تفريغ الدرس الثالث والعشرين :تابع الأمثلة على المرحلة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وازدنا علماً وعملاً يا أكرم الأكرمين.
تكلمنا في الحلقة السابقة عما يتعلق بالمرحلة الرابعة وهي في دلالة السياق من السباق واللحاق وتأثيره في مفهوم الآية في دلالة الآية وفى فهم المعنى الكامل للآية الواحدة وهذا الأمر كما ذكرت سابقاً هو في غاية الأهمية وهذه الأهمية تأتي من وجوه كثيرة جداً يعني تأتي أولاً من تأثيرها في فهم هذه الآية وما تدل عليه أيضاً كذلك أهميتها تأتي من كثرة كلام أهل العلم في أثر دلالة السياق في فهم الآيات وهي من أوجه كثيرة وقد مر أمثلة على ذلك وبقي عندنا أيضا عدداً من الأمثلة سنأخذ فيها بإذن الله عزّ وجلّ فنكمل الآن المثال الخامس معنا أو المثال الرابع، المثال الرابع ثم المثال الخامس ثم إن كان هناك من أسئلة أو نقاش أو حوار لا بأس به بل إنه يزيد الموضوع إثراءً ويعطيه شيء من الفهم الذي قد يكون معه شيء من اللبس في السابق فنزيده وضوحاً وجلاءًا بإذن الله جلّ وعلا، نعم تفضل يا أخي اقرأ.
قرأ الطالب:
بسم الله الرحمن الرحيم المثال الرابع :من سورة الماعون قوله تعالى ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾[الماعون:1-3].
فدلالة السياق أن هذه الصفات ليست من صفات أهل الإيمان بل هي من صفات الكافرين المكذبين، فلا يمكن أن يكون مؤمناً كامل الإيمان وهو يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، فدلالة السياق هي التي تظهر المعني الكلي وكذلك أن منع الماعون ليس من صفات المؤمنين بل هو من صفات الكافرين فسورة الماعون تحث على الأخلاق والصفات التي يجب أن يتحلى بها المؤمنون؛ لأن الله جعل البراءة منها من صفات المؤمنين والذي يقع فيها فيه صفة من صفات الذي يكذب بيوم الدين وهذا المعنى المترابط لا تفهمه إلا بالربط بين معاني الآيات من أولها إلى آخرها.
أكمل الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك، نعم هذا بالنسبة لدلالة السياق الذي أثر في فهم هذه السورة من أولها إلى أخرها وأنا أؤكد على فهم هذه السورة فهماً جلياً واضحاً لأنه أيها المبارك لا يمكن أبداً أن تُقبل منك دعوة ولا أن يُقبل منك أمر ولا أن يُقبل منك أيضا نهي لا في بيتك في داخل بيتك إن كنت متزوجاً مع زوجتك ومع أولادك ولا يمكن أيضاً كذلك أن يقبل منك أمر ونهيٌ ودعوة إلى خير حتى مع أصحابك بين جيرانك بين الناس في عملك في الشارع في أي مكان آخر لا تظن أن ما معك من الحق الذي تريد أن توصله إلى الناس كاف في قبول دعوتك للناس بسبب هذا الحق الذي بين يديك لا أيها المبارك لابد مع هذا الحق الذي معك لابد وأن يكون معك وسائل ولابد أن تتخذ طرق سليمة وهذه الطرق شُرعت في بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أوائل ما بُعث شُرعت له أمور صلى الله عليه وسلم هذه الأمور تعين على قبول الدعوة، تعين على أن تسد الأفواه التي تريد أن تتكلم في هذه الداعية تعين على ألا يجد هذا المدعو في هذا الداعية نوع إخلال في حق من حقوقه نوع تقصير في شيء من أموره التي تخصه فيدخل منها الشيطان على أخيك فيجعل هذا الأمر سبباً في رد دعوتك، هذه المنافذ للشيطان جاءت هذه الشريعة المطهرة لسدها وبإغلاقها بل وبإحكام الإغلاق من كل وجه كيف يكون هذا ؟أمرتك هذه الشريعة بأن تتحلى بمكارم الأخلاق الكاملة في أوائل دعوتك للناس قبل أن تنطلق داعية إلى الله عزّ وجلّ أمرتك أن تتخذ الزاد الكامل من الأخلاق الوافية الكاملة الشاملة حتى تُقبل منك هذه الدعوة ومن ذلك ما جاء في هذه السورة ولك أن تتأمل أمور قصيرة جداً أمور يسيرة أمور يعني بعض الناس يسميها حقيرة ليست بشيء هذه السورة تنزل في أوائل ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم فتخاطبه بماذا؟ أرايت الذي يكذب بالدين ومحمد صلى الله عليه وسلم إنما جاء لإخراج الناس من تكذيبهم بيوم الدين لأجل أن يصدقوا بيوم الدين هذا هو الأمر الأهم الذي بعث من أجله صلوات ربي وسلامه عليه ثم بعد ذلك أرأيت الذي يكذب بيوم الدين في آخر الآيات ويمنعون الماعون، إيش الرابط بين هذا وذاك؟ ما الرابط بين التكذيب بالدين وبين منع الماعون، منع الماعون أن تمنع شيئاً فضلة: لا تحتاجه وليس لك فيه كبير حاجة الآن وكانوا في القديم يضربون مثلاً على ذلك بالقدر وبالفأس ونحو ذلك وفى هذا الزمن عندك حاجات كثيرة يحتاجها الناس جاءك جارك يطلب درايل مثلاً محتاج يحصد حاجة حتى إنه ما يكون موجود في كل البيوت طلب مثلاً حاجة من هذه الحاجات طلب آلة تنظيف طلب منك جهازاً من الأجهزة التي لا توجد عنده أو صاحب لك أو زميل أو إنسان في الشارع طلب منك قلماً وقال يا أخي أريد أن أكتب وأنت معك قلماً أو طلب منك ورقة وأنت معك ورق زائد فضلة لا تحتاج إليه وخذ ما شئت من الأمثلة، طلب منك جارك أيضاً كذلك أن تعيره شيئا لا تحتاج إليه ولا يتأثر باستعماله هو ومن ذلك مثلاًَ يطلب منك يقول والله أنا محتاج الآن وعندي ظرف طارئ وأريدك أن توصلني إلى المكان الفلاني بسيارتك أنا ما معي سيارة فمنعته أنت الماعون الذي هو سيارتك وأنت عندك وقت وعندك قدرة أن توصله وليس هناك ما يمنع فتمتنع من ذلك وأنت تعلم حاجته إلى هذا، هذا كله يا أخي المبارك من منع الماعون، هذا كله أيها المبارك من منع الماعون الذي لا يجوز، كذلك بين النساء بين النساء طلبت منها صحناً تحتاج إليه في تقديم طعام عندها للضيوف والجارة عندها أشياء طيبة وجيدة وجميلة فطلبتها منها فقالت لا بأس يعني أن تعطيها إياه ثم أعطته المرة الأولى فلما بعد مدة طلبته المرة الثانية قالت إيش إللي حاصل؟ المرة الأولى، الثانية، الثالثة فأغلقت الباب ومنعت الماعون هي ما تحتاج إليه والجارة لم يعهد منها لا تكسير ولا إضرار بهذا الماعون الذي بين يديها والذي رزقها الله عزّ وجلّ إياه فتمنعها من ذلك بدون سبب بدون يعني إضرار وقع من هذه الجارة عليها وخذ ما شئت من الأمثلة الكثيرة، يا أخي الماعون هذا هو الدائر بين الناس في أمورهم فيأتي الله عزّ وجلّ ليصف أن الذي يكذب بيوم الدين أن من أوصافه أنه يمنع الماعون، هذا كله تحذير من هذه الأوصاف التي لا ينبغي أبداً أن يتحلى بها إنسان كائناً من كان فضلا عن مسلم فضلا عن داعية.
فهذه ليست من أوصاف أهل الإيمان أبداً و إنما هي من أوصاف الذين يكذبون بيوم الدين.
فما تمنع شيء ليس عليك فيه ضرر، ولصاحبك فيه مصلحة أو لجارك فيه مصلحة أو لأخيك فيه مصلحة لا تمنع شيئاً من ذلك فإن هذه ليست من صفات المؤمنين، وإنما من صفات الذين يكذبون بيوم الدين لأن من يصدق بيوم الدين ويعلم إنه إن قدم هذا فإن هناك جزاء في يوم الدين فإذاً هو ينتظر الثواب الذي سيأتيه في اليوم الآخر في يوم الدين وقت الحساب فلذا لن يمنع بل يقدم وإنما يمنع من لم يكن ينتظر الثواب لأجل هذه الدنيا نعم صحيح، قد تعطيه قلمك فيستعمله يعني الحبر يقل قليلاً قد يتأثر شيئاً ما، لكنك إن حسبت أمر الآخرة فإنه إذًا الحسبة ظاهرة بينة أن الراجح الذي لا إشكال فيه أنك تقدم أنك تنتظر شيئاً عند الله عزّ وجلّ فيه إحسان أحسنت به إلى أحد من الناس سواء كان مسلماً أو كافراًَ سواء كان إنساناًَ أو حيواناً كل ذلك مما أمر الله عزّ وجلّ بالإحسان فيه بل حتى ولم يكن حيوان حتى بالنسبة للشجرة والحشرة ونحو ذلك، أنت مما أمرت أن تحسن حتى إلى هذه الأشياء فضلا عما هو أعلى منه فضلا عن أخيك المسلم فضلا أن يكون من أقرب الناس إليك ومن أهل رحمك وممن لهم حق عليك هذا أمر يختلف.
إذا فهذه السورة أيها المبارك عندما تتأمل فيها وتنظر تجد أن القضية ليست بالهينة أبداً أنها تأمرك أمراً واضحاً جلياً بما يتعلق بمكارم الأخلاق مع الناس جميعاً وهذا ذكرت لك سابقاً وأعيده الآن أنه لا يمكن أبداً أن تقبل دعوة من إنسان كائناً من كان حتى يتحلى بهذه الأخلاق الكريمة التي أمر الله عزّ وجلّ نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بها في أوائل دعوته وفى أوائل مبعثه وقد ذكرت لكم حديث مالك بن عوف الجشمي لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح قال يا رسول الله إلى ما تدعو؟ قال ( لا شيء إلا الله والرحم ) لا شيء ما عندي شيء أخر إلا الله والرحيم، وكذلك في حديث عمرو بن عبس السلمي في صحيح مسلم قال بأي شيء أرسلك الله؟ قال ( بصلة الأرحام وكسر الأوثان ) وفى حديث أبي ذر لما أرسل أخاه أُنيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إلى ما يدعو؟ قال: يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وبمكارم الأخلاق.
انظر إلى أمر عجيب جداً في التواصي بين هذه وتلك وهذا كله مأخوذ من هذه السورة لن نفهمه من قوله سبحانه وتعالى ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ ولا من قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ ولا من قوله سبحانه وتعالى ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ لا، إنما فهمناه من مجموع السورة من السياق الذي جاء فيه الأمر بهذه الأشياء في هذه السورة القصيرة لأن مبدأها كان بقوله سبحانه وتعالى ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ واضح الكلام ؟ أكمل قراءة.
قرأ الطالب:
المثال الخامس :قوله تعالى في آخر آية الديّن ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾[البقرة:282].
أكمل الشيخ:
نعم الآية طويلة في سورة البقرة آية الدين معروفة في آخرها ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ هذا الأمر أنا أريد أن أسألكم قبل أن تقرأ يا أخي الفاضل الآن ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ هل تسمعون مني أستدل بهذه الآية على أن تقوى الله شرط في طلب العلم أليس كذلك؟ لأن الله عزّ وجلّ يقول ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ فيقول لك بأن تقوى الله شرط في تحصيل العلم؛ لأن الله عزّ وجلّ قال ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ وهذا الكلام إن نظرت إليه على وجه الدقة هذا الكلام ليس بصحيح أبداً من جهة كونها شرط؛ لأن الآية هنا لم تدل على الشرطية أبداً ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ أين الشرط ؟ الواو هذه لا تدل على الشرطية مطلقاً وإنما أن تكون عاطفة أو غير ذلك هذا بحسب السياق ولكنها ليس هناك شيء في لغة العرب يدل على الشرطية وهو يتعلق بالواو، الواو لا تكون دالة على الشرط في أي حال من أحوالها مطلقاًَ بمعني بأسلوب آخر ليس هناك واو شرطية في لغة العرب واضح ليس هناك واو شرطية في لغة العرب مطلقاً فمن أين أخذنا هذه الفائدة أن التقوى لابد منها لتحصيل العلم؟ إذا كان ليس هناك شرط ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ وليست هذه الواو شرطية فمن أين أخذنا هذه الفائدة ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ كيف أخذناها؟ طالب العلم عندما يتكلم عن هذه المسائل لابد أن يتكلم بعلم لا يرمِي الكلام هكذا يستدل بآية ولا يدرى من أين جاءت الدلالة فيها فإن ظن أن هناك شرط فليس فيه شرطاً أبداً وكما قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله في هذه الآية قال: لا معني للشرط هنا أبداً في تفسيره لهذه الآية قال لا معني للشرط هنا أبداً ليس هناك ما يدل على الشرطية مطلقاً، إذاً من أين جاءت الدلالة أو الاشتراط أو يعني أنه لابد من التقوى حتى تحصل العلم من أين أخذنا هذا؟ لعلنا نسمع، أقرأ.
قرأ الطالب:
الرابط بين هاتين الجملتين هي الواو والواو في لغة العرب لا تأتي للشرط أبداً وكثير من الناس يستنبط أن تقوى الله شرط في التعليم وليس في الآية ما يدل على ذلك أبداً ولكن هناك في لغة العرب ما يسمى بدلالة الاقتران والالتزام وهي من أنواع دلالة السياق فهذه الواو دلت على وجود اقتران والتزام.
أكمل الشيخ:
بين ماذا وماذا على وجود اقتران والتزام بين ماذا وماذا؟ بين التقوى والعلم هناك دلالة إيش دلالة؟ دلالة الاقتران والالتزام ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ هذه الواو هي وإن كانت عاطفة لكن هذا العطف ليس عطفاً مجرداً وإنما عطف قرن بين تقوى الله وبين العلم فدل هذا السياق بهذا الاقتران على أنه لمن أراد أن يطلب العلم لابد له من تقوى الله سبحانه وتعالى هذه الدلالة وكثير من النحاة بل كثير من البلاغيين ينكرون هذه الدلالة لا يقولون بها وإنما يقول بها جماعة من المحققين وممن يعني ذكر هذا المعنى في هذه الآية شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وهو من أئمة هذا الفن،.
أكمل القراءة لآخر المثال ثم نوضح الأمر أكثر وأكثر بإذن الله تعالى.
قرأ الطالب:
فآية الدين اشتملت على مسائل يجب على الإنسان تعلمها وخُتمت الآية بقوله تعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ فدلت الآية على أن هذا العلم يحتاج إلى تقوى فهذه الواو لا تدل على ذلك بل التي دلت على معنى الشرط هي دلالة السياق.
أكمل الشيخ:
نعم واضح الآن، الآن لما تتأمل آية الدين آية الدين تتكلم عن ماذا؟ عن المعاملات، عن كتابة الدين وعن المرأة إذا شهدت، وكذلك إذا احتيج إلى كتابة، الآية كلها تتكلم عن ماذا ؟عن أحكام المعاملات التي فيها توثيق للعقود التي تحصل بين الناس، هناك عقود بين الناس نزلت هذه الآية لبيان ما يتعلق بهذه العقود ومتى تلزم الكتابة ومتى لا تلزم الكتابة فالآية كلها تتكلم عن أحكام دقيقة جداً تتعلق بمعاملات تدور بين الناس وأنتم تعلمون أن المعاملات التي تدور بين الناس خصوصاً في المعاملات المالية التي فيها دين وفيها يعني قرض وانتفاع وهبة ونحو ذلك هذه المسائل غالباً ما يكون فيها ماذا؟ يكون فيها إيش؟ يكون فيها إشكال بين الناس، أليس؟ كذلك تجد أن أكثر خلاف الناس الآن يتعلق بالأمور إيش المالية وتجد أن بعضهم مثلا أدان فلان فلم يكتب عليه فأنكر الآخر وهكذا تجد أن أكثر مشاكل الناس في هذا الزمن بل من أزمان إنما هي مشاكل مالية تتعلق بعدم الكتابة أو هناك كتابة ضاعت أو أن هناك إرث ولكن هذا الإرث لم يسجل بالكامل ولم يحصر الورثة ونحو ذلك فهي مشاكل تتعلق بمعاملات الناس هذه المشاكل التي تتعلق بمعاملات الناس تحتاج أنت حتى تدرك أحكامها بشكل واضح جلي لأن المشكلة فيها ليست في إدراك الأحكام الكلية لا ليس في أن تدرس كتاب مثلا كتاب البيوع أو كتاب القضاء أو كتاب الحدود والقصاص في كتب الفقه تدرس هذه الكتب في الفقه ثم بعد ذلك تكون عالماً جليلا قادراً على الحكم بين الناس والفصل بين الخلق، لا. هذا لا يكفى أنت تدرس في كتب الفقه أصول هذه المسائل لكن إذا دخلت للفصل بين الناس عندئذ تحتاج إلى أشياء كثيرة جداً تحتاج إلى فهم واقعة المتخاصمين قبل أن تأخذ هذه الواقعة ثم تعرضها على الكتاب والسنة وعلى أقوال أهل العلم، فتحتاج أولاً أن تفهم هذه الواقعة وأن تفهم صورتها وتحتاج إلى أشياء كثيرة جداً حتى تستطيع أن تحكم بين الناس وأن تقضي بين هذا وذاك وأن تصلح بين الناس في خصوماتهم وأن تحكم للمظلوم وتأخذ بحقه من الظالم وكذلك بالنسبة للمعتدي والمعتدى عليه وأشياء كثيرة جداً تقع بين الناس، هذه الأمور يا أخي المبارك ليست بالهينة وليست بالقليلة تحتاج منك إلى ممارسة للعلم وممارسة لأحوال الناس علم بأحوال الناس أيضاً كذلك وعلم بالأحكام الشرعية وعلم بتنزيل هذه الأحكام على أحوال الناس على واقعهم هذه الأمور أيها المبارك هي أمور ليست بالهينة أمور عظيمة جداً وحتى تتعلمها تعلماً يعني كاملاً أو شبه كامل وحتى تكون من أهل العلم فيها اللذين يدان لهم بأن يحكموا على الناس في هذه المسائل ويؤهل أن يكون قوياً للفصل بين الخلائق في هذا الباب لابد وأن يكون ماذا؟ معه علم يصحبه تقوى، فربط الله عزّ وجلّ بين التقوى هنا التي تكون سبباً في تحصيل العلم الذي تعرف به هذه المسائل العظيمة من أولها إلى آخرها ولذا قال ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ العلم النافع في مثل هذه المواطن التي هي موطن مهلك لكثير من الناس.
أيها الأحبة فاصل قصير ثم نعود للكلام عن هذه المرحلة بإذن الله .
- فاصــــــــــــــــــل تلفزيونـــــــــــــــــــــي-
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حياكم الله أيها الأحبة في مجلس من مجالس الجنة.
كنا تكلمنا عما يتعلق بقوله سبحانه وتعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ وذكرنا كلام شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله في الإشارة إلى أن دلالة الاشتراك بين العلم والتقوى في هذه الآية لم تأتِ من مجرد الحرف العطف فإن الواو العاطفة هنا ليس فيها شرط مطلق ليس فيها شرط مطلق وإنما هذه الدلالة التي أخذها أهل العلم من أنه لابد من أجل العلم النافع أن يكون هناك تقوى أخذوها من دلالة السياق لأن هذه الواو لما قرنت بينهما جمعت بين التقوى والعلم في سياق واحد فعلم أنه لزوماً من أجل العلم أن يكون هناك تقوى والمقصود بالعلم هنا هو العلم إيش ؟ النافع، المقصود بالعلم هنا هو العلم النافع، نعم هو العلم النافع هو الذي لابد من أجل تحصيله أن يكون هناك تقوى، تقوى لله سبحانه وتعالى.
ننتقل بعد ذلك إلى مسألة مهمة جداً فيما يتعلق بالسياق وهي أنك تقرأ في كتاب الله عزّ وجلّ قصص كثيرة، الكتاب هذا الكتاب العظيم القرآن فيه قصص كثيرة هذه القصص في كتاب الله عزّ وجلّ عندما تتأمل في سياقها تجد عجبا نعم تجد عجبا لما؟ لأن هذه القصص عندما تذكر لا تجد أنها تذكر بحسب واقعها التاريخي، يعني كيف وقعت في بداية الأمر قصة كذا وكذا ثم في نهاية الأمر انتهت على كذا وكذا هذا لا تجده في كتاب الله عزّ وجلّ إلا قليلاً نعم هو موجود لكنه قليل، وتعجب من هذا الأمر تأمل القصص في كتاب الله من هذه القصص التي ذُكرت ترتيباً قصة يوسف عليه السلام، لكن بالنسبة لكثير من القصص الواردة في كتاب الله لم تأتي على هذا النحو وإنما تنظر إليها تنظر إلى القصة بحسب تسلسلها من جهة الزمن فتجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر القصة على وجه لم تترتب معه ترتيباً زمنياً واضحاً محدداً بل إنه يذكر لك أوسط القصة في أول الآيات ثم يذكر لك حيناً يذكر لك ما وقع في أول القصة من جهة الزمن يذكره في آخر القصة، أضرب لكم مثلا على هذا أنتم تتذكرون على هذا في كتاب الله عزّ وجلّ في جزء عمّ وقع هذا أيضاً عندما تتأمل في سورة عبس تأمل في سورة عبس كيف ذكرها الله عزّ وجلّ في مبدئها ماذا ؟ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾[عبس:1-3] هل هذه القصة من جهة الترتيب الزمني وقعت على هذا النحو؟ هل أول ما فُعل في هذه القصة وأول حدث وقع في هذه القصة هو أنه صلوات ربي وسلامه عليه عبس في وجه هذا الأعمى؟ لا، وإنما قبل ذلك ماذا؟ جاء الأعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل عليه وقال: علمني مما علمك الله، كما هو معلوم في أسباب النزول وقد ذكرها الترمذي رحمه الله في الجامع وذكرها غيره فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: علمني مما علمك الله، فأعرض عنه صلوات ربي وسلامه عليه وكان منشغلاً بصناديد قريش يعلمهم، ثم جاء مرة ثانية فألح على النبي صلى الله عليه وسلم علمني مما علمك الله فأعرض عنه ثم جاء ثالثة علمني مما علمك الله فزجره النبي صلى الله عليه وسلم قليلاً، نهره قليلاً صلوات ربي وسلامه عليه عندئذ انظر في هذه السورة هل نزلت على هذا النحو هل قيل جاء الأعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب أن يعلمه ثم كذا وكذا إلى آخر السورة هل جاء على هذا النحو؟ لا، لم يأتي هكذا لما ما السبب ما السر؟ لم بدأ الرب سبحانه وتعالى في هذه السورة بهذه الآية ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ فكأنه بدأ من إيش ؟ من منتصف السورة أليس كذلك؟ لم يبدأ من أولها وإنما بدأ من منتصفها هذا العبوس الذي وقع منه صلوات ربي وسلامه عليه وقع في منتصف القصة فأخذ الله عزّ وجلّ هذه الواقعة هذه الحادثة ذكرها في أول السورة في مبدأ ذكر القصة ما السر في ذلك وما سببه؟ هذا من دلالة السياق .
الآن أنا لو سألتك هذه السورة التي تنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسماة بسورة عبس ما الحكمة من تنزلها عليه صلوات ربي عليه وسلامه؟هل هي ذكر هذه الحادثة هذه الواقعة أن تحفظ تاريخياً هل هذا هو المراد؟ لا، ليس هذا هو المراد، أبداً إذاً فعندما نتأمل قوله سبحانه وتعالى ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ تأمل هذا جيداً عبس وتولى في مبدأ القصة لم ؟ لأن هذه السورة حين تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم لم تتنزل من أجل أن تحكي لنا حكاية وتروي لنا قصة أبداً لم يكن هذا مطلقاً وإنما تنزلت لتبين أمراً عظيماً جليلاً مأخوذًا ومستفادًا من هذه القصة أن الداعية إذا أقبل إليه من أراد أن يتعلم دين الله عزّ وجلّ شريفاً كان أو وضيعاً أميراً كان أو مأموراً وزيراًَ كان أم صغيراً أيا كان حاله غنياً أم فقيراً امرأة كانت أم رجلا كبيراً كان أم صغيراً أياً كان حاله من أقبل على دعوة الله عزّ وجلّ فإنه الأولى بأن يعلم كائناً من كان غيره لأنه إذا أقبل فحقه عليك أيها الداعية أن تقبل عليه ولا أن تنشغل بغيره فإذا انشغلت بغيره مهما كان هذا الغير فإنك قد خالفت المنهج الذي ارتضاه الله عزّ وجلّ وأمر به محمد صلى الله عليه وسلم بل وعاتب محمد صلى الله عليه وسلم على حادثة وقعت في هذا الأمر وفى هذا الشأن. واضح الكلام؟
المقصود هو التنبيه هو التربية هو التأديب هو التهذيب هو التزكية المأخوذة من هذه القصة، فالذي حدث هو العبوس وهو موطن القصة وهو المراد فذكر في أولها واضح ؟
تأمل هذا في مثال آخر وستراه جلياً بإذن الله عزّ وجلّ نعم لعلك تقرأ.
قرأ الطالب:
التقديم والتأخير في السياق له حكمة مثال قصة موسى عندما أمر قومه أن يذبحوا بقرة فجاءت هذه في أول السورة ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾[البقرة:67] وكان المتبادر أن يأتي بأول القصة الواردة في قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾[البقرة:72] والسر في ذلك والله أعلم.
أكمل الشيخ:
قف هنا.
أكمل الشيخ:
الآن تأمل معي قصة موسى عليه السلام مع قومه التي قصه الله عزّ وجلّ في سورة البقرة يقول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ على لسان موسى عليه السلام يتوجه لقومه يقول لهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ﴾ هذه أول القصة لو تأملت القصة التي جاءت في هذا الموطن من كتاب الله سبحانه وتعالى ثم اقرأ أكمل القراءة في سورة البقرة ستجد أن الله قال بعد ذلك في حكاية ما جرى لهؤلاء القوم قال ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾ أليس هذا هو أول ما وقع في هذه الحادثة؟ أول ما وقع من هؤلاء القوم أن واحداً منهم قتل آخر واحداً من بني إسرائيل قتل رجلاً آخر فاختلفوا في هذا المقتول من الذي قتله وأرادوا أن يترافعوا إلى موسى عليه السلام في شأن هذا القتيل.
إذًا فقوله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾ هل هذا من أول ما وقع من جهة الزمن في هذه الواقعة هل هو كذلك ؟ هو كذلك بلى، وإذ قتلتم نفساً هو كذلك وقع في أول القصة زمناً لكن هو من جهة ترتيبه في القرآن هل هو أول ما ذكر في كتاب الله عزّ وجلّ حينما ذكرت هذه القصة؟ لا، وإنما ذكر في آخرها في آخرها تماماً تأمل أن الله عزّ وجلّ قد ذكرها في الآخر تماماً فلم سبحانه وتعالى أخر ذكر أول القصة لآخرها آول القصة زمناً لآخر القصة ذكراً في القرآن وقدم ما وقع في وسط القصة زمناً قدمه فذكره في أول القرآن حين ذكر هذه القصة؟ ما السر في ذلك هل أشكل عليك قبل ذلك أصلاً وأنت تقرأ سورة البقرة؟ هل تأملت لما التقديم والتأخير في هذه القصة؟ أنا أريدك بعد ذلك أن تنتبه لهذا فإن كثير من قصص القرآن حصل فيها هذا فإذا كنت لم تنتبه قبل فانتبه الآن ومن الملام مما يلام عليه طالب العلم في هذا ألا ينتبه لأنك لست كأحد الناس مع كتاب الله أنت طالب علم لكتاب الله سبحانه وتعالى فلابد أن تنتبه ألا يمر عليك الأمر هكذا مروراًَ سريعاً وإنما تتفقه في كتاب تتفهم تتدبر شيئاً ما.
فانظر إلى سر ذكر القصة على هذا النحو وعدم ترتيبها على جهة الزمن كما هو المعتاد في ذكر القصص أياً كانت.
قرأ الطالب:
والسر في ذلك والله أعلم أن المقصود من ذكر هذه القصة هو ذكر إعراض اليهود قبحهم الله عن تنفيذ أوامر الله عزّ وجلّ وليس المقصود من إيرادها ذكر حادثة القتل ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾ وهذا تلحظه بيناً في قصة أصحاب الكهف وفى سورة الأنفال في موقعة بدر.
أكمل الشيخ:
أحسنت يا بارك الله فيك، الآن الكلام الذي سمعت هو في بيان السر في هذا الموطن تأمل أنت معي هذه القصة، هذه القصة سيقت من أجل ماذا؟ من أجل ماذا سيقت؟ من أجل بيان إيش ؟ شدة إعراض اليهود عن أمر الله عزّ وجلّ فكان المناسب إذا كان هذا هو المقصود وليس المقصود هو ذكر القصة وذكر الحكايات وإنما المقصود أخذ العبرة منها ولذا ما كان موطناً لأخذ العبرة يذكر في أوائل الكلام في أوائل القصة حتى ما تشغلك القصة عن المقصود لو ذُكرت القصة هكذا بترتيبها الزمني قد تنشغل عن المقصود بالحادثة وما جرت عليه وكيف فعل موسى معهم وكيف فعلوا هم، وهل هذا الرجل الذي ضرب بجزء من البقرة التي ذبحوها بالفعل رجعت له الحياة ثم ماذا قال ومن اتهم قد تنشغل بهذا وهذا ليس هو المقصود بل المقصود هنا أن تنتبه للحكمة والغاية والهدف الذي من أجله سيقت هذه القصة ما هو؟ هو بيان شدة إعراض هؤلاء اليهود عن أمر الله سبحانه وتعالى ولذا جاء الكلام في أولها في مبدئها في قول موسى عليه السلام ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ قالوا ماذا ؟ ﴿ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ﴾ قبحهم الله من الذي يأمر الآن مهرج من المهرجين إنسان من عامة الناس إنسان لا يعقل لا يفهم لا يدرك؟ صبي من الصبيان ؟
يأمرهم موسى عليه السلام نبي الله يأمرهم فيقول إن الله يعني ما يقول تقول على الله أنتم تؤمنون أنه نبي فهل من الممكن أن يأتي نبي فيتقول على الله عزّ وجلّ ويمزح معكم في موطن كهذا يسخر معكم في قضية من هذه القضايا فيقول إن الله كذا فتقول أتتخذنا هزوا تمزح معنا تلعب تهزأ بنا، لا حول ولا قوة إلا بالله لذا جاء الكلام في أولها في بيان حال هؤلاء اليهود مع موسى عليه السلام و بيان حال شدة إعراض هؤلاء اليهود وشدة قسوة قلوبهم في تقبلهم لأوامر الله سبحانه وتعالى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة القصة معروفة عندكم والله عزّ وجلّ يأمركم أن تذبحوا بقرة لتزيلوا هذا الإشكال ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ ولو فعله صلى الله عليه وسلم لكان بالفعل من الجاهلين يحكي عن الله عزّ وجلّ أمراً وأنتم تظنونه سخرية وضحك ولعب ﴿ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ فبين الله عزّ وجلّ مبدأً قدم ما يتعلق ببيان شدة إعراض هؤلاء اليهود عن أوامر ربهم سبحانه وتعالى وعن قسوة قلوبهم وعن قبح تصرفهم وعن قبح كلامهم وتعبيرهم في حديثهم عن ربهم جلّ وعلا ولذا قالوا في الآيات الأخرى يد الله إيش؟ مغلولة، انظر كيف التعبير تعبير سيئ قبيح فأراد الله سبحانه وتعالى أن يبين لنا حال هؤلاء اليهود وهذا هو المقصود هنا ولذا سورة البقرة لو تأملت سورة البقرة جاءت لتبين لأهل الإسلام كيف يتعاملون مع هؤلاء اليهود.
من معاني سورة البقرة –جاءت لعدة معاني- أنها جاءت لتبين لنا الطريقة التي نتعامل بها مع اليهود، وبالنسبة لسورة آل عمران جاءت لبيان حال أهل الكتاب من النصارى وكيف نتعامل معهم وما حالهم وما شأنهم وكيف يكون أمرهم مع أهل الإسلام ثم جاءت بعد ذلك سورة النساء لتبين هذا كله مع أهل الكفر مع أهل الكتاب من اليهود مع أهل الكتاب من النصارى فهذه السور العظام الثلاث سورة البقرة آل عمران النساء من مقاصدها العظام ومما تنزلت من أجلها وكانت هذه الأمور من لب ما جاءت في هذه السور هو الكلام عن كيفية تعامل أهل الإسلام مع اليهود بدءاً ثم مع النصارى ثم مع عموم الكفار، واضح هذا في هذه القصة؟
انظر أيضاًَ كذلك فيما يتعلق بقصة أصحاب الكهف ستجد هذا بينا فيما يتعلق بسورة الأنفال في قصة موقعة بدر وما جرى فيها تجد هذا بينا ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾[لأنفال:1] فبدءاً كان الكلام هل هو عن قصة بدر وما جرى وكيف خرجوا وكيف وقع القتال وكيف وكيف؟ لا وإنما جاء الكلام في سورة الأنفال عن موقعة بدر كل ذلك جاء تبعاً لأي شيء؟ للكلام عن الأنفال لأن هذا هو المقصود من تنزل السورة بدءاً الكلام عن الأنفال وما حكم الله عزّ وجلّ فيه وكيف يكون حال الناس فيه ولأن بعض الصحابة تكلموا في هذه المسألة يريدون الغنائم كما كانت توزع عليهم الغنائم وكما كانوا يريدون أن توزع الغنائم فطلبوا أمراً ليس لهم فأنزل الله عزّ وجلّ ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [لأنفال:1] فجاء الكلام في يسألونك عن الأنفال لأنها هي المقصود الأعظم من تنزل هذه السورة العظيمة في الكلام عن ما يتعلق بحقوق الخلق وبحق الرب سبحانه وتعالى وفى تقسيم الرب سبحانه وتعالى للحقوق بين الخلائق ثم جاء بعد ذلك مايتعلق بموقعة بدر وهذا الذي ينبغي أن تنتبه له فيما يتعلق بالنظر في قصص القرآن.
سأل أحد الطلبة :
يا شيخ ذكرتم يعني يلزم في السياق أن يكون مشتملاً على رابط، يعني كيف يكون الرابط ؟
أجاب الشيخ:
الرابط يعني السياق هو الرابط بنفسه تارة يكون الرابط ظاهراً واضحاً يعني ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ الرابط هنا ما هو ؟
أجاب أحد الطلبة :
نحن نسأل عن الرابط.
أكمل الشيخ:
هل هناك أحد منكم ممكن أن يخبرنا عن الرابط هنا ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ أنا سمعت كلمة، من قال العطف؟ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ الرابط هنا هو ماذا؟
أجاب أحد الطلبة :
الواو .
أكمل الشيخ:
هو الواو بين الجملة الأولى والجملة الثانية ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ جملة ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ جملة ثانية، جاءت هذه الواو للربط بين الجملتين لما نظرنا إلى هاتين الجملتين بهذا الرابط بهذا السياق بالسياق الذي سبق في الكلام عن مسائل الدين والكتابة ونحوها عندئذ أخذنا هذا المعني فهذا هو الرابط، الرابط تارة يكون ملحوظاً مذكوراً وتارة يكون خفياً يدل عليه السياق. واضح، لكن لابد من الرابط يعني في قصة موسى في سورة الصف ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ﴾[الصف:5] الرابط ما هو هنا؟ المذكور الظاهر الصريح؟
أجاب أحد الطلبة :
الواو أيضاً .
أكمل الشيخ:
أيضا الواو﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ ﴾ يعني الآن لو كان الكلام منقطعاً مبتورًا على ما قبله لجاء الكلام هكذا إذ قتلتم نفساً، إذا قال موسى لقومه بدون الواو فجاء هذه الواو لتعطف على ما تقدم لتدل على أن هناك ترابط بين هذا وذاك نقف عند هذا الحد نريد أن نأخذ دقيقتان فقط فسريعاً أريد أسئلة.
|