عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-09, 12:28 AM   #412
صدى الطموح
جُهدٌ لا يُنسى
t

تابع للفوائد المستخرجة من محاضرة مقاصد السور لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ

ليتضح المعنى نأخذ مثالين: الأول سورة الفاتحة باختصار، و الثاني سورة العنكبوت بشيء من التفصيل

1 – سورة الفاتحة
هي سورة الحمد، و الحمد هو أعظم ما يفتتح به الله جل و علا كتابه؛ لأن أول الخلق ابتدأ بالحمد، و سينتهي بالحمد، و الخلق جميعا يدورون بين الحمد. قال الله تعالى : ((و له الحمد في الأولى و الآخرة)) و قال أيضا (( الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض)) و قال ((و ترى الملائكة حافّين حول العرش يسبحون بحمد ربهم و قضي بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين ))
و الحمد يدور على خمسة معانٍ:
الأول: يُحَمد سبحانه على ربوبيته
الثاني: يحمد على ألوهيته
الثالث: يحمد على أسمائه و صفاته
الرابع:على خلقه و إبداعه للكائنات
الخامس: على شرعه و كتابه. و الحمد بمعنى الشكر يدخل في المعنى الرابع.
تعريف الحمد: قال العلماء هو إثبات أنواع الكمالات للمحمود؛ بحيث أنه فيما أثبت له من الكمال لا نقص له بوجه من الوجوه.

2- سورة العنكبوت
موضوعها –كما سبق- هو الفتنة، قال الله تعالى في أولها: ((ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون)) العنكبوت- 1و2
و المرء قد يفتن بأمور منها عقله، و والديه، و الدنيا و زينتها، و طول المكث و طول العمر، و بالأمن و عدم نزول العذاب. فذكر الله عز و جل في هذه السورة أنواع الفتنة و كيفية النجاة منها.
:: فقال في فتنة الوالدين ((و إن جاهداك لتشرك بي ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما في الدنيا معروفا)) العنكبوت-8 ، و ذكر المفسرون أنّ هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص لما جاهدته أمه ليشرك، و المخرج من هذه الفتنة ألا يطيع فيما فيه شرك بالله، و يصاحب بالحسنى.
:: و من أنواع الفتنة أن يرى المرء من حوله الكفر و الشرك فيقول: كيف لي أن أثبت، و قد ينظر الإنسان إلى طول مكث أعداء الإسلام ، فيحمله ذلك على حب الدنيا و زينتها، كما قال الله تعالى في قصة نوح عليه السلام : (( و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبش فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما )) العنكبوت-14 قال بعض السلف إن الذين آمنوا مع نوح عليه السلام كانوا ثلاثة عشر، و قال آخرون بضعا و سبعين ، و هذه فتنة عظيمة للمؤمنين.
:: و ما في قصة إبراهيم عليه السلام من الجدل فتنة لإثارتها الشبه.
:: و في قصة لوط عليه السلام افتتان بالشهوة، و النجاة منها أن يُعلم أن الشهوة التي جعلها الله في العبد إنما هي لحفظ النسل.
:: و من أنواع الفتنة أن ينتشر العلم و يخالف القوم أمر الله رغم علمهم، كما ذكر الله عز و جل في قصة عاد و ثمود ((و عادا و ثمودا و قد تبين لكم من مساكنهم و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل و كانوا مستبصرين)) العنكبوت-38
:: و منها الفتنة بالقوة
:: و منها المجادلة بدعوى حوار الحضارات ، و من الناس من جادل أهل الكفر و الشرك فهُزِم فافتتن الناس ، فعلى من يحاور أن يحاور على علم ((بل هو آيات بينات في صدور الذي أوتوا العلم)) و قال تعالى (( و لا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن)) العنكبوت-46
:: و منها أن يجعل الله عز و جل الحياة جميلة بزينتها و لذاتها و لهوها ، قال (( و ما هذه الحياة الدنيا إلا لعب و لهو، و إن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون )) العنكبوت-64 فمن أراد حقيقة التنعم و التلذذ و الراحة يجدها في الجنة، و قد قال طائفة من العلماء: إنّ ما ذكر الله عز و جل من أنواع نعم الدنيا لينظر إليه العبد و يتذكر نعيم الآخرة، فهو حجة عليه، و كل أنواع المؤذيات في الدنيا و لو كانت حشرة صغيرة أو حرا يسيرا فهو مثال يذكّر به الله عز و جل عباده بعذاب و نكال الآخرة.
:: و منها الفتنة بالأمن، فاستمرار الأمن لعدة أعوام يفتن الناس فيقولون: الزلازل و ضيق المعيشة و غيرها من الابتلاءات إنما هي لقوم آخرين ، أما نحن فأحباء الله و خاصته فلا يبتلينا. قال تعالى (( أولم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا و يُتخطَّف الناس من حولهم، أفبالباطل يؤمنون و بنعمة الله يكفرون )) العنكبوت-67 فهذه الآية تذكير أن الأمن نعمة من عند الله جل و علا ينبغي حمده عليها
و قال الله عز و جل في ختام السورة: (( و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين )) العنكبوت-69 فبيّن بها المخرج من الفتن.

فإذا فهم المرء مقصد هذه السورة، فإنه يقرها بشكل آخر و بمزيد من التدبر و التأمل في القصص الواردة فيها و صلتها بمقصد السورة.



توقيع صدى الطموح
صدى الطموح غير متواجد حالياً