قصيدة بعنوان :
وقفة مناجاة مع أمير الشهور ........ رمضان المبارك
للشاعر الفحل : عبد الرحمن العشماوي
أقبـلَ الصَّـوْمُ، ليـت أُمِّـي الحبيـبَـــهْ *** مِــنْ مَــدَى قُبْـلَـةِ الجبـيـن قَريــبـَـهْ
لـيــت أمِّـــي مــكـانَـهـا كـــلَّ عـــامٍِ *** تـتـلقَّـى شهـر الـهُـدَى مُـسـتجيـبَـهْ
لـيـتـهـا فـــي مـكـانـهـا كـــلَّ عــامٍ *** تـتــلــقَّــى شـــروقَــــه وغــروبَـــهْ
تتـلـقَّـى مـنَّــا التَّـهـانـيَ جَــذْلَـــــى *** بـدمــوعٍ مـــن الـجـفــون صَـبـيـبَـــهْ
أَقْـبَـل الـصـومُ، وهــو شَـهْـرٌ كـريـمٌ *** ساحـةُ الخـيــــرِ فــي مَــدَاهُ رَحيـبَـهْ
تسعدُ النــفــسُ حينَ يأتي، وترضـى *** ثـــمّ تـرضــى إذا دَعـــا أَن تُجـيـبَـهْ
أقـبــلَ الـصّــومُ، والـفـؤاد يـعـانـي *** مـن لَظَـى شوقـه، ويشكـو دَبيبَـــهْ
أيــن أمِّــي؟ تلـفَّـتَ الـقـلـب لـمَّـــــا *** قلـتُـهـا، وانـثـنـى يُــداري نَحـيـبَـهْ
أيــن أمِّــي؟ وهَــبَّ إعـصارُ حُـــزْنٍ *** فـفـؤادي الحـزيـنُ يشـكـو هُـبـوبَـهْ
سـكـتـتْ بَهْـجَـةُ الـفــوادِِ، وقـامـــتْ *** فــيــه دوَّامــــةُ الأَنــيــن خَـطـيـبَــهْ
وظــلامُ الأســى يـحـاصـرُ فـجــــري *** ويُـريـنـي وجـــوهَ بُــؤْسٍ غَـضُـوبَـهْ
يـا ظــلامَ الأَســى تـثاقَـلْـتَ حَـــتّــى *** سـئـمـتْ مُـهجتـي خُـطَـاكَ الرَّتيـبَـهْ
أيـــن أمِّـــي؟ تـعـثَّـر الـقــولُ لــمَّـا *** بـــرزَتْ صــورةُ الـحَـنـانِ المَهـيـبَــهْ
تـتـعـدّى بــــيَ الأَمــانــيَ حـــــدِّي *** فـأَراهـا مــن لَـمْـسِ كـفِّـيْ قَريـبَــهْ
ثُــمّ أَصـحـو عـلــى حــقـيـقـةِ بُـعْــدٍ *** يشتكـي الخافـقُ الحـزيـنُ لُــُغَـوبَـهْ
أيـن أمِّــي؟ بــل أيـن نَـبْـعُ عـطـاءٍ *** في يديها يُرضـي القلـوب الكئيبَــهْ
ليـتـنـي أســتـطـيـعُ تقـبـيـلَ كــــفٍ *** صــانــهــا اللهُ أنْ تُــمَــدَّ لِــرِيْــبــهْ
ليتـنـي أســتطـيـعُ أَدفــن وجـهــي *** فـي يديـهـا لـكـي أُداري شحـوبَـهْ
صـوتُـهـا مـــا يــزال عَــذْبــاً نــديَّــاً *** يــا بـروحـي فـديـتُ تـلـكَ العُـذوبَـهْ
أقـبــل الـصــومُ، والـهـلالُ غــريــبٌ *** والـنـجـومُ الــتــي تَــلُـوحُ غـريـبَــهْ
أقـبــل الـصــومُ، والحـبـيـبـةُ عــنَّــا *** قـابَ قوسـيـنِ، والـجــراحُ رهـيـبَـهْ
قـابَ قوسـيـنِ قَبْرُهـا، وهـو أَنْــأى *** مِـن مَـدى المـوجِ لـو أَردنـا رُكـوبَـهْ
قــابَ قـوسـيـن قـبـرُهـا، يا مُـحـبَّـاً *** أَوْحــشــتْ ظُـلْـمَـةُ الأَنـيــن دُروبَـــهْ
كـلُّ شبـرٍ مــن بيتـنـا فـيـه ذكــرى *** يــتـجـلَّـى فـيـهـا خـيــالُ الحـبـيـبَـهْ
دَوْحَـةُ السِّـدر تـَسـتـثـيـرُ شجـونـي *** والعـصـافـيـرُ والـغُـصــونُ الـرَّطـيـبَـهْ
والـنَّـسـيـم الـــذي يَـهُــبُّ صـبـاحـاً *** مـسـتـثـيـراً هـبــوبُــه عَـــنـْـدَلـيــبَــهْ
وسكـون المـسـاءِ، صــار ضَجيـجـاً *** مــن أنـيــنٍ، وصـــار نـــاراً مُــذيـبَـهْ
كـلُّ شـيءٍ يثيـرُ أشجـانَ نـفـسـي *** بـانـكـســاراتِ صـــــورةٍ مــقـلـوبَــهْ
يـا أمـيـرَ الشـهـور، جـئـتَ جـمـيـلاً *** مـثـلـمـا كُــنــتَ ، ذا جـــلالٍ وطِـيْـبَـهْ
جئْتَنـا الـيـومَ وحـدَنـا، مُــذْ فقـدنـا *** يـــا أمـيــرَ الـشـهـور أُمَّـــاًً نَـجـيـبَـهْ
جـئـتَ، والنفسُ تـشـتـكي من فـراغٍ *** وجـفـونــي دمـوعُـهــا مـسـكـوبَــهْ
يــا أمـيـرَ الشـهـور، عُــذراً لـقــلـبٍ *** بـــثَّ شــكــواه أو أبــان كُــروبَـــهْ
صـار جرحـي مُـضاعَفـاً، فَقْـدُ أمِّـي *** وانـكـســاراتُ أمَّــتــي المـنـكـوبَـهْ
أنــــا واللهِ مــــا جــزعـــتُ ولــكـنْ *** لـم يفـارقْ عينـيَّ هَـوْل المُـصـيــبَـهْ
فـي جـدارِِ الصبـرِ الجمـيـلِ ثُــقــوبٌ *** أســـــألُ الـلـهَ أنْ يَـسُــدَّ ثُــقــوبَــهْ
مــؤمــنٌ بـالـقـضــاءِ راضٍ مُـطــيــعٌ *** أســـــأل الـلـهَ رحــمــةً ومَــثُــوبَــهْ
ربَّنـا أجمـعْ مــع الحـبيـبـة شـمـلـنـا *** فـي ظـلالٍ مــن الجـنـانِ الرَّحــيـبَـهْ
|