عرض مشاركة واحدة
قديم 23-07-08, 12:22 AM   #29
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
Icon188 اجابة أخرى على سؤال فضيلة الشيخ


لماذا القرآن لم يُجْمَع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جُمِعَ بعد وفاته،

إن مما لا شك فيه أن القرآن الكريم لم يُجمع في السطور كاملاً في عهده صلى الله عليه وسلم بل كان محفوظاً في الصدور، صدور الصحابة رضي الله عنهم. وكانت أجزاء منه قد كُتبت على الرقاع، وأُخرى على أغصان النخيل، والأحجار، وما تيسر من وسائل الكتابة في ذلك العصر ..

لم يدوَّن القرآن ويُكتب في عهده صلى الله عليه وسلم بسبب وجهين:

الأول: أن وجود النسخ في حياته صلى الله عليه وسلم كان أمرًا وارداً على بعض آيات القرآن الكريم، فلو دُوِّن الكتاب ثم جاء النسخ لأدى ذلك إلى الاختلاف والاختلاط في الدين، فَحَفِظَه سبحانه في قلوب الصحابة إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وَفَّق الصحابة بعدُ للقيام بجمعه. وأيضاً فإن الله سبحانه قد أمَّن رسوله من النسيان، بقوله: { سنقرئك فلا تنسى } (الأعلى:6) فحين وقع الخوف من نسيان الخلق، وحدث ما لم يكن، أُحْدِث بضبطه ما لم يحتج إليه قبل ذلك .

الوجه الثاني: إن دواعي الكتابة لم تكن قائمة في عهده صلى الله عليه وسلم، من جهة أن القرآن ربما كان لم يكتمل بعد، ومن جهة أيضًا أن عددًا كبيراً من الصحابة كان يحفظ القرآن في صدره .

ولكن...لما توافرت دواعي الكتابة، متمثلة بوفاته صلى الله عليه وسلم، وما ترتب بعد ذلك من حروب الردة التي استنفدت عدداً كبيراً من الصحابة الحفظة....لما حدث ما حدث بادر الصحابة إلى جمعه وتدوينه مخافة ضياعه وذهابه من الصدور .



وإن جمع أبي بكر للقرآن لم يكن مغايراً لما كان عليه الأمر في عهده صلى الله عليه، وكل ما في الأمر أن أبا بكر نقله من الصدور والأماكن المتفرقة التي كُتب عليها، ومن ثَمَّ جَمَعَها في موضع واحد، مخافة ضياعها وفواتها بفوات الصحابة .

من قال إن الصحابة قد اختلفوا في جمع القرآن وترتيبه،فنقول إنه إذا بدت من بعض الصحابة وجه معارضة ومخالفة حول جَمْعِ القرآن بدايةً، إلا أن الاختلاف بين الصحابة قد آل إلى وفاق واتفاق في النهاية، واجتمعت كلمة الصحابة على ضرورة جمع القرآن في مصحف واحد، وليس في هذا ما يدعو إلى التشكيك في موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع القرآن .

أما في مسألة ترتيب آيات القرآن وسوره، أن ترتيب آياته كان بتوقيف منه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للصحابة فيه مدخل لا من قريب ولا من بعيد؛ إذ كان جبريل عليه السلام ينـزل عليه بالوحي، ويأمره بوضع آية كذا في موضع كذا، وهذا مما لا خلاف فيه


هذا والله أعلم




توقيع إيمان مصطفى عمر
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً