عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-08, 03:20 PM   #23
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس الثامن عشر:معنى أداة التعريف "ال":


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
اللهم عملنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاًَ يا أكرم الأكرمين.
كان الكلام فيما سبق يختص بحروف المعاني ووقفنا عند معاني هذه الحروف التي اشتهر ذكرها في كتب أهل العلم وكنا في الحديث عن جدول يوضح أشهر المعاني لجملة من هذه الحروف وسبق أن قرأنا عليكم ما يتعلق بمعنى حرف ال في كتاب الله عزّ وجلّ وسنعيد القراءة الآن ليكون هناك شيء من الشرح لمعاني هذا الحرف في كتاب الله.

قرأ الطالب:
هذا الجدول يوضح أشهر المعاني لجملة من هذه الحروف :الأداة، المعاني ثم الأمثلة.
الـ تكون للتعريف عهدية مثل ما جاءت في قول الله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ [الفيل:1]
أكمل الشيخ:
نعم ال هنا المراد في قوله سبحانه وتعالى ﴿ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ فالفيل هنا معهود معروف أنه الفيل الذي جاءوا به ليهدم الكعبة فأنزل الله على هؤلاء مع فيلهم أنزل الله عليهم هذه الطير الأبابيل التي رمتهم بحجارة من سجيل، فالمراد هنا من هذا المثال هو قوله سبحانه وتعالى ﴿ الْفِيلِ ﴾ فال هنا عهدية عائدة إلى ذاك الفيل المعهود عند السامع، نعم.
قرأ الطالب:
وتكون جنسية مثل قوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2] ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ[الناس:1].
أكمل الشيخ:
نعم عندك الحمد في ال هذه وال هذه جنسية كذلك في قوله سبحانه وتعالى ﴿الْعَالَمِينَ ﴾ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ال هذه أيضاً جنسية أي رب كل العالمين من أولهم إلى أخرهم كذلك في الآية الثانية ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ أي برب كل الناس ف"ال" أيضاً هذه جنسية تفيد الاستغراق.
قرأ الطالب:
وتكون للماهية مثل ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء:30].
أكمل الشيخ:
نعم الماهية هنا أيضاً هي تسمى عند بعض أهل اللغة جنسية ولكنها جنسية لا تفيد الاستغراق وإنما جنسية تدل على الماهية كما في قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ في كلمة الْمَاءِ الماء هنا هذه ال جنسية تفيد الماهية أي ماهية الماء فالمراد هنا أن الماء أياً كان هذا الماء هو جعله الله سبحانه وتعالى حياة لهذه المخلوقات، نعم.
قرأ الطالب:
قد، تكون مع الماضي للتحقيق والتقريب .
أكمل الشيخ:
نعم الآن اخترنا لكم الحرف الآخر قد، هناك حروف أخرى كثيرة عندنا الباء عند السين، سوف، على، عن، الفاء، في، وكذلك غيرها من الحروف ولكن من أجل الاختصار ومن أجل ضرب المثال فقط سنأخذ الآن الكلام عن قد، وهي حرف معنى في كتاب الله عزّ وجلّ.
قرأ الطالب:
تكون مع الماضي للتحقيق والتقريب مثل قوله تعالى ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] و ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9].
وتكون مع المضارع للتقليل أو التكثير، وهي في القرآن الكريم في ثمانية مواضع كلها عند التحقيق للتكثير منها ﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْه [النور:64] ﴿ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ [الصف:5].
أكمل الشيخ:
أحسن بارك الله فيك، بالنسبة لقد، قد تأتي تارة وتسبق الفعل الماضي كما في قوله سبحانه وتعالى ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ فقد هنا سبقت الفعل الماضي الذي هو إيش؟ سمع ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ فإذا أتت قبل الفعل الماضي فإنه تدل على التحقيق وتدل على معنى آخر في كثير من المواطن وهو التقريب أي أن السماع قد تحقق وأيضاً أن هذا السماع من قرب هذا بالنسبة إذا كانت قد، قد تقدمت على الفعل الماضي أما إذا تقدمت على الفعل المضارع فإنها تارة تفيد التكثير وتارة تفيد التقليل، يعني تقول: قد يجود البخيل، فما مرادك هنا بقولك قد يجود هل قد هنا للتكثير أو للتقليل؟ للتقليل لأن البخيل الأصل فيه أنه لا يجود ولكن لما جاد هنا أخبرت أنه قد يجود، قد يجود البخيل، بينما في أمثلة كثيرة ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ [الأحزاب:18] هنا قد هل هي للتقليل أو للتكثير؟ هنا للتكثير ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ ﴾ يعني الإخبار بأن الله عزيز مطلع وأن هذا الاطلاع صفته الكثرة والاطلاع الكامل فقد إذا جاءت بعد الفعل المضارع تارة تفيد التقليل وتارة تفيد التكثير فإذا جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى فإنها في الأغلب تفيد التكثير لا التقليل لأن قد عندما جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى وتقدمت على الفعل المضارع حُسبت هذه المواطن في كتاب الله وجد أنها ثمانية، ثمانية مواطن جاءت عندنا قد وجاء بعدها فعل مضارع ثمانية مواطن في كتاب الله إذا نظرت إلى هذه المواطن الثمانية منها سبعة لا تحتمل إلا التكثير إلا في موطن واحد فإنه يحتمل أن يراد به التقليل أو أن يراد به التكثير وهذا الموطن الأصوب أن يُحمل على التكثير وهذه الأمثلة موجودة في كتاب الله عزّ وجلّ وقد جمعها عدد من المفسرين ومن هذه الأمثلة قوله سبحانه وتعالى ﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْه ﴾ وقوله أيضاً ﴿ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ ﴾ والمراد هنا بقوله سبحانه وتعالى على لسان موسى عليه السلام ﴿ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ ﴾ هنا المراد على القول الراجح من كلام المفسرين هو التحقيق الذي هو التكثير لا التقليل لأنهم هم أي بني إسرائيل يعلمون علماً ظاهراً بيناً أن موسى عليه السلام رسولٌ من رب العالمين فموسى يقول لهم ﴿ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾ لمَ تؤذونني وأنتم تعلمون أني رسول الله إليكم ليس المراد هنا التقليل وإنما المراد هنا التكثير وبيان أن هذه الصفة ظاهرة بينة عندهم ليست بالصفة القليلة التي ليست يعني واضحة في استقرارها في أذهانهم وأيضاً كذلك قرارها في قلوبهم؟ لا، وإنما هي صفة ظاهرة مستقرة عندهم في النفوس وفى القلوب، نعم.
قرأ الطالب:
اللام الجارة أصل معانيها الاختصاص وهو معنى لا يكاد يفارقها مثل ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [التوبة:60] وتأتي للسيرورة مثل قوله تعالى ﴿ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:119] وتأتي للعلة مثل ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [القمر:17] وتأتي للصلة مثل قوله تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ [الحجر:28].
أكمل الشيخ:
نعم هذه اللام الجارة اللام المكسورة التي تجر ما بعدها إذا جاءت في كتاب الله عزّ وجلّ فأصل معانيها الاختصاص وهذا المعنى مهم جداً وله أثر في أشياء كثيرة جداً في فهم كلام بل حتى في فهم الآيات في دلالتها على مسائل في العقيدة وعلى مسائل في الفقه وعلى مسائل في غير ذلك من أمور الدين فعندما مثلاً تقرأ قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾ معناها أن الصدقات يختص بها الفقراء لأن اللام هنا جاءت للاختصاص على أصل معناها فأصل معناها الاختصاص وهناك معاني أخرى لهذه اللام كما في قوله جلّ وعلا ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ أي ما الحكمة وما العلة من تيسير هذا القرآن لأي شيء ؟ للذكر، العلة هي الذكر ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ﴾ من أجل ماذا؟ من أجل أن تتذكروا به وأن تستخدموه للذكرى فهذه هي العلة من إنزال القرآن.

كذلك أيضاً هناك معنى ثالث وهو ما يسمى بالصلة وهذا المعنى أيضاً لابد من الانتباه له لأنه يتعلق بعدد من المسائل مهمة في دين الله عزّ وجلّ وهو معنى الصلة في هذه اللام أي أنها تصل بين شيئين كما في قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ ﴾ هذه اللام هل هي لام الاختصاص؟ لا ، ليست لام الاختصاص، هل هي لام العلة ؟ وإذا قال ربك لعلة الملائكة من أجل الملائكة ؟ لا، إنما هي هنا لام إيش؟ لام الصلة بمعنى أنه قال سبحانه وتعالى موصلاً هذا الكلام للملائكة، كما تقول أنت سجدت لله هذه اللام سجدت لله لام الصلة أي سجدت موصلاً سجودي لله فهذه تكون بين المعاني وسيأتي متى تكون اللام تارة للصلة وتارة للعلة وتارة للاختصاص بحسب السياق الذي تجيء فيه، نعم نأخذ مثال أخير.
قرأ الطالب:
ما الاسمية تكون شرطية وموصولة تفيدان العموم مثل قوله تعالى ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ [البقرة:197] ومثل ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاع [النساء:3] وتكون استفهامية مثل قوله تعالى ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2] وتكون تعجبية مثل قوله ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [البقرة: 175].
أكمل الشيخ:
نعم، عندنا ما الاسمية ما في القرآن تأتي على نوعين: تكون تارة حرفية وتارة اسمية ويجب أن تنتبه لهذا ليست كل ما في القرآن على نحو واحد بل هناك ما، في القرآن حرفية لا يعني محل لها في الإعراب أما هناك ما الاسمية فلها محل في الإعراب تعرب إما أن تعرب مبتدأ تعرب خبر بحسب موطنها في الآية فتنتبه لهذا فلابد أن تفرق بين ما الحرفية وما الاسمية في كتاب الله عزّ وجلّ عندنا ما الاسمية لها دلالات كثيرة في القرآن فتارة تكون شرطية كما في قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: 197] فهي شرطية هنا في دلالتها وهي ظاهرة من جهة الدلالة كذلك بالنسبة لـ ما الموصولة وهي كثيرة ولها دلالة يعني ظاهرة في كتاب الله سبحانه وتعالى كما قال تعالى ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ﴾ أي فانكحوا الذي طاب لكم وما الشرطية وما الموصولة من ألفاظ العموم في القرآن: ما معنى هذا؟ معناه أن ما الشرطية إذا جاءت في كتاب الله عزّ وجلّ فإنها تدل على العموم ما الموصولة إذا جاءت في كتاب الله عزّ وجلّ فإنها تدل أيضاً على العموم فعندما مثلاً نقرأ قول الله سبحانه وتعالى ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ﴾ أي فانحكوا الذي طاب لكم أي انحكوا ما طاب لكم عامة انكحوا ما شئتم من النساء ما طاب لكم من النساء إن لم يكن هذه النساء لم يكن ممن حرم الله عزّ وجلّ فهذه الألفاظ تدل على العموم في كتاب الله سبحانه وتعالى.
كذلك هناك الاستفهامية وهي كثيرة كما في قوله تعالى ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ ﴾ ﴿ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-2] هذه كلها من قبيل ما الاستفهامية وهناك أيضاً التعجبية التي تدل على شيء من التعجب كما في قوله سبحانه وتعالى ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ وكذلك في قوله سبحانه وتعالى والذي يعني مما يدل على التعجب في قوله جلّ وعلا ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ[النبأ:1] ونحو ذلك هذه كلها حروف تدل على نوع من المعاني وهنا تدل على التعجب.
نقف بالنسبة للأمثلة عند هذا الحد وإلا فالكلام كما ذكرت لكم طويل ولكن نرجئ الكلام عن هذه الحروف تفصيلاً إلى موطن آخر ونأخذ الآن في مسألة مهمة جداً وهي ما يتعلق بكيفية الوصول إلى معرفة دلالة هذا الحرف في كتاب الله عزّ وجلّ: أنا أقرأ في القرآن وأقرأ مثلاً قول سبحانه وتعالى ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] الآن عندي ربط بين هاتين الآيتين حرف يقال له الفاء ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ هذه الفاء ما دلالتها ؟ كيف أقف على دلالة هذا الحرف في هذا الموطن ؟ هذا الذي نريد أن نعرفه وخذ أمثلة كثيرة جداً على هذا الأمر خذ أمثلة كثيرة جداً في كتاب الله سبحانه وتعالى على هذا الأمر فكيف نصل إلى معنى الحرف إذا مر علينا في كتاب الله سبحانه وتعالى هذه هي المسألة التي سنتكلم عنها بإذن الله فيما بقي لنا من الكلام عن حروف المعاني، لعلك تقرأ.
قرأ الطالب:
بقي كيفية الوصول إلى معرفة دلالة حروف المعاني في الآية سبق أن اخترنا مرجعاً واحداً فقط هو معجم حروف المعاني في القرآن الكريم.
أكمل الشيخ:
نعم هذا الكتاب هو الذي أشرنا إليه سابقاً وهو ما يسمى بمعجم حروف المعاني في القرآن الكريم معجم حروف المعاني ولكن خاص بالقرآن الكريم معجم حروف المعاني في القرآن الكريم من مؤلفه ؟ من يذكر اسمه ؟ ذكرنا اسمه من قبل.
أجاب الطلبة:
محمد حسن الشريف.
أكمل الشيخ:
أحسنتم بارك الله فيكم ، محمد حسن الشريف، نعم وهو في كم مجلد ؟
أجاب الطلبة:
في ثلاثة مجلدات .
أكمل الشيخ:
في ثلاثة مجلدات، هذا الكتاب ذكرنا عنه بعضاً من الكلام فيما سبق والآن سنذكر كيف نستفيد منه في هذا الموطن الذي نحتاج إليه، نعم اقرأ.
قرأ الطالب:
مع الجدول السابق فإذا مر بك حرف من هذه الحروف في القرآن الكريم فاسلك الخطوات التالية:
أولاً: انظر الجدول السابق وتأمل المعاني المشهورة للحرف.
ثانياً: راجع هذه المعاني في الكتاب السابق بشكل أوسع.
ثالثاً: تأمل في المعنى الذي اختاره المؤلف وافهم سبب اختياره وقد تحتاج مع هذه الخطوات إلى من يذلل لك بعض الصعوبات.
أكمل الشيخ:
نعم هذه الخطوات أنا أقترح عليك لكي تصل إلى دلالة هذا الحرف في كتاب الله سبحانه وتعالى بدءًا حتى أُيسر لك الأمر إذا وقفت على حرف وأشكل عليك فعندئذ بإمكانك أن ترجع إلى هذا الجدول الذي تراه في بيان دلالة هذا الحرف وما له من المعاني ستقف على أشهر المعاني بعد ذلك إن أردت زيادة في الاطلاع على دلالة هذا الحرف بإمكانك أن ترجع إلى هذا الكتاب معجم حروف المعاني ستنظر ماذا ذكر من المعاني وتنظر في اختياره هو تنظر في اختياره هو لدلالة هذا الحرف في هذا الموطن إذا نظرت إلى دلالة الحرف في هذا الموطن عندئذ بعد ذلك ستقف على معنى يذكره هو توافقه أو تخالفه الأمر يسير إذا أردت أن تعرف هل ما قاله صواب أو لا ؟فقط انظر إلى الكلام السلف رحمهم الله وكلام محقق المفسرين في معنى هذه الآية لأن دلالة حرف المعنى الذي ذكره هذا المؤلف إما أنه يوافق ما ذكروه وإما أن يخالف ما ذكروه فإن وافق ما ذكروه فما اختاره صواب وإن خالف ما ذكروه فما ذكره ماذا ؟ ليس بصواب ، فهمت معي؟ فأنت الآن تريد أن تقف على حرف المعنى انظر إلى ما ذكر ثم ارجع إلى كلام السلف رحمهم الله وكلام المحققين من المفسرين بالطريقة السابقة التي أشرنا إليها بعد ذلك تستطيع أن تختار القول الراجح فيما سبق بدلالة هذا الحرف وهذا ليس بالكثير، كثير من الحروف ستقف على معناها بظهور ولكن قد تحتاج حيناً إلى شيء من التحقيق.
نأخذ مثلاً واحداً يبين لك ماذا نريد من حروف المعاني وكيف نصل إلى دلالة الحرف منها لعلك تقرأ.
قرأ الطالب:
أمثلة توضح ما سبق، المثال الأول قوله تعالى ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:4-5] في مثل هذه المواطن ينبغي لقارئ القرآن أن يسأل نفسه لما جاءت ال مع النفاثات ولم تأتي مع حاسدٍ وبعبارة أخرى لما جاءت مع السحر ولم تأتي مع الحسد؟
أكمل الشيخ:
نعم ينبغي أن تسأل نفسك يعني سورة الفلق كم قرأناها من مرة ؟ عشر مرات مائة، ألف، آلاف قرأناها كثيراً فلما لا تنتبه إلى كتاب الله عزّ وجلّ وأنت تقرأه؟ أنت تقرأ القرآن تقرأ كلام الله سبحانه وتعالى فلما لا تنتبه حينما تقرأ هذا القرآن؟
سورة الفلق ميز الله عزّ وجلّ فيها بين طائفتين من أنواع الشرور نوع من الشر ذكر فيه ال ونوع من الشر لم يذكر فيه ال فانتبه لهذا، إذا كنت تنتبه لهذا ستبحث عن الجواب لكن المشكلة إذا كنت أصلاً لم تنتبه لهذا مطلقاً وهذه عبارة عن غفلة عن ما ذكره الله عزّ وجلّ في هذا القرآن، نعم سنتكلم الآن عن الفرق بين الآيتين.
قرأ الطالب:
والجواب أنه لما كان السحر باختلاف أنواعه وأشكاله وأغراضه شراً كله جاءت ال هذه مفيدة للاستغراق والشمول حتى تحقق الاستعاذة منه كله، أما الحسد فمنه المذموم ومنه الممدوح وهو الغبطة، فلم تأتي ال معه حتى لا تشمل الاستعاذة أيضاً ما هو ممدوح منه فإن ذلك لا يستعاذ منه بل يتطلب العبد حضوره وحصوله.
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، أيها الأحبة فاصل قصير ثم نعود للكلام عن هاتين الآيتين والفرق بينهما بإذن الله .

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حياكم الله أيها الأحبة في روضة من رياض الجنة.
نعود إلى ما كنا نتكلم عنه فيما يتعلق بالمثال الأول وهو الفرق بين الآيتين في قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ وقوله سبحانه وتعالى ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾:
نعم قرأنا عليكم بيان هذا الفرق بين هاتين الآيتين وأنا الآن سأذكر لكم شرح هذا الكلام لعله أن يتضح بشكل أجلى وأوضح فالله سبحانه وتعالى قال في الآية الأولى ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ وقلنا لكم سابقاً بأن ال هنا هي قد جاءت لإفادة معنى الاستغراق فهي جنسية استغراقية أي أن نوعها للجنس ودلالتها وفائدتها في علم البلاغة هي الاستغراق ف"ال "هنا ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ معناها ودلالتها كأنك تقول ومن شر كل نفاثة في العقد بل إن دلالة ال هنا أقوى من دلالة كل بل إن لأن كل تارة كما هو معلوم في أصول الفقه كل تارة تدل على العموم الكامل المستغرق وتارة تدل على العموم الظاهر الأغلبي الذي لا يستغرق فال هنا إنما جاءت للدلالة الاستغراقية الكاملة لكل أنواع ما دخلت عليه فعندنا ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ جاءت ال هنا الاستغراقية للدلالة على أن السحر شر كله من أوله إلى آخره جاءت للدلالة هنا على أن السحر شرٌ كله من أوله إلى آخره لا خير فيه مطلقاً البتة لأحد من الناس فشره غالب على خيره في كل موطن وفى كل زمن وفى كل مكان فليس عندنا سحر يكون تارة فيه خير فيه نفع وسحر فيه ضرر وفيه شر وإيذاء أبداً وهذا الذي يظنه بعض الناس قد جاءت الآية لإبطاله ولدحضه ولإزالته من الأذهان تماماً فليس هناك سحر يكون لعمل الخير سحر يكون للربط بين الزوجين سحر للتأليف بين القلوب سحر للبحث عن المفقود سحر للدلالة عن أمر يكون لك فيه حاجة ونحو ذلك أو في تحصيل خير تبحث عنه ومن هذا الكلام أبداً كل السحر من أوله إلى آخره كله شرٌ في شر وبلاء في بلاء ومعصية في معصية فليس هناك نوع من أنواع السحر فيه خير مطلقاً بدليل ماذا؟ بدليل آيات منها هذه الآية فالله عزّ وجلّ هنا قال ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ أي أمرك أيها المؤمن أن تستعيذ بهذه السورة العظيمة الجليلة من كتاب الله سبحانه وتعالى أن تستعيذ من شر كل نفاثة في العقد انظر من شر كل نفاثة في العقد من دون استثناء أبداً فكل ساحرة أو ساحرو إنما جاء هنا بذكر المؤنث هنا من أجل الأغلبية فقط لأن أغلب من كان ينفث بالسحر في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم كن الساحرات فجاء هنا ذكر الساحرات بلفظ المؤنث لبيان حال الأغلب هناك فكل سحر من أوله إلى آخره هو شر في شر من دون استثناء ولذا جاءت ال هنا لتؤكد هذه الحقيقة وتقرر هذه المسألة وتجليها وتوضحها بكل أنواع العموم المستغرق الذي لا يخرج منه شيء بل السحر شرٌ كله من أوله إلى آخره إذا هذه هي الآية الأولى ما الذي يدل على هذا المعنى؟ وما الذي يؤكده ؟ يؤكده الآية التي تليها مباشرة، لأن الله سبحانه وتعالى هنا قال ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ أي استعذ برب الفلق من شر كل نفاثة في العقد ثم لما جاء الحسد لم يأتي الأمر على هذا النحو بل قال سبحانه وتعالى ﴿ وَمِنْ شَرِّ ﴾ ماذا؟ ﴿ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ أي استعذ برب الفلق من شر حاسد إذا حسد، لما لم تأتي ال هنا ؟ لما لم تأتي الآية على هذه الصيغة :ومن شر الحاسد إذا حسد؟ لما المغايرة بينهما لا شك أنها مقصودة فأنت تقرأ كتاب الله لا تقرأ مجلة من المجلات أنت تقرأ كلام العليم الخبير سبحانه وتعالى فغاير بينهما ليبين لك أن هناك فرق بين السحر الذي هو شرٌ كله من أوله إلى آخره وبين الحسد الذي يستثنى منه شيء يسير فمنه ما هو خير ومنه ما هو محمود ومنه ما هو مطلوب من المرء المسلم فلأجل هذا المطلوب هذا المرغوب من الحسد لم تُذكر ال ليبين لك أيضاً في مفهوم المخالفة أن السحر ليس فيه خير مطلقاً لأن الحسد لما كان فيه شيء من الخير لم تأتي ال معه لأن ال لو جاءت هنا لاستغرقت كل أنواع الحسد بينما الحسد كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا حسد إلا في اثنتين ) فنفى الحسد ونهى عنه لكنه استثنى نوعين من أنواع الحسد. إذا الحسد كله شرٌ ولكنه يسثنى منه شيء يسير فللإشارة إلى هذا المستثنى اليسير لم تأتي ال هنا لأنها لو جاءت لشملت كل أنواع الحسد من دون استثناء ولكن لكي يتحقق المرء من العموم المقصود في قوله سبحانه وتعالى ومن شر كل نفاثة في العقد جاءت المغايرة بينهما فالعموم في مسألة الحسد وإن كان التنكير يفيد شيئاً من العموم ولكن هذا التنكير لا يدل على العموم الذي دلت عليه ال فانظر إلى التفريق الذي جاء في هذه السورة وهو ظاهر بيّن من كل وجه خصوصاً إذا جمعت بين الآيتين فهنا يتبين لك أن ربك سبحانه وتعالى أراد أن يخبرك أنك يجب عليك أن تستعيذ من شر السحر كله أوله وآخره ولا تظن أن هناك شيئا من السحر فيه خير أما بالنسبة للحسد فاستعذ منه وهذا الأصل فيه أنه شر ولكن لا تستعذ منه استعاذة كاملة مستغرقة لكل أنواعه لأن منه ما هو خير وهو قليل ويسير كما سبق في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، واضح الكلام، واضح للجميع؟ اقرأ المثال الثاني.
قرأ الطالب:
المثال الثاني :قوله تعالى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طـه: 71] لما قال تعالى في ولم يقل على ؟ مع أن الظاهر إرادة التصليب والتعليق، تجد في كثير من كتب التفسير أن في هنا بمعنى على وهذا وإن كان مشهوراًَ في كتب التفسير لكنه تفسير لجزء من المعنى لذا فهو ليس بجيد إذا أُريد إيضاحه.
أكمل الشيخ:
قف قليلاً هنا، الآن أنا أريدك أن تنتبه لقضية وهي أن هذا التفسير تفسير في بمعنى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ تفسير في بمعنى على هنا هذا تفسير لكنه تفسير إيش؟ لجزء من المعنى فلا تظن أنا نقول عن هذا التفسير أنه خطأ، لا وإنما أقول لك إن هذا تفسير إيش؟ لجزء من المعنى لأني لو قلت لك أنك خطأ ستذهب إلى كتب التفسير فتجد أن أئمة كثرة فسروا في هنا بمعنى على وهذا ليس خطأ ولكن الكلام أن هذا التفسيرهو تفسير بجزء من المعنى وليس تفسير لكامل المعنى فكامل المعنى سيأتيك أما تفسير في بمعنى على فهو تفسير لجزء من المعنى، واصل بارك الله فيك.
قرأ الطالب:
لذا فهو ليس بجيدٍ إذا أُريد إيضاح المعنى الكامل للآية لأن الله تعالى لو أراده لقال على ولم يقل في وإنما المراد أن فرعون من شدة غيظه عليهم هددهم بأنه سيصلبنهم تصليباً شديداً حتى كأنهم من شدة التصليب ستحفر أجسادهم في وسط الجذوع كما لو أدخلت مسمار في جدار فحرف في دل على العلو مع الظرفية وهذا المعنى لا يؤديه حرف على كما هو ظاهر.
أكمل الشيخ:
نعم هذا هو المراد فعندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ من المتكلم الآن ؟
أجاب أحد الطلبة:
فرعون.
أكمل الشيخ:
على لسان من ؟ على لسان فرعون، فرعون عليه لعنة الله يخاطب من؟ يخاطب السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السلام فيهددهم ويتوعدهم فيقول لهم ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ فالآن تهديد ولأصلبنكم اللام هذه اللام الواقعة في إيش؟
أجاب أحد الطلبة:
لام القسم .
أكمل الشيخ:
لام القسم واقعة في جواب القسم تقدير الكلام ماذا؟
أجاب أحد الطلبة:
والله لأصلبنكم.
أكمل الشيخ:
والله لأصلبنكم، تقدير الكلام والله لأصلبنكم وأيضاً جاءت نون التوكيد وتعالى ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ فكل الكلام تأكيد في تأكيد فهو قد امتلأ حنقاً وغيظاً من هؤلاء السحرة الذي كان من قبل يستعين بهم إذا هم قد آمنوا بموسى وأصبحوا عليه لا له فانقلب عليه الأمر رأساً على عقب فهددهم تهديداً شديداً :والله لأصلبنكم في جذوع النخل، في جذوع النخل جاءت في هنا للدلالة على معنى للظرفية مناسبٌ هنا معنى الاستعلاء باقي لم يذهب وهذا الذي قلت لك بأن حروف المعاني التي لها معنى أصلي لا تذهب المعنى الأصلي بل المعني الأصلي يبقى ولكن هناك معنى زائد جاء ليضاف إلى المعنى الأصلي معنى فيه هنا معناها إيش؟ الظرفية ودل السياق على أن المراد أنهم سيعلقون على جذوع النخل فإذاً اجتمع عندنا هنا حرفان، حرف ظاهر وهو في وحرف ليس بظاهر حرف مخفي وهو إيش؟
أجاب أحد الطلبة:
على .
أكمل الشيخ:
على، فهو يهددهم بأنه سيصلبهم على جذوع النخل وهذا التصليب لن يكون تصليباً عادياً معتاداً لأنه يعلقهم تعليقاً على جذوع النخل؟ لا، وإنما من شدة التصليب ستحفر أجسادهم في هذه الجذوع التي صلبها عليهم تصليباً شديداً قوياً فليس التثبيت بمسمار ولا اثنين ولا ثلاثة ولا غير ذلك وإنما هو تصليب شديد وتعليق قوي جداً حتى أنه من شدة هذا التصليب مما في قلبه من الغيظ والحنق عليهم أراد أن يحفر لأجسادهم في هذه الجذوع ولذا جاء حرف في هنا ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ فكأنه جعل هذه الجذوع ظرف لهؤلاء السحرة لأجساد هؤلاء السحرة الذين آمنوا بموسى عليهم السلام وعلى من آمن معه فإذاً أراد من هذا التصليب أن يكون قوياً مبالغاً فيه جداً فجاءت هذه الآية بهذا الحرف للدلالة على المعنى الظاهر لو قلنا لكم أن حرف على حل محل في هنا هل تدل على هذا المعنى؟ ما دلالة حرف على هنا ؟ الاستعلاء المجرد يعني لو فرض أن الآية كانت على هذا النحو ولأصلبنكم على جذوع النخل لكان الأمر إيش؟ مجرد أنه سيصلبهم ويعلقهم على جذوع النخل ولكن لما جاءت فيه دلت على معنى آخر أن هذا التصليب شديد جداً يناسب ما في قلبه من الحنق والغيظ على هؤلاء المؤمنين وأنه سيجعل هذه الجذوع ظرف لهم وسيدخلهم فيها واضح الكلام، تفضل اقرأ.
قرأ الطالب:
المثال الثالث قوله تعالى ﴿ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً [مريم:47] السين الأولى أتت هنا للدلالة على المستقبل القريب أي أن إبراهيم عليه السلام وعد أباه أنه سيستغفر له في الزمن القريب ولو قال سوف أستغفر لك ربي لدل على زمن أبعد وهو خلاف مراد إبراهيم عليه السلام الذي بلغ من إحسانه لأبيه وحرصه على هدايته ما بلغ من شدة ما لقيه منه من وعيد وطرد وتهديد وغير ذلك، فهذه السين إشارة إلى نوع من الكمالات الخلقية التي اختص الله بها هذا النبي الكريم ومن وُفق من عباده الصالحين .
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، الآن انظر إلى كلمة ﴿ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ﴾ من إبراهيم الخليل عليه السلام إلى أبيه يعني تقرؤون في كتاب الله عزّ وجلّ ما نال إبراهيم الخليل عليه السلام من أبيه ناله شيء كبير جداً وهدده بالطرد وهدده بأنه سيرميه وأنه وأنه هدده تهديدات كثيرة فهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم كيف قابل أباه؟ قابله بكثير من ماذا ؟ بكثير من الرحمة كثير من الشفقة كثير من المحبة لهدايته والحرص البالغ على إخراجه مما هو فيه وهذا خلق نبوي اختص به بعض الأنبياء وليس أيضاً كل الأنبياء بل كانت الصفة الكاملة والكمال في هذا الخلق لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال للملكين ( لا لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله عزّ وجلّ ) أن يخرج ممن ؟ من أصلابهم، إبراهيم الخليل كان أيضاً كذلك في رحمته وشفقته وعطفه على الناس لم يكن شديداً قوياً وإنما كانت الشدة والقوة من صفة من أنبياء الله عليهم جميعاً الصلاة والتسليم من ؟ موسى ونوح عليهم السلام أما بالنسبة لمحمد صلوات ربي وسلامه عليه كذلك إبراهيم الخليل عليه السلام كانت من صفتهم الرحمة والشفقة واللين الزائد والتحمل الكبير جداً ولذا كانت هذه من صفات الكمال التي اختص بها ربنا سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ونبيه الخليل عليه أفضل الصلاة والسلام .
إذاً هذا الأمر هو عبارة عن كمالات خلقية للدلالة على هذا الكمال الخلقي منه عليه الصلاة والسلام جاء حرف السين عندما قال سبحانه وتعالى عن حاله وهو يتكلم مع أبيه سأستغفر لك ربي بمعنى إيش؟ سأستغفر إيش؟ قريب لأن السين للتنفس ولإعطاء شيء من الأمد القريب أما بالنسبة لسوف فإنها تدل على التنفيس ماذا؟ التنفيس البعيد، فلم يقل سوف استغفر سيكون هناك مدة، لكن سأستغفر بمعنى أني سأستغفر الآن لك وهذا من كمال خلقه ويعني ما جعل الله في قلبه من الرحمة والشفقة على من؟ على الناس جميعاً حتى على من ابتعد عن نور الله وكفر بعبادة الله سبحانه وتعالى، اقرأ .
قرأ الطالب:
وقريبا منه ما قاله عطاء الخرساني في المقارنة التي عقدها بين استغفار يوسف ويعقوب عليهما السلام قال: طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ.
أكمل الشيخ:
تأمل هذه العبارة، وانظر إلى موطن الاستدلال من القرآن طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ يعني تطلبها من شاب غير أنك تطلبها من كبير في السن أين الدلالة من كتاب الله عزّ وجلّ على هذا المعنى انظر إلى استدلال هذا الإمام رحمه الله.
أكمل الطالب:
ألم ترى قول يوسف عليه السلام ﴿ قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ [يوسف:92] وقال يعقوب عليه السلام ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي [يوسف:98].
أكمل الشيخ:
نعم بالنسبة ليوسف شباب فوعد اخوته بماذا ؟ ﴿ قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ يعني مباشرة فلم يأتي بأي حرف من حروف إيش؟ التنفيس لا السين ولا سوف لم يأتي بشيء بل قال ﴿ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ كأنه جزم لأنه حقه فكأنه أعطاهم إياه فرجا من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عن اخوته فيما فعلوه به وبأخيه فقال ﴿ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ بالنسبة للأب يعقوب عليه السلام ماذا قال؟ ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ﴾ فاستدل بهذا عطاء الخرساني رحمه الله على أن طلب الحوائج من الشباب من يوسف ومن كان في هذا أسهل منه من الشيوخ لما حصل في نفس يعقوب عليه السلام على هؤلاء الأبناء الذين فعلوا به ما فعلوا فقال ﴿ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ﴾ وهذا موطن قد يُوافق عليه عطاء وقد يخالف يعني المسألة مسألة استنباط ويعني تدرج في الأخذ من كتاب الله عزّ وجلّ إن وافقت أو خالفت الأمر في ذلك يسير، من الممكن أيضاً كذلك أن نأخذ في بعض الأمثلة التي جاءت في كتاب الله عزّ وجلّ في هذا الباب وقد ذكر الله سبحانه وتعالى لنا في هذا الشأن أمثلة ليست بالقليلة مطلقاً لكن سنترك الكلام عن بقية الأمثلة فيما يتعلق بحروف المعاني إلى ما نستقبل وقبل ذلك أريد منكم أن تتأملوا معي أنتم أن تتأملوا معي بعض حروف المعاني في كتاب الله عزّ وجلّ دعني أنا وإياكم نأخذ في قوله سبحانه وتعالى في سورة الكوثر سورة قصيرة في قوله سبحانه وتعالى ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] هذه الفاء من الممكن أن تكون ماذا؟ هل ممكن أن تكون عاطفة ؟ نأخذ مثلا على ذلك هل ممكن أن تكون عاطفة ؟ لا يمكن أن تكون عاطفة لا معنى لها على أنها عاطفة، هل ممكن أن تكون سببية ؟ ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ فبسبب ما أعطيناك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ هل ممكن أن تكون سببية؟ ممكن، ممكن تكون أيضاً، هل ممكن أن تكون شرطية؟ في جواب الشرط؟ لا ما في شرط هنا أليس كذلك؟ هل ممكن أن تكون فصيحة أي تفصح عن شيء محذوف ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ فبما أعطيناك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ ممكن ؟ ممكن لكن أقربها إلى الذهن ما هو؟ استئناف كامل ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ كأنه فيه انقطاع بيّن بين الآية الأولى وبين الآية الثانية ؟ لا ، أقربها ما هو أن تكون إيش؟ سببية لأن المفروض هنا ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ فبسبب ما أعطيناك وأنعمنا عليك إيش؟ ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ فبسبب هذا بسبب ما أوليناك من النعم عندئذ صلِّ لله عزّ وجلّ وانحر له سبحانه وتعالى.
اسأل الله عزّ وجلّ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 17-12-08 الساعة 03:13 PM
أم أسماء غير متواجد حالياً