ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   خواطر دعوية (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=758)
-   -   موقف يحوي وقفة! (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=50077)

أم العثيمين السلفية 25-05-12 04:17 AM

موقف يحوي وقفة!
 
كثيرةٌ هي المواقف التي تعترضُ الواحدةَ منّا ، فتقفُ عندَها وقفةَ تأمُّلٍ وتدبُّر ؛ إمّا عجباً أو فرحاً أو حزنا أو أو!

وما أكثرَ ما يمنُّ الله سُبحانه على المرء بعدَ تيكَ الوقفات ، بعودٍ أو أوبٍ أو تبدُّلِ حالٍ إلى أحسنَ منه!

وما تيكَ المنّة إلّا من جميلِ لطف الله ببني الإنسان ، وكريمِ عطفه ؛ إذ لولا تسخيره سُبحانه لهذا العقل ليُعمله المرءُ فيما يوقظه ويبصِّرهُ بينَ فينةٍ وأخرى ؛ لما ازدادَ المرءُ هدىً وتُقى ، وما اتّعظَ وأدركَ حكمةَ مولاهُ ورأفته به في سائرِ شأنه!

أولى المواقف التي حصلت لي ، واستوقفتني حقيقة :


======================

(1)

بينا كنتُ أجلي الأواني ، مددتُ يدي لـ(حوض الجلي) ؛ لأخرجَ ما به ، وإذ بي أخرجُ كأساً مكسوراً من طرفه ، وكانَ الجزءُ الحادُّ من الكأسِ جهةَ يدي!!
حينها : ألقيتُ الكأسَ في الـ(سلّة) ، وقلتُ مباشرة: (الحمدُ لله)!
في الوقتِ ذاتِه: أدخلتُ يدي -مرّةً أخرى- في الـ(حوض) ؛ وإذ بطرفِ سكِّين يخدشُ يدي بقوّة!
حينها قلتُ: ( آآآآخ)!

ولكننّي أطرقتُ قليلاً!
استدركتُ حالي ، وقلت : (الحمدُ لله)!

في تيك الأثناء : أدركتُ أنّ شكرَنا لله سُبحانه في السرّاء أكثرَ وأسرعَ منهُ في الضرّاء!

//
//


نحتاجُ وقفةً معَ شُكرِنا للهِ سُبحانه وحمدِه في سائرِ أحوالِنا
..

أم العثيمين السلفية 25-05-12 04:18 AM

(2)

أعرفُ أختاً تقدَّمَ لها (طالبُ علمٍ نحسبهُ عندَ الله من أهلِ الخير والصّلاح)! ولكنّهُ يسكنُ في إحدى المخيّمات الفقيرة!!
والمخيّمات عندنا معروفٌ عن جلِّها أو كلِّها -إن صحَّ ظنّي- أنّ حالَها يُرثى له!

أتى هذا الشابُّ طالباً يدَ تلكَ الفتاة ؛ فما كانَ من أمِّها إلّا أن رفضت هذا الشابّ وبشدّة ، واعترضت على تزويجِ ابنتها منه ؛ لكونه يسكنُ مُخيّماً!

تقلّبت الأيّامُ على الأيّام والشّهورُ على الشّهور ؛ إلى أن تقدّمَ لتيكَ الفتاة شابٌّ ثريٌّ غنيّ ؛ يسكنُ في حيٍّ ومدينةٍ راقية!
وافقت والدةُ الفتاة على هذا الشاب!!

ولكنّ هذا الشّاب مع الوقت ، لم يُطِق العيشَ مع هذه الفتاة ؛ لكثرةِ تدخُّلِ أمِّها في حياتها الخاصّة!

حينَها : فارقَها فراقاً لا رجعةَ بعدَه!

في هذه الأثناء : تزوّجَ ذاكَ الشّابُّ (رثُّ المسكن)!! وحصلَ على الدّكتوراه! وسافرَ هو وزوجته إلى بلادِ الحرمين ؛ مقيماً هناك ومدرِّساً في إحدى جامعاتِها!

بينا هذه البنتُ المسكينة عادت لأمِّها الحنون! يتقاسمانِ كأسَ النّدامةِ (معاً) ليلَ نهار!

//
//


فهلّا تجرُّداً من اللهثِ وراءِ هذه الدُّنيا وزبائلِها

هلّا انصرافاً عن الانخداعِ بالمظهر ، وتأمُّلاً عادلاً في الجوهر!

أم العثيمين السلفية 25-05-12 04:24 AM

(3)
إحدى النّساء كانت لا تُحسنُ الموازنةَ بينَ الخلُقِ الحسَنِ ، والانصياعِ والذلِّ -للأشخاص- للوقوفِ إلى جانبهم! بدعوى أنَّ هذا هو الخلُق الحسنُ بعينِه!!

إلى أن أتاها يومٌ صارت تجدُ ممّن أسرفت في الإحسانِ المُفرطِ إليه وصفاً بالـ(مسكينةِ) و (الغبيّة)!

حينَ وقفتُ على حالِها وما آلَ إليهِ أمرُها ؛ حمدتُ اللهَ أن صرفَ عنّي العواطفَ المُفرطة تُجاه النّاس ، وشكرتُ اللهَ حينَ سمعتُ من فيِّ أكثرِ شخصٍ أعاملُه ، قالَ لي:

"ما أجملَ الشّخصيّةَ القويّةَ لما أن تُتوَّج بالاستقامة"!

//
//

في تهذيبِ الأسماء واللغات للإمام أبي زكريا النووي-رحمه الله ، ج1 ، ص57 ، ط دار الكتب العلمية .
فصل في نوادر من حكم الإمام الشّافعي -رحمه الله ، يقول :

• ( ما أكرمتُ أحدًا فوقَ مقدارِه ، إلا اتَّضعَ من قدري عندَه ، بمقدارِ ما زدتُ فى إكرامِه! ) .

وداد بنت محمد 25-05-12 05:24 AM

بارك الله فيكِ
مواقف تستحق النظر

هادئه الطباع 26-05-12 05:23 AM

[size="5"]بارك الله فى صاحبه القلم المبدع والكلمات الطيبه
من حكم الإمام الشّافعي -رحمه الله ، يقول :

• ( ما أكرمتُ أحدًا فوقَ مقدارِه ، إلا اتَّضعَ من قدري عندَه ، بمقدارِ ما زدتُ فى إكرامِه! ) ما شدنى صراحه قول الامام الشافعى ما اجمل عباراته فانا علمت مقوله له والتزم بها والحمدلله فكلماته درر ونور نمشى عليه ينير لنا طريقنا قال الامام([color="magenta"]وجدت سكوتىمتجرا فلزمته اذ لم اجد ربحا فلست بخاسرا

http://images.abunawaf.com/2007/07/3...s8dh7lkvwj.jpg

أم العثيمين السلفية 26-05-12 06:24 AM

جزاكُما الله خيراً أختاي الفاضلتان وباركَ فيكُما .. سرّني مروركُما .. وأسعدتني تعقيباتك الطيّبة ..

أم العثيمين السلفية 26-05-12 06:26 AM

(4)
في زيارةٍ لي لإحدى العائلات السوريّة ، عجبتُ من حالي في تيك الجلسة!
تملّكتني الحيرة!
أخذَ السُّكوتُ مجامعَ لساني!
صرتُ أجدُ صعوبةً في رمش عينيّ لطولِ جحوظهما!

هذه وتلكَ يتحدّثانِ في نفسِ الوقت! أربعةَ عشرَ نفراً في شقّةٍ واحدة! آثارُ الغنى لا زالت باديةً عليهنّ ، إلا أنّ قنابلَ الظّلَمة بدّدتهم إلى حيثُ الفقرُ والشّتات!

تارةً يستذكرنَ أشياءَ لهُنّ هُناك! ثمّ يُذكِّرنَ بعضهنّ بكونِها دُمِّرت ؛ فيبتسمنَ جميعا!
استغرقتُ-وربّي- وطالَ عجبي حينَ علمتُ أنهنّ هربنَ للنّجاةِ بأرواحهنّ ليسَ إلّا! فلا بيوتَ ولا أثاثَ ولا سيّارات ولا ولا ..
بل إنّ إحداهُنّ لم تتمكّن من إحضار ابنتها معها ؛ فبقيت ابنتُها -وحدَها- هُناك في (حمص الحزينة) كما يُسمّينَها!
أبناؤهم لا يزالونَ على توجّسهم كلّما سمعوا صوتَ طلقةِ رصاص أو عياراتٍ من (الألعاب الناريّة)! لتفتونَ حولهم ظنّاً منهم أنّ كوابيسَ (فرعونِ زمانِنا) لا زالت تداهمهم!

آلامٌ ومآسٍ! ولكنّهن رُغمَ ذاك يبتسمنَ ابتسامةَ رضىً وسكينة! كم كانت تستوقفُني ابتساماتُهنّ وهُنّ يُحدّثنني عن مواقفَ وقصصَ حصلت على مرآى أعينهنّ في حي (بابا عمرو)!

من أكثرِ تلكَ المواقف إجراماً حقيقة هو ما حصل لإحدى معارفهم! حيثُ أدخل المشفى-على إثر الغارات- ، فأعطوه الـ(أوكسجين) حيثُ هو-فقط- سبيله للحياة لمشيئته سُبحانه!
ولكنّ تيك العصابات تأبى إلّا أن تغتالَ أرواحَ الأصفياء الأنقياء وإن كانَ عندَ آخرِ رمق!
فما كان منهم إلا أن دخلوا المشفى ، وطلبوا هذا الشاب ؛ فأخبرهم الأطبّاء أنّه يعيش على (الأكسجين)!ليتركوه وشأنه!
فما كان من أحدهم إلّا أن رفع عن وجهه الجهاز ، وقال (هه)!!
فماتَ في حينه!
المواقف كثيرة -جدّاً- واللسانُ عاجزٌ عن النُّطقِ بما سمعت بهِ الأذنان ..
ومع كل تيكَ القروحِ والآلام فلم أكُن لأنسَ مسكَ الختام!
فقد اصطحبتْني إحدى الحرائر-ممّن هيَ بسنِّ أمّي أو يزيد- إلى حيثُ البابُ الخارجيّ ، ولمّا أن مررنا بحديقةِ المنزل ، نزلتْ حيثُ الزّرع ؛ وقطفتْ لي وردةً (زهريّةً) تفوحُ مِسكاً وعنبرا!
//
//
//

لكنّ زيارتي تيكَ استوقفتني عدّةَ وقفات :

الأولى: وقفة معَ الحق ورسوخِ أصحابه ، والباطل وتخاذل أهله وانحطاطِ أخلاقهم!
الثّانية : معَ نعمةِ الأمن والأمان والسّلامةِ والإيمان .
الثّالثة: معَ فضيلةِ وقوفِ المسلمينَ إلى جانبِ بعضهم ومساندتهم لإخوانهم في حالِ غربتهم؛ ولا يعلم حجمَ سعادتهم حينَ يجدونَ من يشاركهم أحزانهم ، ويهوّن عليهم في مصابهم!
ويآنسهم في غربتهم! غيرَ من يقف إلى جانبهم -بعدَ اللهِ سُبحانه .

__________________

أم العثيمين السلفية 26-05-12 06:28 AM

(6)
كنتُ في خضمِّ أعمالي ومشاغلي ، وبينا أنا كذاك إذ خطرتْ ببالي شاردةٌ ، لم يسبق لي أن أتنبّهَ لمثلها!

هممتُ أن أتّجهَ إلى (كُنّاشي) لتدوينِها ، إلا أنّي قلت: أرجئ كتابتَها لوقتٍ لاحق!
حتّى أتتني شاردةٌ أخرى أثقلَ من الأولى!
وقد شعرتُ بثقلٍ في عقلي حينَ نزلتْ على عقلي :)

إلّا أنّني وبعدَ عدّةِ مُحاورات ومشاورات بيني وبينَ نفسي ؛ قلتُ : أكتبْها معَ أختِها!
وأخذتُ أردّدها هيَ وأختها ؛ لأنقشهما في رأسي ، لحين أصل إلى (الكُنّاش)!

استغرقتُ في عملي .. ثمّ ذهبتُ في زيارةٍ ، وهناك لمّا أن صلّيتُ العشاء ، وإذ بي تردُني شاردة!

حينها تذكّرتُ شأنَ (الشّوارد) ، التي انقدحت في رأسي ظُهرَ اليوم!

بدأتُ أحكُّ رأسي ؛ لأسترجعَ الأولى معَ أختِها! إلا أنّ رأسي كادَ يتفطَّرُ لشدّةِ حكّي ، وما أدركتُ شيئاً منهما!

حينها وبعدَ استسلامٍ تامٍّ منّي ، أردتُ العودَ للشّاردة التي ذكّرَتْني بالأُختين!
ففوجئتُ بكونِها قد ولّت من غيرِ رجعةٍ ، لاحقةً بأخواتِها!

حينها أطرقتُ حسيرةً كسيرة ، وعزمتُ أن أُكبّرَ لسُنّة العشاء!

وما إن بدأتُ الصّلاة ؛ وإذ بإبليسَ ينخرُ مخّي نخراً شديداً ، يلوِّحُ لي (بعرضٍ خاصٍّ) مفادُه أنّي إن شردتُ بذهني؛ سأستعيدُ شواردي التي ضاعت! : )

لكّنني لم ألتفت إلى عروضِه ، عناداً له- مع شدّة رغبتي باستعادة الفوائد-!

وازددْتُ إحاطةً أنّها فرصةٌ من فرصهِ -أخزاهُ الله ، يريدُ أن يكونَ الظّافرَ فيها ؛ فما زادني ذاكَ إلّا عناداً واستغناءاً عن الشّواردِ الثّمينة!

وتذكّرتُ حينَ ذاك قولَ الإمامِ أبي حنيفة حينَ جاءهُ أحدهم مُخبراً عن عدمِ تمكّنه من معرفةِ مكانِ (كنزه) إلّا حينَ أخذَ بمشورته بـ(الصّلاةِ إلى الصُّبح)!
قال لهُ أبو حنيفة: "لأني علمتُ أنَّ الشيطانَ لن يتركَكَ تُصلِّي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك"!

//
//

فهلّا اعتناءاً بالفوائدِ والشّواردِ وتعجيلاً بتقييدِها دونما تسويف

هلّا عِناداً لأبليسَ ؛ ينكسُ رأسَهُ في الثّرى ، ويدفن قرونَه الطّويلةَ تحتَ الأقدام

حـرير 25-06-12 08:20 PM

طرح رائع و مميز بارك الله فيك اخيتي

أحلام المسلمة 26-06-12 12:40 PM

ما شاء الله، لغة متينة وتعبير راقٍ ومعانٍ بليغة..
جزاكِ الله خيرا على تقييد هذه الشوارد :icony6:


الساعة الآن 02:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .