عرض مشاركة واحدة
قديم 30-10-08, 11:21 AM   #147
ام جريج
جُهدٌ لا يُنسى
c8 تم بحمد الله الإستماع للدرس الخامس

* ما هو المقصود الأول من تنزل القرآن ؟ وما هي أهميته؟- التدبر هو المقصود الأول من تنزل القرءان ثم العمل لأن مصيبة كثيرٍ من المسلمين أنه لا يدري عن أهمية التدبر لكتاب الله عزّ وجلّ، ولذا تجد فيه حرصٌا شديد اعلى أن يتلو الألفاظ، وأن يقرأ الحروف، وأن يحصل الحسنات من الحروف، فمن قرأ حرفًا من كتاب الله عزّ وجلّ فله بكل حرفٍ عشر حسنات، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فله بكل حرفٍ حسنة، كمافى حديث ( ألم )، ( ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف )، فله بكل حرفٍ حسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فيأخذ في كتابة الحسنات على هذه العدة، كأن المسألة مسألة حسابية بحتة، وينظر في كم قرأ من الحروف؟ كم قرأ من السطور؟ وكم قرأ من السور؟ وكم قرأ من الأجزاء؟ فيقرأ، ويقرأ، ويقرأ من كتاب الله سبحانه وتعالى وهمه في كم عدد الحروف التي قرأها من كتاب الله عزّ وجلّ؟ ولذا تجد كثيرًا من المسلمين يفخر ويقول لك: أنا قرأت في اليوم الواحد عشرة أجزاء، أو قرأت عشرين جزءًا، أو ختمت القرآن في ثلاث أو في أربع، أو ختمت في رمضان القرآن كاملا أكثر من عشر مرات، أو عشرين مرة، أو ثلاثين مرة، أو أقل من ذلك أو أكثر، فيذكر كم مرةً ختم كتاب الله عزّ وجلّ، وهذا ولاشك أنه أمر عظيم، وجليل، وحسناته كثيرة، ليست بالقليلة أبدًا كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحاح، وكما مر في الحديث السابق، فالأمر ليس بالهين، بل هناك من الحسنات العظيمات ما يرجوه العبد المؤمن وهو يتلو آيات الكتاب العظيم.
ولكن أيضًا كذلك، فرق كبير بين من يتلو كتاب الله عزّ وجلّ بحروفه وألفاظه دون معانيه، ودون المقصود منه في فهم آياته، وبين من يتلوه وهو يستشعر معاني الآيات، ويستشعر خطاب الرب سبحانه وتعالى له فيما يتلو من هذه الآيات العظيمات، هذا الفرق عند الأئمة رحمهم الله فرق كبير، ولذا لابد من وقفة يسيرة مع قضية التدبر ومقارنتها بمسألة قراءة القرآن بلا تدبر.
ولبيان أهمية تدبر آيات الكتاب أذكر لك عبارة ذكرها الثعالبي رحمه الله في تفسيره، وذكرها ابن القيم أيضًا بنصها في عدد من كتبه، وتناقلها الأئمة رحمهم الله من بعدهما وهما أخذاها من كلام السلف رضوان الله عليهم أجمعين، والجميع أخذها من كتاب الله سبحانه وتعالى، قالوا "لقراءة آية واحدةٍ بتدبر خيرٌ وأحب إلى الله عزّ وجلّ من قراءة ختمةٍ كاملة بغير تدبر"،


* ما هو أثر التدبر في الدنيا والآخرة ؟ أولا في الدنيا لأن فيها غذاء لقلبك، فيها علاج لأمراض القلب، فيها علاج لكل أمراض البدن ،و فيهاأيضا تصحيح لمسارك في توجهك إلى الله عزّ وجلّ، فتنجو بها في الدنيا وتسعد، ثم تكون الرفعة الكاملة في الآخرة بآية واحدة من كتاب الله سبحانه وتعالى، ولذا الاهتمام بمسألة التدبر تدل على عقل هذا المرء، الإنسان الذي يكون همه في تدبره لكتاب الله عزّ وجلّ لا تجده إلا عاقلافطنا.

* لماذا تعتبر قراءة آية واحدةٍ بتدبر خيرٌ وأحب إلى الله عزّ وجلّ من قراءة ختمةٍ كاملة بغير تدبر؟
- سئل الإمام مجاهد عن رجلين، قيل له "يا إمام إنسان قرأ البقرة وآل عمران، وإنسان قرأ البقرة لوحده، وركوعهما وسجودهما ودعاؤهما وتسليمهما كله واحدٌ، فأيهما أفضل، الذي قرأ سورة البقرة وآل عمران معًا، أم الذي قرأ البقرة لوحدها"، فأجاب هذا العالم، أجاب هذا الذكي النبيه الفطن، فقال "الذي قرأ سورة البقرة أفضل ولذا أيها المؤمن ينبغي أن تنتبه لذلك، ولذا لما جاء رجل إلى ابن عباس، إلى هذا البحر، إلى هذا الفقيه الكبير، إلى هذا العالم الجليل، جاء يقول له "إني لأقرأ سور المفصل في ركعة"، يقرأ سور المفصل من "ق" إلىا لأعلى في ركعة، وجاء رجلٌ أيضًا إلى ابن مسعود فقال له هذا الكلام، وابن مسعود كما تعلمون من أعلم الناس بكتاب الله عزّ وجلّ، ومن أعرف الناس بمعاني الكتاب، بل هو من أعلم ومن أخص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، ومع ذلك لما جاء هذا الرجل إليه وإلى ابن عباس وقال لهما هذا قالوا له "أهذًا كهذِّ الشعر"،.أهذّا كهذّ الشعر. وقال ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه لهذا "والله لئن أقرأ آية واحدةً من كتاب الله عزّ وجلّ أحب إليّ من أقرأ القرآن كاملا كما تقرأ ".

* ذكرت في الدرس آيتان كدليلان على الأمر بتدبر القرآن ، ما هما؟ وما هي الفوائد المستنبطة من كل آية؟.
-الآية الأولى :﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].
أفلا :الهمزة هنا جاءت للتنبيه والتحذير لأفلا يتدبرون القرءان ؟طيب يارب اذا ما تدبرناه ماذا يحصل قال ربي أم على قلوب أقفالها فإذًا ليس هناك حلٌ ثالث، إما أن نقبل على تدبر القرآن، وإما أن يكون على قلوبنا أقفال، وإنما قال أقفالها، لأن هذا الذي ابتعد عن تدبر القرآن عليه ليس قفلا واحدًا، وإنما عليه أقفال كثيرة، القلب الذي أعرف عن تدبر القرآن ليس عليه قفل واحدٌ، وإنما عليه أقفالٌ كثيرة، بحكم الله سبحانه وتعالى والمفتاح بإذن الباري جل وعلا هو التدبر.
أما الآية الثانية:﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].
وهذه أيضًا من الآيات العظيمة، وبالمناسبة هذه الآية أطال الكلام عليها ابن القيم رحمه الله في الفوائد، قال كلامًا كثيرًا جدًا عن هذه الآية، لما؟ لأن الله عزّ وجلّ جمع في هذه الآية أشياءً كثيرةً في الكلام عما يتعلق بالتدبر ولزوم التدبر لحياة القلب وما يتبع ذلك، فقال سبحانه وتعالى ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ﴾ اللام هذه تُسمى لام ماذا؟ لام التعليل، لام الحكمة، بمعنى أن إنزال القرآن لأي شيءٍ؟ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ﴾ فإنزال القرآن كان من أجل التدبر، لأن لام العلة هنا جاءت لبيان لأي شيءٍ تنزل هذا القرآن، ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ﴾ لأي شيءٍ يا رب؟ قال ﴿ لِيَدَّبَّرُوا ﴾، هل قال ليقرءوا حروفه، وهذا من المطلوب، ولكنه هو المطلوب الأسمى والأسنى والأعظم، لا، وإنما المطلوب الأعظم والأكمل والأتم هو ﴿ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ﴾، وتأمل لفظ ﴿ مُبَارَكٌ ﴾ هنا جاء، جاء وصف مبارك هنا للقرآن في موطنه ليدلك على أمرٍ أيضًا ليس بالهين، أمر جليل، لأن الله عزّ وجلّ قال ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ﴾ فكأن بركة القرآن لا تكون إلا لمن؟ لمن تدبر القرآن، لأنه قال ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَك ﴾ .
ام جريج غير متواجد حالياً