ردا على السؤال السابق (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) لماذا جاءت (في الظرفية) للدلالة على (على)؟ أجاب الشيخ انه هذه الـ(في) هي بمعنى (على) و لا خلاف في ذلك للدلالة على العلو أما تأويلها فقال للدلالة على امرين معا و هما أولا الاشارة الى علو الله سبحانه و تعالى (بمعنى على) و ثانيا للدلالة على جنود الله سبحانه و تعالى في السماء (بمعنى في الظرفية) و قال الشيخ هذا رأيه و اجتهاده يحتمل الخطأ او الصواب (جزاه الله خيرا).
** ماهي المرحلة الثالثة لطالب فهم القرآن ؟
هي معرفة دلالة الجملة الواحدة و ما يتعلق بها ثم دلالة الجمل التي تتكون منها الآية. الجمل لها أثر في معرفة الترجيح و إدراك اكمل المعاني و أتم أوجه التفسير عند الكلام عن كتاب الله عز و جل. لذلك لا بد لطالب العلم من الالمام بالقواعد و النحو و البلاغة و بالاخص علم المعاني و البديع.
** عددي أنواع الجمل في القرآن الكريم ؟ مع ذكر دلالة كل نوع ؟
تنقسم الجمل في لغة العرب نظرا لعدة اعتبارات و ما يهمنا هنا هو الاعتبار الذي له علاقة بعلم المعاني و ماله أثر في تفسير القرآن العظيم:
1- الجملة الاسمية و دلالتها
2- الجملة الفعلية و دلالتها
3- الجملة الحالية
4- الجملة المعترضة
الجملة التفسيرية.
و قال الشيخ سيركز على الجملة الاسمية و الفعلية.
- الجملة الاسمية و دلالتها: هي كل جملة صدرها يتكون من اسم (مبتدأ و خبر), فكل جملة صدرها اسم تدل على اللزوم و الدوام و الاستمرار. مثلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الحمد: مبتدأ, لله جار و مجرور. هذا من ناحية النحو و من ناحية علم المعاني هذه جملة اسمية دلت على دوام الحمد لله أي ان الحمد صفة ملازمة لا تنفك عنه سبحانه و تعالى بأي وجه من الاوجه. و في نفس المعنى (اللَّهُ الصَّمَدُ), (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ).
- الحملة الفعلية: هي ما يبدأ بفعل و تدل على الحدوث و التجدد. مثلا (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) فجملة (خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) هي فعلية لانها تبدا بفعل امر (خذ) و الفاعل ضمير مستتر تقديره (انت يا يحيى). فهي اذن جملة فعلية دلت على أمر الله تعالى لنبيه يحيى عليه السلام ان يأخذ الكتاب (بقوة). اي أمر يحتاج الى التجدد و ذلك لانه لا يمكن ليحيى عليه السلام ان يأخذ الكتاب بقوة في كل أحيانه فهو بشر و هو لم يؤمر بذلك إنما أمر ان يأخذ الكتاب بقوة و يتابع هذا الاخذ مرة بعد مرة و حين بعد حين. ففي الحديث الصحيح في صحيح مسلم (حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو الربيع العتكي جميعا عن حماد قال يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي بردة عن الأغر المزني وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) و في رواية أخرى 70 مرة.
يغان بمعنى يغفل أو يحصل له شيء قليل من الفتور عن الذكر. كأنه غبار قليل يقع على القلب فيصبح كالغشاء الرقيق عليه. فيستغفر رسول الله صلى الله عليه و سلم من ذلك 70 أو 100 مرة و هو افضل خلق الله. فإذا كان هذا ما يحصل لرسولنا الكريم فيحيى عليه السلام ايضا لن يكون في استطاعته ملازمة الاخذ بالقوة طوال الوقت لهذا جاءت الجملة فعلية للدلالة على تجديد النية و الاخذ بالقوة.
** وضحي الفرق بين :
1- دلالة الجملة الفعلية في قوله تعالى : ( يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) ؟
قد تم شرح الآية و لماذا جاءت فعليه في السؤال السابق.
2- دلالة الجملة الاسمية في قوله تعالى : ( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) ؟
الجملة اسمية فيها سلام و أمان و تنزيه من الله سبحانه و تعالى لنبيه يحيى عليه السلام في 3 مواطن (الولادة, الموت, البعث). و بما انه هذا السلام كان من الله تعالى فهو إذن ثابت و ملازم و لا ينفك عن يحيى عليه السلام بأي حال من الاحوال. و لهذا أتت الجملة اسمية للدلالة على الثبات و الملازمة.
|