللهم مُنّ عليّ ، وَقِنِي عذاب السموم ، إنك أنت البر الرحيم0
وقال عاصم الأحول عن صفوان بن محرز : كان إذا قرأ ((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون))(الشعراء:227)0 ، بكي حتى أقول قد اندق قضيض زوره0
وقرأزرارة بن أوفى وهو يؤم في المسجد الأعظم ((فإذا نُقِرَ في الناقور ، فذلك يومئذٍ يوم عسيــر ، على الكافرين غير يسير))(المدثر:8 - 9 - 10) فخرّ ميتاً0
قال بهز بن حكيم:فكنت فيمن احتمله حتى أتينا به داره0
وقرأ عمر بن عبد العزيز بالناس ذات ليلة: ((والليل إذا يغشى))(الليل:1)0
فلما بلغ:((فأنذرتكم ناراً تلظى))(الليل:14)0 خنقته العبرة ، فلم يستطع أن ينفِذها ، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة ، فلم يستطع أن ينفِذها ، فتركها وقرأسورةً غيرها0
وبكى محمد بن المنكدر ليلةً فكثر بكاؤه حتى فزع أهله ، فأرسلوا إلى أبي حازم ، فجاء إليه فقال: ما الذي أبكاك؟ قد رُعتَ أهلك ، قال: مرّت بي آية من كتاب الله عز وجل :((وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون))(الزمر:47)0
فبكى أبو حازم معه ، فقال بعض أهله لأبي حازم : جئنا بك لتفرج عنه فزدته0
وكان عمرو بن عيبة لا يتطوع فى المسجد ، فصلى مرّةً العشاء ، ثم جاء منزله فقام يصلي حتى إذا بلغ ((وأنذرهم يوم الآزفة))(غافر:18) بكى ثم سقط فمكث ما شاء الله ، ثم أفاق فقرأ ((وأنذرهم يوم الآزفة)) فبكى ثم سقط ، فلم يزل كذلك حتى أصبح ما صلى ولا ركع0
واشتكى ثابت البنـــاي عينَه فقال له الطبيب:اضمن لى خصلة تبرأ بها عينك ، لا تبكِ ، قال: وما خير فى عين لا تبكي0
وكان سفيان الثورى يشتد قلقه من السوابق والخواتيم ، فكان يبكي ، يقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً ، ويبكي ويقول، أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت0
وعن أسد بن وداعة ، عن شداد بن أوس الأنصاري : أنه كان إذا دخل الفراش يتقلب على الفراش لا يأتيه النوم ، فيقول: اللهم إن النار أذهبت عني النوم ، فيقوم يصلي حتى يصبح0
هكذا كان السلف الصالح وهم خير القرون ، يخشون الله وينتفضون انتفاض العصافير ، ويصلون حتى تنكسر ظهورهم ، ويبكون حتى تنقطع أصواتهم من شدة الخوف ، فجنة الله الفيحاء الخالدة ليست سلعة رخيصة ، ينالها ويفوز بها كل من يهيم بها ويعشقها ((ولمن خاف مقام ربه جنتان)) (الرحمن:46) ((ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)) (إبراهيم:14)0
أذنـبــت يـــا رب وآذتـنـي ذنــــو
ب مــا لهــا مــن غـــافــــرٍ إلاكـــا
رباه ها أنا ذا خلصت من الهــوى
واســتـقــبل القلب الخلي دعـــاكـــا
وتركت أُنـسـي بالحــيــاة ولهـــوهـا
ولقيتُ كل الأنـس فى نـجـــواكـــا
ونســـيت حبي واعـتـزلـت أحـبـتي
ونســيت نفسي خــوف أن أنســاكــا
أنا كنت يــا رب مــسـحت غشاوتي
وبـدأت بالقلب البـــصـــير أراكـــــا
يـا غـافـر الـذنـب الــعـظـيـم وقـابـلاً
لــلتـوب اقـبــل تـائـبـاً نـاجـاكــــا
أتـــردهُ وتــــــرد صــادق تــوبتـــي
حــاشـاكـا ترفض تائباً حــاشــاكــا
يا رب جــئـتـك نـادمــاً أبـكي علــي
ما قـدمـتـه يـداي لا أتبـاكـا(1)
* * * *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شعر : إبراهيم بديوي0
بوركـتـــــــــــــم
محبتكن
عائشة - أم عبد الله