الدرس الثامن والعشرون
القواعد المرجحة لمختلف التفاسير
الفوائد المطلوبة:
*** وضحي كيف يمكن الترجيح من خلال لغة القرآن؟
لغةالقرآن هذه من دلائل الترجيح القوية في كتاب الله عز وجل، فلغة كتاب الله عز وجل من المرجحات لمعنى على معنى فمثلا : لفظ الزينة في كتاب الله عز وجل إذا تكرر فإنما يُُراد به الزينة الظاهرة ، كما بينّا من آيات كثيرة وردت الزينة فيها .، فعندما يختلف المُفسرون في آية ذكر فيها كلمة الزينة فعلى أي المحملين نحمل هذه اللفظة ؟ نحملها على ما ورد في كتاب الله عز وجل كثيرا وهذا ما يسمى بلغة القرآن ،
أي مفردة تكررت في كتاب الله عز وجل في أكثر من موطن، عندما ننظر في هذه المُفردة ونجد أنها وردت بمعنى خاص محدد ثم أصبح هذا الموطن محل اختلاف عندئذ نقيس هذا الموطن على بقية المواطن الأخرى التي وردت في كتاب الله عز وجل .
***وضحي الفرق بين التفسير الموضوعي ولغة القرآن.
التفسير الموضوعي هو ضم الايات التي تتكلم عن موضوع واحد في موطن واحد مع بعضها ليكتمل لك الموضوع .. وذلك كما جاء في الحديث عن السماء وأحوالها يوم القيامة..
اما لغة القرآن : تتم بجمع المفردات والكلمات المتكررة في القرآن ثم نتأمل معناها ونقيس المعنى المحتمل الذي أختلف فيه في موضع من المواضع فنرد معنا ه إلى المعنى الذي جاء كثيرا في القرآن مثل لفظة الزينة التي تكررت في القرآن وجاءت في الغالب بمعنى الزينة الظاهرة .
*** اذكري أقوال المفسرين في الآيات التالية مع ذكرالمرجحات لذلك :
(لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)
.
الآن لفظة ( البأس ) الواردة في سورة الكهف, قال الله تعالى: ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا .... ً )
بأسا شديدا) لفظة البأس : هنا هل المراد بها البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟
.
عندما ننظر في هذه الكلمة في كتاب الله عز وجل ، تكررت أكثر من
25 مرة فعندما تتأمل فيها لن تجد إلا إنها تتعرض بما يتعلق بالبأس الدنيوي لا البأس الأخروي .
فجاءت في هذا الموطن حصل عندنا الآن اختلاف ، قيل إنها في البأس الأخروي وقيل في البأس الدنيوي ،
فما المرجح الذي يرجح هذا من ذاك ؟
المرجح عندما ننظر في هذه اللفظة وكيف دارت في كتاب الله عز وجل فعندئذ تستطيع أن ترجح لأن هذا البأس الذي جاءت النذارة به من الله سبحانه وتعالى يتعلق بالبأس الدنيوي لا الأخروي .
نعم ساعة الكلام و بسط الكلام ممكن أن يقال أن هذا البأس في الدنيا وفي الآخرة ,ولكن بالنسبة للآخرة لا يكون مقصوداً بنفس العبارة أو لفظ الكلمة ، وإنما يكون مُستنبط من سعة اللفظ ، لأن الندارة تكون في الآخرة كما تكون في الدنيا ، ولكن لفظة البأس لم تأتي في كتاب الله عز وجل إلا في الدنيا ، فيكون الإنذار
( ليُنذر بأسا ُ شديدا من لدنه )،أي في الدنيا قبل أن يكون ذلك في الآخرة ,وإلى ذلك أشار الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره .
(
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)
الآن هذه الآية قول الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) .
في كُذبوا قراءتان :
الأولى: كُذَّبُوا، بضم الكاف وتشديد الذال وكسرها،
والأخرى: كُذِبُوا ، بضم الكاف و كسر الذال وتخفيفها .
فعلى قراءة التشديد يكونوا المعنى، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان من كذّبهم من قومهم وظن القوم أن الرسل قد كذبو بما لحقهم من الدلائل والامتحان وتأخر النصر .
وبهذا قالت عائشة رضي الله عنها وصحت الرواية عنها بذلك و به قال قتادة ورجحه أبو جعفر النحات، وقال هو أشبه بالمعنى وهو أعلى اسنادا ً .
وهو أقوى المعاني في تفسير الآية لأن في الأصل عود الضمير يعود إلى أقرب مذكور ، ما هو أقرب مذكور هنا حتى إذا استيأس الرسل ممن؟ من
قومهم، جار ومجرور، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا .
هذا هو المعنى الجلي الواضح للآية، وليس معناه أن الرسل بأنفسهم ظنوا أنهم قد كُذبوا أو كذبوا من الله هذا ظن لا يمكن أن يكون أبدا .
ومن فسر الآية على هذا النحو فقد أخطأ وإن كان قد جاء أنه حكي عن بعض السلف رحمهم الله ولكنه خطأ في تفسير الآية وإن جاء به من جاء .
هذا القول الأول لتفسير الآية وهناك تفسيرات أخرى للآية نريد أن ننظر في مرجح هذا التفسيرعلى تلك التفاسير ..
- وذهب الحسن وقتادة إلى أن المعنى حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم وأيقنت الرسل أن قومهم قد كذبوهم، فيكون الضميران في ظنوا وكُذبوا يعودان على الرسل وظن بمعنى اليقين، وضعف هذا القول الطبري لأجل مخالفته لجميع أقوال الصحابة في الآية واستعمال العرب الظن بمعنى اليقين .
- وأما على قراءة تخفيف الذال فذهب ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير ومُجاهد والضحاك وغيرهم إلى أن المعنى حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم وظن القوم ان الرسل قد كذبوهم .
فيعود الضميران في ظنوا وكُذّبُوا إلى المرسل إليهم وهم القوم
وروي عن أبي عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير أن معنى الآية، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنت الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعدوا من النصر , فيكون الضمير في ( ظنوا ) وفي ( كذبوا ) عائد على الرسل، وهذه القاعدة تُضعف هذا القول، وذلك لما فيه من وصف الرسل بسوء الظن بربهم وهذا يقدح في صالح المؤمنين فضلا ً عن من فُضل بالنبوة والرسالة،
فمقام النبوة عظيم قد اصطفى الله لها أفضل الخلق على الإطلاق وأعرفهم بالله تعالى وقد ردت عائشة رضي الله عنها هذا القول بما ألمحت له من رفعة مقام النبوة ولما عُلم من حال الأنبياء والرسل .
(فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان)
الآية هذه تتكلم عن الإنشقاق في يوم القيامة (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ فالكلام كله من اوله لآخره مُتعلق بالقيامة (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) فالكلام هنا عن السماء وعن انشقاقها وليس عن مرصد يُصور في مرصد من المراصد
ثم إنه لا أحد من المُفسرين قال (فَكَانَتْ وَرْدَةًك َالدِّهَانِ)، أي كانت كالوردة يعني من جهة الشكل ، إنما وردة ذكرها المُفسرون من جهة اللون
*** ما السر في تكرار العدد سبعة في العديد من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية؟
العدد سبعة في الكتاب والسنة لا يُراد به التحديد وإنما يُراد به التكثير. فقد يزيد وقد ينقص .
نعم بالنسبة للسموات والأرضين السبع وللطواف سبع بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة سبع ، ونحو ذلك أعدادا ًَ مُرادة بنفسها.
ولكن الكلام عن الأعداد غالبا ًما تأتيك في الثواب أيضا في العقاب في الإخبار عن جزاء المؤمنين ، أيضا عن عقاب المجرمين ونحو ذلك هذا في أغلبه يُراد به التكثير ، أما بالنسبة لهذه الأمور يجب أن يُراد نصا ً من دون زيادة أو نُقصان
تم بحمد الله

