عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-09, 11:00 PM   #34
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس السادس والعشرين:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا أكرم الأكرمين، حياكم الله أيها الأحبة في روضة من رياض الجنة، أسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعاً رياض الجنان في مستقر رحمته في جوار حبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم كنا في الكلام عن المرحلة السادسة وسنبدأ بإذن الله في هذه المرحلة عوداً نقرأ من أول هذه المرحلة .
قال أحد الطلبة:
المرحلة السادسة جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد في موضع واحد ويسمى في المصطلح المعاصر بالتفسير الموضوعي وهو الذي ألف فيه الإمام اللغوي الشنقيطي أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن المقصود من هذه المرحلة أن نأخذ من كل سورة المقطع والغرض من إنزالها ليتضح لك المقصود عند جمعها مع الآيات الأخرى المثال الأول ما قصه الله سبحانه وتعالى من أحوال السماء يوم القيام أنها تمور موراً وأنها تتفطر وأنها تنشق بالغمام وأنها تطوى كطي السجل للكتب إلى آخره فهذه الآيات جميعاً تتكلم عن موضوع واحد وهو السماء لذلك ينبغي له أن يعرف أن هناك أمراً عظيماً في تغاير هذه الألفاظ بعضها مع بعض في موضوع واحد وهو حال السماء في اليوم الآخر .
أجاب الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك الآن تأملوا معي أيها الأحبة عندنا ما يتعلق بجمع الموضوع الواحد في مكان واحد من آيات في كتاب الله عز وجل عندنا آيات كثيرة تكلمت عن موضوع واحد وتفرق هذا الكلام في سور كثيرة من كتاب الله عز وجل هذه الآيات التي تكلمت عن الموضوع المحدد المعين لو جمعت فإنه عندئذٍ ستحلق أن هذا الموضوع قد اكتمل وتم من كتاب الله عز وجل بمعنى أنك عندما تقرأ آية في كتاب الله في أية سورة من السور فإذا هي تتكلم عن موضوع مثلاُ قصة موسى عليه السلام ثم تقرأ في سورة اخرى قصة موسى في سورة ثالثة رابعة خامسة عاشرة وهكذا تكررت كثيراً في القرآن عندما تنظر في هذه القصة وقد تنوع ذكرها في كتاب الله عز وجل ألا يتبين لك أمر جديد ويعني قضية قد تكون تظهر لك فيما سبق فيما يتعلق لو جمعت هذه الآيات من أولها إلى آخرها بلى سيظهر لك وهذا مطلوب لأنك تلحظ كثيراً من السلف عند تفسيرهم لكلام الله عز وجل يجمع هذه الآيات ويفسر هذه الآيات بالآية الأخرى التي وردت في سورة أخرى
وهذا ما يسمى بتفسير القرآن بالقرآن فتجمع الآيات في قصة ما أنت لو جمعت مثلاً قصة موسى في كتاب الله عز وجل ما تبين لك الأمر جلياً (............)موسى عليه السلام كما في سورة القصص إلى كل ما وقع له عليه السلام في كل ما ذكره الله عز وجل من عبر وعظات في هذه القصة إذا لم تجمعها فإنها ستكون مشتتة مفرقة ليست بداخل الوضوح الكامل في ذهنك لكن اجمع هذه الآيات من كتاب الله عز وجل وهو ما يسمى بالتفسير الموضوعي في الاصطلاح المعاصر سيظهر لك الموضوع جلياً جداً وسيتبين لك الأمر
أضرب لك مثلاً الآن ليتضح هذا الأمر بل لتضح هذه القضية بشكل لتكون معه شيئاً من الرغبة في فهم كتاب الله سبحانه وتعالى على هذا النحو كيف يكون هذا الأمر خذ مثلاً ما يتعلق بأحوال السماء في يوم القيامة الله عز وجل تكلم عن السماء في يوم القيامة في موطن واحد فقط ، في مواطن كثيرة جداً أليس كذلك إذاً هذا الكلام عن حال السماء في مواطن كثيرة جداً في كتاب الله عز وجل هل هو لتكرار هذا الوصف فقط أم هناك أمر جديد في كل مرة يتكلم القرآن عن هذه السماء وعن أحوالها في يوم القيامة هناك أمر جديد هناك وصف جديد هناك خبر عن حال هذه السماء يختلف عن الخبر الذي جاء في سورة أخرى هناك ولا شك اختلاف نعم هناك شيء من السرادق في بعض الآيات ولكن أكثر الآيات ليس فيها هذا السرادق وإنما فيها إخبار بصفة أخرى بحال ثانية لهذه السماء وما يقع لها في يوم القيام أضرب لك مثلاً على هذا بعدد من الآيات تكلمت عن حال السماء في يوم القيامة انظر مثلاً إلى قوله جل وعلا في سورة الطور وهو يتكلم عن السماء ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً[الطور:9].
هذا المور ما هو في لغة العرب عند المفسرين في كلام الصحابة ومن بعدهم (.............)اللغوين ماهو المور في لغة العرب ، هو الاضطراب والحركة الشديدة هذا هو المور وهذا هو التفسير الواضح البين حتى في كلام السلف رضوان الله عيلهم أجمعين ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً﴾. أي انها تضطرب وتتحرك هذه السماء إذا اضطربت وتحركت وتغيرت أي بدأت في التغير عن حالها الذي كانت عليه في الدنيا هي في هذه الدنيا كيف حال هذا السماء أتراها مضطربة تتغير أم أنها ثابتة مستقرة هي ثابتة مستقرة في هذه الحياة الدنيا في الآخرة تختلف إذاً هناك حركة واضطراب في الآخرة لم تكن في الحياة الدنيا عندما تنظرأيضاً في الآيات الأخرى التي وصفت حال السماء في قوله عز وجل : ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ[الذاريات: 47].
في قوله أيضاً عز وجل: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً[النبأ:12]. أي في هذه الحياة الدنيا ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً﴾. معنى الشداد أي قوية متينة ولذا قال الله عز وجل في سورة تبارك : ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ[تبارك: 3]. اي أن السماء ليس فيها أي فطور ليس فيها أي انشقاق محكمة متينبة وكما في الآيات الأخرى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾. وبأيد هنا معناها بقوة وليس جمع أيدي هنا مع إثبات صفة اليد لله سبحانه وتعالى على وجه يليق به ولكن المقصود هنا هو ذكر القوة أن السماء بنيت بقوة بإحكام فهي متينة محكمة ليس بها فطور ليس بها شقوق سبع طباقاً شداداً عظيمة بخلاف الأصل فيها من التشقق وفيها من الضعف ما فيها هذا هو حال السماء في الدنيا ما حال السماء في الآخرة اختلف الأمر جلياً اختلف ففي الآخرة قال الله عز وجل بدءاً في سورة الطور : ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً﴾. أي تبدأ في الحركة تبدأ في الاضطراب تبدأ في التغير ثم بعد ذلك أخبر الله عز وجل أن هذا الاضطراب وهذه الحركة يكون بعدها انفطار والانفطار هو بداية الانشقاق النبي صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تفطرت قدماه بمعنى بدأت في التشقق
فالانفطار هو بداية التشقق ثم بعد ذلك عندنا بعد الانفطار عندنا التشقق الكامل الواضح : ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ[الانشقاق: 1]. ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ[الحاقة:16]. المقصود أن الاخبار عن الانشقاق والتشقق جاء بعد ما يتعلق بالانفطار وهذه حال ثالثة للسماء إذاً في البداية تحركت واضطربت ثم بدأت في الانفطار بداية التشقق ثم انشقت بالفعل ثم بعد ذلك ما يكون في حال هذه السماء أخبر الله عز وجل أيضاً في سورة عم بخبر جديد عن هذه السماء فقال سبحانه وتعالى : ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً[النبأ: 19].
بعد أن انشقت وبدأت بالتشقق إذا هي الآن ليس مجرد تشقق وإنما هو أمر أعظم من من ذلك بكثير وهو أنها فتحت فأصبحت أبواب أبواب ظاهرة بينة للعيان بل أن سياق هذه الآية يدلك على أن السماء كلها من أولها لأخرها أصبحت ماذا أبواب ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً﴾. يعني كأن السماء كلها أصبحت أبواب فأنت إذا نظرت إلى السماء في اليوم الآخر بعد هذه البدايات لها إذا هي بعد ذلك كلها من أولها إلى آخرها أبواب أبواب لتنزل الملائكة كما قال الله عز وجل: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلً[الفرقان:25].
تشقق بالغمام الأبيض يفتح السماء استعداداً لنزول ملائكة الله عز وجل إذاً هذه مرحلة من مراحل احوال السماء في يوم القيام عندنا بعد ذلك مرحلة تكلمنا عليها سابقاً وهي ما يتعلق بقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ[الأنبياء:104]. وكما قال سبحانه وتعالى في سورة أخرى في سورة التكوير : ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ[التكوير:11]. وذكرنا معنى كشطت قبل وتكلمنا أن تفسير هذه الآية ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾هو ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾. إذاً هذه الأحوال للسماء بدءاًَ من أنها تضطرب وتتحرك ثم يحصل لها إنفطار ويحصل لها انشقاق يحصل لها بعد التفتح الشديد لهذه السماء ونزول الغمام الأبيض من خللها ثم بعد ذلك ما يحصل أن هذه السماء تطوى كطي السجل للكتب هذه أخبار عظيمة جداً عن أحوال هذه السماء إذا جمعت هذه الأخبار تبين لك ما الذي يحصل للسماء الدنيا في يوم القيام كذلك أخبر الله عز وجل من أحوال هذه أنها تكون وردة كالدهان الآية في سورة الرحمن: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ[الرحمن : 37].
الانشقاق يحصل ثم بعد ذلك تكون السماء وردة كالدهان وردة ذكرنا لكم معناها أنها تكون بلون الورد هي ما يتغير لونها بعد هذه الزرقة أصبحت تميل إلى لون الورد فيها شيء من الحمرة مع اضطراب اللون ليست حمرة قانية صافية وإنما هي حمرة يخالطها ألوان أخرى ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾. الدهان هنا إشارة إلى الدهن معنى أن هذه السماء يكون فيها مع هذه اللون صبغة الزيت يعني فيها كالمهل والمهل هو الزيت المغلي الذي يتقطع في حركته فانظر إلى هذه الحال للسماء تصور الآن السماء التي تراها عندما تكون في يوم القيامة فأنت ترى هذه الحال العظيمة للسماء تجد السماء تضطرب تتحرك تجد أنها بدأت تنفطر ثم تنشق ثم تتفتح تفتحاً عظيماً ثم الغمام الأبيض ينزل من خلل السماء وأنت تنظر إليها ثم يحصل بعد ذلك أن الله سبحانه وتعالى يطوي هذه السماء يقشعها قشعاً جل وعلا ثم أن هذا اللون للسماء يتغير ويضطرب تصبح كالمهل فيها شيء من صبغة الزيت ونحو ذلك هذه الحال للسماء عندما تنظر إليها الآن بنظر فكرك بنظر تأملك بنظر خيالك عندئذٍ توقن ما الذي سيحدث في هذا الموقف العظيم لكن دون جمع هذه الآيات لا يتحقق لك هذا لكن إذا جمعت هذه الآيات في موطن واحد تبين لك ما سيحدث للسماء في اليوم الآخر كذلك اجمع ما سيحصل للجبال أيضاً في اليوم الآخر الله عز وجل أخبر عن الجبال بأحوال عظيمة شديدة جداً فما الذي يحصل للجبال في ذلك الموقف تأمل ما قصه الله عز وجل هل هو خبر واحد لا أخبر عن الجبال بأحوال كثيرة وأخبر عن غير الجبال عن الأرض أيضاً بأحوال كل ذلك من أجل أن تتخيل وأن تتصور وأن تدرك ما الذي سيجري لهذا الكون من أوله لآخره في يوم القيامة وهذا من أعظم ما يجعل الإيمان بالله عز وجل على أعلى ما يكون وعلى أتم ما يكون لأنك عندما أنت نفسك الضعيفة المسكينة ثم تنظر إلى هذه السماء العظيمة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها كسفاً كل سماء مسيرة خمسمائة سنة كسف كل سماء فقط يعني سمك كل سماء خمسمائة سنة ثم بعد ذلك يحدث لها ما يحدث فأنت يعني ماأنت في هذا الكون العظيم يوم القيامة لست بشيء هذه الجبال العظيمة التي تراها يعني أعلى جبل كما يذكرون ارتفاعه عن سطح الأرض فقط قرابة ثماني كيلو مترات تحت الأرض ثلاثة أضعاف إذا أردنا أن نأخذ حجمه بالكلية عند الثلث فوق الأرض وعندك الثلثان تحت الأرض إذاً كم كيلو تقريباً عظم هذا الجبل اضرب ثمانية في ثلاثة كم أربعة وعشرين كيلو متر ارتفاع هذا الجبل مع ذلك تقرأ في كتاب الله ما الذي سيحدث في هذه الجبال (............)ولا شيء ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ[القارعة: 5]. بل إنها تسير سيراً ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرً[الطور:10]. لم تصبح شيء لما تتأمل هذا وتتأمل ما يجري يوم القيامة وتتأمل الآيات التي تكلمت عن هذه الأمور يقر في قلبك تعظيم الله سبحانه وتعالى وتعظيم قدرة الله عز وجل الذي فعل بهذه الكائنات العظيمة ما فعل إذاً ما حالك أنت ما موقفك يوم القيامة وأنت ترى هذه الكائنات كيف تطورت كيف تغيرت كيف حصل بها ما حصل معي في هذا فيما يتعلق بجمع الآيات التي تكون موطن واحد في موضع واحد وضربنا مثلاً فيما يتعلق بالسماء الأحوال الكثيرة سنتجاوز هذا لأن الكلام عن الجبال وما يتعلق بها سوف يطول تكلمنا عن السماء وهناك آيات أخرى أحوال الجبال ندع هذا إلى المثال الثاني مباشرة واتمنى من قارئ لكتاب الله عز وجل أن ينظر في أحوال الجبال في كتاب الله تجد عجباً يثير عنده شيء من الخوف من ربه سبحانه وتعالى الذي فعل بهذه الجبال مع عظمها مع كبير حجمها وقوة صلابتها مع ذلك بأمر واحد منه سبحانه وتعالى أصبحت هذه الجبال لاشيء تأمل الآيات الواردة في شأن الجبال اجمعها من كتاب الله عز وجل ستجد عجباً من العجب وستلحظ بيناً إنك عندما تقرأ هذه الآيات من كتاب الله ستلحظ أنك أمام شيء عظيم سيحدث في اليوم الآخر .
سأل أحد الطلبة:
بالنسبة للآيات التي تذكر قصة موسى عليه السلام نجد من كثرتها قد هناك دلالة على أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يخاطب رسوله ويقول له أنت ترى حال موسى فاصبر على حالك لقرب قصة موسى من قصة محمد صلى الله عليه وسلم.
أجاب الشيخ:
هذا صحيح عندما تتأمل ما يتعلق ما جرى لموسى مع قومه موسى جرى له مع هؤلاء اليهود شيء عظيم جداً شيء لا يكاد أن يوصف تأمل ما ذكره الله عز وجل من حال هؤلاء اليهود موسى وجد من فرعون ما وجد ووجد من هؤلاء اليهود من قومه ما وجد فعندما يكون هذا مع بني إسرائيل مع اليهود بالنسبة لموسى فلا شك أن هذا يهون على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما وجد وهو بعد ذلك يهون علينا جميعاً ما نجد من أقوامنا نحن من منا وجد كما وجد موسى من قومه بعضنا وللأسف الشديد يواجه أبوه أو أخوه أو أمه أو أحد من أقاربه أو جار له أو صاحبه بكلمة أو شيء من العتاب وقد شيء من الإيذاء له في أمر من أموره أو طرد من البيت أو نحو ذلك في قضية هو كان يقصد منها أمراً دعوياً شرعياً يريد أن يأمر بمعروف أن ينهى عن منكر ثم يواجه بقوة من أحد من أطراف عائلته أو أحد ممن هو قريب منه فعندئذ يحصل ما يحصل من الغضب أحياناً ندم على أنه أقدم على ما أقدم عليه (..............)أحياناً يعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك يترك الدعوة إلى الله عز وجل أو إنه أيضاً كذلك حيناً يريد أن يأخذ الأمر أمر شخصي نفسي فيواجه الأمور بقوة بحزم بشدة فإذا واجهه أبوه مثلاً بكلمة ردها مرة أو مرتين ونحو ذلك وهذا ما ينبغي أبداً إنما واجهك ما واجه الأنبياء عليهم السلام فلاشك أن من هذه القصة قصة محمد صلى الله عليه والسلام لاشك أن هناك من العبر والعظات الكثير الذي ليس بالقليل ابداً.
قال أحد الطلبة:
المثال الثاني في الآيات المتعلقة بالخمر والفرق بينها وبين خمر الآخرة ومراحل تحريمها وأنها مرت بأربع مراحل ولا يكفي الاستدلال بتحريمها بدليل واحد فقط وإنما تجمع الآيات الأخرى ليتبين لك بقية الأوجه التي حرمت الخمر من أجلها فقد يقول لك إنسان إن قوله تعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ[المائدة: 90].
أجاب الشيخ:
أحسنت بارك الله فيك نعم تأمل هذه الآية الله عز وجل نهى عن الخمر بقوله سبحانه وتعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. قد يأتيك إنسان فيقول لك الله عز وجل أمرني بأن أجتنبه شيئاً ما معنى أجتنبه يعني أبتعد عنه قليلاً لم يحرمه كما حرم الميتة ولحم الخنزير قد يقول قائل هذا نتكلم عن هذه المسألة بعد فاصل قصير فابقوا معنا بارك الله فيكم

فـاصـــــــــــــــــــــــــــــــــل تليفـزيـونــــــــــــــــــي
بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله أيها الأخوة مرة أخرى في روضة من رياض الجنة قد كان الكلام سابقاً فيما يتعلق بقوله عز وجل : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ[المائدة: 90]. جاء النهي بقوله سبحانه وتعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. عندما تتأمل هذا النهي بقوله عز وجل ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. قد يأتيك قائل وقد قيل لي هذا حصل أن اتصل علي متصل من خارج بلادنا وقال لي أنتم تقولون الخمر فلم حرام ليس بحرام قلت له كيف ليس بحرام فقال أبداً ليس بحرام لأن الله عز وجل إنما قال ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. والحرمة عندما تؤخذ من قوله سبحانه وتعالى حرمت أو حرام عليكم فهذه ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. وهذه حرام وحرمت ففرق بينهما بدليل أن الله فرق بين هذه وتلك قلت له طبعاً لابأس التفريق بين العبارتان وارد ولكن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني اجتنب واترك قال لا ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني ابتعد عنه قليلاً لو أنك قاربته مرة من مرات لا بأس يعني كأن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني مش كويس بالعبارة التي يذكرها ونحو ذلك، فحصل كلام في مسألة الخمر وما يتعلق بها ونريد الآن نحن الآن في الكلام عن أي مسألة عن أي مرحلة عن مرحلة جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد من جمع الآيات التي تتكلم عن الخمر في القرآن سواء كان الخمر من خمر الدنيا أو من خمر الآخرة يتبين له قطعاً ويقيناً أن الله عز وجل حرم الخمر بل يتبين له ما الحكمة من تحريم الخمر يتبين له بجلاء ما بينه الله عز وجل في القرآن من تحريم الخمر قبل هذا أريد أن أقف قليلاً عند قوله سبحانه وتعالى ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. لأن كثير من الناس يورد مثل هذه الشبهة أو أمثالها في الاعتراض على تحريم أمر ما معلوم من الدين بالضرورة أنه محرم معلوم بإجماع أهل العلم من السلف والخلف أن الخمر حرام بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بإجماع أهل العلم وبالقياس الصحيح وبغير ذلك لكن اريد أن اقف قليلاً مع مثل هذا الإراد الذي يريده حقيقة عدد من المسلمين بسبب ما أورده أهل الاستشراق وما أورده أهل الباطل عليهم في هذا الباب ولذا يخصصون في هذه المسائل ويظنون أن الأمر فيها ليس بالشديد ولا بالعظيم يعني تأمل قول الله عز وجل : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾. لن أتكلم عن الآية هذه بعينها لكن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. تأملها في كتاب الله عز وجل المنهيات التي نهى الله عز وجل عنها بقوله ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. ما هي تذكرون شيئاً منها مثل ماذا ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ[الحجرات: 12]. ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً[الاسراء: 32]. أيضاً كذلك ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[الاسراء: 34]. أيضاً كذلك: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ[الحج: 30]. الآن تأمل في أحد يقول أن الرجس من الأوثان منهي عنه نهي بسيط يعني تقاربه مرة الرجس من الأوثان هي الأصنام يعني لو قيل فاجتنبوا في الخمر إنها طيبه ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾. قول الزور حرام أو حلال حرام بإجماع المسلمين أيضاً كذلك النهي عن قربان مال اليتيم ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[الأنعام: 152]. هل أحد يقول ان الاقتراب من مال اليتيم بغير التي هي أحسن حلال من المسلمين هل يقول أحد بهذا أنه حلال أبداً مع أنه لم يأتي في كتاب الله عز وجل النهي عنها بلفظ حرمت انظر أيضاً الزنا أعاذنا الله وإياكم من كل ذلك ﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾. هل هناك من يقول أن الزنا حلال لأن الله عز وجل لم ينه بلفظ حرمت لا ولا ينبغي أن يكون هذا أبداً فعندما تتأمل هذه الآيات التي نهي عنه بلفظ اجتنبوه بلفظ لا تقربوا تجد أنها منهيات قد أجمع أهل الإسلام (..............)على أنها محرمة فمن أراد أن يقول أن الخمرة ليست محرمة تحريماً شديداً لأن الله عز وجل لم يحرمها بلفظ التحريم وإنما حرمها ونهى عنها بلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾فيلزمه أن يقول أن كل هذه المنهيات أيضاً ليست منهيات شديدة وإنما منهيات يسيرة (.........)بأن الزنا كذلك النهي عنه ليس نهياً شديداً وإنما نهي يسير كذلك يقول (.........)أيضاً كذلك ليس منهياً نهياً شديداً كذلك الأوثان والأصنام والأرجاس وقول الزور وغير ذلك كثير يلزمه أن يقول أن هذه المنهيات غير منهي نهياً شديداً وهذا ما قال به أحد من أهل العلم بل من أهل الإسلام لايقولوا به وإنما هو التمسك بحبال الشيطان في هذا الباب هذا الشخص المتصل ذكرت له هذه الآيات قلت له ولو هذه الآيات جاءت بـ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾. إذاً فهل هذه الأمور ليست محرمة تحريماً شديداً في دين الله عز وجل ابحث عن آية واحدة في كتاب الله عز وجل نهت عن هذه الأمور بلفظ حرمت لا تجد أو حرام لا تجد فما كان منه إلا أن وقف وهذا ما أريد منك يا طالب العلم في مثل هذه المسائل يعني لم تجمع الآيات في موطن واحد التي تكلمت عن لفظ الاجتناب والابتعاد يتبين الحقيقة أن لفظ الاجتناب في كتاب الله عز وجل لم يرد قط في مسألة أن تبتعد عنه قليلاً وأن المحرم ليس تحريم شديد لا لفظ الاجتناب إذا جاء في كتاب الله عز وجل فإنما يرد في الأمر المحرم التحريم العظيم الشديد، يبقى هناك سؤال قد يرد عليك أو قد يرد أيضاً في ذهنك انت إذا انتبهت إلى كتاب الله العظيم ويقال لك إنه إذاً لما جاء النهي عن الخمر عن الزنا عن أكل مال اليتيم عن سوء الظن عن قول الزور جاء عنها بهذه الألفاظ وجاء النهي عن الميتة وعن الدم ولحم الخنزير لما يبقى عندك سؤال لكن إنه الإشكال السابق قد زال أليس كذلك الإشكال بأن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾لم تدل على التحريم الشديد قد زال لأنه قد قرنت بأشياء محرمة باتفاق المسلمين ولا أحد يقول من أهل الإسلام إنها ليست محرمة تحريماً شديداً يبقى فقط سؤال ينبغي أن تجيب عليه لأنه قد يورد عليك ويقال لك إذاً لما جاء النهي عن حرمت في الميتة والدم ولحم الخنزير وبقي النهي في ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾في هذه المسائل تأمل هذا في كتاب الله وهذا ما أريده أن تجمع الآيات من أجله في موطن واحد عندما تجمع الآيات التي فيها النهي ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾وعندما تجمع الآيات التي فيها النهي بحرمت سيتبين لك أمر عجيب وأمر غاية في بيان عظمة هذا القرآن أنت الآن عندما تتأمل هذا الذي ذكرت لك ونهى الله عنه بلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾تجد أنه هذه الأمور جميعاً مما ترغبه النفس وتتطلبه وترغب في الحصول عليه الله عز وجل نهاك بهذا اللفظ عن الخمر عن الأنصاب عن الأزلام نهاك عن الزنا نهاك عن أكل مال اليتيم جمع المال هذا والناس يحرصون حرصاً شديداً على هذا المال نهاك عن هذه الأمور بهذا اللفظ لما هذه الأمور بطبيعة الإنسان البشري يريدها يرغب فيها له تتطلب يقصدها حريص على أن يحصل بفطرته فجاء النهي عنهابلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾لأن التحريم هنا لا يكفي وإنما يجب عليك أمران الأمر الأول أن لا تقترفها لأنها حرمت عليك ويجب عليك كذلك أمر آخر وهو أن تباعد عنها عن فاجتنبها لا تقربها أصلاً فإذاً في لفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾.في حقيقة الأمر هنا أمران أمر بعدم الوقوع وأمر بالمباعدة ولذا جاء النهي ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾في هذا لكن أنظر في الأشياء التي حرمت بهذا اللفظ بلفظ التحريم ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ[المائدة:3]. هل الميتة الناس تقبل عليها بنفسها لها رغبة فيها الميتة لحم الخنزير بقذارتها النفس السليمة بفطرتها لا تقبل عليه كذلك الدم هل الانسان يرغب في الدم وأن يشربه وأن يأكله إنما يفعل ذلك من كان منكوساً في فطرته فإذاً هذه الأشياء لا تحتاج أن تباعد عنها لأن نفسك البشرية تباعد عنها بطبيعتها فيكفي فيها لفظ ﴿حُرِّمَتْ﴾. لأنها لا تحتاج إلى مباعدة لأن النفس تبتعد عنها بطبيعتها فجاءت ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾( ......)عنها فكفى فيها أن تحرم عليك لأن النفس لا ترغب فيها أما لو جئت إلى الزنا والعياذ بالله جئت إلى أكل المال جئت إلى ما يتعلق بالخمر جئت إلى الأنصاب والأزلام هذه التي تؤكل فيها أموال الناس بالباطل وبعض الأشياء التي تظن أنها تخبرك بالغيب بشيء من الغيب أو نحو ذلك هذه أشياء مرغبة ومحببة إلى النفس فلا يكفي فيها أن لا تقع كما في الميتة والدم ولحم الخنزير وإنما ينبغي لك أن تكون بعيد حتى لا تقع لأنك إن اقتربت قد تقع أيهما أبلغ في النهي الآن حرمت أم فاجتنبوا فاجتنبوه فبين لنا هذا المثل حين جمعنا الآيات جمعنا النهي ﴿فَاجْتَنِبُو﴾هذا اللفظ في القرآن جاء على أي نحو وجمعنا ﴿حُرِّمَتْ﴾جاء في القرآن على أي نحو عندما تجمع هذا مع ذلك يتبين لك أن النهي ﴿فَاجْتَنِبُو﴾أبلغ من النهي ب﴿حُرِّمَتْ﴾. من هذا واضح الكلام .
قال أحد الطلبة:
والآيات التي ذكرت فيها خمر الدنيا ومراحل تحريمها فمنها مثلاً ما غاير بين السكر والرزق الحسن ليبين أن السكر ليس رزقاً حسناً ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[النحل: 67]. ومنها ما نهى عن قربان الصلاة حال السكر فمن أراد أن يشربها فلا يشربها إلا في الليل وفي هذا تضييق لوقت شربها في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى[النساء: 43]. ومنها مادلت على حصول الإثم الكبير بها قال تعالى: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ[البقرة: 219]. ومنها ما صرحت بالتحريم والأمر باجتنابها كما قال تعالى : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[المائدة: 90]. إلى قوله تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[المائدة: 91]. وفي هاتين الآيتين الأخيرتين اشتملت على ثمانية في أدلة على تحريم الخمر.
أجاب الشيخ:
نعم أحسنت بارك الله فيك المقصود هنا لما تجمع هذه الآيات فإنك سيتبين لك المزيد على ما سبق فيتبين لك أوجه كثيرة جداً في تحريم الخمر في القرآن يعني قوله سبحانه وتعالى عن خمر الآخرة: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ[الصافات: 47]. الآن هنا هذه الآية تأمل ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾هذا نفي لماذا ما معنى الغول؟ الغول هو الأخذ بشدة الغول هوفي أصل اللغة الأخذ بشدة بمعنى أن معلوم ان خمر الدنيا تأخذ الانسان بالأمراض فتسبب له أمراض شديدة كأنه تغوله غولاً بمعنى أنها تسبب له من الأمراض التي تقيده في حركته تثبت هذا الجسد عما يراد منه من القوة والنشاط والصحة والعافية فهذه الخمر الدنيا ليست كخمر الآخرة ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾فعندما تنظر في هذه الآية ينفي الله عز وجل عن خمر الآخرة أن فيها غول فإذاً خمر الدنيا فيها غول هذا دليل على تحريمها إذا كان في غول يعني في أخذ شديد للأمراض ونحو ذلك إذا كان فيها هذا فإنه لا يجوز للإنسان العاقل فضلاً عن المسلم أن يعرض نفسه لهذا الغول كذلك ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾فمعنى ﴿يُنْزَفُونَ﴾هنا نهي عن أي شيء ؟ هي أن هذه الخمر لا تأخذ الإنسان بشدة والأمراض ونحو ذلك وأيضاً كذلك لا تنزف عقل الانسان لا تذهب عقل الانسان لا تنزف هذا العقل لا تذهبه فإذاً هذه الخمر في الدنيا ماذا تفعل بعقل الانسان؟ تذهبه وتفسده وإذا كانت كذلك تذهب عقل الانسان فالإنسان مكلف فإذا ذهب عقله معناها هو بنفسه أذهب التكليف عنه وهذا لا يجوز له ولا أيضاً كذلك ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾أيضاً كذلك أنه هو يسبب لنفسه إنزاف العقل وكذلك أيضاً بالنسبة لا ﴿يُنْزَفُونَ﴾أنها ليس هناك ما يعرض لهذا الشارب للخمر في الآخرة ليس هناك ما يعرض له من الأشياء التي تجعله يبتعد عن الخمر بل خمر الآخرة كلما شربت منها كلما ازدت رغبة فيها بخلاف خمر الدنيا التي تأخذ الإنسان بأنواع من الأمراض بأنواع من الإنزاف تنزفه قد ذكر أهل الطب في الحديث وذكره قبلهم ابن عباس رضي الله عنهم أن الخمر تسبب للإنسان كثرة الحاجة إلى إخراج الفضلات في ( .....)خصوصاً ما يتعلق بالأشربة ونحو ذلك فهي منزفة له من هنا وهناك لعقله ولجسده ولغير ذلك فعندما تتأمل ما وصف الله عز وجل به خمر الدنيا من جهة أنه وصف خمر الآخرة فأثنى عليه بأشياء ونفى عنه أشياء علم أن هذه الأشياء المنفية عن خمر الآخرة هي ثابتة في خمر الدنيا لأنها ما أصبحت مدح.
لخمر الآخرة وخص خمرة الآخرة بهذا المدح إلا أن خمر الدنيا فيه هذه الأمور فإذاً عندما تتأمل وتجع الآيات التي في الخمر وتتكلم مع عاقل يريد أن يفهم وأن يدرك لا شك أنك ستصل معه إلى (كلمة غير مفهومة)ثابت أن هذه الخمر حرام بكتاب الله عز وجل حرام بالسنة الصحيحة الثابتة حرام بإجماع أهل العلم حرام بالعقل والفطرة السليمة حرام من كل وجه واجمع هذه الآيات تجد أمر جميل وجيد فيما يتعلق بالكلام عن هذه الخمر لأن بعض الناس قد بلي فيه بلاء عظيماً فلا تستطيع أن تنزع منه هذا الأمر إلا بأن تأيته من كل وجه كما فعل القرآن مع المشركين بالنسبة لدين التوحيد جاءهم من كل صوب من كل فوج جاءهم من هنا وهناك من فوقهم ومن أسفل منهم جاءهم من كل وجه من أجل أن يقرر قضية التوحيد لأن مسألة الشرك قد علقت بقلوبهم فاحتاجوا أن يأتيهم الأمر من كل وجه حين تسمع أن شارب الخمر مدمن عليها فما تستطيع أن تقنعه بآية بآيتين بأن تأتيه من كل وجه تأتيه بالآية والحديث والإجماع والسنة والعقل والفطرة ومن كل وجه تأتيه فأنت بحاجة لهذا وهذه طريقة قرآنية ثابته في كتاب الله عز وجل بأن يبذل الداعية ما يستطع من كل وجه حتى يستطيع أن يقنع المخالف بترك هذه المخالفة والامتثال بالأمر الذي جاء عن الله عز وجل واضح ننتقل بعد ذلك إلى المثال الثالث .
قال أحد الطلبة:
المثال الثالث ويمكن أن نمثل بهذا التدرج للشريعة في أحكامها بالجهاد ايضاً فقد مر بمراحل كان في أول الأمر محرماً أي :﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ[النساء: 77]. ثم جاء الإذن به ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ[الحج: 39]. والإذن هنا يدل على أن هناك منعاً صادقاً ثم قتال من يلينا فقط قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 123]. ثم جاء الأمر بالجهاد وقتال الكفار قال تعالى : ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ[البقرة: 191]. ولا يعني ذلك أن هذه الآيات السابقة قد ذهبت من أصل الاستدلال بل هي باقية قد يحتاج إليها في بعض العصور والأزمان.
أجاب الشيخ: نعم هذا هو المقصود عندما مثلاً تجمع الآيات التي وردت في الجهاد فأنظر إلى أول ما جاء في الجهاد في قوله سبحانه تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النساء: 77]. هذه الآية فيها أمر ظاهر بين فيما يتعلق بالأمر في كف اليد يعني كف يدك وإياك وإياك والقتال وقد ذكر أبو السعود في تفسيره أنه نزل أكثر من بضع وسبعون آية تنهى عن القتال فتصور أكثر من سبعين آية هذه الآيات جميعها تنهى عن القتال هذا في أول البعثة فعندنا أكثر من سبعين آية في كتاب الله تنهى عن القتال وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية وكذلك بن القيم وغيرهم من أهل العلم أن كل آية تأمر بالعفو والصفح والأخذ بالحسنة ونحو ذلك أنها تنهى عن القتال لأنها لما أمرت بالعفو والصفح إذاً فلا قتال ولا جهاد وذكروا أيضاً ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ[الكافرون: 6]. لأنه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الكافرون ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾معنى أن هذا الأمر هو المطلوب في شيء آخر بعد لا في هذه المرحلة إنما يؤمر الداعية أن يقول لهؤلاء الذي عارضوا الدعوة وحاربوها أن يقول لهم لكم دينكم ولي دين بدون قتال وبدون جهاد بالسيف ونحو ذلك إذاً هذه المرحلة كانت ثابتة أنها امتدت مدة طويلة جداً من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن انتقل إلى المدينة بل إنه حتى في المدينة مضت سنتان بدون قتال إنما بدأ القتال في السنة الثانية هذه المرحلة لا ينبغي أن تنسخ عندما تجمع الآيات جميعاً في الجهاد لا ينبغي أن تقول هذه المرحلة قد نسخت وانتهت تماماً لا وإنما هي باقية محكمة ولكنها تنزل في حينها فانظر إلى الآية الأخرى التي بعدها أيضاً والتي جاء فيها الإذن: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُو[الحج:39]. هناك إذن في مرحلة يكون فيها الأمر متقارب فما يكون هناك منع ولا أمر إنما إذن ثم جاء الأمر بعد ذلك بالنسبة للجهاد بأن نقاتل الذين يلوننا :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ[التوبة : 123]. بعد ذلك جاء الأمر بقتال الكفار عموماً : ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ[البقرة: 191]. هذا التدرج لا ينبغي أن ينبغي أن لا يغيب عن بالك عندما تجمع الآيات جميعاً فلا ينبغي أن يغيب عن بالك هذا التدرج فتنتبه إلى آخر آية وردت في كتاب الله عز وجل تنزلت في هذا الشأن ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ثم بعد ذلك تقول هذا هو الأمر يجب قتال المشركين حيث وجدناهم وحيث لقيناهم لا وإنما تأخذ بهذا التدرج نقف عند هذا الحد ونكون هنا قد انتهينا من المرحلة السادسة ونبدأ بإذن الله في الحلقة القادمة في المرحلة السابعة أسأل الله عز وجل لي ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 03-01-09 الساعة 11:02 PM
أم أسماء غير متواجد حالياً