11-04-08, 01:07 AM
|
#3
|
جُهدٌ لا يُنسى
|
[grade="00008b Ff6347 008000 4b0082"]أيها الأخوة نعود إلى استغلال الفرص رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول كما جاء من حديث صهيب الرومي عند مسلم (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) مَن هو هذا المؤمن؟ هذا المؤمن المتفقه في دين الله، المؤمن العارف بالله، المؤمن الذي عَرَفَ قَدْرَ نفسه وعرف وقته وعرف لِما جاء إلى هذه الحياة؟ هل جاء ليلعب هل جاء ليضيع؟ هل جاء ليجمع الذنوب والمعاصي؟ ليبغي ويتعدى؟ أم جاء ليَعبُد الله ويُحقق النصيب الأكبر من عبودية الله رب العالمين؟ الرسول يقول إن أمره كله له خير صارت حياته كلها مَسَرات وخَيرات وأُجور حسنات ماذا تريد بعد هذا لمن أعطاه الله عز وجل هذا الخير ولا شك أن المؤمن لا يقدر على أن يستغل وقته وعمره في مرضاة الله إلا إذا تفقه في الدين أما إذا لم يتفقه في الدين فلن يقدر على استغلال عمره لأن الاستغلال هذا يَحتاج إلى فقه في الدين وإلى العمل بِمُقتضى الفقه في الدين ولهذا كان العلماء هم أَعظم مَن عَرَفُوا قيمة الوقت وحرصوا على الوقت فَكَم عَلَّمُوا؟ وكم بَذَلُوا؟ وكَم وكم ...؟ وما ذاك إلا لمعرفتهم بالوقت وشرفه والعمر وشرفه فيموت العالم ولا يَموت خيره ولا يَموت بِرّه ولا يَموت علمه ولا يَموت إحسانه لأنه استغل العمر، وعَرف أن الحياة هذه حياة عظيمة ليست للعب ولا للضياع، فنحن يا معشر طلاب العلم بحاجة إلى أن نلحق بركب من وُفِقوا إلى هذا السير العظيم المبارك، فأنصح لنفسي أولاً ولإخواني ثانياً أن لا نقتدي بأهل زماننا إلا من وُفق منهم، لا تَقتدي بكثير من الشباب وبِما عليه الناس حول شهواتهم وملذاتهم ودنياهم وليسوا حول ما يسعدون به حقيقة إلا من رحمه الله، فعليك والمطلوب أن نقتدي برسولنا أولاً وثانياً بصحابته ومن تبعهم بإحسان.
مرَّ شُرَيحٌ القاضي بخياطين قاموا بعمل الخياطة فانتهوا من عملهم فمر بهم وهم يلعبون
قال لهم: مالكم تلعبون؟
قالوا: انتهى عملنا.
قال: وهل من انتهى من عمل قام يلعب!! ألم يقل الله لنبيه:
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} سورة الشرح.
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ، ما فيه في هذه الحياة حقيقة فراغ عند من عرف حقيقة الوقت، إما أن يُشْغَل بالخير وإما أن يُشغَل بالشر، إما أن يصرف فيما ينفع أو فيما يضر، لا تظن أن الوقت سيصرف في غير هذين الأمرين فلا بد من أحدهما فالعاقل يقول إذاً أذا كان الأمر كذلك أصرف وقتي فيما ينفعني وفيما يسبب سعادة لي في دنياي وفي أخراي، هذا العاقل أما من ليس بعاقل فيفرح متى وجد الفراغ فيفرح من أجل أن يعمل ما يعمل مما يضره عياذاً بالله فالنصيحة كما سمعتم أننا نستغل بقية أعمارنا، الله أعلم كم بقي من أعمارنا عُمرنا ليس بأيدينا ما نَملك ساعة بل ما نَملك ثانية ما تَملك الوقت الذي تأكل فيه لقمة عيش إلى بطنك ما تملك هذا الوقت فأنت تقول أنا هذا الوقت سآكل حتى أنتهي من أكلتي وحتى أشبع لا ليس بيدك هذا، فقد يهاجمك الموت وأنت في منتصف أكلتك فلا تتمها وأنت يهاجمك الموت وأنت في الحمام ما قد خرجت منه يا عباد الله، انتبهوا ! ننتبه لأنفسنا ! فالواحد منا قد يطول أمله ويقول العمر باقٍ وسنفعل وسيكون وسيقع... والعبادة ستأتي في الأيام المقبلة وفي العمر الأتي البعيد الآن دعنا نضيع ونضيع و نقع في ما يغضب الله هذا من أعظم الانحراف
قال الشاعر:
ومن يقل إني شبـاب أصبر * * * ثم أطيع الله حين أكبر
فإن ذاك غــره إبليس * * * وقلبه مغلق مطموس
لا خير في من لم يتب صغيرًا * * * ولم يكن بعيبه بصيرًا
فالشخص لا يحتاج أن يُضيع هذا العمر النفيس، الشباب وقت الشباب ما تزال خفيفاً ما قد شُغلت لا بأولاد ولا دَبَّتْ فيك الأمراض ولا تَجمعت عليك المسؤوليات، أنت شباب شاب عندك فراغ ما شاء الله لا ترضى بتضييعه إني لك لَمن الناصحين خُذ سَنَة في الجدية في وقتك وسيأتي في آخر السنة ومعك حصيلة علمية واذهب إلى مُضيع لوقته وقل له إيش عندك من حصيلة كم حفظت من القرآن كم تلقيت من دروس كم كذا كم كذا ؟! ستقول الحمد لله الحمد لله الذي أكرمني وأعانني والذي وفقني من عنده، لولا توفيقه لَضِعت كما ضَاع هذا.
فانظروا إلى النتائج حفظكم الله والعواقب الطيبة فكم من شخص في هذا المكان وفي أمثاله من الأماكن التي فيها العلم النافع ما تَمر عليه إلا بضعة شهور وقد حفظ القرآن وغيرك من ملايين الناس لا يقدرون على ذلك في سنين ولا في أعمارهم، وأن أعطاك الله القدرة فحفظته بهذه السرعة وصحتك ما شاء الله وحياتك طيبة وأنت في راحة قلبية وفي طمأنينة وفي انشراح هل نزل بك ضيق لأنك تتعلم هل حصل لك شَر"؟ لا والله، العلم نور، العلم غذاء القلوب، فكيف نضيع غذاء قلوبنا فكيف نضيع النور الذي نستنير به في حياتنا هذه، فحذار حذار من ضياع العلم والتلاعب بالعلم والإهمال في طلب العلم وأن يكون الشخص وجوده فينا كمن لا وجود له، نصيبه منا ما بين طرف ما بين نوم ما بين كذا ما نحب لك هذا ولا نرتضي لك بهذا، نحب لك أن تكون أرفع من هذا أن تسابق زملائك وإخوانك في الحفظ والمراجعة في الأدب في العبادة، من أراد أن يتعود قيام الليل ويُحرص على ذلك ويتعلم قيام الليل أنت شاب عندك ما شاء الله فراغ ولهذا يوصي العلماء أن من أراد أن يقوم بشيء من الليل أنه ينام القيلولة ينام في ذلك الوقت مدة من الزمن يعينه على قيام الليل وعلى النشاط في الليل فهذه فرصة لا تعد بعدها غصة، إذا لم نهتم في ساعتنا هذه وفي وقتنا هذا الله أعلم كيف تكون حياتنا بعد مدة من الزمان.
فاحرصوا حفظكم الله على هذا الخير وعلى هذا التوجه المبارك إلى طلب العلم وإلى العلم وإلى العمل الصالح مقتضى العلم وإلى الآداب الكريمة والأعمال الحميدة، توجهوا إلى هذا كله وارضوا بأن تكون هذه اللحظات أسعد لحظات في أعمارنا، إن نحن أعطيناها ما سمعتم فستكون هذه اللحظات هي أسعد لحظاتك وأشرف أوقات عمرك ستذكر بعد مدة من الزمان وتقول الحمد لله كنت في اليوم أحفظ كذا كنت في اليوم أقرأ كذا كنت في اليوم أؤدي كذا من الأعمال والعبادات فيصير هذا الأمر من جملة المدح لك في مستقبلك إن أنت قمت به الآن وإن لم تقم به الآن فيقال ضيع وقت الزرع ووقت البذر من ضيع وقته وقت البذر فلن يَحصد الثمار اليانعة في آخر عمره.
نسأل الله عزّ وجلّ بِمَنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يوفقنا جميعاً لاستغلال أوقاتنا فيما يرضيه وأن يعيينا على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
-----------------------
دار الحديث بمعبر
محمد بن عبد الله الإمام[/grade]
|
|
|