عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-08, 11:10 AM   #10
حاجة
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 31-03-2008
المشاركات: 263
حاجة is on a distinguished road
افتراضي تفريغ الدرس الـ19 من الدقيقة 19.30 الى الدقيقة 30.33

و مثله (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) في سورة الصافات, فاللام هنا عوضا عن على للدلالة على المعنيين السابقين الذين هما الاستعلاء و الاختصاص. و المعنى إن ابراهيم عليه السلام صرع ابنه اسماعيل عليه السلام على الارض كما يفهم من السياق. و خص الجبين و هما جانبين الرأس من الامام و بينهما الجبهة بالذكر هنا, ليبين ان هناك صرعا خاصا بها واقعا عليها. فابراهيم عليه السلام و حتى لا ينظر الى وجه ابنه حال ذبحه فيقع منه رحمة له فيتردد جعل وجه اسماعيل عليه السلام جهة الارض حال ارادته ذبحه و هذا ليس بتكلف و لا تقول بل هو الذي دلت عليه الآية بكلماتها و أدواتها و سياقها. لذا صرح جماعة من السلف بأن هذه هي الهيئة التي اراد بها ابراهيم عليه السلام ان يذبح اسماعيل عليه السلام منهم ابن قتادة و مجاهد و غيرهم . أحسنت يا بارك الله فيك. انظر الى هذه الآية و تأمل معي أيها المبارك, تأمل معي عظيم فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم كلام ربهم, و قبل ذلك ساحكي لك حكاية فيما يتعلق بفهم هذه الآية: الله عز و جل يقول هنا في هذه الآية (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) الكلام هنا عن من؟ عن ابراهيم عليه السلام و ابنه اسماعيل عليهما السلام. فلما اسلما أي ابراهيم و اسماعيل عليهما السلام وتل ابراهيم عليه السلام اينه اسماعيل تله للجبين, اذا ذهبت للتفسير بالمأثور انظر مثلا الى تفسير جرير رحمه الله فتقف على هذه الآية لتقرأ تفسير ابن عباس لهذه الآية فيقول لك ان ابراهيم الخليل (انا اشرح لك كلام ابن عباس) يقول ان ابراهيم عليه السلام لما اراد ان يذبح ابنه, لم يذبحه على الصفة المعهودة, (الصفة المعهودة ان يوضع الانسان او كما تريد ان تذبح بهيمة أو نحوه ذلك أن تضعها على الجنب أليس كذلك؟ نعم) على جنب من الجانبين ثم تقوم بالذبح. ابراهيم الخليل عليه السلام لما اراد ان يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام لما هم بالذبح لم يفعل هذا لم يجعل ابنه على جنب من الجانبين ابدا لا جنبه الايمن و لا الايسر و انما فعل صفة اخرى. ما هذه هي هذه الصفة؟ أنه جعل وجه ابنه اسماعيل الى الارض ثم لما اراد الذبح أخذ بهذه السكين و أدخلها من تحت حلق اسماعيل و هم بالذبح على هذه الصفة. فوجه اسماعيل عليه السلام على هذه الصفة و ابراهيم الخليل يذبح على هذه الصفة. ابن عباس لما ذكر هذا الكلام من اين اتى به؟ كثير من طلبة العلم و من الناس من يقرأ هذه الآية يظنون أن هذا الوصف لهذه العملية قضية ان يذبح ابراهيم ابنه اسماعيل على هذه الوضعية هو مما اخذه ابن عباس من بني اسرائيل و هذا ليس بصحيح,
هذه الآية التي وصف الله بها إسلام ابراهيم الخليل و كذلك ابنه اسماعيل لله عز وجل في هذا الامر العظيم. ذكر هذه الصفة, و ذكرت لك ان ابن عباس و من معه في مدرسته كابن قتادة و مجاهد و غيرهم من الأئمة فسروا هذه الآية فجعلوا ذبح أو ارادة ذبح ابراهيم الخليل لابنه اسماعيل على صفة محددة وهي ان ابراهيم الخليل جعل ابنه اسماعيل على جهة يكون فيها الوجه متجها الى الارض و أراد ان يذبحه على هذه الصفة. هذا الكلام من ابن عباس و من وافقهم على هذا الامر لم يأتي من كتب بني اسرائيل ولم يأخذه عن صحف تقدمت من الكتب السابقة تصف ما جرى بين ابراهيم الخليل و بين ابنه اسماعيل عليهما السلام ابدا و انما اخذه من هذه الآية و هذا الذي اريدك ان تنتبه له عندما لا تفهم كلام ابن عباس أو كلام اين مسعود أو كلام أحد الأئمة من أهل العلم في هذا الباب لا تجنح كثيرا الى ان تقول هذا من تفسير أو من ما أخذ من الاسرائليات أو هذا من ما نقل عن الصحف السابقة من الكتب التي تقدمت امة محمد صلى الله عليه و سلم. أبدا لا تجنح الى هذا. فإنهم رحمهم الله و إن اخذوا شيئا من ما لا يخالف شيئا من ما نحن عليه من ديننا إلا انهم لم يكثروا من هذا ابدا و عندما تنظر في تفسيرهم رحمهم الله كتفسير الدرر المنثور أو تفسير اين جرير أو تفسير اين كثير أو البغوي أو في غير ذلك من التفاسير أكثر ما نقل عنهم انه تفسير مما فهموه من كلام الله عز و جل لم يأخذوه عن بني اسرائيل أو غيرهم و إنما فهموه من الكلام العربي المبين الذي جاء في كلام الله عز وجل. فلا تجنح كثيرا الى قول ان هذا اخذ عن بني اسرائيل لاء لم يؤخذ عن بني اسرائيل و إنما اخذ من كتاب الله و لكن المسأله أنك لم تفقه ما فقهوه هم من القرآن و لم تفهم ما فهموه هم من القرآن و لم تدرك من كلمات القرآن و دلالتها و من حروف المعاني و دلالتها ما ادركوه هم. الذين اخذوا القرآن و استمعوا اليه و فهموه و هم أصحاب لغة يتكلمون بلسان عربي بين واضح لا لبس فيه فلما تقرأ هذه الآية (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) أولا ابراهيم عليه السلام أمر بماذا؟ بالذبح المجرد أليس كذلك؟ قال تعالى (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) هل أمر ان يذبح على صفة معينة؟ لاء. إنما أمر ان يذبح. ما كيفية الصفة؟ لم يحدد له الله عز وجل هذه الصفة. هذا النبي الكريم الذي وصفه الله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) أبراهيم كان فيه من الرحمة و كان فيه من الشفقة و كان فيه الحلم و كان فيه من التؤده و الرفق بالناس شيء لا يوصف و هذا من كمال و عظمة هذا النبي. و لذا كان هو افضل الانبياء بعد نبيا محمد صلى الله عليه و سلم. و لذا كان نبينا يكثر من ذكر ابراهيم الخليل و الثناء عليه بل ان الله تعالى هو الذي تولى الثناء عليه في كثير من المواطن. هذا النبي أمر بالذبح و لم يؤمر بكيفية معينه للذبح فقد خيره الله عز وجل في ذلك فاختار صفة ينفذ فيها الامر الذي جاء من الله عز وجل و ايضا يجمع فيها بين استجابته لامر الله و بين رحمته لابنه التي جعلها الله عز وجل في قلبه فجمع بين الامرين و هذا من كمال تنفيذ اوامر الله سبحانه و تعالى بأنه نفذ الامرين فهو مأمور ان يرحم ابنه و أن يشفق عليه و أن يكون لطيفا به مراعيا لجميع أحواله و مأمورا ايضا بإن لا يرتكب شيء يكون فيه أثر على نفسه و يكون فيه بقية فكر تتعلق بأمر من أوامر الله عز وجل فجمع بين هذا كله بين الرحمة التي جعلها الله في قلبه بل التي أمر الله عز وجل نبيه ابراهيم و أمر غيره ايضا بان تكون في قلوب الآباء على الابناء هذه الرحمة الفطرية المغروسة بين الابن و ابيه, هذه موجودة و باقية و هي شرعية و فطرة كونية لم يبعدها ابراهيم و لم يزلها لما استمع الى امر الله تعالى بل نفذ الامرين جميعا. أما الامر الاول فهو انه سيذبح و لن يرده شيء عن ان يقدم ابنه قربانا لله سبحانه و تعالى استجابة لامره لن يرده شيء عن ذلك و لكنه يجمع مع ذلك بأي شيء؟ يجمع الرحمة, و اللطف و الشفقة بهذا الابن و بنفسه ايضا في حاله مع ابنه, فجاء على هذه الصفة بأن رمى ابراهيم ابنه اسماعيل على الارض تله تلا قويا شديدا حتى لا يفكر و لا يتردد, وتله و التل لا يكون إلا بشدة فلما أسلما أي الجميع أسلم لله عز وجل. و أريدك ان تتخيل هذا الموقف أيها المؤمن مسألة ليست بالهينة فليست القضية ذبيحة تذبحها و تقدمها لله عز و جل, تشتريها بمبلغ من المال ثم..., القضية هي تصور عندك ابنك و هو من أحب الناس إليك و ما جاءك إلا بعد تعب و جهد و زمن و تحبه محبة شديدة جدا بل ترى الدنيا كلها فيه, هذا الابن ابن صالح, تقي, بر بأبيه, ابن قد جمع الله عز وجل فيه مما يجعل ابيه متعلقا فيه شديد التعلق, شديد المحبة له. و لذا قال ابن القيم رحمه الله في كلامه عن هذه الاية و في تفسيرها ان ربنا الله سبحانه و تعالى لعله اطلع على تعلق ابراهيم الخليل بهذا الابن و شدة محبته له فأراد ان يخلص محبة الله عز و جل التي في قلب ابراهيم الخليل لربه سبحانه و تعالى فلا يخالطها شيء حتى و إن كانت محبة العبد لابنه. و هذا الذي جرى لنبينا محمد صلى الله عليه و سلم مع من؟ مع ابنه ابراهيم. عليهم جميعا افضل الصلاة و افضل التسليم. فكذلك ابراهيم مع ابنه اسماعيل فأمره هذا الامر فاستجاب لله سبحانه و تعالى لكنه جعل وجه ابنه اسماعيل الى الارض, جعل هاتين العينين اللتين قد ينظران الى ابراهيم الخليل و هو يقدم على ذبح ابنه اسماعيل في هذه الحال الشديدة مع الاسلام الكامل لله تعالى في هذا الموقف العظيم و السكين بيد ابراهيم الخليل و هو يقدم على ذبح هذا الابن الكريم, البر الرحيم بل هو نبي من انبياء الله عز وجل يقدم على هذا الذبح فجعل وجهه الى الارض و أخذ السكين يريد ان يذبح و قد استجاب جميعا و اسلما لله تعالى (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم). هذه الصفة الكاملة هي التي أشار اليها ابن عباس و مجاهد و قتادة و دلت عليها الآية في حرف من حروف المعنى ((فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) أي ان التل كان من جهة الجبين و هذا التل هو الذي أوصل هذا الرأس الى الارض و التل كان من جهة الجبين. فتله للجبين اي تله تلا يوصل به جبينه الى الارض, فوصل الجبين الى الارض. و الجبين هنا (الـ) هذه جنسية بمعنى أنه اوصل كل الجبين. فإذا اوصل كل الجبين معنى انه أوصل الطرفين هذا و ذاك أوصلها جميعا الى الارض. لم يوصل طرفا واحدا دون طرف إنما أوصل الطرفين جميعا الى الله سبحانه و تعالى أوصلهما طاعة لله قربانا الى الله فجعلهما يماسان الارض هكذا من جهة حتى لا ينظر هو الى عين ابنه اسماعيل حال الذبح. فلم يأمره الله سبحانه و تعالى بذلك فلما القسوة و لما الجفاء لم يأمره الله سبحانه و تعالى أن يضع عينيه بعيني ابنه اسماعيل حال ذبحه ابدا لم يأمره بذلك إنما أمره بالذبح مطلقا. و هذا هو كمال الايمان و كمال البقين و كمال الرحمة و كمال الشفقة التي يحبها الله سبحانه و تعالى في عبده حين تنفذ الاوامر الاخرى التي جاءتك من الل سبحانه و تعالى بأن تكون شفيقا و رحيما بالناس من أولهم الى آخرهم فأنت عندما تريد أن تنكر منكرا أو تنفذ أمرا تأمر و تنهى و قلبك مليء بالرحمة مليء بالشفقة مليء بالرأفة على هؤلاء الناس الذين تريد انت ان تخرجهم من الظلمات التي تعيشون فيها الى النور الذي اراد الله عز وجل ان يهدي الخلق إليه. هذا هو بعض ما يتعلق بهذه الآية. و لكني اردت الاشارة فقط الى حرفين من حروف المعنى في هذه الآية و هو أولا (اللام الموصلة) هذه و (أل الجنسية) في قوله (لـ الجبين).

هل الكلام واضح؟ اقرأ يا عبد السلام.
حاجة غير متواجد حالياً