عرض مشاركة واحدة
قديم 13-12-08, 12:22 AM   #20
أم عبد الملك السلفية
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 25-03-2007
المشاركات: 276
أم عبد الملك السلفية is on a distinguished road
افتراضي

إكمال تفريغ الدرس السادس عشر ، من الدقيقة 13 إلى آخر الشريط .


****
المثال الثالث : قوله تعالى : (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) لو تأملنا كلمة (فأجاءها) لوجدنا أنها ليست "جاء" وليست "ألجأ" بل هي كلمة دلت على ما تدل عليه هاتين الكلمتين جميعاً بأبلغ وأوجز عبارة .
أرجو أن تنتبهوا لهذا المثل ، فالمثل الأول والمثل الثاني فيهما شيء من الظهور والوضوح .
الآن سندخل في بعض الأمثلة التي تحتاج إلى استحضار الذهن أن يكون الذهن حياً متوقداً منتبهاً إلى ما سيأتي لأنا سندخل الآن في بعض الكلمات المشكلة في مبدأها ، في ظاهرها وكيف استخدمت في كتاب الله –عز وجل- كلمة (ألجأ) وكلمة "جاء" عبارة عن كلمتين ليست كلمة واحدة في لغة العرب ، لكن جاءنا في كتاب الله –سبحانه وتعالى- كلمة ثالثة في سورة مريم أيضاً (فأجاءها المخاض) كلمة (فأجاء) ليست هي كلمة "جاء" ، كلمة "أجاء" غير "جاء" ، كذلك ليست هي "ألجأ" بل هي كلمة ثالثة في كتب اللغة لم تجد كلمة بهذا الوزن بهذه الأحرف كلمة "أجاء" ليس هناك شيء في كتب اللغة في لغة العرب ليس عندنا شيء يعرف بأنه أو كلمة تدل على معنى محدد معين في عبارة عن "أجاء" (فأجاءها المخاض) .
هذا لا يوجد فكيف جاءت في كتاب الله –سبحانه وتعالى- ؟! وما المراد منها ؟ وكيف فسرها السلف –رضوان الله عليهم أجمعين- ؟
انتبه إلى ذلك فيما سيأتيك من الكلام . نعم
"بيان ذلك أن أصل "أجاء" هو "جاء" ولو وردت الكلمة هكذا "جاء" لكان المعنى أن المخاض جاءها وهذا ليس إلا جزء من المعنى فقط ، فلما دخلت عليها همزة التعدية أضافت لها معنى آخر غير المجيء وهو أن المخاض لما جاءها جاء بها إلى جذع النخلة كالفرق بين "لجأ" و "ألجأ" و "ذهب و "أذهب" و "نام" و "أنام" ، "سمع" و "أسمع" ... وغيرها كثير ... وهذا المجيء لم يكن على سبيل الاختيار وإنما على سبيل الاضطرار كما دل عليه السياق والمراد أن المخاض لما جاءها ألجأها إلى جذع النخلة ولذا جاء تفسير السلف لـ (أجاءها) ألجأها ، وهذا من عظيم إدراكهم لمعاني القرآن الكريم"
نعم ـ، بارك الله فيكَ ، حسبك .
واضح هذا الكلام ؟
الآن كلمة "أجاء" (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) هذه الكلمة كما ذكرت لك ليست هي "جاء" وليست هي "ألجأ" وإنما هي كلمة دلت على معنى "جاء" ودلت على معنى "ألجأ" ، عندما تنظر بدءاً في كتب التفسير بالمأثور فسيفسر لك ابن عباس –رضي الله عنه- وكذلك بقية السلف –رضوان الله عليهم أجمعين- هذه الآية (أجاءها) بـ "ألجأها" فعندما تنظر في كتب اللغة لا تجد أبداً أن أجاء أو "جاء" ممكن أن ترد في لغة العرب بمعنى "ألجأ" فجاء غير ألجأ ، فكيف حصل لهؤلاء رحمهم الله من صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكذلك أئمة أهل التفسير كيف فسروا "أجاء" بـ"ألجأ" ، من أين جاءوا بهذا المعنى ؟ من أين جاءوا بهذا التفسير ؟ وهذا يشكل حقيقة إذا أردت أن تفهم التفسير على هذا النحو فلا بد أن تجد رابطاً بين الكلمة وبين التفسير الذي فسرت به هذه الكلمة لا بد أن يكون هناك رابط أما أن تكون هذه الكلمة "أجاء" وتُفسر بـ"ألجأ" هذا لا رابط بينهما مطلقا ولكن الرابط جاء في قوله –سبحانه وتعالى- (فأجاءها المخاض)
"أجاء" عبارة عن "جاء" دخلت عليها همزة التعدية كما تقول "ذهب وأذهب" ما الفرق بين ذهب وأذهب ؟
ذهب بنفسه ، وأذهب غيره .
عندما تقول "سمع وأسمع" ما الفرق بينهما ؟
سمع بنفسه وأسمع غيره .
عندما تقول "نام وأنام" ما الفرق بينهما ؟
نام هو وأنام غيره .
كذلك بالنسبة لـ"جاء وأجاء" لما دخلت همزة التعدية هنا دلت على أن المجيء هنا ليس من فاعل الفعل "جاء" في أصله ، وإنما هناك من "ألجأه" إلى المجيء هناك ما "ألجأه" إلى المجيء ، فالآية عندنا (فأجاءها المخاض) أجاءها المخاض الآن أصل الكلمة بدون التعدية (فجاءها المخاض) هذا المخاض لما جاء إلى مريم عليها السلام ماذا فعل بها ؟
ألجأها إلى جذع النخلة لما جاءها المخاض هل هو فقط جاءها وانتهى الأمر ؟ ، لا ، وإنما جاءها فألجأها إلى جذع النخلة ، فالآية لو كانت في أصلها "فجاءها المخاض إلى جذع النخلة" لما كان هناك دلالة على الإلجاء إلى الجذع ، بينما هذا قد دل عليه السياق دلالة ظاهرة أن هذا المخاض هو الذي جعلها تضطر إلى جذع النخلة تريد أن تتمسك بشيء .
من المعلوم أن المرأة الحامل الضعيفة الكسيرة التي هي في مثل هذا الموطن من الضعف الشديد تحتاج أن تتمسك بشيء ، أن تتشبث بشيء تريد ماء ، تريد أي شيء تستعين به على هذه الحالة التي هي فيها (فأجاءها الممخاض) جاءها المخاض ، ثم ألجأها المخاض إلى جذع النخلة ، ففسر السلف كلمة "أجاء" بالإلجاء من هذه الجهة .
فاصل قصير .
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آلة وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
مرحبا بكم أيها الأحبة مرة أخرى في روضة من رياض الجنة .
كنا نتكلم عن قوله –سبحانه وتعالى- : (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) وأن هذه الكلمة إنما جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى دلت على معنيين ، دلت على المجيء ودلت على الإلجاء ، أما دلالتها على المجيء فلأنها في أصلها جاء دخلت عليها همزة التعدية وهذا ظاهر وهذا المعنى يدركه كثير من الناس ولكن المعنى الذي يدركه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من السلف وأئمة أهل التفسير يدركون مع ذلك معنا آخر هو الذي ذكروه ولم يذكروا معنى المجيء لأنه ظاهر وبين فلا حاجة إلى ذكره فعندما تنظر في كلامهم لا يقولون لك "فأجاءها المخاض" أي جاءها المخاض ، هذا ظاهر بين لا حاجة إلى بيانه وإنما يقولون لك "فألجأها المخاض" فيذكرون لك المعنى الذي يحتاج إلى بيان أما البين فلا حاجة إلى ذكره فقالوا "ألجأها" لأن السياق مع كلمة "جاء" ومع همزة التعدية فعندنا ثلاثة أمور ، عندنا كلمة "جاء" وعندنا همزة التعدية التي دخلت على "جاء" وعندنا السياق الذي يدل على الاضطرار هذه الأمور الثلاثة دلت على معنى الإلجاء .
فعندئذ قيل في تفسير قوله –سبحانه وتعالى- (فأجاءها المخاض إلى جذع النخل) أي : جاءها المخاض فألجأها اضطراراً إلى جذع هذه النخلة وهذا مثل يبين لك عظيم فقههم رحمهم الله في تأويلهم لكلام الله سبحانه وتعالى .
فلا تظن أن كلمة "أجاء" لها معنى في اللغة تدل على الإلجاء ، لا هذا لم يأتِ أصلاً في الغة ولكن الذي جاء هذه الأمور التي ذكرت لك ودلتهم على المعنى الذي ذكروه في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى .
نعم ، واضح الكلام ؟
ننتقل إلى المثال الرابع :
اقرأ .
"المثال الرابع ، قوله تعالى : (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً) لننظر أولا في تفسير بعض السلف عن ابن عباس –رضي الله عنه- : تغريهم إغراءاً.
وعن قتادة قال : تزعجهم إزعاجا في معصية الله .
وعندما نرجع إلى لسان العرب في مادة "أزز" نجد أنها تُطلق على أمور منها : الاختلاط ، أيضا الامتلاء تقول العرب "أز المجلس إذا امتلأ وغص بالناس" وأيضا تطلق على الاضطراب والحركة الشديدة كأزيز الماء المغلي في القدر وهذه المعاني كلها مناسبة للسياق وبتأملها يتجلى سر اختيار هذه الكلمة .
فالشياطين أولا تختلط بالكافرين والفاسقين وتعايشهم في كل أمورهم .
ثانياً : ثم تملأ قلوبهم بشبهاتهم وشهواتهم حتى لا يكون فيها محل لغيرهم .
ثالثاً : ثم تحركهم حركة شديدة إلى المعاصي وتهيجهم وتدفعهم إليها دفعاً بل وتقويهم وتعينهم عليه والعياذ بالله" .
نعم ، هذا المثال قد تكلمنا عنه سابقاً وبينت لكم ما يتعلق بكلمة "الأز" في كتاب الله –سبحانه وتعالى- وانظر إلى كلمة الأئمة في تفسير هذه الآية في أنها تغريهم إغراءاً تزعجهم إزعاجا إلى معصية الله –سبحانه وتعالى- ثم إلى هذه الكلمة في لغة العرب فيتبين لك هذه المعاني التي ذكروها رحمهم الله في تفسيرهم لكلام الله سبحانه وتعالى .
المثال الخامس : قوله تعالى : (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) . فعن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم أنهم قالوا : هي فضول المحابس -، فضول بمعنى ايش ؟ هي ما يفضل من أطرافها ، هي ما يكون على الأطراف ، هي ما يفضل على الطراف ، المحابس المقصود بها هي الحصر البسط .-
أي الحصر والبسط والفرش ، وقال سعيد ابن جبير : الرفرف رياض الجنة خضر مخضبة ويُروى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه وهناك أقوال أخرى في المعنى المراد بالرفرف في الآية الكريمة أدعها لأبين مأخذ الأقوال السابقة وأن معناها متقارب ثم أيها أقرب إلى مراد الله عز وجل .
قال في اللسان : الرفرف : كسر أي : ذيل الخباء ونحوه وجوانب الدرع وما تدلى منها الواحدة رفرفة وهو أيضا خرقة تخاط في أسفل السرادق والفسطاط ونحوه وقال : والرفرف الشجر الناعم والمسترسل وأيضا هناك أقوال أخرى في كتب اللغة لا أطيل بذكرها ولكن بالتأمل فيما سبق ندرك أن الرفرف يطلق على ما كان طرفا أو فضلة في شيء كالمسترسل من الخيام والبسط والأشجار أو ساحات وحدائق القصور والمنازل أوحركة أطراف جناح الطائر ومنه في هذا اتلعصر رفرف السيارة ونحو ذلك .
نخلص من هذا أن المقصود برفرف خضر ما يلي :
- ساحات وأفنية قصور أهل الجنة فهي ترف وتهتز خضرة ونضرة حتى أن أهل الجنة يتكئون على مسترسل أشجارها .
- ثانياً : أطراف البسط والفرش المنثورة في بساتين ومجالس أهل الجنة .
- ثالثاً : أسرة أهل الجنة لأن الرفرفة تطلق أيضا على المفارش التي تُوضع فوق الأسرة ويكون لها ما تتدلى من على جوانبها إذا تبين هذا فقارن ذلك بما تقدم في نفس السورة المذكورة في قوله تعالى : (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان) ، والله أعلم .
أحسنت ، بارك الله فيكَ .
نعم ، هذه أيضا قد سبق الكلام عنها بشيء من الاختصار والآن قد استمعت إلى كلام السلف رحمهم الله في تفسير كلمة رفرف وتنوع العبارة منهم وإن كان هذا كله من أوله إلى آخره هو دائر على معنى كلمة رفرف في لغة العرب فرفرف في لغة العرب اتدل على شيء من التدلي وشيء من الطرف فهذا المعنى جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى ليبين لك بظهور أن هذه الأرائك التي يتكيء عليها أهل الجنة ليست هي أرائك فقط خاصة بالقصور ونحو ذلك ، لا ، وإنما هي أرائك مع أنها على هذا الوصف العظيم إلا أنها هذه عبارة عما يكون في أطراف الجنان في أطراف القصور فالمرء في تلك الجنان العظيمة المسلم إذا دخل تلك الجنات فإنه كيف يكون حاله ؟
له قصر عظيم كبير يعني مساحته شاسعة جدا ولك أن تتخيل أيها المبارك ، لك أن تتخيل أن الله عز وجل أعطى أدنى أهل الجنة منزلة من مثل هذه الدنيا ، من مثل هذه الكرة الأرضية من أولها إلى آخرها عشر مرات كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود وغيره ، "أن الله عز وجل قال لأدنى أهل الجنة منزلة ، قال : "لك الدنيا ومثلها ومثلها ومثلها ومثلها عشر مرات" هذا أدنى أهل الجنة منزلة له مثل الدنيا عشر مرات وكذلك له من مساحة هذه الكرة الأرضية من أولها إلى آخرها عشر مرات لأن الله وعده أن يعطيه من هذه الدنيا عشر مرات ، فله من حجم المساحة مقدار المساحة في تلك الجنان ، أيضا مقدار هذه الكرة الأرضية التي تسمى بالحياة الدنيا له مقدارها عشر مرات أيها المؤمن إذا أراد هذا النقي هذا الصالح الذي دخل هذه الجنة هذه أدنى أهل الجنة منزلة يعني أخرجه الله عز وجل بالتوحيد ليس فيه كبير تقوى ولا صلاح ولا هداية ولا دعوة ولا خير وإنما هو دخل دهرا طويلا جدا مئات السنوات بل هي آلاف السنوات في نار جهنم ثم خرج بعد ذلك ببقية توحيد باقية في قلبه بهذا التوحيد الذي في قلبه أخرجه الله عز وجل به من النار فأعطاه هذه المنزلة العظيمة من الجنة ضعف هذه الدنيا عشر مرات ، إذا كان الأمر كذلك فتصور قصراً في تلك الأرض الشاسعة هذا القصر له رفارف واسعة جدا هذه الرفارف هي عبارة تارة عن حدائق تارة بساتين تارة أشجار عظيمة متدلية مسترسلة ناعمة فتتكيء أنت ومن معك في تلك الجنان (عليها متكئين) على رفرف من الرفرف أيضا ، هذه الأشجار المتدلية شجر عظيم في جنان النعيم فتتدلى فتجلس عليها أنت وأصحابك وأحبابك في تلك الجنان العظيمة هذا شيء من هذا النعيم الذي دلت عليه هذه الآية العظيمة في قوله سبحانه وتعالى : (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) أي هذه الرفارف ما لونها ؟ خضر وعبقري حسان ، العبقري هو الذي بلغ أحسن ما يكون من جهة جماله ومن جهة حاله فلا يطلق في لغة العرب على شيء أنه عبقري فاق غيره الشيء الذي يفوق غيره سواء أكان في جماله ، سواء أكان في قوته \، سواء أكان في ذكائه ، سواء أكان مثل السيف في حدته ، سواء أكان في عطائه أو نحو ذلك يقال عنه عبقري أي أنه فاق غيره فكل ما فاق غيره في لغة العرب يقال عنه عبقري ، أو أتى بشيء يتعجب منه أهل الزمان فيقال عنه عبقري لأنه أتى بشيء لا يستطاع من مثل أمثاله وأقرانه من الناس فهذه الأرائك من صفتها أنها عبقري أنها بلغت مبلغا لا يشابه ما تعلمون وما تدركون من هذه الأرائك التي بين أيديكم بل هي أرائك فاقت غيرها ، ومن هذه الأرائك التي بين أيديكم بل هي أرائك فاقت غيرها في حسنها وجمالها في راحتها في أمورها في كل شؤونها من أولها إلى آخرها ، ولذا قال الله سبحانه وتعالى (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) هذا معنى من معاني هذه الآية العظيمة .
بعد ذلك سننتقل إلى المرحلة الثانية فيما يتعلق بمعرفة دلالة حروف المعاني التي تربط بين الكلمات ، أرجو أن يكون الكلام فيما يتعلق بإدراك المعنى اللغوي للكلمة ، أرجو أن يكون واضحا وهي مرحلة وخطوة لابد منها درجة في سلم لابد أن لا يصعد إلى الدرجة التي تليها إلا وقد فقهنا وفهمنا وأدركنا هذه المرحلة إدراكاً جيدا ، لا أقول إدراكاً كاملاً ولكن إدراكاً جيداً يكون معه شيء من الفهم نستطيع أن نبني عليه المرحلة الثانية بإذن الله جل وعلا .
نعم ، لعلك تقرأ .
"المرحلة الثانية : معرفة دلالة حروف المعاني التي تربط بين الكلمات .
هذا الأمر من الأهمية بمكان ، ذلك أن كلمات القرآن العظيم إن فُهم معناها ودلالتها وبقي معرفة دلالة حروف المعاني التي تربط بينها ومعرفة دلالة هذه الحروف له سر عجيب في فهم المعاني فهماً دقيقاً واسعاً يتبين معه سر بديع عظمة كتاب الله عز وجل وسيجد من تذوق دلالة هذه الحروف الفرق الشاسع بين فهمه لآيات الكتاب قبل وبعد وسيقع في قلبه من توقير وتعظيم كتاب الله ما لم يخطر له على بال ، وأكبر من هذا أن الخطأ في تحديد المعنى المراد للحرف في هذا السياق المعين قد يقلب المعنى المراد تماما أو يضعفه أو يخل ببلاغة وفصاحة هذا الكتاب المعجز وقد تقدم الكلام أن الحروف في لغة العرب تنقسم إلى قسمين : حروف مباني وحروف معاني ، وأن حروف المعاني هي الحروف التي تدل على معنى في غيرها وتأتي رابطة بين الكلمات لتعطي دلالة معينة يقصدها المتحدث وتسمى أيضا حروف الربط مثل دلالة حرف الباء على الاستعانة في كلمة "بسم الله" ودلالة حرف اللام على التعليل مع الاختصاص في قوله تعالى : (يريدون ليطفئوا نور الله) ودلالة حرف "على" الظرفية مع الاستعلاء في قوله تعالى : (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها .
وسيأتي بيان ذلك بشيء من التفصيل إن شاء الله ، ومع كثرة المؤلفات القديمة والحديثة في حروف المعاني إلا أني سأختار مرجعاً واحداص فقط تيسيراً وتسهيلاً وهو معجم حروف المعاني في القرآن الكريم لأن المقصود هنا الوصول إلى المعرفة الولية لمعاني هذه الحروف لا التحقيق والتدقيق في المضائق ولتوضيح ذلك فإن معرفة دلالة حروف المعاني على ثلاث درجات"
نعم ، لا التحقيق والتدقيق في المضائق ، المراد هنا أن ندرك المعنى على الأقل بشكل كاف وافٍ يعني لا نريد الآن أن ندخل في المضائق التي اختلف فيها أهل التفسير اختلافاص بيناً ولكن من المسائل ما جاء عن الأئمة رحمهم الله "من أئمة أهل اللغة ، من أئمة أهل التفسير" ما اختلفوا هم وهم أكابر أهل العلم ، ما اختلفوا في تحديد المراد ، لا نريد هذا ، هذه مرتبة يعني قادمة نستعين الله عز وجل عليها فيما نستقبل إن شاء الله بعد مدد من الزمان الله أعلم بها ولكن المراد هنا أن ندرك المعنى الكلي ، أن ندرك المعنى العام ، أن ندرك شيئاً لأنه وللأسف الشديد أن إدراك معنى حروف المعاني هذا بالنسبة لكثير ليس من عامة أهل العلم وطلبة العلم ، لا وإنما حتى من خاصة من يتعنى ويتطلب علم التفسير تجد أن معرفته بعلم حروف المعاني على الأقل ما يكون تجد أنه أصلاً هذا الاصطلاح لا يكون ، لا يفهم المراد منه ماذا يراد من قول القائل "حروف المعاني" لا يفهم ، ثم إذا فهم المراد من حروف المعاني فإنه بعد ذلك لا يستطيع أن يتبين ما المعنى الذي جاء من أجله حرف الفاء ، حرف الباء ، حرف اللام ، حرف عن ، وهكذا من الحروف التي لها معان في لغة العرب لا يتبين ذلك أبداً فإذا مر بالآية وأراد أن يفسرها فإنه عندئذ لا يتفطن إلى أن حرف المعنى هنا له أثر كبير في بيان المعنى الكامل الوافي لهذه الآية التي جاءت في هذا الموطن ولذا تجد أنه يتساهل كثيرا في هذا الأمر ، في هذه المسألة يتساهل كثيراً لا يتعنى أن يقف قليلاً لا يبحث عن معنى هذا الحرف من أجل أن يدرك ماذا يعطي من قوة المعنى ، ماذا يعطي من قوة الدلالة ، ماذا يعطي من قوة الأمر ، ماذا يعطي من قوة النهي ، لا ، وإنما يمر عليه سريعاً ، وهذا لا ينبغي أبداً ، سيأتيك في الأمثلة ما يوضح بين إدراكك لمعاني هذه الحروف وبين ضعف الإدراك لمعاني هذه الحروف التي لها أثر كبير في فهم كتاب الله عز وجل ، بل إنها أيها المؤمن ، أيها المبارك ، بل إنها عندما تتأمل فيها تجد أنها قد ملأت كتاب الله عز وجل .
حروف المعاني عندما تقرأ من سورة الفاتحة من أولها ، بل من أول جملة في كتاب الله عز وجل وهي "بسم الله الرحمن الرحيم" الباء أصل استفتاح هذا الكتاب ، بدأ بحرف الباء الذي هو حرف معنى ، ثم تقرأ تقرأ إلى أن تصل إلى سورة الناس ، تقرأ في سورة الناس فإذا عندك من حروف المعاني ما تحتاج أن تقف عنده وأن تتأملها يعني خذ مثلاً في آخر سورة الناس (من الجنة والناس) هذه "من" ماذا لها من الدلالة ؟ لها دلالة ، أنت الآن طالب علم ، الكلام مع طلاب العلم ليس مع عامة الناس ، . يجب أن تتفقه في ماذا تعطيك هذه الآية من الدلالة ، هذا الحرف "من" ماذا له من الدلالة ؟
في هذا الموطن ماذا يعطيك من المعنى ؟
ما معنى قوله سبحانه وتعالى : (من الجنة والناس) ؟ لو تأملت هذا الحرف وفقهت معناه سيتبين لك معنى هو بالفعل غير المعنى الذي كان في خاطرك قبل ذلك يعني وليس هو المعنى الجزئي الذي كان في ذهنك وإنما هو معنى أوسع وأشبع واكبر من المعنى الذي كان يتبادر بدءاً إلى ذهنك .
الكلام عن الحروف كلام طويل جداً ولكنا سنبدأ بإذن الله عز وجل في ضرب الأمثلة التي توضح لك المراد فيما يتعلق بهذه الحروف ثم بعد ذلك سنعرض لك بإذن الله جدولاً سريعاً في المعاني الكلية لهذه الحروف ونحاول بإذن الله سبحانه وتعالى أن نوضح هذا الأمر على أتم ما يكون وأكرر لك وأعيد عليك أريدك أن تتحمل قليلاً في طلب العلم في هذه المسألة هناك حاجة أن تبذل من نفسك أن تبذل من جهدك من ذهنك من فكرك من ذكائك في فهم هذه الأمور لأنها لها أثر كبير في فهم كتاب الله عز وجل .
وأنت يا طالب العلم إن لم تبذل من جهدك ، من قوة فكرك ، من ذكائك في هذه المسائل فأي شيء تبذلها ؟ ولأي شيء تجعلها ؟ إنما هي في هذه المسائل وفي أمثالها من المسائل الكبار التي لها أثر في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى .
نعم ، هذه الدرجات بالنسبة لما يتعلق بحروف المعاني اخترت أن أقتصر على ثلاث درجات وإلا بالإمكان أن تكون أوسع من ذلك لكن لا داعي إلى أكثر من ذلك خشية أن يكثر الإلباس ويصعب المعنى فهي على ثلاث درجات .
الدرجة الولى :
هي إدراك المعاني المشهورة لكل حرف .
كيف ندرك معاني هذه الحروف ؟
عن طريق النظر في درجات ثلاث .
الدرجة الولى هي : إدراك المعاني المشهورة لكل حرف .
اقرأ :
الدرجة الأولى : : إدراك المعاني المشهورة لكل حرف .
مثل : "الـ" في كتاب الله تعالى لها معنيان مشهوران ، عهدية وجنسية ، ولكل منهما أنواع.
الفاء لها عدة معاني "السببية – الفصيحة – العاطفة – الجوابية" .
الباء لها عدة معاني أيضاً " الإلصاق – التبعيض – السببية – القسم" .
"في" أصل معانيها الظرفية وتأتي للتعليل والاستعلاء والمقايسة وهكذا نقف عند هذا الحد -



انتهى
أم عبد الملك السلفية غير متواجد حالياً