10-01-07, 09:30 PM
|
#2
|
~ كن لله كما يُريد ~
|
الأمر الثاني :
ــــــــــــــــــ
أن الإنسان الذي يتعلم ويتربى في سيره إلى الله في أي عبادة كطلب العلم الذي نحن في مجاله , ينبغي أن يعرف أن العبادة لا تثمر إلا إذا استمر فيها وثبت ... نعم .. فكم من إنسان بدأ في عمل وتركه ، كم من إنسان بدأ في طاعة وتركها , كم من إنسان بدأ بمشروع دعوي أو عبادي او علمي وتركه .
لذلك على المسلم والمسلمة أن يعرف أن من أسباب الثبات ومن أسباب التوفيق ومن أسباب ترويض القلب على الطاعة أن يجاهد نفسه على الاستمرار في الطلب وحضورمجالس العلم ولو كان شيئا قليلا .
المداومة على العمل الصحيح من أفضل العبادات وأجل القربات وهي من أعظم علامات التوفيق والنجاح .
لماذا الاستمرار على العمل الصالح سبب للتوفيق والنجاح ؟
اسمع : جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) . إذن.. العمل المداوم عليه فيه البركة وفيه الخير ...لماذا ؟
لأنه عملٌ يحبه الله تبارك وتعالى وعملٌ يحبه الله ماذا تتوقع أن تكون النتيجة ..لاشك أن النتيجة ستكون مباركة موفقة ولذلك قال النووي رحمه الله مبيناً لماذا أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل قال :" لأنه بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة " .
فالعمل المداوم لو كان قليل يطرح في هذا العمل البركة . ويطرح فيه التأثير وينتج عنه الخيرات والبركات .
1/ إن العمل المداوم عليه فيه دوام اتصال القلب بخالقه . فيعطيه قوة وثباتاً ونشاطاً .
2/ إن العمل الصالح المداوم عليه فيه تعهد النفس عن الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها . وكما قيل النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
3/ إن العمل الصالح المداوم عليه فيه طهارة القلب من النفاق لأن المنافق تثقل عليه العبادة . كما قال الله تعالى : { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) .
إذن... العمل إذا داوم عليه الإنسان كدرس يحضره ويداوم عليه سنة وسنتين فإنه بإذن الله يكون ذلك سبباً في طهارته من النفاق لأن المنافق لا يستمر على العبادة , لذلك جاء في الحديث الذي صححه بعضهم " من حافظ أربعين ليلة على تكبيرة الإحرام كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق " .
إذن ... ينبغي أن نربي أنفسنا دائماً وأبداً أيها الأخوة ...أوصيكم من هذا المكان وأوصي الجميع أن نربي أنفسنا على العبادة , أن نستمر وأن نجاهد أنفسنا على المواظبة وإلا فالكثير طلب العلم وانقطع , الكثير بدأ بمشروع وانقطع ليس له تأثير في الواقع .
التأثير على الإنسان إذا استمر في عبادة سنوات وسنوات واسألوا من جرب ذلك تجدون الجواب .
فأيهم أفضل إنسان يصلي ليلة ويترك ليلة يصلي مرة أربع ركعات ومرة لا يصلي ومرة يصلي ست ركعات ومرة لا يصلي .....أو إنسان يصلي ركعتين في الليل ومواظب عليهما ولا ينقطع ..؟
بلا شك الثاني أفضل ....لماذا ؟ .... لأنه عملُ يسير ...نعم ...لكنه مستمر وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل لأن المراد هو استمرار العباده والمراد استمرار الطاعة .
مثال آخر :
ــــــــــــــــ
إنسان مثلاً يصلي الضحى مرة عشرة ركعات ومرة ركعتين ومرة ينقطع ومرة ست ركعات ومرة ينقطع ...أو ...شخص مواظب على صلاة الضحى على ركعتين أو أربع ..
بلا شك الثاني المداوم والمستمر أفضل لأنه كما قلت باستمرار العمل ولو كان قليلاً استمراراً للطاعة , استمراراً للعبادة , استمراراً للصلة مع الله تبارك وتعالى .
نعم ... كم رأينا من إنسان أيها الأخوة بدأ بطلب العلم العلم وأنقطع ..كم رأينا من إنسان بدأ في حفظ القرآن وانقطع ..هذا الشخص الذي انقطع عن حفظ القرآن لو صار يحفظ كل يومين ثلاث آيات واستمر على ذلك لكان في ذلك خيرٌ كثير ونفعٌُ عظيم واستمر على حفظ القرآن الكريم ، لكن من لم يستمر وأثقل على نفسه ينقطع مرة واحدة .... كم رأينا من إنسان بدأ بمشرع دعوي وانقطع ...السبب أنه أكثر على نفسه ولو اقتصر على القليل مع الاستمرار لكان فيه خير عظيم .
أيضاً أيها الأخوة إن المداومه على العمل الصالح هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وبلاشك أن خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم " وإن تطيعوه تهتدوا " فالإنسان يطلب العلم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم فليبشر بكل خير ..سيوفق بإذن الله تعالى لكل خير وللعلم النافع .
عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعه " وفي رواية " كان إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها " وعن مسروق قال " سألت عائشة أي العمل أحب إلى رسول الله ؟ قالت الدائم " .
ويكفي أيها الأخوة حتى لا أطيل في هذه النقطة ..يكفي في فضل المداومة على العمل الصالح أنه سبب لمحبة الله كما في الحديث .أبي هريرة المعروف قال النبي صلى الله عليه وسلم :قال الله تعالى " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه , ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه , فإذا أحببته , كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه "
فهذا الحديث من المعلوم أن الإنسان لا يمكن أن يدخل تحت هذا الحديث حتى يستمر في العمل ويواظب عليه فلو أنه عمله مرة واحدة وتركه لا يدخل تحت هذا الحديث وهذا أمرٌ معلوم ،إذن .... من استمر في عبادة فليبشر أن ذلك من أسباب محبة الله تبارك وتعالى .
وثبت عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثمان ركعات وتقول لو نشرني أبواى ما تركتهما . والنبي صلى الله عليه وسلم لما علم علي وفاطمة الدعاء قبل النوم أن يسبحا ثلاثا وثلاثين مرة ويحمدا ثلاثا وثلاثين مرة ويكبرا أربعا وثلاثين مرة وقال لهما ذلك خير لكما من خادم ...ماذا قال علي ؟ ... ماتركتها بعدُ .. فقال له رجل ولا ليلة صفين ؟ قال : ولا ليلة صفين .
ليلة صفين تلك الليلة العظيمة وكانت حرب بين علي ومن معه ومعاوية ومن معه ومع ذلك علي رضي الله عنه ما تركه مواظبة على العمل الصالح ..
إن لله عباداً فطنا ..... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا .....أنها ليست لحي وطنــا
جعلوها لجة واتخذوا .....صالح الأعمال فيها سفنـــا
فواظب عليها علي رضي الله عنه حتى في تلك الليلة العظيمة التي كانت فيها مقتلة عظيمة بين الفريقين .
....يتبع ....
التعديل الأخير تم بواسطة مسلمة لله ; 14-01-07 الساعة 08:19 PM
|
|
|