عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-08, 11:20 AM   #7
طالبة التوحيد
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 03-07-2006
المشاركات: 230
طالبة التوحيد is on a distinguished road
افتراضي تابع تفريغ الشريط الثاني

شرح حديث: (نهى عن الوصال)
[وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال.
فقال رجل من المسلمين: فإنك تواصل يا رسول الله! فقال: وأيكم مثلي؟! إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رءوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم.كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا ) متفق عليه ].


بعد أن ذكر المؤلف رحمه الله تعالى آداب الفطر والحث على السحور، جاء بهذه المسألة المشهورة في الصيام.
معنى الوصال:
لغة: الوصال، والوصال: مأخوذ من الوصل، وأصله: وصل الشيء بغيره كما تصل طرفي الحبل.
العرف الشرعي: أن يصل صوم النهار بالليل، ويصير صائماً نهاراً وليلاً، وهذا يسمى وصلاً، ولأنه يتكرر مرة ومرتين سمي وصالاً.
شرح الحديث:
ساق المؤلف رحمه الله حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال ) أي:نهى الصائم أن يصل النهار بالليل سواء مرة واحدة أو كرر ذلك، ولما نهى والحال أنه صلى الله عليه وسلم يواصل، وجد المسلمون نهياً يغاير فعلاً! فقال رجل من المسلمين: نهيتنا عن الوصال وأنت -يا رسول الله- تواصل! ونحن إنما نستن بسنتك ونقتدي بهديك.
وهذا فعلاً سؤال في محله، ولكن بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ليسوا مثله، فقال: ( لست كهيئتكم أو لستم مثلي ) .
ومن هنا يقول الأصوليون: يشترط لصحة القياس أن يستوي الطرفان، فكأنه قال: تقيسون أنفسكم بي، والحال أن هناك فرقاً بيني وبينكم، وما هو الفرق في هذا الباب؟ قال: ( إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني )، وفي بعض الروايات: ( لستم مثلي؛ فإن لي طاعماً يطعمني، وساقياً يسقيني ) .

الحكمة من تحريم الوصال:
الوصال هو زيادة عبادة، فبدلاً من أن يصوم النهار اثنتا عشرة ساعة، فسيصوم الليل معه أيضاً اثنتا عشرة ساعة، ويكون قد صام أربعاً وعشرين ساعة مرة واحدة، وهذه عبادة فيها زيادة حمل النفس على الصبر وتهذيبها و إلخ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا، والغاية البعيدة من تحريم ذلك لها جهتان، وينضمان أو يصبان في غاية واحدة:
الجهة الأولى: لئلا يحمل المكلفون أنفسهم فوق طاقتهم تحت عاطفة حب العبادة، فيأتي الإنسان يعمل عملاً بعاطفة وانفعال، وهو مندفع، وبعد أن يمشي قليلاً يحس بالكلفة، فيريد أن يتراجع لكن بعد أن فات الأوان، ولكن من هنا من البداية لا تواصل.
الجهة الأخرى: لحفظ الدين؛ لأن الذي يحمّل نفسه الوصال، تتكرر عليه السنوات والأيام، ويتقدم في السن، ثم يحصل هناك عنده كراهية للعمل الذي شق عليه، وبعد أن كان يعمله بسهوله صار يعمله بتكلف، وهذا من التشدد المنهي عنه
حكم الوصال
نهى صلى الله عليه وسلم عن الوصال، هل هذا النهي يقتضي الفساد أم الكراهية أم التحريم؟ ماذا يكون الحال فيه؟
نجد العلماء يبحثون ذلك، فمنهم من يقول: النهي للكراهية. وبعضهم يقول:النهي للتحريم
لماذاالنهي للكراهة، والأصل في النهي التحريم؟

1-قالوا: لأن النهي لعلة ولحكمة يناط بها وهي: الإشفاق على الناس؛ لأن الوصال فيه صعوبة، فنهاهم أن يشقوا على أنفسهم.والآخرون قالوا: لا، النهي يقتضي التحريم، فلا يجوز أن يواصل.
وجاءت بعض الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر ) ، لا يكمل إلى الليل، فوقت يأتي السحور يتسحر، يعني: يقطع صومه بأكلة السحور، وهذه رخصة وإباحة، ومواصلة صوم الليل كله مع النهار لا يجوز.
وبعض السلف كـ ابن الزبير و طلحة كانوا يواصلون، وينقلون عن ابن الزبير عجائب : كان يواصل خمسة أيام وستة أيام بلياليها! ولكن فعلاً كان يجد العنت، وإذا انتهت مدة وصاله لا يستطيع أن يأكل ولا يشرب نظراً لحالة المعدة، فكانوا يذيبون له التمر في السمن، ثم يلعق من مجموع التمر والسمن إلى أن يلين المعدة ويرطبها، وتمتص هذا الخليط شيئاً فشيئاً، ثم بعد ذلك يأكل الطعام.
-يذكر ابن عبد البر عن الشافعي رحمه الله أنه قال: الوصال مكروه لمن شق عليه، ومن قدر فليواصل.
-ويقول ابن عبد البر : الجمهور أنه لا يجوز لأحد الوصال، وما ذكر عن بعض الأفراد فهذا اجتهاد شخصي لا يكون حجة على الآخرين، والله تعالى أعلم.

الوصال من خصوصيات النبي عليه الصلاة والسلام
لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال وهو يواصل تساءلوا -وهم محقون في ذلك-: نهيتنا والأصل أننا نتبعك ونستن بسنتك، ونهتدي بهديك وأنت تواصل! فمن حقنا من باب اتباعك أن نواصل لمن قدر عليه.
فبين لهم الفرق، فقال: ( لا، لست مثلكم، إني أبيت -وأكثر الروايات ليس فيها: عند ربي- يطعمني ربي ويسقيني ) ، ( إن لي طاعماً يطعمني، وساقياً يسقيني ).

ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-:(عند ربي- يطعمني ربي ويسقيني )؟
هذا اللفظ في هذا الحديث احتار العلماء فيه وإلى الآن، ولم نجد جواباً شافياً في ذلك، إنما هي معجزة لرسول الله، والمعجزة -كما يقال- فوق الطاقة الإدراكية، فوق طاقة العقل؛ لأنها لو نزلت لمستوى إدراك العقل خرجت عن كونها معجزة، جميع المعجزات لا يحيط بها العقل:

وهنا قال بعض العلماء:1- يطعمني ويسقيني من طعام وشراب الجنة،
فقيل: وهل طعام وشراب الجنة لا يفطر؟ قالوا: لا، لا يفطر؛ لأنه ليس من الدنيا، قيل: إذاً ما واصل. وكل الناس ستواصل ويأتيها طعام من الجنة.
فهل نحمل ( يطعمني ويسقيني ) على حقيقة الطعام والشراب أو نحمل ( يطعمني ويسقيني ) على أمر معنوي؟
القضية دائرة بين هذين، فإن حملناه على أكل وشرب حقيقة فليس هناك وصال، ولماذا لست مثلنا؟ ما دام أنك تأكل وتشرب فليس هناك وصال.
وإن حملناه على الأمر المعنوي فما هو إذاً؟
أكثر من أطال في هذا ابن القيم رحمه الله، ونقل عن العلماء، وتوسع في هذه المسألة،
2- وقال: إن العبد إذا اشتد حبه لله، وقويت صلته بالله، كان دوام ذكره لله غذاء له،
ولربما يكتفي بأبسط الأشياء من الطعام، ويغذي الجانب الروحي، وإذا تغذت الروح ساعدت الجسم، بخلاف الجسم، فإذا تقوى الجسم ضعفت الروح، وإذا تقوت الروح قوت معها الجسم،
الرجح:إذاً: قوله: ( أبيت يطعمني طاعم، ولي طاعم يطعمني ) نحاول أن نفهمها، ولكن نعترف بأننا لن نفهمها.الذي يهمنا: أنهم يغايرونه، له طاعم وله ساق، وكيف يكون ذلك؟ نتركها لله ثم لرسول الله.
طالبة التوحيد غير متواجد حالياً