عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-07, 09:56 PM   #2
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

م / ( والناس إذا ماتوا يبعثون )
الإيمان بالبعث أحد أركان الإيمان الستة ، وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية فيقوم الناس لرب العالمين .
قال تعالى : ﴿ والله أنبتكم من الأرض نباتاً ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ ثم إنكم بعد ذلك لميتون ، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ زعم الذين كفـروا أن لن يبعثـوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ﴾ .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة غرلاً ) . متفق عليه
وأجمع المسلمون على ثبوته ، وهو مقتضى الحكمة ، حيث تقتضي أن يجعل الله لهذه الخليقة معاداً يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله ، قال تعالى : ﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ .
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ .
م / ( ومن كذب بالبعث فقد كفر ) .
لأنه مكذب للقرآن الكريم .
لقوله تعالى : ﴿ زعم الذين كفـروا أن لن يبعثـوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ﴾ فكفرهم الله تعالى .
وقال تعالى : ﴿ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ، ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ الذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم ﴾ .


وقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة خمس حوادث تدل على قدرة الله على البعث :
1) قوله تعالى : ﴿ وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ، ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ﴾ .
2) وقال تعالى في قصة البقرة : ﴿ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ﴾
3) وقال تعالى : ﴿ ألم تر إلى الذين خرجـوا من ديارهم وهم ألـوف حذر المـوت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ﴾ .
4) وقال تعالى : ﴿ أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحي الله هذه بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ﴾ .
5) وقال تعالى : ﴿ وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم ﴾ .
م / ( وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم ، والدليل قوله تعالى : ﴿ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ﴾ ) .
الإيمان بالحساب ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين .
قال تعالى : ﴿ إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن من همّ بحسنة فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وأن من همّ بسيئة فعملها كتبها الله سيئة واحدة ) .
وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال ، وهو مقتضى الحكمة ، فإن الله تعالى أنزل الكتب ، وأرسل الرسل ، وفرض على العباد قبول ما جاءوا به ، والعمل بما يجب العمل به منه ، فلو لم يكن حساب ولا جزاء ، لكان هذا من العبث الذي ينزه الرب عنه ، وقد أشار إلى ذلك بقوله تعالى : ﴿ فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ، فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ﴾ .
م / ( وأرسـل الله جميع الرسـل مبشـرين ومنذرين
الرســول : من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه .
بين المؤلف أن الله أرسل جميع الرسل مبشرين ومنذرين كما قال تعالى : ﴿ رسلاً مبشرين ومنذرين ﴾ يبشرون من أطاعهم بالجنة ، وينذرون من خالفهم بالنار .
اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم على أصل العبادة وأساسها ، وهو التوحيد بأن يفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة اعتقاداً وقولاً وعملاً ، ويكفر بكل ما يعبد من دون الله .
قال تعالى : ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ واسأل من أرسلنا من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ﴾ .
وأما الفروض المتعبدة بها فقد يفرض على هؤلاء من الصـلاة والصـوم ونحوها ، ما لا يفرض على الآخرين ، ويحرم على هؤلاء ما يحل للآخرين .
قال تعالى : ﴿ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ﴾ .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ﴿ شرعة ومنهاجاً ﴾ سبيلاً وسنة ) .
م / ( وأولهم نوح عليه الصلاة والسلام ، وآخـرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل أمة بعث إليها رسولاً يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت ) .
أولهم نوح عليه الصلاة والسلام .
قال تعالى : ﴿ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ﴾ .
وفي حديث الشفاعة ( يأتي الناس إلى نوح فيقولون له : أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ) .
وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنه سـيكون بعدي كذابـون ثلاثون كلهم يدعي أنه نبي وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي ) رواه الترمذي
م / ( وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله . قال ابن القيم : الطاغوت : ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع )
أراد شيخ الإسـلام بهذا أن يبين أن التوحيـد لا يتم إلا بعبادة الله وحـده لا شـريك له واجتناب الطاغوت
والطاغوت : مشتق من الطغيان , وهو مجاوزة الحد ، فكل من يتجاوز الحد الذي يحد له يعتبر طاغوتاً .
وأجمع تعريف ما قاله ابن القيم وهو : ( ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع ) .
(كل ما تجاوز به العبد حده) ومعنى كل ما تجاوز به العبد حده، أي : تعدى به العبد قدره الذي ينبغي له في الشرع فهو طاغوت .
(من معبود) يعني : سواء كان هذا التعدي بكون هذا الإنسان عُبد من دون الله فصار معبودًا فمن صُرف له شيء من أنواع العبادة وهو مقر بذلك وراض به فإنه طاغوت؛ لأنه تجاوز حده وقدره في الشرع؛ لأن حده في الشرع أن يكون عابدًا لله تعالى لا أن يكون معبودًا فإذا رضي أن يكون معبودًا فقد تجاوز حده .
(أو متبوع) هذا يدخل فيه الكهان والسحرة الذين يُتبعون فيما يقولون. كما يدخل في هذا علماء السوء الذين يدعون إلى الكفر أو إلى الضلال أو إلى البدع أو يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام والاستعاضة عنها بالقوانين الوضعية فهؤلاء كل واحد منهم يصدق عليه أنه طاغوت؛ لأنه تجاوز حده، وهذا التجاوز في كونه متبوعًا يشرع .
(أو مطاع) هذا يدخل فيه الحكام والأمراء والخارجون عن طاعة الله تعالى، الذين يحرمون ما أحلَّ الله، أو يحلون ما حرم الله، فهم بهذا المعنى طواغيت؛ لأنهم تجاوزوا حدهم بكونهم هيأوا أنفسهم لأن يطاعوا في غير طاعة الله تعالى. هذا معنى التعريف الذي ذكره ابن القيم .
 لا يتم التوحيد إلا بتوحيد الله والكفر بما سوى الله .
قال الشيخ السعدي : ( وحقيقة تفسير التوحيد : العلم والاعتراف بتفرد الرب بجميع صفات الكمال وإخلاص العبادة له وذلك يرجع إلى أمرين :
1) نفي الألوهية كلها عن غير الله .
2) إثبات الألوهية لله تعالى وحده لا شريك له .
قال تعالى : ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ﴾ .
﴿ فمن يكفر بالطاغوت ﴾ يعني : يتبرأ منه ، ويعتقد بطلانه .
﴿ ويؤمن بالله ﴾ يعني : يصدق أن الله معبوده وإلهه الحق .
﴿ فقد استمسك ﴾ يعني : استعصم .
﴿ بالعروة الوثقى ﴾ وهي : ( لا إله إلا الله ) كلمة التوحيد ، يعني : فقد استمسك بالعروة التي لا انقطاع لها.
قال تعالى : ﴿ قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مئاب ﴾ .
وهـذه الآيـة هي معنى ( لا إله إلا الله ) ، فدلت الآية على أنه لا بد في الإسلام من النفي والإثبات ، فيثبت العبادة لله وحده ، وينفي عبادة ما سواه .
وقال صلى الله عليه وسلم في الصحيح : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )
قال المصنف في كتاب التوحيد : ( وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله ، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها ، بل ولا الإقرار بذلك ، بل ولا كونه يدعو إلا الله وحده لا شريك له ، بل لا يحرم دمه وماله حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله ... ) .
م / ( والطواغيت كثيـرة ، ورؤوسهم خمسة : إبليس لعنه الله ، ومن عبد وهو راض ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ، ومن حكم بغير ما أنزل الله ) .
قوله ( والطواغيت كثيرة ) أي إذا عـرفت ما حـده ابن القيـم بتحقق ، تبين أن الطواغيت كثيـرة جـداً من بني آدم بلا حصر ، وذلك أن كل من تجاوز حده في الشرع ، صار بخروجه منه وتجاوزه طاغ .
 وأكبر الطواغيت بالاستقراء والتأمل خمسـة :
[1] ـ إبليس لعنه الله .
وهو رأسهم الأكبر ، وهو الشيطان الرجيم اللعين الذي قال الله له : ﴿ وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ﴾ .
[2] ـ ومن عبد وهو راض .
أي من عبـد من دون الله وهو راض بتلك العبـادة من العابد ، بأي نوع من أنواعها ، فهو طاغوت ، وسواء عبد في حياته أو بعد مماته إذا مات وهو راض بذلك .
[3] ـ ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه .
أي من دعا إلى عبادة نفسه وإن لم يعبدوه فإنه من رؤوس الطواغيت ، سواءً أجيب لما دعا إليه أم لم يُجَبْ ، وهذا ينطبق على بعض مشائخ الصوفية الذين يقرون بالغلو ويفرحون به .
[4] ـ ومن ادعى شيئاً من علم الغيب .
من ادعى شيئاً من علم الغيب فهو كافر ، لأنه مكذب لله عز وجل ، قال تعالى : ﴿ قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون ﴾ ، وإذا كان الله عز وجل يأمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله فإن من ادعى علم الغيب فقد كذب الله عز وجل في هذا الخبر .
[5] ـ ومن حكم بغير ما أنزل الله .
كمن يحكم بقوانين الجاهلية ، والقوانين الدولية ، بل جميع من حكم بغير ما أنزل الله سواء كان بالقوانين ، أو بشيء مخترع، وهو ليس من الشرع ، فهو طاغوت من أكبر الطواغيت .
فمن لم يحكم بما أنزل الله استخفافاً به ، أو احتقاراً له ، أو اعتقاداً أن غيـره أصلح منه ، وأنفع للخلق ، أو مثله فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة .
قال تعالى : ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ .
وقال تعالى في سورة النساء : ﴿ ألم تر إلى الذين آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً ...﴾ إلى أن قال : ﴿ ... فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ﴾ ، أقسم الله عز وجل بنفسه ، أنهم لا يؤمنون حتى يستكملوا ثلاثة أشياء :
(1) أن يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور .
(2) أن لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى به .
(3) أن يسلموا تسليماً كاملاً لحكمه .
وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يعلم أن حكم الله ورسوله مقدم على كل حكم ، فما من مسألة تقع بين الناس إلا ومردها إلى حكم الله ورسوله .
وكيف يرضى العاقل أن تجرى عليه أحكام المخلوقين التي هي نخاثة أفكار ، وزبالة أذهان ، بدلاً من حكم الله الذي أنزله على رسوله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
وقد تغيرت الأحوال ـ خصوصاً في هذا الزمان ـ فاعتاضوا عن كلام الله ورسوله ، وحكم الله ورسوله ، بآراء اليهود والنصارى الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ، ورضوا بتحكيم آراء الرجال .
ولله در العلامة ابن القيم حيث يقول :
والله ما خــوفي الذنـوب فإنها
لكنما أخشى انسلاخ القلب عن
ورضاً بآراء الرجال وخرصـها لعلى سبيل الله العفو والغفران
تحكيم هـذا الوحي والقرآن
لا كان ذاك بمنّـة المنــان
م / ( وفي الحديث : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) .
( رأس الأمر ) رأس الدين الذي جاء به محمد e هو الإسـلام وهـو : الاستسلام لله ، والانقيـاد له بالطاعة ، والخلوص من الشرك .
( وعموده الصلاة ) وهذا فيه عظم شأن الصلاة ، وأنها من الدين بهذا المكان العظيم ، وهو أن مكانها من الدين مكان العمود من الفسطاط ، فكما أن عمود الفسطاط إذا سقطت سقط الفسطاط ، فكذلك إذا فقدت الصلاة سقط دين تاركها ، ولم يبق له دين .
( وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) ذروة الشيء أعـلاه ، وذروة البعيـر أعـلاه ، وهــذا يفيد أن الجهاد هو أعلى وأرفع خصـال الدين ، وذلك أن فيه بذل المهج التي ليس شيء أنفس منها ، ولا يعادلها البتة ، فيبذل مهجته ويبذل ماله لظهور الدين وتأييده وجهاد الكفار والمنافقين ، فبذلك استحق أن يكون من الدين بهذا المكان ، قال تعالى : ﴿ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ﴾ .
قوله ( وفي الحديث ) هو حديث رواه الترمذي في كتاب الإيمان برقم ( 6/26 ) وهو :
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني من النار ، فقال : " لقد سألتني عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنَّة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل من جوف الليل ، قال : ثم تلا : ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ حتى بلغ ﴿ يعلمون ﴾ ثم قال : ألا أخبــرك برأس الأمر وعموده وذروة ســنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه وقال : كُفَّ عليك هذا ، فقلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....
أم اليمان غير متواجد حالياً