فوائد الدرس التاسع عشر
الدرس التاسع عشر:
معاني الألفاظ في القرآن الكريم
تم بحمد الله الإستماع للدرس 19
الفوائد المطلوبة:
*** بيني بعض أسرار الآيات الكريمة التالية:
1-﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ فيما يخص معنى كلمة الهز وسبب تعديتها بحرف الباء؟أصل الهز في لغة العرب هو تحريك الشيء وهذا الفعل في اللغة لا يحتاج إلى حرف يتعدى به فأنت تقول لأحد هز الرمح أو تقول هززت الشجرة ونحو ذلك من الكلمات والعبارات لا تحتاج أن تعدي هذا الفعل بحرف فلا تقول هززت إلى الشجرة أو هز إلى الرمح ونحو ذلك لكن هذه الآية الكريمة عدي فيها هذا الفعل بقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ فما سر ذلك وما سببه؟
قال الشيخ حفظه الله : عديت هنا بالباء في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ هذه الباء كما ذكرنا أن من معانيها الإلصاق فالمقصود هنا أن تتمسك بهذه الشجرة تمسكاً قوياً شديداً جداً بحيث أنها عندما تمسك بها يكون هذا المسك مسكاً قوياً شديداً متمكناً منها فهذه من جهة الباء ودلالتها على الإلصاق
2-﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً﴾ وسبب اختصاص الأذقان بالخرور بدل الوجوه ودلالة حرف اللام
قال الشيخ حفظه الله في سبب إختصاص الأذقان : سر ذلك أيها المبارك أن الخرور عندما يكون للأذقان يكون أشد ما يكون خضوعا وخنوعاً وذلة ومسكنة لله سبحانه وتعالى كيف هذا؟ أنت قد تخر على جبهتك على أنفك لكن هذا الخرور وإن وقع إلا أن بالنسبة للأذقان لا تصل إلى الأرض وهذا هو الأصل تأمل هيئتك وأنت ساجد إذا سجدت ما الذي يصل إلى الأرض وما الذي لا يصل ما الذي يمس الأرض وما الذي لا يمسها الذي يمس الأرض هو الجبهة والأنف هل بالنسبة للذقن يمس الأرض ؟ لا يمس الأرض فإذا خر الانسان خروراً في تعظيم لله سبحانه وتعالى أي فيه تعظيم كامل لله عز وجل فإن هذا الخرور سيكون معه خرور للأذقان إذا الذقن إلى الأرض فما حال الجبهة ما حال الأنف من باب أولى بل إن الخرور عليها سيكون عظيماً جداً بمعنى إنك تخر للأرض فيه تعيظماً كاملاً لله سبحانه وتعالى فيه إجلالاً لله فيه خوفاً من الله فيه خنوع فيه مسكنه كاملة تامة لربك سبحانه وتعالى هذا الخرور إذا كان للأذقان فإنه يكون أتم وأعظم وأكمل من أن لو كان للوجوه والجباه والأنف فلم تذكر الجبهة والأنف هنا من أجل أن الخرور على الأذقان أو للأذقان هو الأبلغ فعندما ذكر الأبلغ لم يحتاج إلى ذكر ما هو أقل منه في الدلالة على الخضوع والخشية لله سبحانه وتعالى .
بالنسبة لدلالة حرف اللام قال الشيخ : حرف اللام هذه اللام لها دلالة في لغة العرب وهذه الدلالة هنا هي الاختصاص وكأنه خص الأذقان بالخرور على الأرض لما جاء لام الاختصاص هنا ولم تأتي على؟ لأن على لو جاءت هنا لدلت على الاستعلاء المجرد دلت على أنك جعلت هذا الذقن مستعلياً على الأرض يعني لامس الأرض مستعلياً عليها في خرورك وسجودك لله سبحانه وتعالى ولكن لم تأتي على هذه لم تأتي بمعنى جديد لم تأتي بمعنى كامل يبين شدة ما وقع لهذا العبد من الخرور وشدة ما وقع له من خشية الله سبحانه وتعالى وإن كان الكلام الآن عن أئمة في دين الله عز وجل مع عباد الله سبحانه وتعالى عندهم كمال خشوع وكمال خشية وكمال خوف لربنا سبحانه وتعالى أثنى الله عليهم في هذه الآية ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ فأثنى عليهم بهذا الخرور فخرورهم ليس كخرور غيرهم من الناس يعني سقوطهم على الأرض في سجودهم لله سبحانه وتعالى ليس كسجود غيرهم وإنما لهم سجود خاص يدل على كمال التعظيم لهم كمال سجود هذا السجود في صفته يدل على عظيم تعظيمهم لله سبحانه وتعالى فلذا ذكر السجود على هذا النحو ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ اي أنهم خصوا الأذقان بالسجود فسجد مع الوجه سجد أيضاً الذقن سجد مع الجبهة والأنف أيضاً كذلك الذقن فكان الخرور على أكمل ما يكون في توجه العبد لله سبحانه وتعالى حال سجوده وسقوطه على الأرض طالباً التقرب إلى الله سبحانه وتعالى هذا هو المقصود من هذه الحروف التي جاءت والتي قبلها.
3-﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ ودلالة كل من لام الجر و"ال" التعريف في كلمة"لِلْجَبِين " كما ذكره بن عباس رضي الله عنه.
فاللام هنا عوضاً عن على للدلالة عن المعنين السابقين اللذين هما الاستعلاء والاختصاص والمعنى أن إبراهيم عليه السلام صرع ابنه اسماعيل عليه السلام على الأرض كما يفهم من السياق وخص الجبين وهما جانبين الرأس من الأمام وبينهم الجبهة بالذكر هنا ليبين أن هناك صرعاً خاصاً بها واقعاً عليها فإبراهيم عليه السلام حتى لا ينظر في وجه ابنه حال ذبحه فيقع منه رحمة له فيتردد جعل وجه اسماعيل عليه السلام جهة الأرض حال إرادته ذبحاً وهذا ليس بتكلف بل هو الذي دلت عليه الآية بكلماتها وأدواتها وسياقها لذا صرح جماعة من السلف بأن هذه هي الهيئة التي أرادها إبراهيم عليه السلام أن يذبح عليها إسماعيل عليه السلام منهم ابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهم
. أي أن التل كان من جهة الجبين وهذا التل هو الذي أوصل هذا الرأس إلى الأرض والتل كان من جهة الجبين ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي تله تلاً يوصل به جبينه إلى الأرض فوصل الجبين هنا "ال" هذه في الجبين "ال" جنسية بمعنى أنه أوصل كل الجبين فإذا أوصل كل الجبين معناه أنه أوصل طرفي الجبين هذا وذلك أوصله جميعاً إلى الأرض لم يوصل طرفاً واحداً دون طرف وإنما أوصل الطرفين جميعاً طرفي الجبين إلى الله سبحانه وتعالى أوصلهما طاعة لله قرباناً إلى الله فجعلهما يماسان الأرض هكذا من جهته حتى لا ينظر هو إلى عين ابنه اسماعيل حال الذبح فلم يأمره الله سبحانه وتعالى بذلك فلم القسوة ولم الجفاء لم يأمره الله سبحانه وتعالى أن يضع عينيه بعيني ابنه اسماعيل حال ذبحه أبداً لم يأمره بذلك وإنما أمره بالذبح مطلقاً وهذا هو كمال الإيمان وكمال اليقين وكمال الرحمة وكمال الشفقة التي يحبها الله سبحانه وتعالى من عبده حين تنفذ الأمر الذي يأتيك من الله عز وجل وتنفذ معه أيضاً هذا الأمر المعين وتنفذ معه أيضاً الأوامر الأخرى التي جاءتك من الله سبحانه وتعالى بأن شفيقاً رحيماً بالناس من أولهم لآخرهم فأنت عندما تريد أن تنكر منكراً أو تنفذ أمراً تأمر وتنهى وقلبك مليء بالرحمة مليء بالشفقة مليء بالرأفة على هؤلاء الناس الذين تريد انت أن تخرجهم من الظلمات التي هم يعيشون فيها إلى النور الذي أراد الله عز وجل أن يهدي الخلق إليه
***لما عدي فعل "مرَّ" في قوله تعالى ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ بعلى ؟
ولما عدي في قوله تعالى ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾بالباء ؟
إن هناك فرق في دلالة السياق فحرف على يدل على الاستعلاء والباء يدل على الملاصقة فتارة المرور يناسب أن يكون بملاصقة وتارة المرور يناسب أن يكون بعلو وهذا من إعجاز كتاب الله سبحانه وتعالى فحسب السياق يكون المرور مرة بعلى ومرة بالباء والله أعلم .
تم بفضل من الله
|