عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-09, 12:02 AM   #36
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

تفريغ الدرس الثامن والعشرون من طرف الطالبة ومض جزاها الله خيرا



~ دروس سلسلة روائع البيان في تفسير القرآن ~




بسم الله الرحمن والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ..



حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى في ~ روضة من رياض الجنة ~ ..



كان الكلام عن المرحلة السابعة بما يتعلق القواعد التي نستعين بها عند الترجيح ف ما إذا اختلف مفسر مع مفسر آخر ,فعندنا اختلاف بين المُفسرين يقع في بعض الآيات كيف نرجح بين هذا وذاك.



هناك قواعد كثيرة مبحوثة في كتب التفسير وقد جمعت متأخرا ، وقد ذكرنا لكم ببعض الكتب التي اعتنت بهذا الشأن، ولكن الآن نريد أن نتكلم عن هذه القواعد من جهة إجمالية كيف نقف عليها كيف نجدها في كتب التفسير ،



وأريدك أن تنتبه إلى قضية ، أن هذه القواعد وإن جُُمعت عند المتأخرين إلا أنها في كتب المتقدمين رحمهم الله ممن توسع و بسط الكلام في التفسير عندك تفسير ابن جرير رحمه الله, و تفسير ابن سعود رحمه الله, وكذلك تفسير الطاهر بن عاشور وكذلك تفسير, الإمام السعدي رحمه الله, و لغيرهم من الأئمة ممن بسط الكلام في التفسير.



هناك قواعد ما زالت مبثوثة في هذه الكتب لم تستخرج لم يستفد منها إلى الآن تارة لأن الباحث الذي يريد أن يجمع هذه القواعد تارة لأنه يريد قاعدة منصوص عليه ،


يريد أن يكون الإمام المفسر أن هذه القاعدة منصوص عليها عنده في كتابه فيقول وهذه قاعدة في كذا وكذا فينص على أنها قاعدة وينص على أنها مرجح عند الاختلاف ونحو ذلك وهذا لا يلزم ،


بل إن ما تأخذه من أهل العلم إذا عرفت طريقتهم ومنهجهم في كتبهم أكثر مما تأخذه من بعض الألفاظ .




فإذا ًعرفت طريقة الإمام في كتابه عندئذ تأخذ من القواعد وتستنبط من الفوائد من كتابه ما لا يكون منصوص عليه, وهذه أيضا أيها المبارك هي طريقة أهل العلم عندما تنظر في كتب أهل العلم الأكابر، رحمهم الله من المحققين في كتب التفسير، تجد أنهم يستنبطون قواعد ليس هناك نقص عليها في كتاب إمام من الأئمة وإنما أخذوها من مُطلق الكلام مُجمل التفسير ونحو ذلك، فأخذوا هذا الكلام لأنه تكرر عندهم في عدد من المواطن وأشار إليه في أكثر من موضع وهكذا يأخذون هذه


القاعدة ويستفيدون منها ويبنون عليها قاعدة جديدة في فهم كلام الله سبحانه وتعالى .





:: قرأ الطالب ::



بسم الله الرحمن الرحيم وهناك قواعد مذكورة في كتب المتأخرين منها ما ذكره الطاهر بن عاشور في أول كتابه, ومنها ما ذكره السعدي في كتابه في أول كتابه في التفسير وهناك قواعد مبثوثه في كتاب مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ، وهناك قواعد مهمة في الفوائد وفي بدائع الفوائد لإبن القيم ، وللسيوطي كذلك فوائد جيدة ذكرها في عدد من كتبه ، وفي كتاب البرهان للزركشي ، والإتقان للسيوطي.




وعموم كتب علوم التفسير لا تخلو من فائدة في هذا الباب .





:: تـع،ليق الشـيخ ::



هذا الكلام الذي سمعته أيها المبارك لا بد أن تنتبه إلى قضيه مهمة،



وهي أن كتب علوم القرآن لا تخلو أبدا من فوائد جليلة في هذا الشأن، ولكن في أحيان كثيرة الذي يحصل أن الذي يقرأ هذه الكتب ليس عنده من الأهلية, لأن يفهم ما ذكره الأئمة رحمهم الله وأن يفهم أثر هذه القاعدة في تفسير كلام الله ،




ولكن ما ذكرناه لك في هذه الدروس هو مُعين لئن تقف على تلك الفوائد في كتب علوم القرآن .



لو تصفحت كتاب الإتقان للسيوطي رحمه الله ستجد فوائد عظيمة فيما يتعلق بفهم كتاب الله عز وجل وقد تزهد بها إن لم تُدرك كيف تستفيد منها ولكن إن أدركت هذا ـ وأرجو أن نكون وصلنا إلى هذه المرحلة ـ إن أدركت هذا بالفعل ستقف على فوائد جليلة جدا ًمن كتاب الإتقان للسيوطي رحمه الله ومن كتاب البرهان للزركشي ، كتب كثيرة صُنفت في علوم القرآن.



أريد الآن أن أوضح هذا وأن أُجليه في مثال نأخذه وإن كان مثال يسير ولكن الخوض في هذا الباب في اختلاف المفسرين قد يطول بنا جدا ، وأريد أن نأخذ مثلا واحد من كتاب الله عز وجل نفسره كنموذج على ما تقدم من هذه المراحل السبعة، بل وعلى ما قبلها من الكلام عن مراحل الثلاثة في المستوى، بل وعلى ما قبلها أيضا على التوطئة وذكر الأهداف ونحو ذلك.



فنذكر الآن مثال واحد وأضيفوا ما تقدم من الامثلة عند اختلاف المفسرين ، كما ذكرنا لكم عندما اختلف المفسرون في لفظ ( الزينة ) ، في قوله تعالى : ( ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ذكرنا لكم أن المفسرون اختلفوا في هذه الآية ما الزينة هنا هل


الزينة الظاهرة أو الزينة الباطنة , وذكرنا لك أن الراجح هنا الزينة الظاهرة هي المراد في هذه الآية (إلا ما ظهر منها) ، أي إلا ما ظهر من الزينة الظاهرة ،



وذكرنا لك دليل الترجيح وهو ما سميناه [ بلغةالقرآن ]، وهذه من دلائل الترجيح القوية في كتاب الله عز وجل ، لغة القرآن ، فلغة كتاب الله عز وجل من المرجحات بمعنى على معنى فلفظ الزينة في كتاب الله عز وجل إذا تكرر فإنما يُُراد به الزينة الظاهرة ، كما بينّا من آيات كثيرة وردت الزينة فيها .



فإذا المراد بالآيات الأخرى هي الزينة الظاهرة وهذا واضح بيّنْ ، فعندما يختلف المُفسرون في آية ذكر فيها كلمة الزينة فعلى أي المحملين نحمل هذه اللفظة على المحملة في كتاب الله عز وجل كثيرا أو على محمل لم يرد في كتاب الله ولا في موضع واحد ورودا ً بينا ظاهرا ً على أي المحملين نحملها؟ نحملها على ما ورد في كتاب الله عز وجل كثيرا وهذا ما يسمى بلغة القرآن ،



أي مفردة تكررت في كتاب الله عز وجل في أكثر من موطن، عندما ننظر في هذه المُفردة ونجد أنها وردت بمعنى خاص محدد ثم تكررت في موطن وأصبح هذا الموطن محل اختلاف عندئذ نقيس هذا الموطن على بقية المواطن ،وهذا الموضع في ذكرها هنا لابد وأن يكون هنا موافق لتلك المواضع الأخرى التي وردت في كتاب الله عز وجل .




وهذا كثير أي ما يتعلق بالترجيح من خلال لغة القرآن ليس بالقليل أبد ًوهي من القواعد المرجحة الكبيرة, ولكن وللأسف الشديد في الحقيقة ليس هناك من أفرد هذه القاعدة كمرجح ممن كتب في قواعد الترجيح عند المفسرين لم يتلفت إليها التفاتا كبيرا مع أهميتها، ومع أن السلف رضوان الله عليهم أجمعين بل و الخلف من المحققين منهم اعتنوا بهذا الأمر جدا ً .




أضرب لك مثلا آخر على هذه المسألة حتى يوضح لك هذا الأمر بالنسبة لقواعد الترجيح





:: مثال ::



لفظة ( البأس ) في كتاب الله عز وجل تكررت كثيرا ، عندما يرد في موطن من ,المواطن لفظة فيها ذكر ( البأس ) فأي المعنيين تحمل على معنى هذا أو على ذاك .



الآن لفظة ( البأس ) الواردة في سورة الكهف اقرأوا أولا بداية الكهف , قال الله تعالى: ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر به بأسا شديدا ولم يجعل له ولدا ً )



(بأسا شديدا) لفظة البأس : هنا هل المراد بها البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟



أسألكم الآن لكي أحرك الفهم قليلا إلى فهم ما يتعلق بالترجيح من خلال قاعدة من قواعد الترجيح عند المفسرين .



لفظة البأس : هنا هل المراد بها البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟



قال طالب : الأخروي .



قال الشيخ : هل ممكن أن تذكر لي ما سبب القول بأن البأس هنا يراد به البأس


الدنيوي أو البأس الأخروي ؟



قال الطالب : لينذر بأسا شديدا .




قال الشيخ بعد نقاش ..



عندما ننظر في هذه الكلمة ، فتأملوا ( البأس ) في كتاب الله عز وجل ، تكررت أكثر من


25 مرة هذه الكلمة تكررت كثيرا فعندما تتأمل فيها لن تجد إلا إنها تتعرض بما يتعلق


بالبأس الدنيوي لا البأس الأخروي .



إذا ً هذه الكلمة عندما تكررت في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي كل المواطن الأخرى


يكون الكلام فيها عن بأس دنيوي فجاءت في هذا الموطن حصل عندنا الآن اختلاف


كما اختلفتم ، قيل إنها في البأس الأخروي وقيل في البأس الدنيوي ،



فما المرجح الذي يرجح هذا من ذاك ؟



المرجح عندما ننظر في هذه اللفظة وكيف دارت في كتاب الله عز وجل ، انظر لهذه


اللفظة وكيف دارت في القرآن فعندئذ تستطيع أن ترجح لأن هذا البأس الذي جاءت الندارة به من الله سبحانه وتعالى يتعلق بالبأس الدنيوي لا الأخروي .



نعم ساعة الكلام و بسط الكلام ممكن أن يقال أن هذا البأس في الدنيا وفي الآخرة ,ولكن بالنسبة للآخرة لا يكون مقصوداً بنفس العبارة أو لفظ الكلمة ، وإنما يكون مُستنبط من سعة اللفظ ، لأن الندارة تكون في الآخرة كما تكون في الدنيا ، ولكن لفظة البأس لم تأتي في كتاب الله عز وجل إلا في الدنيا ،



ولكن لفظة البأس في الآخرة لم تأتي في كتاب الله عز وجل إلا في الدنيا فيكون الإنذار


بدءا بالبأس الذي حذرهم الله عز وجل منه في الدنيا ( ليُنذر بأسا ُ شديدا من لدنه )،أي


في الدنيا قبل أن يكون ذلك في الآخرة ,وإلى ذلك أشار الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره .




:: سؤال من أحد الطُلاب ::



جزاكم الله خيرا يا شيخ بالنسبة فضيلتك للغة القرآن نرجع إلى لغة القرآن، في


المرحلة السابقة جمع آيات القرآن التي تدور في موضع واحد هل هناك اختلاف بينهم


أم الاختلاف بالمسمى فقط ؟




:: يجيب الشيخ ::



ليس هناك اختلاف جذري بينهما أبدا ً،ولكن الاختلاف أيضا ليس من جهة التسمية المجردة وإنما الاختلاف بالنسبة للمرحلة السادسة تتعلق بضمن الآيات التي وردت في موضوع واحد محدد، أما ضمن الكلمات جمع الكلمات التي وردت في كتاب الله عز وجل هذا لا يسمونه بالتفسير الموضوعي إنما يسمى بلغة القرآن، مفردات القرآن،الألفاظ التي جاءت في كتاب الله عز وجل .



لذا لو ألحقت هذه اللفظة ، لفظة ( البأس ) ، لفظة (الزينة ) ، لفظة ( فاجتنبوه ) ، (حُرمت ) كما سبق هذه الألفاظ ولو جمعتنها تكون منها مادة يسيرة وتكون مبدأية لمادة أكبر وأوسع وهذا من العلم الجميل النافع الذي يستحق أن يبذل الإنسان نفسه،



وأن يجمع فيه ما استطاع من كلام المحققين من أهل العلم أن يجمع ما يتعلق بـ مفردات القرآن ، أو لغة القرآن .



وقد صنف الأئمة رحمهم الله قديما كتبا في هذا الباب ولكنها تحتاج إلى مزيد من تصنيف وتحرير وتهذيب وجمع ، وحقيقة مزيدا من الجهد الذي قد لا يتحمله إلا من بذل نفسه ووقته ورغب في تعلم كتاب الله سبحانه وتعالى وبذل قي ذلك الغالي و النفيس .




:: الأمثـلة ::



منها ما جاء في تفسير قول الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) .



في كُذبوا قراءتان :


الأولى: كُذَّبُوا، بضم الكاف وتشديد الذال وكسرها،


والأخرى: كُذِبُوا ، بضم الكاف و كسر الذال وتخفيفها .



فعلى قراءة التشديد يكونوا المعنى، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان من كذّبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم بما لحقهم من الدلائل والامتحان وتأخر النصر .



وبهذا قالت عائشة رضي الله عنها وصحت الرواية عنها بذلك و به قال قتادة ورجحه أبو جعفر النحات، وقال هو أشبه بالمعنى وهو أعلى اسنادا ً .




:: تعليق الشيخ ::



الآن هذه الآية قول الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) .




(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ) من الذي استيأس الآن ؟ الرسل ، استيأسوا من ماذا ؟ من ايمان قومهم ، وظنوا من الذي ظن هنا ؟ الرسل أو القوم ، وظن القوم أن الرسل كذبوا ؟ القوم ، هذا الذي جاء عن عائشة كما في الصحيح ، أن الضمير هنا وظنوا أنهم قد كذبوا هذا عائد إلى القوم معنى الآية إذا ً :



حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أي من القوم أن الرسل قد كذبوا ،



هذا هو المعنى الأصلي الذي جاء عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عدد كبير من السلف وهو أقوى المعاني في تفسير الآية لأن في الأصل عود الضمير يعود إلى أقرب مذكور ، ما هو أقرب مذكور هنا حتى إذا استيأس الرسل ممن؟ من


قومهم، جار ومجرور أليس كذلك، حتى إذا استيأس الرسل من قومهموظنوا قومهم أنهم أي الرسل قد كذبوا .



هذا هو المعنى الجلي الواضح للآية، وليس معناه أن الرسل بأنفسهم ظنوا أنهم قد كُذبوا أو كذبوا من الله هذا ظن لا يمكن أن يكون أبدا .



ومن فسر الآية على هذا النحو فقد أخطأ وإن كان قد جاء أنه حكي عن بعض السلف رحمهم الله ولكنه خطأ في تفسير الآية قال به من قال وهذا خطأ في تفسير الآية وإذجاء به عن جاء .



هذا القول الأول لتفسير الآية وهناك تفسيرات أخرى للآية نريد أن ننظر في مرجح هذا التفسيرعلى تلك التفاسير ..




:: قراءة الطالب ::



وذهب الحسن وقتادة إلى أن المعنى حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم وأيقنت الرسل أن قومهم قد كذبوهم، فيكون الضميران في ظنوا وكُذبوا يعودان على الرسل وظن بمعنى اليقين، وضعف هذا القول الطبري لأجل مخالفته لجميع أقوال الصحابة في الآية واستعمال العرب الظن بمعنى اليقين .



أما على قراءة تخفيف الذال فذهب ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير ومُجاهد والضحاك وغيرهم من المعنى حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم وظن الرسل أن القوم كذبوهم .



فيعود الضميران في ظنوا وكُذّبُوا إلى الرسل إليهم وهم القوم .




:: تعليق الشيخ ::



إذا لدينا كم تفسير للآية ؟ ثلاثة تفاسير .



التفسير الأول .. الذي ذكرناه لك، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن القوم أن الرسل أن قومهم كُذبوا.



التفسير الثاني .. حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن أيضا الرسل أن قومهم كذبوهم ..



التفسير الثالث .. حتى إذا استيأس الرسل وظن القوم أن القوم قد كذبوا الرسل .



عندما نتأمل القراءة في ترجيح بين هذا وذاك ، ستجد أن بظهور الترجيح التفسير الأول هو الأظهر في الآية لما سيذكر الآن المُصنف.



:: قراءة الطالب::



وروي عن أبي عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير أن معنى الآية، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنت الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعدوا من النصر , فيكون الضمير في ( ظنوا ) وفي ( كذبوا ) عائد على الرسل، وهذه القاعدة تُضعف هذا القول، وذلك لما فيه وصف الرسل من بسوء الظن بربهم وهذا يفتح بصالح المؤمنين فضلا ً عن من فُضل بالنبوة والرسالة،



فمقام النبوة عظيم قد اصطفى الله لها أفضل الخلق على الإطلاق وأعرفهم بالله تعالى وقد ردت عائشة رضي الله عنها هذا القول بما ألمحت له من برفعة مقام النبوة ولما عُلم من حال الأنبياء والرسل .



:: فاصل ونواصل ::



كان الكلام عن قوله تعالى ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) وفي آية لفظ ( قدْ كُذِّبوا ) ، وذكروا الأقوال الثلاثة في هذا الباب لكم .



كذلك التفسير الأخير .. إذا استيأس الرسل وظن أتباع الرسل أنهم كذبوا الرسل وهناك قول ثالث والذي أشرنا إلى أنه ضعيف ولا ينبغي أن يُقال به لما فيه من قدح لمقام النبوة بل إن حتى عائشة رضي الله عنها وأرضاها رفضت هذا القول وردته ردا ًعنيفاً رضي الله عنها وعن أبيها , وذلك لما ذكرت لك من أن فيه شيء من الظن بالانتباه من أن يظنوا الظن بربهم سبحانه وتعالى أو نسبة هذا الظن إلى الأنبياء مع ربهم جل وعلا،فتفسير الآية على هذا النحو ( وظنوا أنهم قد كُذبوا ) أي حتى إذا استيأس الرسل وظن الرسل أنهم قد كُذبوا من ربهم وهذا الظن لا ينبغي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا يكون من الصالحين .فإذا هذا التفسير يُضعفه أن فيه تقليل وفيه نوع من الإنزال من مقام النبوة.و الذي يُرجح التفسير الأول فهناك قراءة أخرى من قرأ الترجيح القراءات التي ترد في الآية الواحدة وعندنا :( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا ) هذه للقراءة مُحتملة ،

وأما القراءة الأخرى ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) , من الذي كذب هنا ؟ هم أتباع الرسل وظنوا أنهم كذبوهم هؤلاء وغلب على ظنهم أن أقوامهم لن تؤمن لهم، ولن تتبعهم فيما دعوهم إليهم فحصل هذا الأمر ، استيأس الرسل من أقوامهم وظنوا أنهم لن يؤمنوا بهم، وظن القوم أن الرسل كُذبوا من ربهم سبحانه وتعالى .

وهذا الظن الذي يليق بهذا القوم وما عليه من الكفر والإعراض عن دعوة أنبيائهم .

فإذا من المُرجحات في هذا المعنى ما يتعلق بما يسمى ب ( القراءات ) .

وهذا المثل على قاعدة من قواعد الترجيح ، فعندنا القراءات تُرجح ، ولغة القرآن تُرجح وعندنا أشياء كثيرة من القواعد ذكرها أهل العلم أنها تُقارب المئة قاعدة ترجح عند اختلاف المفسرين .

وبهذا نكون بعون الله وتوفيقه، وأسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه تعالى، نكون قد انتهينا من ما يتعلق بالمراحل السبعة، وبهذا نكون انتهينا أيضا مما يتعلق بالمستوى الأول الذي وجه لعموم المسلمين بمراحله الثلاث، وانتهينا من المستوى الثاني الموجه لطلبة العلم فيما يتعلق بمراحلة السبعة المراحل السبعة لطالب فهم القرآن .

ويبقى علينا أخيرا أمران :

الأمر الأول: أن نستقبل أسئلتكم الواردة على ما مر ّ في الكلام أي كان السؤال فيما يتعلق بمبدأ الكلام وفي وسطه أو في آخره بعد ذلك نُريد أن نأخذ نموذج وسأجعل اختيار النموذج لكم أنتم تختارون نموذجا مما تُريدون أن نُفسره من كتاب الله سبحانه وتعالى وتعرض إلى الآيات تفسيرا ً فيه إيضاح لكل ما سبق بإذن الله جل وعلا .






توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)
أم أسماء غير متواجد حالياً