عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-08, 11:17 AM   #4
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي

الفائدة الثانية :

في المناسبة بين سورة النصر وسورة المسد :

قال البقاعي في نظم الدرر :

وليكون ذلك بعد وقوع الفتح ونزول الظفر والنصر، والإظهار على الأعداء بالعز والقهر، مذكراً له صلى الله عليه وسلم بما كان أول الأمر من جبروتهم وأذاهم وقوتهم بالعَدد والعُدد، وأنه لم يغن عنهم شيء من ذلك، بل صدق الله وعده في قوله سبحانه وتعالى :

{ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جنهم وبئس المهاد }

فتحققت خيبة أبي لهب عند كل من حضر موسم الحج لا سيما من كان يعلم دورانه وراء النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه له من مسلم وغيره واستقر الأمر حينئذ ، وعلم أن الدين قد رسخت أوتاده وثبت عماده . انتهى رحمه الله


وقد تحقق تباب ابو لهب كاملا في الدنيا بسورة النصر لأن الرجل قد يموت في سبيل قضيته ثم تنتصر القضية بعد حين فيكون ذلك انتصارا له وإن كان ميتا لكن بانتصار النبي عليه الصلاة والسلام وانتشار رسالته التي حاول أبو لهب وأدها بكل ما أوتي من قوة يُعلم مدى تبابه حيا وميتا .

ثم السورتين تنبئ بنهايتين متبانيتين تمام التباين وشتان بينهما :

سورة النصر جاءت مشعرة بقرب نهاية النبي عليه الصلاة والسلام :

وفي حديث ابن عباس في صحيح البخاري هو أجل رسول الله أعلمه له قال ( إذا جاء نصر الله والفتح ) وذلك علامة أجلك ( فسبح بحمد ربك واستغفره ) .

فأُمر بكثرة التسبيح والاستغفار ( وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه فقد ذكر ابن كثير في تفسيره :

عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء، إلا قال: " سبحان الله وبحمده " فقلت: يا رسول الله رأيتك تكثر من سبحان الله وبحمده، لا تذهب ولا تجيء ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان الله وبحمده قال: " إني أمرت بها " فقال: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إلى آخر السورة، غريب )
ثم قال "إنه كان توابا "

قال الطاهر بن عاشور :

وقد اشتملت الجملة على أربع مؤكدات هي : أن وكان وصيغة المبالغة في التواب وتنوين التعظيم فيه .

فالمعنى : هو شديد القبول لتوبة عباده كثير قبوله إياها .انتهى


وما رزق العبد بعمل مثل التوبة قبل موته بل لم يجيء في الحديث ان الله يفرح بعمل عبد من عبادة مثل التوبة .

وقد ذكر الشيخ خالد السبت في الشريط السادس ( ينظر تفريغه على الموقع ) من قواعد في الاسماء والصفات :

إن الله قد يذكر الاسم في آخر الآية دون ذكر الحكم والجزاء فيها تنبيهاً لعباده أنهم إذا عرفوا الله بذلك الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من أحكام وان ذلك الحكم من آثار هذا الاسم.اه

فلما انتهت الآية باسم الله التواب بهذا التاكيدات علمنا الوعد بحسن قبول الله عز وجل لنبيه وإكرام وفادته حين يقبل عليه .

هذا في الآخرة ........... أما في الدنيا عند وفاته عليه الصلاة والسلام فقد أظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وآفاقها بكته القلوب قبل العيون ........

قال أنس‏:‏ ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

هذا ما كان من شأن النبي عليه الصلاة والسلام ورسالته وخاتمته ......

واما ما كان من شأن خاتمة عدو الله أبو لهب :

فقد جاء بالرحيق المختوم :

ثم إنه تخلف عن الخروج لغزوة بدر التي لم يتخلف احد من اشراف قريش عن الخروج لها ، فإنه عوض عنه رجلًا كان له عليه دين .
وقال أبو رافع ـ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كنت غلامًا للعباس وكان الإسلام قد دخلنا أهلَ البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يكتم إسلامه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر، فلما جاءه الخبر كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزًا، وكنت رجلًا ضعيفًا أعمل الأقداح، أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحى وعندى أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طُنُب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهرى، فبينما هو جالس إذ قال الناس‏:‏ هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم، فقال له أبو لهب‏:‏ هلم إلىَّ، فعندك لعمرى الخبر، قال‏:‏ فجلس إليه،والناس قيام عليه‏.‏ فقال‏:‏ يابن أخي، أخبرني كيف كان أمر الناس‏؟‏ قال‏:‏ ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله مع ذلك ما لمت الناس، لَقِينَا رجال بيض على خيل بُلْق بين السماء والأرض، والله ما تُلِيق شيئًا، ولا يقوم لها شيء‏.‏

قال أبو رافع‏:‏ فرفعت طنب الحجرة بيدى، ثم قلت‏:‏ تلك والله الملائكة‏.‏

قال‏:‏ فرفع أبو لهب يده، فضرب بها وجهي ضربة شديدة، فثاورته، فاحتملنى فضرب بى الأرض، ثم برك علىّ يضربني، وكنت رجلًا ضعيفًا فقامت أم الفضل إلى عمود من عُمُد الحجرة فأخذته، فضربته به ضربة فَلَعَتْ في رأسه شجة منكرة، وقالت‏:‏ استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام موليًا ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة ‏[‏وهي قرحة تتشاءم بها العرب‏]‏ فقتلته، فتركه بنوه، وبقى ثلاثة أيام لا تقرب جنازته، ولا يحاول دفنه، فلما خافوا السبة في تركه حفروا له، ثم دفعوه بعود في حفرته، وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه‏.‏



فشتان بين الخاتمتين .



توقيع أم كلثوم


إذا سـرّ بالسراء عمّ سرورها *** وإن مسّ بالضـراء أعقبها الأجـــر

وما منهما إلا لـه فيه نــعمة *** تضيق بها الأوهام والبــر والبحــر



أم كلثوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس