الدرس الثاني
:
التفكرفي آيات الله ونعمه-العيش مع القرآن
الفوائد المطلوبة:
*ما هي الحكم والعبر التي ذكرها الشيخ خلال تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)؟
هذه من الآيات العظيمة التي بين الله -عز وجل- فيها حال المخالفين .. حال الناكصين .. حال البعيدين عن كتاب الله عو وجل .. فيا أيها المؤمن .. عندما ترى كافرًا أنعم الله عليه بنعم كثيرة في هذه الحياة الدنيا .. نعما قد تكون في الهيئة .. أو غير ذلك .. نعما قد تكون راجعة إلى أشياء كثيرة في هذه الحياة الدنيا .. فلا تحزن على ما فاتك من هذه النعم .. ولا تظن أن الله قد نسيك من نعمه وأنعم بها على هذا الكافر .. لا أيها المؤمن .. فإن الله عز وجل قد بين لك حقيقة هذا الكافر ..
تأمل قول الله -عز وجل- .. ((ولقد ذرأنا)) أي خلقنا .. وذرأ الله عز وجل أي : ذرأ هذه المخلوقات حين خلقها -سبحانه وتعالى- وقدر لها أن تكون من أجل أن تُرمى في نار جهنم.. ولك أن تتأمل نهاية هذه الآية العظيمة .. (ولقد ذرأنا لجهنم) فهم خُلقوا حين خُلقوا لأجل أن يكونوا من أهل جهنم .. وهذا ليس من ظلم الله عز وجل لهم .. بل هم الذين ظلموا أنفسهم بأنهم رأوا النور فأعرضوا عنه .. ورأوا الظلمة وطريق الشيطان فاختاروه .. ولذا قال الله (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس) ما صفتهم يا رب ؟ (لهم قلوب لا يفقهون بها) فعندما ترى قلب هذا الكافر .. قد يكون لم يعتريه شيء من الأمراض أبدا .. ولكن المرض الأعظم والبلاء الأكبر والأدهى والأمر هو مستقر في قلبه لأن الله عز وجل قد وصف هذا القلب بأنه لا يفقه .. وأي داء أعظم من كونه لا يفقه .. ومعنى (لايفقه) أي : لا يفهم .. لا يعلم .. لا يدرك .. لا يفهم شيئا يستفيد منه .في حياة عظيمة هو مقبل عليها ..
(ولهم أعين لا يبصرون بها) هذه الأعين قد تكون صحيحة مبصرة وقد تكون قوية وجميلة ونقية ولكن في حقيقة الأمر هم لا يبصرون بها ، فإياك إياك أيها المؤمن أن يضعف إيمانك فتتمنى عيناً كعين هذا الكافر الذي وإن كان تراه على أحسن حال إلا أنه في حقيقة الأمر أعمى لا يُبصر أبدا .
لا يبصر بها --> حقيقة الحياة الدنيا على وجهها الذي خلقها الله -عز وجل- عليه ، ولا يدرك حقيقة الآخرة العظيمة على وجهها الذي خلقها الله -عز وجل- عليه ، ومن لا يدرك هذه الحقائق هو في حقيقة الأمر لا يبصر وإن كان يرى أحد نظر .. ويُبصر أشد إبصار .. فهو أعمى .. لأن الحقيقة الكبرى لم يرها ولم يُبصرها ، وما فائدة أن يعيش حياة في أتم صحة وعافية ؟ إنها حياة انتهت .. وبدأت حياة لا تنتهي ، أمور لا تنقضي أبدًا ، ولذا كانت هذه الحياة مهما امتدت مدة قليلة وكانت هذه الحياة لا تنتهي أبدًا .. فأصبحت طويلة مستقرة دائمة ..
ولذا انظر إلى هذه الدنيا بمنظار القرآن أيها المؤمن ، لأن القرآن بينه أشد بيان .. وإلا فلن تهنأ في حياتك .. ولن تسعد أمورك ولن تستقر ..
(ولهم آذان لا يسمعون بها) هم يسمعون الآن الكلام .. بل قد يكون سمعهم أصح من سمعنا نحن .. لا يسمعون كلاماً ينفعهم يكون داخلاً في قلوبهم .. فإن السمع في كتاب الله عز وجل على نوعين :
1- سمع بطرف الجارحة --> هذا لا قيمة له لأنه قليلاً ثم يفنى ..
2- السمع النافع .. وهو الذي يكون بالقلب .. فإن للمؤمن سمعا في جارحته وسمعاً في قلبه .. فإن استمع بجارحته ثم استمع بقلبه نفعه السماع .. وإن استمع بجارحته دون أن يدخل هذا المسموع إلى داخل القلب لم ينفعه السماع .. ولذا قال هنا (ولهم آذان لا يسمعون بها)
*
لماذا يجب علينا أن ندرك معنى الحياة الدنيا والحياة الآخرة بمفهوم القرآن؟
الحياة في القرآن أن يقع في قلبك ضعفاً وانهزاماً عندما ترى كافراً قد أنعم الله في الحياة الدنيا بأنواعاً من النعم , بل عندما ترى كافراً من الكفار فينبغي لك أن تسعد وأن تحمد وأن ترتفع بإيمانك فتحمد لله عز وجل كثيراً كثيراً كثيراً أن جعلك مسلما , وتسعد بهذا الإسلام لأن الله حرمه فلان وأتاه إياك فإن لم تسعد بالقرآن وتعتز بدينك أقوى وأتم ماتكون العزة فإنما ذلك لمرضاً في قلبك وقلة في فهمك وضعفاً في إدراكك لحقائق القرآن ,
الحياة مع القرآن لها طعم ولذة يتمناها كل مسلم وكل مؤمن يتمناها بدليل أن الإنسان عندما يتلوا و يقرأ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم , يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بصعوبات كثيرة جداً في حياته , تأمل حياته صلوات ربي وسلامه عليه , هل عاش حياة رغيدة هانئة , حياة ملأها اللذات , ملأها الشهوات , ملأها كل ما يتمناه صلوات ربي وسلامه عليه ؟
إذا أراد شيئاً حظر أمامه , إذا تمنى شيئاً وجده ؟ وإذا اشتهى من الطعام أنواعاً تيسرت له ؟ وإذا اشتهى أنواعاً من الشراب تيسرت له ؟
أبداً ..
وأنما عاش صلى الله عليه وسلم في حياة توصف بأنها حياة المساكين , حياة يجد فيها شيئاً من قوته ,شيئاً مما يحتاجه تارةً يجد طعاماً و إياماً لا يجد طعاماً , تارةً يجد أنواعاً من الأكل وفي أياماً أخرى لا يجد إلا الأسودين التمر والماء .. تارة ً يجد من ينصره وتارةً لا يجد من ينصره !
تارةً يكون منتصر اً صلوات ربي وسلامه عليه داخلاً فاتحاً وعاش قبل ذلك مراراً مطروداً .
ولقد اهتدى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن كما سبق . (ووجدك ضالاً فهدى) .
كيف حصل هذا من القرآن ؟

*
ما هي الفوائد المستخلصة من تفسير قوله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)؟
هذه الآية وصفة هذا الإنسان عندما يتلى عليه آيات الرحمن عندما يتنزل القرءان ويدخل القلب , هذه الآية وصفت هذا الإنسان في موقفه من كتاب الله عز وجل
قال الله تعالى :
(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) .
أنظر ماذا يقول الله عز وجل وتأمل بماذا يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية ( الله نزل أحسن الحديث ) من الذي أنزل ؟ هو من ؟ هو الله .
فهذا الكلام هو كلام الله وأريد أن تكون هذه الحقيقة مستقرة استقراراً تاماً كاملاً في كل قلب من دون استثناء يجب أن تعرف يقيناً أن هذا الكلام ليس كلامي أنا ولا كلامك أنت وأنما هو كلام جبار السموات والأرض , سبحانه وتعالى تكلم به ليخرجك من الظلمات إلى النور , ليهديك من الضلال إلى الحق , يجب أن تعلم هذا يقيناً ولذا قال في أول الآية التي تلاها الأخ يا بارك الله فيه وقد أحسن باختيار هذه الآية , (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) فقد نزل هذا الكتاب من العلو !
علو الجبار سبحانه وتعالى , نزل سبحانه وتعالى إلى الناس .
وجزاكم الله خيرا ..
