تم الأستماع وتحصيل الفوائد للدرس السادس والعشرون
الفوائد المطلوبة:
*** ما هي المرحلة السادسة من مراحل فهم القرآن؟ وما المقصود منها؟
المرحلة السادسة:
جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد في موضع واحد ويسمى في المصطلح المعاصر بالتفسير الموضوعي وهو الذي ألف فيه الإمام اللغوي الشنقيطي أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن
المقصود من هذه المرحلة أن نأخذ من كل سورة المقطع والغرض من إنزالها ليتضح لك المقصود عند جمعها مع الآيات الأخرى المثال الأول ما قصه الله سبحانه وتعالى من أحوال السماء يوم القيام أنها تمور موراً وأنها تتفطر وأنها تنشق بالغمام وأنها تطوى كطي السجل للكتب إلى آخره فهذه الآيات جميعاً تتكلم عن موضوع واحد وهو السماء لذلك ينبغي له أن يعرف أن هناك أمراً عظيماً في تغاير هذه الألفاظ بعضها مع بعض في موضوع واحد وهو حال السماء في اليوم الآخر .
*** وضحي كيف يمكن تفسير القرآن بالقرآن في الآيات التالية:﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾
المور في لغة العرب ،( هو الاضطراب والحركة الشديدة ﴾. أي انها تضطرب وتتحرك هذه السماء إذا اضطربت وتحركت وتغيرت أي بدأت في التغير عن حالها الذي كانت عليه في الدنيا من الثبات وعدم الحركة
عندما تنظر أيضا في الآيات الأخرى التي وصفت حال السماء في قوله عز وجل : ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾دليل على القوة
﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً﴾معنى الشداد أي قوية متينة ولذا قال الله عز وجل في سورة تبارك ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ)اي أن السماء ليس فيها أي فطور ليس فيها أي انشقاق محكمة متينة ثم جاء قوله تعالى عن بداية التشقق: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ)المقصود أن الإخبار عن الانشقاق والتشقق جاء بعد ما يتعلق بالانفطار وهذه حال ثالثة للسماء إذاً في البداية تحركت واضطربت ثم بدأت في الانفطار بداية التشقق ثم انشقت بالفعل ثم بعد ذلك ما يكون في حال هذه السماء أخبر الله عز وجل أيضاً في سورة عم بخبر جديد عن هذه السماء فقال سبحانه وتعالى ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً﴾
يعني كأن السماء كلها أصبحت أبواب لتنزل الملائكة كما قال الله عز وجل: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلً﴾تشقق بالغمام الأبيض يفتح السماء استعداداً لنزول ملائكة الله عز وجل إذاً هذه مرحلة من مراحل أحوال السماء في يوم القيام عندنا بعد ذلك مرحلة تكلمنا عليها سابقاً وهي ما يتعلق بقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)وكما قال سبحانه وتعالى في سورة التكوير : ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَت).وذكرنا معنى كشطت قبل وتكلمنا أن تفسير هذه الآية ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾هو ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾. إذاً هذه الأحوال للسماء بدءاًَ من أنها تضطرب وتتحرك ثم يحصل لها انفطار ويحصل لها انشقاق يحصل لها بعد التفتح الشديد لهذه السماء ونزول الغمام الأبيض من خللها ثم بعد ذلك ما يحصل أن هذه السماء تطوى كطي السجل للكتب هذه أخبار عظيمة جداً عن أحوال هذه السماء إذا جمعت هذه الأخبار تبين لك ما الذي يحصل للسماء الدنيا في يوم القيامة
كذلك أخبر الله عز وجل من أحوال هذه أنها تكون وردة كالدهان الآية في سورة الرحمن: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ أنها تكون بلون الورد هي ما يتغير لونها بعد هذه الزرقة أصبحت تميل إلى لون الورد .
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)
﴿فَاجْتَنِبُوهُ )لو تأملنا هذه الكلمة فى كتاب الله عزوجل عن المنهيات التي نهى الله عز وجل عنها بقوله ﴿فَاجْتَنِبُوهُ) ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ)﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور))الأوثان بمعنى الأصنام )فهل يمكن أن نقول أن الرجس من الأوثان نجتنبه أوقات ونفعله أوقات أخرى﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾. قول الزور حرام أو حلال حرام بإجماع المسلمين أيضاً كذلك النهي عن الاقتراب لمال اليتيم ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)هل أحد يقول ان الاقتراب من مال اليتيم بغير التي هي أحسن حلال مع أنه لم يأتي في كتاب الله عز وجل النهي عنها بلفظ حرمت هذا أبداً فعندما تتأمل هذه الآيات التي نهي عنه بلفظ اجتنبوه بلفظ لا تقربوا تجد أنها منهيات محرمة فمن أراد أن يقول أن الخمر ليست محرمة تحريماً شديداً لأن الله عز وجل لم يحرمها بلفظ التحريم وإنما حرمها ونهى عنها بلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾فيلزمه أن يقول أن كل هذه المنهيات أيضاً ليست منهيات شديدة وإنما منهيات يسيرة بأن الزنا كذلك النهي عنه ليس نهياً شديداً وإنما نهي يسير كذلك الأوثان والأصنام وقول الزور. إذاً فهل هذه الأمور ليست محرمة تحريماً شديداً في دين الله عز وجل
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
نعم هذا هو المقصود عندما مثلاً تجمع الآيات التي وردت في الجهاد فأنظر إلى أول ما جاء في الجهاد في قوله سبحانه تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾. هذه الآية فيها أمر ظاهر بين فيما يتعلق بالأمر في كف اليد ذكر أبو السعود في تفسيره أنه نزل أكثر من بضع وسبعون آية تنهى عن القتال وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية وكذلك بن القيم وغيرهم من أهل العلم أن كل آية تأمر بالعفو والصفح والأخذ بالحسنة ونحو ذلك أنها تنهى عن القتال لأنها لما أمرت بالعفو والصفح إذاً فلا قتال ولا جهاد وذكروا أيضاً ذلك قوله سبحانه وتعالى:﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ لأنه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الكافرون ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾
إنما بدأ القتال في السنة الثانية فانظر إلى الآية الأخرى التي بعدها أيضاً والتي جاء فيها الإذن: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُو﴾ هناك إذن في مرحلة يكون فيها الأمر متقارب فما يكون هناك منع ولا أمر إنما إذن ثم جاء الأمر بعد ذلك بالنسبة للجهاد بأن نقاتل الذين يلوننا :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾. بعد ذلك جاء الأمر بقتال الكفار عموماً : ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾هذا التدرج لا ينبغي أن يغيب عن بالك فتنتبه إلى آخر آية وردت في كتاب الله عز وجل تنزلت في هذا الشأن ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ثم بعد ذلك تقول هذا هو الأمر يجب قتال المشركين حيث وجدناهم وحيث لقيناهم لا وإنما تأخذ بهذا التدرج .
|