ملتقى طالبات العلم

ملتقى طالبات العلم (https://www.t-elm.net/moltaqa/index.php)
-   روضة السنة وعلومها (https://www.t-elm.net/moltaqa/forumdisplay.php?f=755)
-   -   :: الإيثار بالقُرَب .. فائدة من شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ :: (https://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=63425)

أروى آل قشلان 14-02-14 07:56 PM

:: الإيثار بالقُرَب .. فائدة من شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ ::
 
الحمد لله وبعد:
مسألة مستفادة من شرح الشيخ المفضال صالح آل الشيخ لحديث " «لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه » [رواه البخاري و مسلم ]
يقول الشيخ -حفظه الله - :
هذا حديث أنس - رضي الله عنه - وهو الحديث الثالث عشر من هذه الأحاديث النووية.
قال(عن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ - رضي الله عنه -خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُهُ لِنَفْسِه»)
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) هذه الكلمة تدل على أنّ ما بعدها مأمور به في الشريعة، إما أمر إيجاب أو أمر استحباب،
ونفي الإيمان هنا قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان كما أحضرنيه بعض الأخوة (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ) أن هذا نفي لكمال الإيمان الواجب،
فإذا نُفِي الإيمان بفعل دل على وجوبه، يعني على وجوب ما نفي الإيمان لأجله، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) دل على أن محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة،
قال: لأن نفي الإيمان لا يكون لنفي شيء مستحب، فمن ترك مستحبا لا يُنفي عنه الإيمان،
فنفي الإيمان دال على أن هذا الأمر واجب، فيكون إذاً نفي الإيمان نفيٌ لكماله الواجب،
فيدلّ على أن الأمر المذكور، والمعلّق به النفي يدلّ على أنّه واجب.
إذا تقرر هذا فقوله هنا (لاَ يُؤْمِنَ أَحدُكُمْ حَتَّى)
له نظائر كثيرة في الشريعة يعني في السنة «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، (لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه)،
«لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه» وهكذا، إذا تقرر ذلك فإن نفي الإيمان فيها على باب واحد، وهو أنه ينفي كمال الإيمان الواجب.
ثم قوله عليه الصلاة والسلام (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) هذا يشمل الاعتقاد والقول والعمل، يعني يشمل جميع الأعمال الصالحة من الأقوال والاعتقادات والأفعال،
فقوله: (حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يشمل أن يحب لأخيه أن يعتقد الاعتقاد الحسن كاعتقاده، وهذا واجب، ويشمل أن يحب لأخيه أن يكون مصليا كفعله.
فلو أحب لأخيه أن يكون على غير الهداية فإنه ارتكب محرما فانتفى عنه كمال الإيمان الواجب،
لو أحب أن يكون فلان من الناس على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة،
يعني على اعتقاد بدعي فإنه كذلك ينفي عنه كمال الإيمان الواجب،
وهكذا في سائر العبادات، وفي سائر أنواع اجتناب المحرمات، فإذا أحب لنفسه أن يترك الرشوة،
وأحب لأخيه أن يقع في الرشوة حتى يبرز هو كان منفيا عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في نظائرهما.
وقد جاء في النسائي؛ يعني في سنن النسائي وفي غيره تقييد ما يحب هنا بما هو معلوم، وهو قوله «حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه مِنَ الخَيْر»
وهذا ظاهر غير بين، ولكن التنصيص عليه واضح.
أما أمور الدنيا فإن محبة الخير لأخيه كما يحب لنفسه هذا مستحب؛ لأن الإيثار بها مستحب، وليس بواجب، فيحب لأخيه أن يكون ذا مال مثل ما يحب لنفسه، هذا مستحب
،
يحب لأخيه أن يكون ذا وجاهة مثل ما له، هذا مستحب، يعني لو فرط فيه لم يكن منفيا عنه، لم يكن كمال الإيمان الواجب منفيا عنه؛ لأن هذه الأفعال مستحبة.
فإذن صار المقام هنا على درجتين:
1. إذا كان ما يحبّه لنفسه متعلقا بأمور الدين فهذا واجب أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، وهذا هو الذي تسلط نفي الإيمان عليه،
(لاَ يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه) يعني من أمور الدين أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع وأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب وكذلك ما نهى عنه الشارع،
فيحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات، هذا لو لم يحب لأنتفى عنه كمال الإيمان الواجب.
2. أما أمور الدنيا كما ذكرنا فإنها على الاستحباب يحب لأخيه أن يكون ذا سعة في الرزق فهذا مستحب،
يحب أن يكون لأخيه مثل ما له من الجاه مثلا، أو من المال، أو من حسن الترتيب، أو من الكتب أو إلى آخره، فهذا كله راجع إلى الاستحباب.


(( ويتفرع عن هذا مسألة الإيثار، والإيثار منقسم إلى قسمين: إيثار بالقُرَب، وإيثار بأمور الدنيا.
1. أما الإيثار بالقرب فإنه مكروه لأنه يخالف ما أمرنا به من المسابقة في الخيرات والمسارعة في أبواب الطاعات { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } [الحديد:21]، { وَسَارِعُوا إِلَى } [آل عمران:133]،
فالمسارعة والمسابقة تقتضي أن كل باب من أبواب الخير يسارع إليه المسلم ويسبق أخاه إليه { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين:26].
2. والقسم الثاني الإيثار في أمور الدنيا يعني: في الطعام في الملبس في المركب في التصدر في مجلس أو ما أشبه ذلك فهذا مستحب
أن يؤثر أخاه في أمور الدنيا، كما قال جل وعلا في وصف خاصة المؤمنين { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } [الحشر:9]،
فدلت الآية على أن الإيثار بأمور الدنيا من صفات المؤمنين وهذا يدل على استحبابه.
صلة هذا بالحديث، قال (لاَ يُؤْمِنَ أَحدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُهُ لِنَفْسِه) يحب للأخ ما يحب للنفس، قد يقتضي هذا أن يقدمه، فهل إذا كان في أمور الدنيا يقدمه؟
على ما ذكرنا أن الإيثار بالقرب مكروه، الإيثار في أمور الدنيا مستحب فحبه لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدنيا مستحب هنا أيضا، يستحب أن يقدم أخاه على نفسه في أمور الدنيا.

نكتفي بهذا القدر. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فكثر السؤال بعد درس البارحة عن معنى (الإيثار بالقُرَب)، وأنا ظننت أنها واضحة عند الجميع فنكرِّرها لمن لم تتضح له.
الإيثار بالقُرَب معناه أن المسألة إذا كانت قربة إلى الله جل وعلا فإن الإيثار إيثار أخيك بها مكروه؛
لأن هذا ينافي المسابقة التي ذكرنا لكم أدلتها والمسارعة في الخيرات والمنافسة.
فمثلا أن يكون هناك فرجة في الصف الأول، أو مكان متقدم خلف الإمام فتقف أنت وأخوك المسلم فتقول له: تقدم، تفضل، فيقول لك: لا، تقدم فتقول: تقدم، فمثل هذا لا ينبغي؛
لأنه مكروه بل ينبغي المسارعة في تحصيل هذه القربة، وهي فضيلة الصف الأول.
مثلا أتى رجل محتاج إلى مبلغ من المال يسد عوزه، خمسين، مائة ريال، أكثر، فأنت مقتدر وأخوك أيضا المسلم مقتدر فتقول له: ساعده أنا معطيك الفرصة، تفضل ساعده، وهذا يقول: لا أنت تفضل من باب المحبة،
يعني: أن كل واحد يقدم أخاه، فمثل هذا أيضا مكروه لا ينبغي؛ لأن في هذا الباب المسارعة والمسابقة في الخيرات
كذلك من جهة القراءة، قراءة العلم على الأشياخ، وأخذ الفرص لنيل الطاعات، والجهاد وأشباه هذا، فمثل هذه المسائل تسمى قُرَبا يعني طاعات،
فالإيثار في الطاعات يعني بالقرب لا ينبغي، مكروه؛ لأنه كما ذكرنا ينافي الأمر بالمسارعة والمسابقة، والتنافس في الخير.

.......


من التفريغ النصي لشرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ
الموسوعة الشاملة

وداد بنت محمد 14-02-14 09:20 PM

جزاكِ الله خيرا أخية

أرجو لو تضعي لنا الرابط، لنستفيد من باقي الشرح

هل تقصدين بالموسوعة الشاملة (( المكتبة الشاملة )) ؟؟؟

أروى آل قشلان 14-02-14 10:18 PM

وإياكِ أخية ...
الموسوعة الشاملة غير المكتبة الشاملة
هذا رابط الشرح أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ..
هنــــــــــــــــــــا
وأوصي أخواتي طالبات العلم بالاستفادة من شرح الشيخ للأربعين النووية وكذا السلسلة الرائعة شرح أصول الإيمان فإن فيهما من الفوائد والخير الكثير
نسأل الله التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح

فاطمة أم معاذ 14-02-14 11:51 PM

جزاكِ الله كل خير وبارك فيك

ام حسنى 04-03-14 05:13 AM

جزاك الله خير الجزاك

طالبة علم مصرية 06-09-14 02:00 PM

لفتة طيبة لم يكن ينتبه لها الكثيرون
جزى الله الشيخ الفاضل خيرا
جزاك الله خيرا أختى الحبيبة أوبــــة
تقبل الله منك ونفع بك

أروى آل قشلان 07-09-14 07:43 AM

الحمد لله على فضله وإحسانه
صحيح أختي الحبيبة "طالبة علم مصرية"
مسألة تغيب عن فهمنا أحيانا .. وقد ننظر إليها على أنها أنانية أو أثَرَة!
أسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزدنا علمًا
أحسن الله إليكنّ أخواتي .. شاكرة لكن مروركن الكريم


الساعة الآن 10:55 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .