نعم قال المصنف ــ رحمة الله ــ : " ومعناها لا معبود بحق إلا الله "
نعم أي معنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله أن يعترف الإنسان بقلبه ولسانه فأنه لا معبود بحق إلا الله هذا المعنى الصحيح لهذه الكلمة .
أما من يقول لا إله إلا الله , معناه : لا إله موجود إلا الله هذا تفسير باطل ... لماذا ؟ لإن هذا التفسير تفسيراً لتوحيد الربوبية وهذا توحيد الربوبية أقر به حتى المشركون ولكن لم يدخلهم في الإسلام ولم يعصم دمائهم ولا أموالهم فحينما نقول لا إله بحق إلا الله تبطل كل أله دون الله ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ) ..نعم .. هناك ألهه أخرى ولكنها باطلة { فما أغنت عنهم ألهتهم التي يدعون من دون الله} فلا إله بحق , كلمة بحق تخرج كل آلهة باطلة .
قال المصنف (( لا إله ) نافياً جميع ما يعبد من دون الله ( إلا الله ) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك)
أرجو الانتباه لهذه النقطة , ومن كان معها ورقة فلتكتب لأننا سنراجع ,
أقول التوحيد لا يتم إلا بركنين : الإثبات والنفي .
وأنا سأذكر مثال يوضح أن التوحيد لا يتم إلا بإثبات ونفي ,وهذا هو معنى لا إله إلا الله ,
وأذكر مثال يوضح ذلك ثم نعود ونشرح ذلك : الآن حينما أقول زيدٌ قائم ..إذا قلت زيدٌ قائم أثبت القيام لمن ؟ ..لزيد
سؤال هل معنى هذا لا يوجد أحدٌ قائم غير زيد ؟ لا .. قد يقول آخر " وعمراً قائم " فأنا أثبت فقط قلت زيد قائم وربما يكون هناك آخر غير زيد .
طيب ..لما أقول مثلاً: " ليس هنا أحدٌ قائم ", هذا نفي محض ما فيه شيء مدح لكن لما أقول لا قائم إلا زيد صار نفي و أثبات صار المتفرد بالقيام من هو ؟ زيد ..فصار ما فيه قائم إلا زيد وغيره قائم أو غير قائم ؟ ..غير قائم .
هذا معنى التوحيد نفي و أثبات ولذلك قال الله عز وجل في سورة آل عمران في إبراهيم {[مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ] {آل عمران:67} } حنيفاً مسلما الإثبات و ما كان من المشركين النفي , واضح المثال جداً .
إذاً كلمة التوحيد نفي و أثبات , إثبات العبادة لله ونفي العبادة لغير الله عز وجل فلا إله تنفي وجود معبود بحق سوى الله إلا الله تثبت العبادة لله عز وجل وذكر المؤلف أيه تدل على ذلك وأن كلمة التوحيد نفي وإثبات وأن لا توحيد إلا بنفي وإثبات يقول الله تبارك وتعالى( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) (الزخرف:26) ( إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) (الزخرف:27)
فهذه الآية العظيمة تفسر لا إله إلا الله تفسر النفي والإثبات ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ) يخبر الله تبارك وتعالى عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء أنه قال لأبيه آزر أنني براء أي بريء متجنب تبرئت مما تعبدون من الأوثان وهذا معنى لا إله هذا النفي , ( إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ) هذا اثبات, وهذا هو معنى لا إله إلا الله , أي إلا الذي ابتداء خلقي وبرئني وهذا معنى لا إله إلا الله إذا دلت الآية على معنى لا إله إلا الله فالخليل عليه الصلاة والسلام تبراء من ألهتهم سوى الله ولم يتبراء من عبادات الله بل أستثنى من المعبودين ربه سبحانه وتعالى وهذا هو معنى لاإله إلا الله نفي وإثبات ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) ( من قال لا إله إلا الله وكفر بمن يعبد من دون الله ) .
ولذلك سيأتينا بالمراجعة أذكر بعض الأدلة التي تدل على أن التوحيد نفي وإثبات فنذكر هذه الآية ونذكر هذا الحديث نعم هذه العقيدة .
(وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الزخرف:28)أي وجعل كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله باقية في نسله وذريته يقتدي به فيها من هداه من ذريته لعلهم أي أهل مكة يرجعون إلى دين الخليل وهنا فائدة , ذكرتها في الدرس الماضي ولكن أذكرها الآن لا باس , في قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا الذي فطرني لم يقل إلا الله لسببين اثنين , ولعل المذاكر الدرس الماضي يتذكرها , في قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام في قومه إلا الذي فطرني في ذلك كم فائدة ؟
ولم يقل إلا الله لفائدتين :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائدة الأولى : الإشارة إلى علة أفراد الله بالعبادة لأنه كما أنه منفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة .
الفائدة الثانية : الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها ففيها تعليل للتوحيد الجامع بين الإثبات والنفي .
كأن إبراهيم يقول أنا أعبد من خلقني , ويقول لهم كيف تعبدون من لا يخلقكم فالذي خلق هو الذي يستحق العبادة فهذه فائدة جميلة يحرص عليها ..
نعم ..ففي قول إلا الذي فطرني هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى .
ثم قال المصنف ـ رحمة الله ــ :(ودليل شهادة أن محمد رسول الله قوله تعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128) )
دليل شهادة أن محمد رسول الله ذكر الآية أي الدليل على أن محمد رسول الله هذه الآية (لقد جاءكم رسول ) يقول الله تعالى ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولٌ من أنفسهم أي من جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم { ربنا وابعث فيهم رسولٌ منهم } وقال تعالى ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولٌ من أنفسهم عزيزٌ عليه ما عنتم ) أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها حريصٌ عليكم حريصٌ على هدايتكم حريص على وصل النفع الدنيوي والأخروي إليكم حريص عليكم في تقديم كل خير , يريد لكم الخير في الدنيا والآخرة ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) نعم كما قال الله تبارك وتعالى { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } وفي الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام " نبي الرحمة " ومن رحمته عليه الصلاة والسلام أنه قام ليلة من الليالي فقام معه بعض الناس فلم يقم بقية الليالي فل سئل عن ذلك قال " خشيت أن تفرض عليكم " ولما علم بأن عبد الله ابن عمر يصوم الدهر جاءه وقال إنك لاتستطيع (سبحان الله ) رحمة من الرسول صم يوم وترك يوم إلى أن قال له صم ثلاث أيام كصيام الدهر إلى نهاية الحديث المعروف .
ومعنى الشهادة للرسول بالرسالة : طاعته فيما امر واجتناب مانهى عنه وزجر وأن لا يعبد غلا بما شرع هذا معنى الشهادة فليس معنى الشهادة أن يردد بلسانه محمداً حبيبنا فقط أو يردد بلسانه نحب محمد , هذه كل يدعيها الأدعاءات كل يدعيها وكل يقولها,
وكل يرددها إنما المحبة الحقيقة بماذا ؟ من يعرف؟ هل المحبة الحقيقة فقط بالكلام والادعاءات ؟
بالأتباع والتطبيق والعمل ولذلك وش قال محمد بن عبد الوهاب معنى شهادة الرسالة طاعته فيما امر, أي أمر يأمر به الرسول عليه الصلاة والسلام هو خير لنا يجب طاعته كما قال الله تعالى { يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وقوله تعالى { واطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا .. } { واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } سبباً للرحمة .
بل من فضائل طاعة الرسول قول الله عز وجل :{ ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أطاعني فقد دخل الجنة ومن عصاني دخل النار " ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " كل الناس يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى؟ يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار }
نعم طاعته فيما أمر واجتناب مانهى عنه وزجر : أي أن يترك المنهيات فإذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام يكون من المبادرين أن ينتهي هذا هو الدين ولذلك ماذا يقول الله عز وجل { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله...} آية المحنة , آية الأختبار ادعى قوماً محبة الرسول ومحبة الله فأنزل الله هذه الآية { قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } اتبعوا محمد .
والأيعبد إلا بما شرع لا بالأهواء ولا بـ لبدع فإن الأصل في العبادات التوقيف والتشريع فمن ابتدع في الدين بدعة لم يكن متبع لنبي عية الصلاة والسلام من أحدث في الدين بدعة لم يكن متبع لنبي علية الصلاة والسلام لأن البدعة والعياذ بالله تقتضي أن الشريعة أن الشريعة ناقصة , فلايكون متبعاً لرسول صلى الله عليه وسلم من أحدث في الدين حدثاً ,لا يكون متبع لرسول من قدم بين يدي الرسول وابتدع في الدين بدعة او رفع صوته أو قدم رايه او قدم رأي شيخه أو رأي مذهبه أو رأي فلان أو فلان على قول النبي عليه الصلاة والسلام لا يكون متبع لرسول من يعتقد أن هدي النبي لاينفع في هذا الزمان .
نعم من علامات شهادة أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسالة لمحمد أن لايعبد إلا بما شرع وأن كل بدعة ضلالة وللفائدة أذكر لكم ماذا يترتب على البدعة :
البدعة خطير تستلزم أمور :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً : تستلزم تكذيب قول الله { اليوم أكملت لكم دينكم } أول يخبرنا أن الدين كامل فحينما يبتدع بدعة كأن الدين والعياذ بالله ناقص .
ثانياً : تستلزم القدح في الشريعة وأنها ناقصة نسأل الله السلامة .
ثالثاً : تستلزم القدح في المسلمين الذين لم يأتوا بها فكل من سبق هذه البدع من الناس دينهم ناقص وهذا خطير .
رابعاً: تستلزم أن ينشغلوا عن السنة وغالباً من انشغل ببدعة انشغل عن سنة فالبدعة أمرها خطير ويكفي قول النبي عليه الصلاة والسلام { كل بدعة ضلالة } حديث عام .
...يتبع ..
|