عرض مشاركة واحدة
قديم 27-11-08, 01:25 AM   #14
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس الثاني عشر:


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
كنا فيما سبق تكلمنا عن المستوى الأول الذي كان الخطاب فيه موجه إلى عموم المسلمين، وكان الهدف منه والمقصود من هذا المستوى ما الطريقة التي نكون فيها من أهل القرآن؟ وكيف نكون من أصحاب القرآن؟ وكيف ننال شفاعة القرآن؟ وقلنا بأن هذا الهدف لعموم المسلمين من الممكن أن يتحقق، أو هذا المقصود لعامة أهل الإسلام من الممكن أن يتحقق لهم، ولكن إذا استعانوا بعد الله عزّ وجلّ بثلاث مراحل، هذه المراحل عبارة عن أمور نظر فيها فوجد فيها أثر على هذا الإنسان على هذا المسلم القارئ للقرآن، فإذا استعان بعد الله عزّ وجلّ بها؛ فإنه يتبع هذه المراحل مرة تلو مرة وحيناً بعد حين، ثم بإذن من الله سبحانه وتعالى، وبمباركة منه جلّ وعلا، يكون من أهل القرآن، ويكون طالباً لنيل شفاعة القرآن طلباً حقاً، يتبعه عمل فيه صدق، وفيه إخلاص، وفيه بذل، وفيه مجاهدة، وفيه رغبة أكيدة.
بعد ذلك سننتقل بإذن الله سبحانه وتعالى إلى نوع آخر من الخطاب انتهينا من الكلام عن ما يتعلق بعموم المسلمين، وسننتقل إلى كلام آخر يتعلق بطلبة العلم فتلك المراحل كان الخطاب فيها من أولها إلى أخرها موجه إلى عامة أهل الإسلام، أما الآن فالكلام سيكون مع طلبة العلم ممن تجاوزوا هذه المراحل السابقة، وقصدوا بصدق وإخلاص، وعزيمة وهمة أن يقتربوا من كتاب الله سبحانه وتعالى، وأن يطلبوا ما فيه من العلم، وأن يستزيدوا مما فيه من النور، هذه المراحل التي تتعلق بطلبة العلم سيكون الكلام فيها يختلف عن الكلام السابق، قد أقول إن الاختلاف فيها كبير جداً بين الطرفين فكان الكلام أولاًَ عاماً فيه شيئاً من السهولة شيئاً من اليسر لكي يناسب عامة أهل الإسلام، أما الآن فسيكون الكلام فيه شيء من الدقة شيء من التفصيل شيء من الاعتماد على القواعد التي جاءت في كتاب الله، وعلى القواعد المستنبطة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى القواعد التي أصّلها أهل العلم في كتبهم من كتب التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، وغير ذلك، بل وأيضاً على القواعد التي أصّلها وقعّدها أهل اللغة، وهم أهل اللغة العربية التي نزل بها هذا القرآن المبين، قبل أن ننتقل إلى المراحل السابعة أحب أن يكون هناك مراجعة لما سبق؛ حتى نعرف من أين بدأنا وإلى أين وصلنا، وما الذي بإذن الله سنقدم عليه، فأحب أن أسألكم عما مضى، كنا في بداية الأمر قد عنونّا لهذه الحلقات التي أرجو من الله عزّ وجلّ أن يجعلها مباركة بـ"روائع البيان في بدائع القرآن" ثم بعد ذلك تكلمنا عن مسألة مهمة، فما هذه المسألة التي بدأنا بها الحديث ؟
أجاب أحد الطلبة :
هي ثلاثة أهداف:
الهدف الأول أن يدرك ما مفهوم الحياة في القرآن، وأن نعرف الفرق بين الحياة والحياة الآخرة، وأن هذه دار متاع، وتلك دار قرار، ثم بعد ذلك نعرف قدر الكافر ولا نعجب بالكافر، قال الله عزّ وجلّ ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾[الأعراف:179]. ثم بعد ذلك نبدأ ونعيش مع القرآن.
أكمل الشيخ :
هذا هو الهدف الثاني الآن.
أكمل الطالب :
نعم، هذا هو الهدف الثاني، ثم بعد ذلك نأخذ الهدف الثاني وهو: كيف نعيش مع القرآن؟ قال الله عزّ وجلّ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾[الزمر:23].
ثم بعد ذلك نأتي إلى الهدف الثالث: وهو كيف نبني بيتاً في أرض القرآن أحجاره من القرآن وملاطه من القرآن وزخارفه من القرآن؟ وضربنا مثلاً لذلك كيف نزل القرآن سورة سورة ثم أخذنا منها التفسير والله تعالى أعلى وأعلم.
أكمل الشيخ :
أحسنت، يابارك الله فيك، نعم هذا هو ملخص الأهداف التي ذكرناها لكم في بداية هذه الدروس، وبعد ذلك ذكرنا قواعد خمس لابد من استيعابها، من فهمها، من إدراكها، حتى نستطيع أن نسير بعد ذلك في المقصود من هذه الحلقات، فما هذه القواعد الخمس ؟
أجاب أحد الطلبة :
أول القواعد أن الإنسان مع كتاب الله عزّ وجلّ حي وبدونه ميت، ومع كتاب الله مبصر، وبدونه أعمى، وأنه مع كتاب الله مهتدٍ وبدونه ضال.
القاعدة الثانية: أن الأصل في خطاب القرآن موجه إلى القلب.
أكمل الشيخ :
أحسنت، بارك الله فيك يكفي، إذاً القاعدة الأولى أنك مع كتاب الله حي وبدونه ميت، وأنك أيضاً مع كتاب الله مبصر وبدونه أعمي، وأنك مع كتاب الله عزّ وجلّ مهتدٍ وبدونه ضال، هذه هي القاعدة الأولى.
القاعدة الثانية: أن هذا الخطاب موجه إلى القلب أصلاً، في الأصل الأمر الخطاب موجه إلى القلب، من يذكر لنا القاعدة الثالثة ؟
أجاب أحد الطلبة :
القاعدة الثالثة: هي أن المقصود من القرآن هو التدبر أولاً قبل العمل.
أكمل الشيخ :
نعم، هذه هي القاعدة الثالثة، المقصود الأعظم من كتاب الله عزّ وجلّ التدبر، ثم بعد ذلك يأتي العمل.
بالنسبة لقراءة القرآن هل هي مقصود أو ليست بمقصود ؟
أجاب أحد الطلبة :
هي مقصودة، ولكن المقصود الأعظم هو التدبر.
أكمل الشيخ :
نعم ،هي مقصودة، ولكنها هي ليست القصد الأعظم من تنزل كتاب الله عزّ وجلّ.
القاعدة الرابعة ؟
أكمل الطالب :
القاعدة الرابعة أن القرآن ثقيل ومتين، وقال صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق).
أكمل الشيخ :
أحسنت بارك الله فيك، كتاب الله عزّ وجلّ ثقيل متين كبير ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾[المزمل:5]. نعم، هذه هي القاعدة الرابعة، القاعدة الخامسة التي ذكرناها لكم ؟
أجاب أحد الطلبة :
القاعدة الخامسة هي التدرج، وهى سنة كونية شرعية ضرورية.
أكمل الشيخ :
القاعدة الخامسة أن التدرج سنة كونية شرعية ضرورية، وهذه لها علاقة بما نحن فيه وقد بينا هذه العلاقة بين التدرج وبين ما يتعلق بكتاب الله عزّ وجلّ، بعد ذلك تكلمنا عن المستوى الأول ودخلنا في لب موضوعنا في هذه الدروس وهو ما يتعلق بالمستوى الأول،
ذكرنا سؤالاً كبيراً هذا السؤال مفاده كيف يؤثر فينا القرآن كما أثر في صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ؟
وهذا السؤال الكبير الجواب عنه جوابًا تطبيقيًا عمليًا ذكرنا أنه بقسمة الناس على مستويين :
المستوى الأول والمقصود به هنا عامة أهل الإسلام عموم المسلمين، والهدف من هذا المستوى أن نكون من أهل القرآن، من أصحاب القرآن، من أهل شفاعة القرآن، هذا هو المقصود من هذا المستوى، ولكن ذكرنا أنه لا يمكن، أو لا نقول لا يمكن أنه من الوسائل التي تعين طالب العلم بل تعين كل مسلم على أن يكون من أهل القرآن، هناك مراحل نقطعها ونستعين بها بعد الله عز وجل لكي نصل إلى هذا الهدف النبيل وإلى هذا المقصد الأسمى، فما هذه المراحل الثلاث التي تتعلق بالمستوى الأول الذي يوجه فيه الخطاب لعموم المسلمين؟ فما المراحل الثلاث؟
طالب يجيب:
نعم، ذكرنا ثلاث مراحل في المستوى الأول
وقلنا أن المرحلة الأولى: هي لماذا نبدأ من القرآن؟ وفي هذه المرحلة ذكرتم فضيلتكم أنه من الأفضل أن يبدأ بالمفصل لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها،
ثم ذكرنا المرحلة الثانية وهي التأني في القراءة، وترك العجلة المذمومة، والوقوف عند الآيات المؤثرة، وتكرارها والتي كانت مأخوذة من قاعدة مشهورة عن الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح "أنهم كانوا يأتَوْنَ الإيمان قبل القرآن" وذكرنا فيها ثلاثة وسائل لتحقيق هذه المرحلة وهي:
الوسيلة الأولى: جمع القلب على القرآن واستحضار الذهن عند سماع الآيات.
الوسيلة الثانية لتحقيق هذه المرحلة: الترسل والترتيل عند القراءة، وذكرنا أمثلة على ذلك بدأ من نبينا عليه الصلاة والسلام، وعن صحابة رسول الله، ومن بعدهم من التابعين والسلف الصالح.
ثم الوسيلة الثالثة لتحقيق هذه المرحلة أيضًا: وهي تكرار الآيات عند الحاجة، وهي سنة ثابتة عن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ كذلك عن الصحابة ومن بعدهم.
المرحلة الثالثة في هذا المستوى الأول الذي هو لعموم المسلمين: اختيار كتاب أو مختصر من التفاسير، واخترنا في ذلك تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي عليه رحمة الله عافية من مميزات عديدة ذكرنا منها ميزة أن هذا التفسير ويشتمل على ترسيخ عقيدة العقيدة السليمة واشتمل على ذلك من ذكر أنواع التوحيد الثلاثة من غير ذلك من مميزات التي ذكرناها.

الشيخ:
أحسنت يابارك الله فيك: نعم، هذا ملخص لكل ما سبق قد ذكرناه في الحلقات السابقة بعد ذلك انتهينا من المستوى العام ذكرنا لكم أن بعده سننتقل إلى المستوى الذي هو موجه في الخطاب إلى طلبة العلم بعد الخطاب الموجه إلى عامة المسلمين هناك خطاب موجه إلى طلبة العلم، هذا المستوى ذكرت لكم أنه يختلف كثيرًا فيما يتعلق بأسلوب الخطاب، لأن الكلام مع عامة المسلمين لا يمكن أن يكون هو الكلام أيضًا مع طلبة العلم، فالكلمة عندما تكون ملقاة ليسمعها عموم المسلمين حتى وإن كانت في خطبة جمعة أو في محاضرة عامة ونحو ذلك، لا ينبغي أن تكون أبدًا كما لو كانت موجهة إلى خاصة من الناس من طلبة العلم ممن لهم دراية بأدلة الكتاب، وأدلة السنة، وطريقة الاستنباط، وكلام أهل العلم، والقواعد التي هي محل اتفاق بينهم، فإن لهؤلاء خطاب ولهؤلاء أيضًا خطاب آخر، ولكن قبل أن أدخل في المراحل السبعة لطالب فهم القرآن؟ هل هناك إشكال فيما تقدم من المسائل التي ذكرناها؟
طالب:
جزاك الله خيرًا يا شيخ، إلى أي شيء يرجع اتخاذ لهذه المراحل أو تحديد لهذه المراحل هل هو من السنة أم ورد في عهد السلف لم حددنا هذه المراحل بالضبط؟
الشيخ:
عندما قلنا المستوى الأول يحتاج إلى ثلاث مراحل من أجل أن نقطعها حتى نصل إلى المقصود ومنها إلى إلى الهدف منها، وهو أن يكون القرآن شفيع لهذا المسلم، أو أن يكون القرآن صاحب له، أو يكون القرآن خليلًا له فقصدك بالسؤال لم حددناها بالثلاث ؟
الطالب:
هل هي ثابتة على هذه الثلاث فقط أم الأمر متسع أم إلى أي شيء ترجع؟
الشيخ:
جيد هذا سؤال جيد، كأنك تسأل لم حددناها بثلاث؟ وكذلك أيضًا شبيهًا بهذا، يسأل السائل لم جعلنا لطلبة العلم المراحل سبعة، فجعلنا لها ثلاثة، ولطلبة العلم هناك مراحل سبعة، فهذا التحديد بهذا العدد ما دليله، هل هناك دليل من القرآن؟ هل هناك دليل من السنة؟ هل هناك دليل من الإجماع؟ هل هناك دليل من القياس؟ هل هناك دليل من كلام أهل العلم؟ نبنى عليه ما حددناه من الأعداد، هذا سؤال في غاية الجودة.
والجواب عنه: نعم، هناك دليل، ولكن الأدلة بالنسبة لأهل العلم، عند ما يعرضون مثل هذه المسائل الأدلة تارة تكون نصية أي يأتي النص من الكتاب يأتي النص من السنة يأتي النص من كلام أهل العلم ويتتابعون على ذلك، وتارة تكون الأدلة استنباطية مبنية على الاستقراء التام أو على الاستقراء الأغلبي، وهذا وذاك، هذا دليل وذاك أيضًا دليل، فتارة يأتي الدليل ظاهر واضح نص لا إشكال من ذلك، وتارة لا، وإنما يأتي الدليل بالمفهوم بما يفهمه طالب العلم، يفهمه العالم، يفهمه الفقيه، يفهمه المحدث، يفهمه المفسر، فعندما يستقرأ نوعًا من أنواع العلوم، مسألة من المسائل، قضية من القضايا في كتاب الله أو في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، فيأت فيقول بناءً على هذا الاستقراء سواء كان هذا الاستقراء تام أم استقراء فلن يأتي فيبني عليها مسألة ما من المسائل، ونحن في هذه المراحل بنيناها على مسألة ليست فيها نص من كتاب الله ولا من سنة رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، وإنما بنيناها على استقراء لما جاء في كتاب الله، ولما جاء في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، ولما جاء من كلام أهل العلم المحققين في هذا الباب، فعندما أضرب لك مثلاً حتى يتضح الأمر أكثر عندما تنظر مثلاً في الأربعين النووية، من مؤلف الأربعين النووية؟ الإمام النووي رحمه الله رحمة واسعة، هذا الإمام ألف الأربعين نووية ما معنى الأربعين نووية؟ هي ماذا؟ هي أربعون حديثا من أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ جمعها هذا الإمام في كتاب، وأسمى هذا الكتاب الأربعون هذا الكتاب اسمه الأربعون النووية، وإن قلت الأربعين النووية كلها صحيحة، فعندئذ هذه الأربعين لو أن إنسانا جاء ليسأل الإمام النووي رحمه الله فيقول له الأربعون النووية كيف خصصت هذا العدد ولم تجعل هذه الأحاديث خمسين أو ثلاثين أو أكثر من ذلك أو أقل؟ هل هذا السؤال وارد عن الإمام النووي رحمه الله؟ لا، أو من عمل مثل عمله هو بالنسبة لوروده وارد، لكنه لا إشكال فيه؛ لأن أهل العلم من عادتهم أن ينظروا ما جاء في الكتاب، ما جاء في السنة، ما جاء في أقوال أهل العلم، فيحصروها حصراً بعددًا يكون مناسبًا للناس، الإمام النووي رحمه الله ارتأ واختار أن ينتقي من أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ عددًا من الأحاديث يكون هذا العدد مناسب ليس بالطويل ولا أيضًا بالقصير جدًا الذي يكون فيه شيء من الاختصار المخل، فاختار أربعين حديثًا شاملة لأصول أحاديث النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ،وقبل أهل العلم منه ذلك، ولم يأتي أحد فيقول: يا أيها الإمام كيف خصصت هؤلاء الأربعين واعترض عليه بذلك أبدًا، وإنما قبلها منه الأئمة رحمهم الله من بعد النووي وأخذوا منه هذه الأربعين، ومازالوا يشرحونها، ويبينونها، ويستفيدون منها، ويأمرون طلبة العلم بحفظها، والاهتمام بها، انظر أيضًا بعد ذلك جاء مثلاً شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله خالف رسالته العظيمة المسماة بالأصول الثلاثة، وألف رسالة أخرى المسماة بالقواعد الأربعة، القواعد الأربع والأصول الثلاثة هذه الأعداد التي حصر بها هذا الأمام هذه الأصول الثلاثة القواعد الأربع، هل هي مبنية على نص من كتاب الله، أو على نص من رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، أو على نص من صحابة رسول الله؟ لا، وإنما بناها هذا الإمام على الاستقراء، نظر في أصول هذه الدين فوجد أنها ثلاثة، فسمى رسالته الأصول الثلاثة، نظر في القواعد المهمة فيما يتعلق بالتوحيد ونحوه فأسماها الأصول الأربعة، وهذا كلام كثير في كلام الأئمة لا حصر لها، وأنت تجده في كلام المفسرين كثيرًا، وفي كلام الفقهاء أيضًا كثيرًا جدا، فالفقهاء يتكلمون في هذا النحو كثيرًا من جهة الاستقراء، وهو أيضًا موجود ومبسوط في كتب الحديث وفي غيرها من كتب العلم بناءًا على الاستقراء لقواعد وأصول هذا الدين، فاصل قصير أيها الأخوة ثم نعود لاستكمال الكلام عن هذه المراحل بإذن الله عز وجل.
فــــاصل تلـــــيفزيوني
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، حياكم الله وأسأل الله عز وجل أن يجعل مجلسنا هذا مجلسا مباركا علينا وعليكم في الدنيا والآخرة، كان الكلام فيما يتعلق بحصر هذه المراحل بثلاث فيما يتعلق بعموم المسلمين، وكذلك حصرها بسبع مراحل فيما يتعلق بطلبة العلم، وذكرت أن هذا وأمثاله كثير مما وقع لأهل العلم وللمصنفين من الأئمة رحمهم الله فصنفوا في هذا كثيرًا جدًا، ومن تأمل أيضًا كلام ابن القيم رحمه الله في كثير من كتبه وجده على هذ النحو، بل لو تأمل كتابه العظيم مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، فإنها مراحل مائة صنفها شيخ الإسلام الهروي رحمه الله على تلك المنازل، ثم جاء بن القيم رحمه الله فشرح هذه المنازل فبناها على ماذا في عدها أنها مائة؟ إنما بناها على الاستقراء، إنما بناها على الاستقراء، لما ذكر الله عز وجل في القرآن، وما ذكر الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ في السنة وهذا كثير جدًا في كلام أهل العلم، فنحن إنما فعلنا ما فعلوا، وإنما اخترنا هذا العدد تيسير على المسلمين ومهمة أهل العلم وطلبة العلم في كل زمان ومكان أي يُسْهِلُ العلوم لأهل زمانهم، أهل عملوا سراعا يدنوهم، وإنما الواجب عليهم أن ينظروا في العلوم فإن كان فيها عسر على أهل الزمان؛ لبعدهم عن نور الوحي، وعن بعدهم عن السليقة السلمية في كلام العرب، لبعدهم عن قواعد وأصول أهل العلم، فمهمة أهل العلم أن ينظروا فيما ييسر على الناس نيل هذا العلم بأيسر وأسهل طريق، هذا هو الذي ينبغي على أهل العلم وطلبة العلم؛ فلذا كانت المصنفات في كل زمان بل وفي كل مكان تختلف بحسب حاجة الناس، انظر مثلاً إلى عهد رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ هل هناك مصنفات غير كتاب الله عز وجل الذي كان يكتبه كتاب الوحي من رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ؟ هل كان هناك شيء غير القرآن؟ أبداً إنما كان القرآن ينزل به جبريل على رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ ويكتبه كتاب الوحي من فيّ رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، ولا غير ثم بعد ذلك احتاج الناس إلى تدوين السنة بعد أن توثقت الأمة من شأن القرآن، ولم يخف على القرآن أن يختلط فيه شيء من السنة أبدًا، فأمر أول ما أمر عمر بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة هذا الخليفة الراشد أمر أئمة الحديث في ذاك الزمان أن يكتبوا الحديث وأن يجمعوه، وأن يوثقوه، وأن يضبطوه،فقام بذلك عدد من الأئمة على رأسهم الإمام الزهري رحمه الله رحمة واسعة، ثم بعد ذلك احتاج أهل العلم إلى تدوين الآثار، والأخبار عن الصحابة، عن التابعين، عن أتباع التابعين، فدونوا الآثار ثم بعد ذلك احتاج أهل العلم إلى تدوين كلام الأئمة الفقهاء الأكابر، فكان أحمد بن حنبل رحمه الله مثلاً في مبدأه كان ينهى أن يدون لكلامه، وينهى طلبته أن يكتبوا فتاويه في مسائل فإذا سئل وأفتى ينهاهم يقول: "لا تكتبوا ما أقول لكم وإنما خذوا من حيث أخذنا" فكان في بادئ أمره ينهى عن ذلك، ثم لما رأى حاجة الناس إلى هذا سمح لهم، وأذن لهم أن يكتبوا عنه، لما رأى حاجة الناس إلى أن يدونوا المسائل عن أهل العلم، ثم ما زال الأمر في تغير في تطور بحسب حاجة أهل الزمان فدونت بعد ذلك المصنفات، فجاء مثلا الإمام البخاري رحمه الله فنظر أن صحيح الحديث قد اختلط بضعيفه، وقد اختلط الأمر على الناس فلم يصبحوا يميزوا بين ما ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وبين ما لا يثبت عنه، فجاء فدون هذا الصحيح العظيم صحيح الإمام البخاري فصنفه وضبطه وجوده وأتقنه، ثم بعد ذلك سار على دربه الإمام مسلم رحمه الله، وهكذا أهل العلم، حتى جاء السابع فدون أهل العلم كتب كثيرة في الأصول وفي الفقه وفي المصطلح ونحو ذلك عبارة عن قواعد، لم؟ لأن الناس في القرن السابع لم يصبح عندهم من الملكة، ومن الفقه، ومن الإدراك، الذي كان عند أهل الزمان في القرن الرابع وفي القرن الثالث، احتاجوا إلى أدوات وآلات يستعينوا بها على نيل العلم في ذاك الزمان، فلما جاء القرن الثامن والتاسع والعاشر احتاج الناس إلى أدوات أكثر وإلى آلات أبلغ وأقوى؛ لكي يصلوا إلى العلم الذي أمرهم الله عز وجل أن يتعلموه، وأن يطلبوه، وأن يبحثوا عنه، وأن يعلموه للناس، فما زال أهل العلم في مثل هذا التأليف ومثل وهذا التصنيف حتى جاء زمننا هذا، وأيضا ما زال أهل العلم كل إمام من الأئمة يصنف مصنفًا يبسط فيه المسائل للناس يوضحها ييسرها يوصلها لهم بقدر فهومهم بقدر حاجاتهم بقدر إدراكهم لكل زمان ولكل مكان ما يميز هذا الزمان وهذا المكان مما يبين حاجة أهله أن يصنف لهم أو يدون لهم أو يقام لهم من حلقات العلم وحلقات الدرس ما يستعينوا به على فهم كتاب الله عز وجل وعلى فهم سنة رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ، إذن ما نحن فيه ليس بدعة من البدع، وإنما هي طريقة سار عليها الأئمة رحمهم الله قديمًا بل وحديثًا أيضًا، هل هناك سؤال آخر أم ننتقل إلى المراحل السبع.
ننتقل للكلام عن المراحل السبع لطالب فهم القرآن، المراحل السبعة لطالب فهم القرآن، هذا هو المستوى الثاني الخاص بطلاب العلم، وهذه المراحل كما سبق مبناها على الاستقراء، عندما تستقرأ حال الناس، حال طلبة العلم، حال المهتمين بكتاب الله عز وجل ممن لهم عناية بهذا القرآن، تنظر في حالهم، وتنظر في سبب النقص والخلل عندهم في فهمهم وإدراكهم لعظمة القرآن، لإعجاز القرآن، لبليغ دلالة القرآن، فعندئذ تحتاج أن توجد أمرًا يكون فيه مساعدة فيه إعانة على فهم هذا القرآن، هذا الأمر هو ما أسميته بالمراحل السبعة لطالب فهم القرآن، وهذه المراحل السبعة مبنية كما ذكرت لكم على الاستقراء، هذه المراحل السبعة مبنية على الاستقراء، وهذا الاستقراء أصله مأخوذ من النظر في تنزل كتاب الله عز وجل وفي كيفية التنزل، فإنكم تعلمون أن كتاب الله عز وجل هو مبناه على آيات أوقل قبل ذلك مبناه على سور، وهذه السور تحتوي على آيات أليس كذلك؟ السور تحتوي على آيات، هذه الآيات تحتوي على جمل، وهذه الجمل تحتوي على كلمات، وهذه الكلمات عبارة عن ماذا؟ عن حروف، فنحن إذًا إذا أردنا أن نفهم كتاب الله عز وجل فنحتاج أن نبدأ من الأصل من الأساس، فعندنا كلمات هذه الكلمات تكوّن كلام الله عز وجل الذي تكلم به بلسان عربي مبين، تكلم به جبار السماوات والأرض سبحانه وتعالى، تكلم بهذه الكلمات جل في علاه، هذه الكلمات حينًا يكون منها ما هو مفهوم واضح، ومنها ما يكون يحتاج إلى بيان هذه الكلمة المفردة، عندما تنظر فيها فإنها لا يمكن أن تصل بأختها، وأن تتفق معها، وأن يكون بينهما جملة كاملة لها دلالة ظاهرة بينة واضحة على أمر محدد بيّن حتى يأتي بينها مايسمى بحروف المعاني، ما يسمى بحروف المعاني هذه الحروف حروف المعاني هذه تأتي بين الكلمات فتصل بين الكلمة والكلمة، فإذًا أصل الكلام عندنا عبارة عن كلمات، ما الذي يصل بين هذه الكلمات؟ هي حروف المعاني، دعني أضرب لك مثلاً واضحًا عندما تقول: ذهب محمد إلى المسجد، ذهب أليست كلمة؟ نعم وهي عبارة عن ماذا؟ فعل، محمد فعل أم اسم؟ اسم، إعرابه فاعل، إلى حرف جر، المسجد اسم مجرور، هذه الجملة الآن تكونت من كم كلمة؟ من ثلاث كلمات هي ذهب، ومحمد، والمسجد، وجاء معها حرف وهو إلى، هذا الحرف يسمى حرف معنى؛ لأن له دلالة، له معنى، هذا المعنى ماذا دل عليه؟ حرف إلى هنا دل على أن محمد وصل إلى المسجد، أو أنه ذهب إلى المسجد، إذًا فالدلالة التي أفادتني إلى هنا في هذا الموطن أن غاية محمد من الذهاب هي أن يصل إلى المسجد، فأفادتني شيء يسمى إيش الغاية؟ غايته أن يذهب إلى المسجد، ذهب محمد إلى المسجد، عندما تقول مثال آخر شربت من الكأس عندنا شربت هذه ماذا؟ فعل وفاعل، عندنا هنا كم كلمة؟ كلمتين كلمة فعل، وفاعل، من حرف جر، والكأس اسم مجرور، من دلت على ماذا؟ دلت على أن الشرب مبدأه كان من الكأس؟ فقولوا دخلت في البيت دخل كلمة، والتاء فاعل، والبيت اسم مجرور، هذه كلها كلمات ظاهرة فعل، وفاعل، لكن عندنا الآن دخل حرف في بين كلمتين ما الذي أفاده هذا الحرف؟ الظرفية أني أنا حين دخلت دخلت في البيت، أني الآن موجود في البيت، وأن البيت أصبح ظرفًا لي، إذًا عندنا هنا كلمة وعندنا حرف معنى، إذا اجتمعت كلمة وكلمة مع حرف معنى عندئذ يحصل لنا من هذا كله ما يسمى بـ....
طالب:
الجملة
الشيخ:
أحسنت يابارك الله فيك يسمى الجملة، عندنا كلمة ثم بعد ذلك عندنا حروف معاني ثم بعد ذلك إيش؟ جملة تكونت هذه الجملة بعد هذه الجملة عندما ننظر في الآية، نجد الآية تتكون من عدة جمل هذه الجملة ثم بعد ذلك جملة ثانية جملة ثالثة جملة رابعة جملة خامسة، نجد أن هذه الآية تكونت من عدة جمل من عدة جمل، هذه الجمل لما اتحدت واجتمعت فإنها عندئذ كونت لنا ما نعرفه بالآية، فمثلاً أضرب لك مثلا على ما يتعلق بالجمل، عندما مثلاً نقرأ قول الله سبحانه وتعالى ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الكُبْرَى ﴾[النازعات:34] ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ* يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾[عبس:37:33] دعونا نأخذ هذه الآيات ونفصلها شيئًا شيئًا حتى نصل إلى مرادنا من هذه القسمة وإلى بيان هذا الاستقراء الذي دلنا على هذه المراحل، لما نأتي إلى قول الله عز وجل ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ نفصل هذه الآية حتى ننظر ماذا فيها فعندنا ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴾ إذا عبارة عن ماذا ظرف، جاءت فعل ماضٍ، الصاخة فاعل ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ﴾ ويوم عبارة عن ماذا؟ ظرف زمان شبه جملة، يفر فعل، المرء فاعل، من أخيه، فتكونت عندنا كم جملة؟ جملة فعلية، وشبه الجملة، هذه الجملة وشبه الجملة كونت ماذا؟ كونت آية، كونت آية كاملة، لو نأخذ الآية التي تليها يتضح الكلام أكثر ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾لكل هذه إيش؟ جار ومجرور شبه جملة، يومئذ شبه جملة ظرف، شأن يغنيه، فعندئذ عندنا عدة جمل، جملة اسمية، وجملة فعلية، تجمعت فكونت لنا ما يسمى بآية، ما يسمى بآية، سأفصل لك هذا وأوضح فيما نستقبل وأنما أريد الآن أن يتضح لك المراد من ضرب المثل قي هذا ،خذ مثلًا أخير في هذ الباب قوله سبحانه وتعالى في سورة العصر ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[العصر:3:1] في الآية الأخيرة كم جملة عندنا؟ ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُو﴾هذه جملة، ثم جاء حرف العطف﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ هذه جملة ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ جملة فعلية ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ جملة فعلية أيضًا، فعندنا كم جملة فعلية في هذه الآية فقط وحدها؟ اربع جمل كونت آية واحدة، إذًا بعد ذلك فكلمة وحروف معاني ارتبطت ببعضها كونت جملة، وعدة جمل كونت آية، وقد تكون الآية من جملة واحدة، ولكن أغلب الآيات تتكون من عدة جمل، هذه الجمل لما اجتمعت وتكونت لنا هذه الآية،هذه الآية عبارة عن آية ضمن آيات، أليس كذلك؟ ما عندنا سورة في كتاب الله عز وجل تكونت من آية واحدة أبدًا، ليس عندنا سورة من كتاب الله عز وجل تكونت من آية واحدة أبدًا، فعندنا إذًا الآية لما تجتمع مع أخواتها من الآيات الأخرى فعندئذ يتكون ما نسميه بالسورة، فهذه الآيات اجتمعت فكونت السورة، هذه السورة هل هي جاءت جاءت لوحدها مبتورة أم أن لها ما يسبقها أو لها ما يلحقها؟ لها ما يسبقها ولها ما يلحق بها، اللهم إلا أطراف كتاب الله عز وجل من جهة إن كان المقصود هذا التدوين في المصاحف أول الآيات وآخرها أو أيضًا كذلك ما كان من تنزل القرآن أول ما بدأ بسورة العلق إلى آخر ’آية نزلت من كتاب الله عز وجل، هذا الترتيب بالنسبة لكلمات القرآن، حروف القرآن، جمل القرآن، آيات القرآن، سور القرآن، ثم القرآن كله من أوله إلى آخره، هذا الترتيب هو الذي سيعينك على فهم الآية كما ينبغي، كيف هذا؟ سيعينك في أنك عندما تقرأ في القرآن ستمر بك يا أخي المبارك كلمة قد لا تفهم معناها فتحتاج ماذا؟ إلى أنك تفهم معنى هذه الكلمة، طيب فهمت معنى الكلمة هل فهمت الجملة من أولها إلى آخرها؟ لن تستطيع أن تفهم الجملة حتى تعرف ما يتعلق بحروف المعاني بدلالة هذه الحروف، فإذا فهمت دلالة هذه الحروف على وجهها عندئذ تكون الجملة كاملة، ولن تفهم الآية كاملة حتى تفهم هذه الجملة وتلك الجملة التي تكونت منها الآية، كل جملة وما دلت عليه؛ لأن الجمل كما تعلمون منها يكون جملة ابتدائية، ومنها ما تكون جملة فعلية، هناك جملة حالية، وغير ذلك من الجمل في لغة العرب، لكل جملة نوعًا من أنواع الدلالة، فعندما تجتمع هذه الجمل هذه جملة ابتدائية لها دلالة، وهذه جملة فعلية لها دلالة، وهذه جملة خبرية، وهذه جملة حالية، ونحو ذلك، عندما تجتمع هذه الدلائل من الجمل تعطيك دلالة كاملة للآية من أولها إلى آخرها، عندما تضم هذه الآية مع آياتها الأخرى في نفس السورة مع ما سبقها من الآيات مع سبق هذه الآية من الآيات ومع ما لحق بها من الآيات وهو ما يسمى بالسياق يتضح لك المعنى جليا بيّنا ظاهرا، بعد ذلك تأتي بالسورة من أولها إلى آخرها وتنظر في مضمون السورة وفي مقصودها وفي موضوعها الذي تنزلت من أجله هذه السورة، ثم تنظر في موضوع السورة التي هو عنوانها التي سطر المصحف الشريف عليها، السورة عندك اسمها سورة المسد، سورة الإخلاص، سورة الكافرون، ونحو ذلك هذه الأسماء تنظر فيها وفي الأسماء الأخرى المدونة في كتب التفسير ستعطيك شيئًا من الدلالة.

هذا الحديث عبارة عن تمهيد المراحل السبعة واضح الكلام الآن، هذا إنما هو تمهيد حتى تفهم ماذا نعني بالمراحل السبعة، بعدها سندخل بإذن الله إلى مضمون هذه المراحل السبع، وأرجو أن تكون مستعدًا استعدادًا كاملاً من جهة الذهن ومن جهة أيضًا القلب والرغبة، فإن الأمر يحتاج قليلاً إلى حضور الذهن استحضار القلب.

أسال الله عز وجل لنا ولكم علمًا نافعًا، وعملاً صالحًا، وقلبًا خاشعًا، وإيمانًا كاملاً، ولسانًا ذاكرًا، وعين من خشيته دامعة، اللهم إنا نسألك لنا جميعًا الفردوس الأعلى في الجنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أم أسماء غير متواجد حالياً