تابع تلخيص شرح كتاب الصيام
العبادات المؤقتة:
هنا نذكر منهج الإسلام في بيان التوقيت لكل عبادة مؤقتة، العبادات المؤقتة بالنص هي:
* الصلوات الخمس * وشهر رمضان. *والحج *والعمرة لا توقيت فيها، ولكن جاء توقيت فيها بالمنع: فتمنع العمرة للحاج في :يوم عيد الأضحى، وفي يومين من أوائل أيام التشريق باتفاق، والخلاف في ثالث أيام التشريق، والمانعون يقولون: هذا اليوم ثالث أيام التشريق، والحاج مشغول فيه برمي الجمار.
وبعضهم توسط وقال: إن هو قد رمى وانتهى وتعجل فلا مانع، والمانعون يقولون: لا، وإن تعجل فقد تأخر غيره، فهو يوم محسوب للرمي، فلا يعتمر في ذلك اليوم، أما ما عدا ذلك فالسنة كلها وقت للعمرة، سواء تكررت على رأي المالكية أو لم تتكرر، إذاً: العمرة لا وقت لها.
ومن هنا نتأمل علامات التوقيت، فنجد أن المولى سبحانه ربط المفروض بالتوقيت بعلامات كونية يستوي فيها العامي والمتعلم، بل إن البدوي أعرف بها من الحضري؛ لأنها ألصق بها في حياته،
فرمضان جعل الله سبحانه وتعالى لثبوته الهلال، والهلال أمر كوني يظهر في كبد السماء، ويراه القاصي والداني، فكل من أعطاه الله نعمة البصر يراه، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته )، على ما سيأتي تفصيل الكلام في الرؤية وغيرها .
الشريعة مرتبطة بالتوقيت الهلالي:
التوقيت الهلالي هو المعتبر في جميع معاملات المسلمين وعباداتهم؛ ولذا نجد في القرآن بيان تشريع الصوم وتوابعه، من أول قوله تعالى: (( كتب عليكم )) إلى قوله: (( شهر رمضان )) إلى قوله: { وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة:187]، ثم يأتي الصوم الأعم:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188]،
ثم يأتي الكلام عن الأهلة:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة:189] أي: في معاملاتهم { وَالْحَجِّ }[البقرة:189] أي: في عباداتهم،
ويلحق بالحج من حيث التوقيت كل العبادات، فالمطلقات يتربصن ثلاثة قروء، فإن لم يكن لها قروء فثلاثة أشهر، وهل هي أشهر إفرنجية أو أشهر عربية هجرية قمرية؟ الثاني.
وكذلك قوله تعالى:{ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة:2]،
ثم يأتي بعد ذلك: { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } [المجادلة:4] هل صيام الكفارات يكون بالأشهر القبطية أو بالأشهر القمرية؟ وكذلك بقية العدد: أربعة أشهر وعشراً، تعتبر بالأشهر القمرية.
والعالم الآن فيه سنوات متعددات: شمسية، وقمرية، وميلادية، وكل هذه اصطلاحات عند أصحابها، والمولى سبحانه وتعالى بين للعالم في كتابه الكريم:{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } [التوبة:36]، وهل يمكن أن نحافظ على الأشهر الحرم في سنة ميلادية أو قبطية أو شمسية؟ لا يمكن، فهي أربعة حرم من الاثني عشر، وهكذا بين سبحانه: { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة:36]، وهذا يعني: حافظوا عليها، وتعاملوا بها.
من أين تحسب بداية الأشهر القمرية ؟
وهذه الاثنا عشر شهراً من أين تبدأ؟ العرب اختاروا أن تبدأ من محرم؛ لأن السنة العملية عندهم تنتهي بذي الحجة؛ لأنهم كانوا يسيحون في الأسواق، ويقول علماء الأدب: أسواق العرب: شحر ومجاز ومجنة وعكاظ ومنى .
كل هذه كانت أسواقاً تجارية للعرب، يأتون من حضرموت وينزلون في نجد، ثم إلى الحجاز ليحجوا ويحضروا مواسم عكاظ في الحجاز، فإذا انتهوا من هذه الدورة بدءوا سنة جديدة، واعتبروا أول السنة شهر محرم، وكانوا لا يعتبرون سنة بحد معين، وكانوا يؤرخون بالأحداث العظام، نحن في هذه الآونة نسمع الناس يقولون: سنة كسوف الشمس سنة كذا، مثلاً: كسفت الشمس هنا في المدينة عام [1363] هجرية كسوفاً نصفياً، فصار أهل المدينة يؤرخون بذلك، فكانوا في السابق يؤرخون بالأحداث، كما أرخوا -مثلاً- بعام الفيل؛ لأنه كان حدثاً عظيماً جداً في تاريخ مكة.
بدء العمل بالتاريخ الهجري
رفع إلى عمر رضي الله تعالى عنه سند بدين يدفع في شعبان، فتساءل: أي شعبان: الماضي أو الحاضر أو المستقبل؟ فقيل: لابد أن نجعل لنا بداية تاريخ ليضبط لنا هذه الأمور، فاجتمعوا وتشاوروا. أعظم حدث في الإسلام هو الهجرة؛ لأن بها انتقلت الدعوة من موضع الضيق إلى السعة والمواساة،؛ فاختاروا أن يكون عام الهجرة بداية التاريخ الإسلامي.
وكان وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول، فقالوا: لا نخرج عن العرف، ولا نجعل أول السنة ربيع، بل نعتبر أول السنة المحرم.
ومضى التاريخ الإسلامي على التوقيت الهجري إلى اليوم بحمد الله، قال سبحانه:{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ } [التوبة:36] فإذا كانت عند الله فلا ينبغي الإعراض عنها، وعلينا أن نأخذ ما هو معتبر عند الله، ونحن نعلم أن ما حدث من الأشهر ومن السنوات السابقة على التاريخ الهجري هي أيضاً عند الله، وحسابها عند الله، ومجراها من عند الله، فهي باعتبار حركة الشمس في الفلك، ولكن المعتبر القمرية، ولماذا؟ نسأل عامة الحاضرين: أولئك الذين يعتمدون التواقيت غير الهلالية بم يعرفون الشهر؟ لا يمكن أن يعرفوه إلا بتخصص جماعة يعينون دخول الشهر وخروجه، ومن هنا عجزوا عن ذلك، واتفقوا على أن يجعلوا شهورهم متفاوتة ما بين ثلاثين وواحد وثلاثين، يقبضون الكفين، فالعظم الناتئ واحد وثلاثون، والمنخفض ثلاثون، وهكذا فاختلف العدد عندهم في عدد أيام السنة، وكما يقال: سنة كبيسة وغير كبيسة، والفرق عندهم يومان، فجعلوا فبراير -شهر الكذب- ثمانية وعشرين، ما وصل إلى الثلاثين، يهمنا أنهم وقعوا في حيرة، واستمر الأمر عندهم على ذلك، أما نحن -بحمد الله- فلم نحتج إلى هذا ولا إلى ذاك، ولا إلى أن ننقص شهراً عن حسابه، إنما القمر آية كونية يضيء بالليل، ويراه القاصي والداني، كل من أنعم الله عليه بنعمة البصر يعرف أن الشهر قد جاء، وسمي الشهر شهراً للشهرة، فهو يشتهر بظهوره، وسمي الهلال هلالاً؛ لأنهم كانوا من عادتهم إذا طلع الهلال رفعوا أصواتهم، ورفع الصوت يسمى إهلالاً وتهليلاً، هلل فلان أي: رفع صوته، ويقال: التهليل والتحميد
سهولة المواقيت الزمانية الشرعية
من توقيت الإسلام للعبادات الصلاة، فربط مواقيت الصلاة بحركة الشمس، فلماذا ذهبنا للشمس؟ ، أما وقت الصلاة فحركة يومية، والشمس يومية، فربطت مواقيت الصلاة اليومية بحركة الفلك اليومي كما قال الله:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء:78]
-شهر الصوم حركة شهرية وليست يومية، فكان القمر مجزئاً فيها
وبهذا تكون مواقيت العبادات في الإسلام طبيعية، أي: مرتبطة بآيات كونية يدركها العامي قبل المتعلم.
ويبحث العلماء توقيت الصوم، ومتى يدخل الشهر، وما رمضان إلا دورة أيام من دورات الفلك، ليست لأيامه ألوان خاصة، ولا أطوال متخصصة، ولا رياح معهودة، إنه يوم من الأيام، ومعرفة ذلك ببداية الشهر.
نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم رمضان بصوم، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم اليوم الذي يشك فيه، فمتى نصوم؟؟
1-لثبوته الهلال.
والهلال أمر كوني يظهر في كبد السماء، ويراه القاصي والداني، فكل من أعطاه الله نعمة البصر يراه.ولذا قال صلى الله عليه وسلم: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ).
2-إكمال شعبان ثلاثين يوما.
أنه صلى الله عليه وسلم ابتدأهم:إذا لم تروا الهلال لغيم،فماذا يكون الحكم؟
أتاهم بالحل والجواب مقدماً:(فإن غم)،يقال: الغمام لأنه يغم الجو،
(فإن غم) أي: ستر وغطى، إما: بغمام وهو السحاب، وإما بقتر، وهو: الغبار التي تثيره الرياح أو الأحداث، فيكون في الأفق طبقة رمادية لا تبصر معها.
باب الصيام فيما يتعلق بدخول شهر رمضان.
وسيأتي المؤلف بالأحاديث التي تدور حول رؤية الهلال،
وهل الرؤية تثبت بواحد أم اثنين؟ وهل الرؤية خبر أم شهادة؟ وهل دخول رمضان كخروجه أو لا؟
شرح حديث: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)
قال المؤلف رحمه الله: [ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له ) متفق عليه، ولـ مسلم : ( فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين ) ].
عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( إذا رأيتموه )
ما هو الذي رأيناه؟ الهلال.
وأصل حديث ابن عمر طويل، واقتصر المؤلف منه على موضع الحاجة، وفيه أنهم تراءوا الهلال -تطلبوا رؤية الهلال-
فهل يتعين على كل واحد أن يراه ليصوم؟
بعض الناس ضعيف النظر، سيصوم على رؤية غيره، إذاً: ( إذا رأيتموه -أي: في مجموعكم، بمعنى: لو رآه واحد منكم فكأنكم جميعاً رأيتموه- فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا ).
معنى (فاقدروا له)قال: ( فإن غم عليكم -بشيء ما- فاقدروا له )
ما معنى (فاقدروا)؟
المعنى اللغوي يدور على معنى:
1-التضييق والقلة،{ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ } [الطلاق:7]،
أي: نحتاط ونصوم في اليوم الذي يشك فيه إقداراً للشهر، هذا مدلول فاقدروا وحدها، ولكن لم تقتصر الرواية على قوله: (فاقدروا) بل فسرت بقوله: ( أكملوا العدة ثلاثين ) .
كيف يكون التقدير؟
والمؤلف جاء براوية (فاقدروا) عن عبد الله بن عمر وانتهى، وهذا عند البخاري ، قال: ولـ مسلم : ( أكملوا العدة ثلاثين )، ويريد المؤلف بهذا أن قوله: (فاقدروا) مجمل يحتاج إلى تفصيل، ووجد عند مسلم التفصيل بعدد الأيام،
ولهذا يقول ابن عبد البر في الاستذكار: إن من حكمة مالك وفقهه أنه لما بحث هذا الباب أورد حديث عبد الله بن عمر هذا، ثم أورد حديث ابن عباس الذي فيه: ( فاقدروا له ثلاثين يوماً )،
فائدة لطلاب الغلم:ولهذا مراراً نقول: إن من تأمل إيراد مالك للأدلة في الباب، وأمعن النظر فيها بملكة فقهية، يستطيع أن يعرف مراد مالك ، فيشرح الموطأ بالموطأ، وهذه من دقة ملاحظة الفقهاء، حديث ابن عمر وحديث ابن عباس كلاهما في معنى واحد، فكان من الممكن أن يقدم حديث ابن عباس لأنه أبين، لكن قدم حديث ابن عمر الذي فيه الإجمال، وأردفه بحديث ابن عباس ليرفع الإجمال الموجود في حديث ابن عمر .
2-وبعض العلماء فسر كلمة (فاقدروا له) بأنه بالحساب، قدروا أي: خمنوا، وكيف يقدرون؟ قالوا: بعلم الفلك، وأجمع العلماء عل عدم حساب الصوم بالحساب إلا ما روي عن ابن سيرين .
الفرق بين الإخبار والشهادة؟
الفرق بين الخبر والشهادة دقيق جداً؛ لأن كلاً منهما يخبر عن مغيّب، والفرق بينهما: إذا كان مضمون الكلام -أي: مضمون الخبر- له علاقة بشخص ثالث غير المتكلم والسامع فهو شهادة؛ لأنه يشهد على إنسان ما، وإن كان موضوع الكلام لا يتوقف على شخص ثالث فهو خبر، حينما يقول: طلعت الشمس.
هل يثبت الشهر برؤية عدل؟
إذا رآه مسلم عدل في أول دخوله اكتفي به، وهناك من ينقل عن الشافعي أنه يقول: لابد من شاهدي عدل.
1-من اعتبر رؤية الهلال شهادة قال: لابد من اثنين { وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ} [الطلاق:2]
ومن اعتبر رؤية هلال رمضان خبر فيكتفي بواحد، حتى المرأة، فخبر المرأة وخبر الرجل في باب الأخبار سواء.
ومذهب الجمهور قبول خبر الواحد في دخول رمضان، ويتفقون على وجوب عدلين في خروج رمضان،ففي دخول رمضان الأحوط أن نقبل خبر الواحد؛ احتياطاً لرمضان، وأما الخروج فنحن على يقين من صومنا، فلا يخرجنا خبر الواحد، ونحتاج إلى زيادة تأكيد، فإذا شهد عدلان خرجنا عن الصيام، وكان الشهر تسعةً وعشرين يوماً.
خلاف العلماء في اعتبار المطالع
قوله: ( صوموا لرؤيته ) خطاب لأهل المدينة في ذلك الوقت أو خطاب للأمة كلها؟
1-من قال: هو خطاب لمن كان موجوداً في ذلك الوقت، قال: خاص بهم.
2-ومن قال: هو عام للأمة كلها، قال: إذا رئي في بلد وجب على جميع بلاد العالم الإسلامي أن يصوم.
*** الراجح:ولكن وجدنا الأخبار والعمل على اعتبار كل قطر لمطلعه.
الدليل: كما في قضية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مع كريب ، فـ كريب أرسلته بعض أمهات المؤمنين إلى معاوية رضي الله تعالى عنه وهو خليفة بالشام، فأدركه رمضان بالشام، ورءوا الهلال ليلة الجمعة، وأصبحوا صائمين يوم الجمعة، ثم جاء كريب إلى المدينة وهم في رمضان، فتحادث هو و ابن عباس عن أهل الشام، وعن معاوية وعن رمضان، فقال كريب : أما رمضان فقد رأينا الهلال ليلة الجمعة.
قال: أنت رأيته؟ قال: نعم، رأيته وصمنا وصام معاوية وأمر بالصوم.
فقال ابن عباس : أما نحن -وكان في المدينة- فلم نره إلا ليلة السبت.
فقال: ألا تكتفي برؤية معاوية وصومه؟ قال: لا، بهذا أمرنا رسول الله، فقوله: ( صوموا ) خطاب لكل قطر على حدة.
إذاً: لا يوجد وحدة في هذا، وهل هذا يعيب العالم الإسلامي؟
لا، الوحدة تكون عملياً في غير ذلك، الوحدة تكون على تحكيم كتاب الله، الوحدة تكون في نظام الإسلام وفي تشريعه، الوحدة تكون في أعمال المسلمين بما فرض الله، نوحد الزكاة، نوحد الأموال، هل استطاعوا أن يوحدوا العملة النقدية؟ ما استطاعوا؛ لأنها أمور تختص بالبلد، ولا حاجة لكثرة الكلام في هذا، وإذا ما اتحدت قلوب المسلمين، فبنعمة من الله يستطيعون أن يوجدوا الوحدة بأبسط من ذلك، الآن بدءوا يقولون: وحدة التعرفة الجمركية، وحدة التعرفة البريدية، وحدة كذا، وهم الآن مضطرون إلى أن يوحدوا وسائل المواصلات، وتتبادل الشركات تذاكر بعضها بعضاً اضطراراً.
إذن:هل لكل بلد مطلعه الخاص به؟
النزاع في كون رؤية الهلال رؤية للعالم كله أو ليست رؤية للعالم كله، هذه أمور نظرية وليست عملية، وعلى هذا فكل بلد له مطلعه.
والذي يهمنا أن العالم الإسلامي ينبغي أن يرتبط في دخول رمضان وخروجه بهذه الآية الكونية الكبيرة، ألا وهي: رؤية الهلال، فإن غم عليكم فأكملوا العدة.
هل يصح إثبات الشهر بالحساب؟
أما أن نحسب مقدماً، ونعلن الصوم قبل مجيئه بأيام، ونقول: سيكون يوم كذا، والعيد سيكون يوم كذا، على أساس الحساب والتقدير، فالحساب والتقدير قطعاً لا يخلوان من الخطأ، والله ما تعبدنا ولا كلفنا أن نتحمل هذه المشاق، وإذا عرف الحساب بعض الأفراد فمن الذي يحسب لأهل البادية، وأهل الأرياف الذين لا يعرفون حساباً؟ إن قلت: إن الدولة ستخبرهم.
فكيف بالذين لم تصلهم مواصلات الأخبار؟ وكم يوجد من أهل البادية في الجبال وفي الكهوف! كم يوجد من البوادي بعيدة عن المواصلات! فهؤلاء عندهم توقيتهم، إذا رءوا الهلال لا يحتاجون إلى إخبار ولي أمر، فيصومون لرؤيته، وإذا رءوا الهلال يفطرون لرؤيته، وهكذا.
إذاً: قضية الحساب، وقضية تعميم الرؤية، فيها نظر.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يأخذ بنواصينا ونواصي ولاة أمورنا إلى الحق، وإلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.