عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-09, 11:17 PM   #35
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس السابع والعشرين:


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
حياكم الله أيها الأخوة في روضة أخرى من رياض الجنة هذا ثبت في حديث أنس وقد خرج هذا الحديث الإمام أحمد والإمام الترمذي في جامعه ونصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الله قال ( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال : حلق الذكر ) واله الهيثمي وكذلك المنذري وأيضاً الترمذي وجماعة وإسناده لا بأس به، فلما نستفتح هذه الحلقات وهي حلقة من حلقات الذكر فإذاً هي روضة من رياض الجنة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد استعمل هذه اللفظة وهذا المصطلح استخدمه أهل العلم كثيراً فلو تأملت كتب العلم في كلامها عن حلق الذكر وفى فضل حلق الذكر لوجدت أن هذا الأثر يورد كثيراً في هذا الباب وكذلك أورده أيضاً ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب وأورده غيره من الأئمة إذا استخدام هذه اللفظة لا بأس بها أولاً لأنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وصف بها حلق الذكر ثم إن أهل العلم قد جروا وهذا مما يؤكد أولاً ثبوت هذا الحديث وأيضاً يؤكد أن استعمال هذه العبارة في مثل هذا الموطن لا بأس به نعم، ندخل في المرحلة السابعة .
سأل أحد الطلبة:
شيخ ذكرتم أن تناسب الآيات والسور فأين يكون موقع البحث عن أسباب النزول ؟
أكمل الشيخ:
أين يكون البحث عن أسباب النزول؟ أحسنت بارك الله فيك، الكلام عن أسباب النزول بل عن أمور أخرى كثيرة لم تذكر في هذه المراحل أولاً ينبغي أن يعلم أن هذه المراحل إنما هي من قبيل التمهيد والتوطئة لما يتعلق بالكتب المصنفة في علوم القرآن، عندنا عدد كبير جداً من علوم القرآن هذه الكتب لا غني عنها أبداً فيما يتعلق بتفسير كتاب الله عزّ وجلّ وهذا الذي تدرسونه لا يعني أنه يغنيك عن تلك أبداً إنما هي توطئة وتمهيد لكي تستفيد من هذه الكتب بأكبر قدر ممكن، مشكلة كثير من طلبة العلم في هذا الباب أنه يقبل على كتب علوم القرآن على مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في التفسير على كلام الإمام السيوطي في عدد من كتبه على قواعد منثورة لأهل العلم في هذه الأبواب ولكنه لم يمهد نفسه ولكن يهيئ هذه النفس بأمور تجعل من فهم تلك الكتب أمراً ميسراً واضحاً جلياً بل تجعله يستطيع أن يفهم تلك الكتب فهماً كاملاً فهذا هو المقصود هنا المقصود هنا أن ننتقل من المرحلة الأولية التي فيها توطئة وتهيئة ثم بعد ذلك نكون قد دخلنا في حيز النظر في كتب أهل العلم في الإتقان للإمام السيوطي في البرهان للإمام الزركشي وغير ذلك من الكتب أو أيضاً في مقدمة شيخ الإسلام بن تيميه في علوم التفسير هذا من جهة فليس ما ذكروه بمستغن عنه أبداً وإن ما نذكره لك هو توطئة وتمهيد لتلك الكتب هذه جهة الأمر الآخر أن ما يتعلق بأسباب النزول ما يتعلق بالناسخ والمنسوخ ما يتعلق بأشياء كثيرة ستجدها في كتب أهل العلم ما يتعلق بأن أولى التفسير هو تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بكلام الصحابة والتابعين ثم بلغة العرب ونحو ذلك من الكلام الذي تجده مسطراً في كتب علوم القرآن هذا الكلام هو مضمن في الحقيقة لهذه القواعد أيضاً كذلك لو تأملتها بشيء من التوسع شيء من البسط فعندما نتكلم مثلاً عن معرفة القواعد والضوابط التي تعين على الترجيح عند اختلاف المفسرين هذه القاعدة يدخل فيها كلام كثير جداً للأئمة رحمهم الله فيما يتعلق بعلوم القرآن فإن كثيراً من هذه القواعد في كتب علوم القرآن تعينك في ماذا ؟ في الترجيح فهي عبارة عن قواعد للترجيح أيضاً انظر إلى القاعدة التي قبلها المرحلة السادسة ذكرت لك ما يتعلق بجمع الآيات التي تكلمت عن موضوع واحد محدد معين هذه الآيات عندما تجمعها تبين لك الناسخ والمنسوخ تبين لك ما يتعلق بأشياء كثيرة حتى تبين لك ما يتعلق بأسباب النزول لأنك إن ضمنت الآيات ثم نظرت في تفسير الآيات وقد اخترنا لك من كتب التفسير تفسير ابن جرير أو تفسير بن كثير أو الدر المنثور عندما تنظر في تفسير هذه الآيات هذه الكتب المصنفة في التفسير بالمأثور قد ذكرت أسباب النزول فإذًا هذه الأمور ستأتي معك تبعاً لهذه القواعد المنثورة ولكنها ستأتي ليس على أنها أصل في الباب وإنما تستفيد منها في معرفة وفهم الآيات وإذا عرفتها كأصل عندئذ تحتاج أن تتوسع بعد هذه القواعد بعد هذه المراحل تكون قد هيئت نفسك للدخول فيما يتعلق بالكتب المصنفة في علوم التفسير وتكون قد أخذتها بعد توطئة بعد تمهيد بعد استعداد علمي لفهم هذه الكتب المصنفة المهمة في هذا الباب ولذا أذكر لك أمراً فيما يتعلق بالنظر في هذه الكتب والدخول في هذا العلم بدون توطئة وتمهيد هو الذي جعل كثيراً من الناس ممن يقرأ هذه الكتب في علوم القرآن لا يشعر بأهميتها فعندك عدد كبير جداً من طلبة العلم درسوا الإتقان مثلاً في علوم القرآن للإمام من ؟ للإمام السيوطي رحمه الله، الإتقان في علوم القرآن عندما كنا نحن نقرأه في الجامعة أو كانوا أيضاً الأخوة كذلك يقرأونه في الجامعة ويتدارسونه هل شعر الإنسان بشيء من فائدة هذه الكتاب في تفسيره لكلام الله عزّ وجلّ ؟ قد يكون الشعور بسيط وليس بالكبير لم؟ لأنه لم يفهم هذه القواعد على وجهها ولم يفهم كيف يطبقها على كتاب الله سبحانه وتعالى وهذا الأمر الذي لا نريده نريد أن تستعد وأن تتهيأ عندما تقبل على هذه الكتب تكون عندك من الآلة تكون عندك من التهيئة ما تستطيع به بإذن الله عزّ وجلّ أن تفهم هذه الكتب فهماً جلياً واضحاً بيناً وإلا فمقدمة شيخ الإسلام بن تيميه في علوم التفسير جليلة لكنها لم يتعرض لكل مسائل التفسير كتاب البرهان للزركشي في علوم القرآن أيضاً جليل ولكنه أيضاً لم يتعرض لكل شيء وأنت عندما تقرأ في البرهان مثلاً لن تستطيع أن تستوعب منه ما كتبه ذاك الإمام إلا إذا كان عندك من المقدمات ما يهيئك لفهم هذه الكتب واضح الكلام؟ إذا لا نستغني عن هذه الكتب أبداً وإنما هنا فيه إشارات وفيه أبواب وفيها مفاتيح تهيئ لكل شيء مما يتعلق بهذه الكتب المهمة الجليلة التي صنفها أئمة أهل العلم ممن كتب في تفسير كتاب الله عزّ وجلّ، نعم ندخل في المرحلة السابعة اقرأ.
قرأ الطالب:
بسم الله الرحمن الرحيم المرحلة السابعة معرفة القواعد والضوابط التي تعين على الترجيح عند اختلاف المفسرين فأولاً ينبغي أن يعلم أن الاختلاف عند الأئمة في التفسير أقل منه في سائر العلوم فإن الناظر في كتب المفسرين يدرك إدراكاً بيناً أن اختلاف السلف في تأويلهم لكتاب الله ليس كاختلافهم في سائر الحلال والحرام بل هو دون ذلك بكثير وأكثر ما وقع من الاختلاف عند السلف هو من قبيل اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد كما قرره ابن حزم رحمه الله وتبعه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وابن رجب وغيرهم كثير من أئمة السلف وذلك راجع إلى أن هذا الكتاب محكم بين ظاهر فيما يدل عليه كما قال تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2].
وقال: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].
ومما يدل على ذلك أيضاً أنه قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[النحل:44].
فهو مأمور بالبيان ولم يكن منه صلى الله عليه وسلم أن يتخلف عما أمر به ومع ذلك فإن تفسيره صلى الله عليه وسلم للفظ القرآن قليل أيضاً فإذا تقرر هذا فإن أكثر الخلاف في التفسير إما وقع من المتأخرين من السلف وكثرة الخلاف عند المتأخرين تعود إلى أسباب.
أكمل الشيخ:
نعم هذه المقدمة فيما يتعلق بالخلاف عند المفسرين إذا أردنا أن نعرف القواعد والضوابط التي تعين على معرفة الراجح عند اختلاف المفسرين يجب أن نعلم أن هذا الاختلاف عند المفسرين رحمهم الله ليس بالكثير أبداً الاختلاف عند المفسرين قليل جداً إذا ما قورن بالاختلاف عند أهل الفقه مثلاً أو عند أهل الأصول أو عند أيضاً كذلك أهل الحديث فالاختلاف عند المفسرين قليل إذا ما قورن بغيره خصوصاً فيما يتعلق بتفسير السلف يعني تفسير الأئمة الأوائل رحمهم الله الخلاف بينهم قليل وإن ما جرى الخلاف عند المتأخرين وتوسع لأمور ستسمع بعضها ولكن أريدك أن تنتبه لقضية وهي أن الله عزّ وجلّ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نُزِّل إليهم لأن الله عزّ وجلّ قال عن نبيه ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ فهذا أمر من الله عزّ وجلّ بأن يبين للناس ما نُزِّل إليهم، النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عنه من تفسيره لكتاب الله عزّ وجلّ لم يأتِ عنه إلا أحاديث قليلة في تفسير هذا الكتاب العظيم يعني تفسيره للفظ القرآن وإن كان فعله صلى الله عليه وسلم من أوله إلى آخره حياته صلوات ربي وسلامه عليه من أولها إلى آخرها إنما هي تفسير لكتاب الله ولكن الكلام الآن عن التفسير اللفظي أن يفسر القرآن بلفظه لم يأتي كثير في السنة في تفسيره لكلام الله عزّ وجلّ وذلك لأن هذا القرآن في أصله ماذا واضح وظاهر بيّن فمن يقرأه وهو يتكلم بلسان عربي مبين سيفهم هذا الكلام فلا حاجة إلى تفسير الواضح وتبيين البيّن وإنما الحاجة لتبين ما لم يتضح فعندئذ لم يكن الكلام منه صلى الله عليه وسلم في تفسير القرآن كثيراً كذلك بالنسبة للصحابة وإن كان الأمر أكثر لكن أيضاً لم يكن بالكثير كما هو الحال عند المتأخرين إذاًَ القرآن في أصله واضح ولذا قل الخلاف جداً عند السلف رحمهم الله في تفسيرهم لكلام الله عزّ وجلّ وهذه القضية يجب أن تنتبه لها لأنك تتعامل مع كتاب الله عزّ وجلّ وجل فإذا كنت على يقين بأن أكثر ما جاء من الآيات إنما هي محل إجماع في تفسيرها وتأويلها فعندئذ يكون في نفسك نوع طمأنينة نوع ثقة بالاستفادة من كلام أهل العلم في تفسيرهم لكلام الله عزّ وجلّ بحيث أن المسائل المختلف فيها قليلة إذاً فالبقية هي محل ماذا ؟ هي محل المختلف فيه قليل فالبقية تكون محل ماذا ؟ اتفاق، محل إجماع منهم رحمهم الله إذاً عندما تقرأ كتاب الله وتعلم أن الاختلاف في تأويل كتاب الله قليل يطمئن النفس تطمئن هذه النفس وترتاح إلى أن تتعلم كتاب الله وأن تتفقه فيه وتتفرغ لمسألة الاستنباط والبيان والإيضاح ومزيد إخراج المعاني اللطيفة والجميلة من كتاب الله سبحانه وتعالى أما مسألة الاختلاف فالحمد لله فهي قليلة، نعم هناك اختلاف موجود ولكنه قليل جداً إذا ما قورن باختلاف الفقهاء واختلاف المحدثين أو اختلاف اللغويين كذلك، هذه هي التوطئة والتمهيد الذي لابد منه قبل الخوض فيما يتعلق بالقواعد المرجحة عن المفسرين.
قرأ الطالب:
أولاً ضعف الآلات التي تعين على فهم القرآن في اللغة والنحو والبلاغة وسائر علوم اللسان وكذلك ضعف ما يتعلق بالأصول التي يستعين بها المرء على فهم آيات الكتاب كأصول الفقه وأصول الحديث ونحو ذلك.
أكمل الشيخ:
نعم هذا هو الأمر الأول الذي حقيقة تلحظه بيّن في كثير من المتأخرين عندما يتعرض لكلام الله عزّ وجلّ في تفسيره فهذه الآلات حينا تكون ضعيفة لا تكون قوية فعندئذ يكون نظره في كلام الله عزّ وجلّ بل نظره في كلام السلف في كلام الأئمة المحققين في هذا الباب ليس نظراً كاملاً وافيا وإنماً يكون نظره فيه ضعف فيه قصور فعندئذ يخالف فلا يعجبه كلام من تقدمه ولا يرتاح إليه ولا يطمئن فيأتي بمخالفة لهذا القول لكلام من تقدمه من أهل العلم فيحصل هنا خلاف يأتيه الآخر فيخالفه لأن نظر هذا يختلف عن نظر ذاك فإذا تقرر هذا حصل عندئذ خلاف كبير جداً فيما يتعلق بتفسير الآيات ولذا تلحظ أن كتب التفسير المتأخرة فيها خلاف واسع بينما تجد أن كتب التفسير المتقدمة لا تجد فيها هذا الخلاف الذي يسمى بخلاف التضاد أو الخلاف الذي فيه تعارض بين الأقوال بينما عند كثير من المتأخرين تجد هذا ظاهر وهذا هو السبب الأول وهناك سبب آخر لابد وأن ننتبه له جيداً لأنه له أكثر كبير فيما يتعلق بالفهم الخاطئ لتفسير كثير من آيات كتاب الله عزّ وجلّ، أقر.
قرأ الطالب:
ثانياً أن كثيراً من كتب المفسرين عند المتأخرين لم يكن على جادة السلف في علوم الكتاب والسنة بل كانوا في علوم الاعتقاد على طريقة أهل البدع سواء كان ذلك من الابتداع فيما يتعلق بتوحيد الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات أو كان ذلك في غير مسائل الاعتقاد كبدعة التقليد والتمذهب من غير نظر في الدليل أو الحجة التي أخذ منها هذا القول ولذا نشأت أقوال في السلف لم تأتي عن السلف رحمهم الله بسبب تعصب المفسر لعقيدته أو مذهبه أو لشيخه أو لفنه الذي يتقنه ونحو ذلك.
أكمل الشيخ:
نعم، ولذا نشأت أقوال في التفسير لم تأتي عن السلف رحمهم الله سبب هذه الأقوال هو حيناً أن يكون هناك خلاف في الاعتقاد فعندنا المفسر وهو يريد أن يفسر عقيدة وظنها أنها الحق فأخذ يفسر كتاب الله عزّ وجلّ وقد بنى هذا التفسير على ما اعتقد فأخذ يئول كتاب الله سبحانه وتعالى يحمله على محامل وإن كانت بعيدة يدعى المجاز البعيد يأتي بقرائن كثيرة جداً يريد أن يؤول هذه الآية لتتوافق مع ما كان قد اعتقده قبل هذه الآية فلذا يحصل الخلاف حيناً يكون أيضاً ليس لخلاف عقدي وإنما يكون لخلاف فقهي فيأتي متمذهب بمذهب من المذاهب مذهب الحنفية المالكية الشافعية الحنابلة وغير ذلك من المذاهب فيريد أن يفسر كتاب الله عزّ وجلّ ليوافق هذا الموطن من كتاب الله ما اعتقده هو من القول في هذه المسألة فعنده راجح في هذه المسألة بناه على تمذهبه بمذهب محدد معين فيقول بهذا القول فإذا جاءت الآية أراد أن يفسر الآية لكي توافق ما ذهب إليه وما اختاره وما ارتضاه من المذاهب وهذا الأمر كثير أيضاًَ كذلك في كتب التفسير وهي في أكثر كتب التفسير التي تأثرت بنوعين من البدعة إما أن يكون هذا الابتداع يتعلق بالعقيدة بالتوحيد فيريد أن يفسر القرآن تفسيراً يوافق مذهبه وعقيدته وإما أن يكون بالبدعة الأخرى وهي بدعة التعصب الممقوت الشديد الذي يتعصب فيه الإنسان لقول إنسان كائناً من كان من الناس ثم يأخذ يفسر الآيات ويئول أيضاً كذلك الأحاديث التي جاءت في هذا المعني من أجل أن توافق مذهبه فتلحظ هذا حقيقة في كتب الأحكام كتب أحكام القرآن وهي كثيرة التي صنفت في أحكام القرآن سواء كانت مصنفاً في المذهب الحنفي في المذهب المالكي في المذهب الشافعي في المذهب الحنبلي تجد أن من تعصب لهذه المذاهب إذا أراد أن يفسر آيات الأحكام في كتاب الله سبحانه وتعالى تجد أنه يلوي عنق هذه الآيات لتوافق ما ذهب إليه هو فينتبه لهذا وتجده أيضاً عن بعض المفسرين الذين امتلئوا ببعض العقائد المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة فيحرف الآيات ويريد أن يجعل الآية إلا أن تدل على هذا المعني وهي أبعد ما تكون عن ذلك فينتبه لهذين النوعين من كتب التفسير حتى لا تؤثر على القارئ في فهمه للآية التي يطلع على كلام المفسرين فيها.
قرأ الطالب:
ثالثاً قلة الاطلاع على تفاسير السلف ومعرفة ما يثبت منها وما لا يثبت وهذا الباب الناس فيه على طرفي نقيض منهم يهمل الأسانيد إهمالاً كلياً فلا يعتد بها في الآثار المروية عن السلف ومنهم من يبالغ في ذلك حتى أنه يعامل ما جاء من الآثار في أبواب السلف كمعاملة ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث الحلال والحرام وهذا وذاك كلاهما خطأ في فهم منهج السلف.
أكمل الشيخ:
أحسنت يا بارك الله فيك، سنواصل بإذن الله بعد فاصل قصير ثم نعود إلى استكمال النقطة الثالثة التي تتعلق بأسباب حصول الخطأ في التفسير عند كثير من المتأخرين.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى كنا في الكلام عن أسباب حدوث الخطأ في كثير من كتب المتأخرين ووقفنا عند السبب الثالث، نواصل ما كنا قرأناه نعم اقرأ.
قرأ الطالب:
المنهج الحق بين هذا وذاك هو أن الأسانيد التالفة المكذوبة الموضوعة التي تُروى بها هذه الآثار لا يعتد بها مطلقاً أما ما كان صحيحاً أو حسناً أو ضعفه يسير لضعف الراوي أو إرسال أو نحو ذلك من أسباب الضعف فإن الأصل في مثل هذه المرويات أن تقبل وأن يعتد بها ما لم يكن في متنه نكارة أو شذوذ فعندها لا ينظر في هذا المتن مطلقاً ولا يعتد به في حال من الأحوال بل لو جاءنا أثر ظاهره الصحة وفى متنه نكارة فأنه لا يقبل بل يضعفه الإسناد ويرد على من رواه وهذه هي طريقة أهل السنة والجماعة من المتقدمين والمتأخرين رحمهم الله ومثال ذلك أسانيد تفسير ابن جرير الطبري لو تعاملنا معها كتعامل أهل الحديث مع كتب الحديث لرددنا أكثرها لكن أهل العلم تقلبوا كتابه وما فيه من الأسانيد وقد ذكر الإمام أحمد أن ثلاثة كتب ليس لها أصول المغازي والملاحم والتفسير ومن نُقل عنه جواز التساهل في ذلك عبد الرحمن بن مهدي فإنه قال لو روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا في الرجال وإذا روينا في الفضائل والثواب والعقاب تساهلنا وقال الإمام أحمد الأحاديث في الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجئ شيء فيه حكم.
أكمل الشيخ:
أحسنت يا بارك الله فيك، نعم هذه المسألة أيها الأحبة من أهم ما يكون لطالب علم التفسير وعلم الحديث في آن واحد فالآن أنت مفسر تريد أن تتعرض للتفسير عندك أسانيد تُروى بها تفاسير السلف رحمهم الله فكيف تتعامل مع هذه الأسانيد التي تُروى في كتب التفسير عندنا أسانيد تُروى في كتب التفسير وهذه الأسانيد قد تعامل معها أهل الحديث تعاملاً خاصاً مختص بالأسانيد المروية في كتب التفسير هناك من الناس من يتعامل مع هذه الأسانيد المروية في كتب التفسير، كن معي سندخل الآن في مسألة يعني مسألة دقيقة جداً تتعلق بعلم الحديث ولها علاقة بعلم التفسير وتستطيع أن تقول على عكس هذا الكلام مسألة دقيقة جداً تتعلق بعلم التفسير ولها علاقة بعلم الحديث فهي من هنا وهناك الكلام في هذه المسائل يأتي على طرفين هناك من يقول بأن الأسانيد التي في كتب التفسير يتعامل معها كالأسانيد التي في كتب الحديث ورُوي بها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيريد أن يعامل الأسانيد المروية في كتب التفسير كما يتعامل مع الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتب الحديث المختصة بالحلال والحرام ونحو ذلك فينظر مثلاً في سنن أبي داود في أسانيده في تحقيق الكلام في صحة الحديث من ضعفه كما أنه ينظر نفس النظر في تفسير ابن جرير الطبري في تفسير ابن كثير في تفسير البغوي في كل التفاسير التي تنقل الأحاديث وتنقل الآثار بالإسناد وهذا مما لا ينبغي أبداً فإن أهل الحديث وهم أهل الحديث الذين أخذ عنهم الاصطلاح وأخذ عنهم علم الحديث أصلاً أخذ عنهم لم يتعاملوا مع كتب التفسير كما يتعاملوا هم مع كتب الحلال والحرام مع الكتب المروية بالأسانيد التي فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يُروى فيه حلال وحرام بل جعلوا لهذه شأن وقدر وجعلوا لتلك شأن وقدر آخر فإذا ما يتعلق بالأسانيد المروية في كتب التفسير كان أهل الحديث يتساهلون فيها هذا وجه يتساهلون فيها ولا يشددون بل إن نظرهم غالباً ما ينصب على المتن فإن كان المتن مستقيم وليس فيه نكارة وليس فيه مخالفة لظاهر الآية والآثار الأخرى التي تُروي في نفس الباب جاءت متوافقة معها فعندئذ أهل الحديث يقبلون هذا الإسناد الذي رُوي فيه هذا المتن لتوافقه مع دلالة الآية لتوافقه مع بقية الآثار ليس فيه مخالفة ليس فيه نكارة ليس فيه شذوذ فيقبلونه و يتحملونه وإن كان في الإسناد ضعف يسير إن كان في الإسناد جهالة يسيرة إن كان في الإسناد إرسال أو انقطاع يسير ونحو ذلك فإنهم يتحملون هذا ولا يشددون في ذلك كما نقل الكلام عن الإمام أحمد رحمه الله وهذا بيّن ظاهر في نقول أهل الحديث في كتب التفسير التي صنفوها رحمهم الله فإن ابن جرير من أئمة التفاسير الأكابر وهو أيضاً من علماء الحديث الأكابر وقد اختار لتفسيره أسانيد قوية عنده صالحة لما يتعلق بالتفسير فهو إمام في الحديث إمام في التفسير فانتقى من الأسانيد ما ضمنه هذا التفسير العظيم وقبل بعض أهل الحديث منه هذا وما زالوا يروون هذا الكتاب ويعظمونه ويجلونه بل إنهم يعدون هذا الكتاب من أعظم ما صنف في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى وانظر إلى غيره أيضاً ممن صنف في كتب التفسير من أهل الحديث انظر إلى ابن أبى حاتم و من المعلوم أن تفسير ابن أبى حاتم هو من أنظف الكتب التي رُويت فيها الأسانيد بالآثار التي فسر التابعون فيها آيات الكتاب العزيز وذلك أن هذا الإمام وهو ابن أبي حاتم رحمه الله جاء ليجمع الآثار القوية المتينة التي ليس فيها مخالفة ولا شذوذ ولا نكارة في كتاب واحد فجمع هذا الكتاب العظيم، الكتاب من المعلوم فُقد منه ما فُقد وجد منه قطعة وقد طبع منه جزء والبقية منه مخطوط لكن فيه جزء كبير منه لم يعثر عليه إلى الآن لكن محل الشاهد هنا أن أهل الحديث عندما يتعاملون مع تفسير ابن أبى حاتم يتعاملون معه وكأنهم يتعاملون مع كتاب صحيح في جمع الآثار التي فسر بها التابعون آيات الكتاب، كيف هذا ؟
انظر إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يتكلم عن تفسير بن أبى حاتم إذا أراد أن يتكلم عن تفسير ابن أبى حاتم يقول ماذا؟ قال : ابن أبي حاتم في صحيحه هكذا عبارته رحمه الله ابن القيم لا يكاد يذكر تفسير ابن أبي حاتم إلا ويقول: قال ابن أبى حاتم في صحيحه ويقصد في تفسيره فهم يصفون هذا الكتاب بأنه ماذا ؟ بأنه صحيح ويجعلون هذا الوصف ثابتاً لهذا الكتاب لم؟ لأجل أن هذا الكتاب وإن وجدت فيه بعض الأحاديث أو بعض الآثار المنقطعة بعض الآثار التي فيها جهالة في الرجال إلا أن في جملة ما رُوي في هذه الكتب من الآثار أنها مستقيمة سليمة ليس فيها شذوذ ليس فيها نكارة ليس فيها ما يستغرب وإنما هي موافقة لمعاني الآيات موافقة لما جاء عن السلف رضوان الله عليهم أجمعين في تفسير هذه الآية ولذا في التفسير يخففون في الشرط ولا يتشددون في هذا الباب كثيراً هذا كان ديدنهم وهذه هي طريقتهم ويعني من شدد في هذا الباب كما هو حال بعض المعاصرين أجحف فيما يتعلق بالآثار المروية في التفسير ولذا تجد أنه يحقق مثلاً كتاب في التفسير ككتاب مثلا ابن كثير أو كذلك غيره من الكتب تجد أنه في الأغلب إذا مر على هذه الأحاديث الآثار المروية يقول لك الإسناد ضعيف الإسناد ضعيف الإسناد ضعيف الإسناد منقطع يا أخي الفاضل ليس الأمر على النفي أبداً ليس الأمر على هذا النحو في التعامل مع هذه الكتب مطلقاً هذه الآثار هي التي اعتمدها أهل العلم في تفسير كلام الله عزّ وجلّ وإذا أردنا أن نسقطها سنسقط جملة كبيرة جداً من الآثار المروية في كتب التفسير وهذا لا ينبغي مطلقاًَ يعني سنترك كثير مما جاء عن السلف في تفسير كلام الله من أجل هذا العمل وهذا لم يكن منهم تأمل كلام الأئمة المحققين رحمهم الله في تفسيرهم لكلام الله كيف كان وكيف يكون إنما كان على هذا النحو انظر إلى المحققين منهم كيف ساروا مع هذه الكتب كيف تعاملوا معها أنت أيضاً أيها المبارك سر على طريقتهم أما أن تأخذ القواعد التي أصلها أهل الحديث لأجل التعامل مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسائل الحلال والحرام في مسائل الاعتقاد ونحو ذلك ستأخذ هذه القواعد تريد أن تطبقها على الآثار المروية في التفسير فإن هذا فيه غبن لهذه الآثار وفيه ظلم لها وفيه عدم حسن تعامل معها وأهل الحديث الذين صنفوا وقعدوا في هذه المسائل هم الذين أيضاً تعاملوا أيضاً مع هذه الأسانيد وهذه المرويات على نحو آخر وهذا ليس بخاص فيما يتعلق بالحديث والتفسير ، لا حتى فيما يتعلق ببقية العلوم فعند المفسرين أولاً أسانيد مقبولة ليست مقبولة عند أهل الحديث يقبلها أهل الحديث في التفسير ولا يقبلونها في الحديث لأنها أسانيد قد نُقلت بها الآثار وقبلها الأئمة رحمهم الله في نقل الأخبار في هذا الشأن عن التابعين عن أتباع التابعين بل أيضاً عن الصحابة ولن يقبلوها في الحديث لأنهم رأوا أن هذه الأسانيد لم تبلغ من القوة ما يصحح به الحديث إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصاً إذا كان في الحلال والحرام، الكلام في هذه المسألة قد يطول قليلاً ولكن أكتفي بهذا القدر وأرجو أن يكون الكلام واضحاً لأنه قد يلبس وقد يأتيك إنسان فيقول لما لا نتعامل مع هذه الأسانيد كما نتعامل مع تلك الأسانيد بل إن بعضهم قد قرأت هذا قريباً لبعض المصنفين أراد أن يعامل كتب التاريخ كما تعامل أهل الحديث مع كتب الحديث ومن أراد أن يتعامل هذه المعاملة مع كتب التاريخ على طريقة أهل الحديث في كتب الحديث فإنه سيخرج بنتيجة وهو أنه لا يثبت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً من التاريخ أبداً إلا اللهم أقل القليل المروي في الصحيحين وفى غيرها من الكتب التي اختصت بالصحيح ولم ترضَ إلا أعالي الأسانيد ويكون هذه الكتب المصنفة في التاريخ تكون كلها لا معني لها ولا قيمة منها لأجل أن أسانيدها ليست على صنو وليست على قدر الأسانيد المروية في كتب الحديث وهذا ظلم لتلك الكتب وظلم لهذه الفنون بل إن الله عزّ وجلّ لم يأمرنا بذلك بل أمرنا سبحانه وتعالى أن نجعل لكل شيء قدراً فالأسانيد التي تُروى بها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لها قدر أما الأحاديث التي تروى في فضائل الأعمال ونحوها لها قدر وكذلك ما يتعلق بالآثار لها ليست كقدر الأحاديث المرفوعة وهكذا يعني أنزل كل شيء منزله وكما في الأثر المروي عن عائشة (أنزلوا الناس منازلهم) فكل شيء ينزل في منزلته أما أن تجعل هذا لذاك فكأنك تأتي بثوب مفصل لإنسان كبير يعني الذي يتعامل مع كتب التفسير كتعامله مع كتب الحديث فيما يتعلق بالأسانيد كأنه يأتي بثوب مفصل لإنسان كبير في حجمه ثم يريد أن يلبسه فتى صغير أو أيضاً العكس يأتي بثوب مفصل لإنسان صغير في حجمه في عمره فيريد أن يلبس هذا الثوب لإنسان كبير في حجمه لا لكل فن لبوس خاص به ولكل طائفة تعامل مع هذا الفن الذي اختصوا به يجب أن تعطي كل فن حقه وقدره ولا تخلط بين الفنون فلا تظلم هذا وذاك ولا تظلم هذا بذاك ونحن لا نرضى أيضاً كذلك لأهل أصول الفقه أن يتعرضوا لعلم مصطلح الحديث لأنهم لا يفهمون في هذا الباب فيتعرضون من كتب أصول الفقه فيتعرضون لأصول الحديث فيقعدون القواعد ويبنون البناء فيما يتعلق في كيفية التصحيح والتضعيف فتجد عجبا في هذا الباب لا ينتهي تجد في كتب أصول الفقه عجباً لا ينتهي ولا ينقضي مطلقاً وأنت تنظر في كتب أصول الفقه كيف تعاملوا مع أسانيد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك إلا للخوف الذي حصل عند بعض الناس فيما يتعلق بالفنون فحكموا من هذا الفن على ذاك الفن ومن ذاك الفن على هذا الفن فحصل ما حصل في مزج العلوم على صفة لا تنبغي أبداً إنما لكل علم ما يكون مناسباً له ولكل فن ما يكون خاصاً به، واضح الكلام،الآن نبدأ ندخل في مسألة وهي ما يتعلق باختلاف المفسرين من أي نوع هو ونعرض سريعاً حتى ننقضي منها بإذن الله عزّ وجلّ وأتأكد من أنها وصلت بالصورة المرتضاة، أقرأ، والمقصود باختلاف المفسرين
قرأ الطالب:
والمقصود باختلاف المفسرين هو اختلاف التضاد وهو أن يكون القول معارضاً للقول الآخر بحيث لا يمكن أن يجمع بينه وبين القول الثاني لا أن أحد القولين فيه زيادة على الآخر ونحو ذلك فهذا ليس مقصوداً هنا فإن كثيراً من كلام الأئمة أهل السنة فيه زيادة على تفسير أهل السلف فهذا من باب الاستنباط والتدبر والتفكر في آيات الكتاب العزيز وهذا محمود من السلف والخلف وليس هو اختلاف تضاد ولذلك ينبغي أن يعلم أن قول القائل بهذا القول لم يأتي عن السلف في التفسير لا يعني أن هذا التفسير باطلاً ينكر على قائله فهذا ليس بصحيح وإنما ينظر في هذا التفسير فإن كان معارضاً مناقضاً لما جاء عن السلف رد على صاحبه وإن كان تابعاً له مع زيادة دل عليها السياق فإنه يكون مقبولاً بل محموداً يثنى على صاحبه بالعلم والفضل.
أكمل الشيخ:
أحسنت يا بارك الله فيك، لا يعني أن هذا التفسير باطل وهذه المسألة أريدك أن تنتبه إليها قبل أن نختم هذه القاعدة وهي أن المراد باختلاف المفسرين هو ما يتعلق باختلاف ماذا؟ اختلاف إيش ؟ اختلاف التضاد، اختلاف التعارض أما إذا كان الاختلاف مجرد أن المتأخر زاد على المتقدم من دون خلاف بينهم خلاف تعارض فإن هذا ليس بمذموم أبداً وإنما هو ممدوح إذا كان هذا المعني الذي استنبطه صحيحاً فإن هذا يكون ممدوحاً ليس بمذموم أبداً وإنما الذم متى ؟ الذم إذا كان هناك اختلاف تعارض وتناقض وجاء إنسان بقول متأخر فيه مخالفه لكل من تقدمه من أهل العلم ومعارضة لهم يريد أن يفسر الآية على جهة يكون فيها إبطال للتفسير السابق مع إجماع أهل العلم على ذاك التفسير أو على تفسير لا يوافق هذا التفسير الحادث هذا هو المقصود أما أن يأتي بزيادة يأتي باستنباط يأتي بفائدة يأتي بأمر مستحسن ومعنى لطيف من كلام كتاب الله عزّ وجلّ يستنبطه من الآيات فإن هذا لا إشكال فيه ولذا لما تتأمل في كتب أهل العلم تجد هذا كثير جداً يعني تأمله مثلاً في تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور تجد أنه استنبط أشياء كثيرة جداً لم يسبق إليها أبداً وهي جملية عند أهل العلم ممدوحة ليست بمذمومة لأنه ليس هناك تعارض بينها وبين ما يذكره هو وإنما هي موافقة لما جاء عما تقدمه من أهل العلم انظر مثلا إلى ما سطره ابن القيم أيضاً كذلك في كتابه الفوائد تجد أشياء جميلة غاية في الجمال والروعة يرتاح إليها الناظر ويأنس بها المتأمل لما؟ لأنها موافقة ليست مخالفة وإنما فيها زيادة في الاستنباط زيادة في الدلالة وهذا كثير جداً في كلام أهل العلم إذاً المعارضة التي ينهي عنها والاختلاف الذي يحتاج إلى ترجيح هو الاختلاف الذي فيه تضاد فيه تعارض أما الاختلاف الذي مجرد زيادة خلاف تنوع زيادة في المعني استنباط تفقه تأمل تفكر تدبر فهذا مما لا إشكال فيه عند الأئمة رحمهم الله لا من تقدم ولا أيضاً من تأخر، نعم نريد أن نعرض الآن إلى قضية مهمة في هذه القاعدة وهي ما يتعلق بالقواعد القاعدة الآن معنا عندنا مرحلة سابعة تضم معني وهو أن عندنا أقوال في كتب التفسير حصل فيها خلاف بين المفسرين فنحتاج إلى قرائن إلى قواعد ترجح عند اختلاف المفسرين فنريد أن نتكلم عما يتعلق بهذه القواعد التي تعينك على الترجيح عند اختلاف المفسرين ترجح قولاً على قول نتكلم سريعاً عن هذه المسألة ثم نعود بإذن الله عزّ وجلّ إلى فتح باب الأسئلة.
قرأ الطالب:
القواعد، القواعد كثيرة تصل إلى مائة قاعدة وقد صنفت في ذلك رسائل جامعية منها:
قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور/ حسين بن على بن الحسين الحربي وهناك كتاب آخر اسمه قواعد التفسير جمعاً ودراسة للدكتور/ خالد السبت، وهناك قواعد منثورة في كتب المتأخرين منها ما ذكره الطاهر بن عاشور في أول كتابه ومنها ما ذكره ابن السعدي في أول كتابه في التفسير وهناك قواعد مبثوثة في كتاب مقدمة التفسير لشيخ الإسلام وهناك أيضاً قواعد مهمة للغاية في الفوائد وفى فوائد الفوائد وفى بدائع الفوائد لابن القيم وللسيوطي رحمه الله كذلك فوائد جيدة ذكرها في عدد من كتبه وفى كتاب البرهان للزركشي والإتقان وعموم كتب علوم التفسير لا تخلو من فائدة في هذا الباب.
أكمل الشيخ:
أحسنت يا بارك الله فيك، نعم هذا الكلام عن الكتب التي صنفت شيئاً فيما يتعلق بالقواعد هناك مصنفات جيدة في هذا الباب وقد جمعت هذه القواعد بعض المصنفات المعاصرة وقد ذكرت لك منها رسالة جامعية اسمها قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور/ حسين الحربي وهذا الكتاب من أجمل ما يكون في الكلام عن قواعد الترجيح عند المفسرين وهو مفيد إلى الغاية وهو مفيد إلى الغاية هناك كتاب آخر للدكتور/ خالد السبت اسمه قواعد التفسير جمعاً ودراسة وهذان الكتابان لعلهما يكفيان كافي هذا الباب في مسألة القواعد المعينة على الترجيح عند اختلاف المفسرين فأرجو أن تستفيد منهما إن أمكنك أن تحصل على نسخة من هذا الكتاب أو من ذاك فإن هذا مفيد لك إلى الغاية لأنها جمعت هذه القواعد بينتها ضربت الأمثلة تكلمت عن الترجيح ذكرت أقوال المفسرين الأوائل في هذا الكتاب وهذا كما ذكرت لك مفيد جداً في هذا الباب لأن الكلام عنها هنا تفصيلاً يطول جداً ولا داعي له فما دام أن هذه القواعد قد خدمت فنكتفي بخدمة هؤلاء المهتمين بعلم التفسير لها.
أسأل الله عزّ وجلّ أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم إنا نسألك بفضلك وجودك وكرمك أن تجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا ذا الجلال والإكرام.
ويبقي لنا حلقات قليلة نستكمل فيها بإذن الله ما بقي لنا من هذه المراحل وكذلك نأخذ مثلاً فيما يتعلق بتفسير كتاب الله عزّ وجلّ . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)
أم أسماء غير متواجد حالياً