بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
***ما هي اللبنة الأولى لتشييد بيت في أرض القرآن؟ وضحي ذلك مع ذكر الدليل من كتاب الله عز وجل.
أما اللبنة الأولى فى بيت يقوم على أساس من كتا الله فهى :
الـــــعــــــلــــــم النــــــــافــــــع
يقول الله تعالى -فى أول ما أنزل على رسول الكريم - : "
أقرأ باسم ربك الذى خلق "
و أما "
أقرأ " ف
القراءة هى وسيلة تحصيل العلم ، و منها يستدل على أول أمر فى الإسلام و أول لبنة لتشييد صرح الأمة وهو العلم .
أما النافع فيستدل عليه بالإضافة "
باسم ربك " ف
باء الإستعانة ، تحض على الاستعانة بالله فى طلب هذا العلم ، و ما كان بالله فلابد أن يكون نافعا ، سواء كان نافعا دنيا أو دين .
و لا شك أن أعظم ما يستعان فيه بالله ، هو العلم بكتابه الكريم ، و فهم ما ورد فيه من أوامر و مناهى .
.
و لنا أيضا أن نعلم أنه ماورد فى كتاب الله الكريم -بلسان رسوله - من الدعاء بالاستزادة بشئ إلا العلم فى قوله تعالى "
و قل رب زدنى علما "
***ما هي اللبنة الثانية لذلك البناء؟مع التوضيح.
و أما اللبنة الثانية فهى :
الــــــدعـــــــــوة إلــــــــى الله
يقول الله تعالى - فى ثانى ما أنزل على رسوله على اختلاف بين العلماء- : "
يا أيها المدثر ، قم فأنذر ، و ربك فكبّر ، و ثيابك فطهر ، و الرجز فاهجر"
"
يأيها المدثر " أما
المدثر :فالملتحف بلحاف من الخوف و الرهبة ، وهو عتاب رقيق من الله سبحانه و تعالى لرسوله حيث أنه أشفق من الامر و شق عليه فى أوله .
"
قم فأنذر " و هو أمر من الله سبحانه و تعالى لرسوله بعد أن علم ، أن يمضى فى سبيل تبليغ ما علمه عن رب العالمين ... فالتبليغ لابد أن أن يكون عن علم و عن بصيرة "
قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من أتبعن "،
و قد
سبق الامر بالتبليغ ..الأمر بالقيام أولا ، و بذل الجهد ، فلابد لمن أراد تبليغ الدعوة من القيام و السعى و بذل الجهد ، و ذلك لأن أمر الله عزيز لا ينال بالراحة و الدعة ، و لكن ينال بالسعى و الطلب ، و بذلت لله ، أثابك الله خير منه ،
فأنذر بما علمك الله من أوامر فتأتى ، و عما نهى هينتهى عنه .. فأنت رسول الله إلى هذه الامة و مأمور بتبليغ بما أمرك الله به .
"
و ربك فكبر " و لأن الله يعلم أن الأمر ليس بهين على عبده الكريم - رغم أنه لو شاء لجعله سهل يسير و لهدى الناس جميعا - فكان من رفقه تعالى بعبده أن وضح له الأسباب التى تسهل الطريق عليه ، ألا وهى الأستعانة بالله و تعظيم الله فى النفس حتى تطغى قوته و رهبته فى نفس عبده على ما دون ذلك ...و عندها يصبح مادون الله أصغر و احقر من أن يلتفت إليه أو يفت فى عضده -صلى الله عليه و سلم- رغم علمه -سبحانه- انه قدر الدعوة و إلا ما اختاره للتبليغ ، فعظّم الله فى نفسك و كبره على أى طاغوت ممن اتخذهم الناس من دون الله ، عندها ستكون أقدر على تبليغ ما أمرك الله به ، فالله أكبر و الله أعظم و الله أقوى .
"
و ثيابك فطهر" و
الثياب: هى كل يحيط بالانسان ، و قد فسرها البعض على أنها
النفس ، فكان تطهيرها من الشرك أولى ... و منهم من فسرها على أنها
اللسان ، فكان تطهيره من بذئ اللسان أولى ... و منهم من فسرها على أنها
القلب ، فكان تطهيره من الحقد و الحسد و الغش و غيره أولى ... و منهم من فسرها على أنها
الملابس ، فكان تطهيرها من كل دنس أولى ... و كل ذلك صحيح ، و منها يستفاد أنه من اراد المضى فى تبليغ ما أمر الله ، فعليه الالتزام أولا بما أمر الله ، فيبدأ بنفسه ، فيطهر نفسه و لسانه و قلبه و ملابسه و كل ما يتعلق به ... فالمسلم نظيف نقى الجوهر و المظهر .
"
و الرجز فاهجر " أى كل ما كان من قبيل الرجز ...فابتعد عنه ، و لا تكن له أى نوع من أنواع التبجيل و التعظيم ... فالله وحده أحق بالتعظيم و الإجلال .
***ما هي اللبنة الثالثة لذلك البناء الجميل مع التوضيح؟
أما اللبنة الثالثة فهى :
الــعبــــــــــادة المـــحضـــــــة
يقول الله تعالى لرسوله الكريم : "
يا أيها المزمل ، قم الليل إلا قليلا ، نصفه أو انقص منه قليلا ، أو زد عليه و رتل القرآن ترتيلا ، إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا "
فالله تعالى هنا يأمر رسوله الكريم بعبادته ... فالسبيل إلى الله ، و السبيل لتشييد صرح قوى يقوم على الثلاثة :
العلم و تبليغ الدعوة و العبادة المحضة ، فهى زاد للروح للتقوى على السير إلى الله تعالى دون كلل أو ملل .
أما أن يختص إنسان بفرع من هذه دون البقية .. كأن يهتم بالعلم المجرد أو بالدعوة المجردة ، فهكذا ما اقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما التزم نهج الله تعالى فى إصلاح نفسه و تبليغ الناس من حوله .
***لماذا أمر الله عزّ وجلّ نبيه بقيام الليل في أوائل النبوة قبل الأمر بباقي العبادات؟
أما لماذا أمر الله عز و جل نبيه بقيام الليل قبل باقى العبادات ، فمن المعلوم بالضرورة أنه قبل فرض العبادات ، لابد من العلم بمن سيعبد ؟؟!!.
فلابد من العلم و معرفة الله أولا .. و هذا بالعلم ، ثم تبليغ الناس بما عرفناه عن الله .. و لأن الطريق صعب ، شاق ... و ليس بالسهل اليسير ، لوجود طواغيت تعبد من دون الله ، و أشق شئ هو أن يغير الناس دين آبائهم ... فعلم الله ما سيقابل رسوله من مصاعب ،و آلام فى دعوته .. و لأن الأذى ليس جسدى فيأمره سبحانه بتحمله ، و لكنه ايضا نفسى و معنوى .. و هذا لأشق و اصعب ، فمن منة الله و رحمته بعبده أن هداه لزاد روحه الذى ما إن تزود به استعان به على مشاق دربه - وهو الذى إن شاء رفع عنه كل ألم و بلية و لكنها سنة الله فى أرضه أن نبذل الجهد و أن نأخذ بالأسباب حتى يمكن لنا الله - فهى صلة بينه و بين ربه .. كلما ازداد عليه وطأة التعنت و الاعراض ، زاد هو من صلته بربه فقواه على المسير.
على أنها عبادة فردية أيضا ، فالدعوة كانت فى أولها ..فعلى من تفرض الفروض؟؟...و كان الناس ساعتها فى انتقال من دين لدين ، فإن شق عليهم أمر الدين الجديد و لم يكن أمر الله و خشيته قد تمكنت من قلوبهم لنفروا من الدين الجديد ، لا صدا و اعراضا ، و لكن لثقل التكاليف .
"
و رتل القرآن ترتيلا " وقفة لطيفة مع هذه الاية ... فإن كانت قراءة القرآن لا تجد من وقتك حيز طوال اليوم و تقرؤه على عجل .. فهاهو وقت خلوتك مع الله ، لتجد متسع تعطر به سمعك بترتيل كلام الله الحكيم لتتأمل فيه و ليزيد قدر إيمانك بقدر ما تستبط منه من حكم و أوامر .
جعلنا الله و إياكم ممن من عليهم بفهم كتابه و العيش فى ظلاله
اللهم آمـــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــن 