عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-09, 01:23 AM   #2
د.سهيرالبرقوقي
نفع الله بك الأمة
افتراضي


‎" ‎قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ‎ ‎أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ‎ ‎يَغْفِرُ ‏الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " 53‏‎

يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم على الإنابة قبل أن لا‎ ‎يمكنهم ذلك ‏فقال‎:

‎)‎قُلْ ) يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين‎ ‎اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم‎:

(‎يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ‎ ‎أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ‎ ( ‎باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب،‎ ‎والسعي في مساخط علام الغيوب‎.

‎( لا تَقْنَطُوا مِنْ‎ ‎رَحْمَةِ اللَّهِ‎ ( ‎أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة،‎

وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل‎ ‎يصرفها، ‏فتبقون بسبب ذلك

مصرين‎ على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن،‎

ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب‎ ‎جميعا ‏من الشرك، والقتل،‎

والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب‎ ‎الكبار والصغار‎.

‎) ‎إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‎ (أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان،‎

لا تنفك ذاته‎ ‎عنهما، ولم تزل آثارهماسارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه من ‏الخيرات آناء‎ ‎الليل‎

والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء‎ ‎أحب إليه من ‏المنع، والرحمة

سبقت‎ الغضب وغلبته،ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما‎ ‎أسباب إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق ‏على نفسه باب

الرحمة‎ والمغفرة، أعظمها‎ ‎وأجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح، ‏والدعاء‎ ‎

والتضرع والتأله‎ والتعبد، فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق‎ ‎الأعظم‎.


ولهذا أمر تعالى بالإنابة إليه، والمبادرة إليها‎ ‎فقال‎:

‎ ) ‎وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ‎ ‎مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54‏‎) )

‎) ‎وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ )....... بقلوبكم‎

‎) ‎وَأَسْلِمُوا لَهُ ) ...........بجوارحكم،‎


إذا أفردت الإنابة، دخلت فيها أعمال‎ ‎الجوارح، وإذا جمع بينهما، كما في هذا الموضع، ‏كان المعنى ما ذكرنا‎.

وفي‎ ‎قوله:

( إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ )
دليل على الإخلاص، وأنه من دون إخلاص،‎ ‎لا ‏تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئا‎.

‎) ‎مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ‎ ‎الْعَذَابُ ) ...........مجيئا لا يدفع‎

‎) ‎ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ‎ ) ...... فكأنه‎ ‎قيل‎:


ما هي الإنابة والإسلام؟ وما جزئياتها وأعمالها؟‎


فأجاب‎ ‎تعالى بقوله: ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) مما‎ ‎أمركم‎ :

* ‎من الأعمال‎ ‎الباطنة‎:

كمحبة‎ ‎اللّه،‎
وخشيته،‎
وخوفه،‎
ورجائه،‎
والنصح لعباده،‎
ومحبة الخير‎ ‎لهم،‎
وترك ما يضاد ذلك‎.

‎*‎ومن الأعمال الظاهرة‎ :

كالصلاة،‎
والزكاة‎
والصيام،‎
والحج،‎
والصدقة،‎
وأنواع‎ ‎الإحسان،‎
ونحو ذلك، مما أمر اللّه به،‎

وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا،‎ ‎فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب ‏المسلم،‎


( ‎مِنْ‎ ‎قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ‎(

وكل هذا حثٌّ على المبادرة وانتهاز الفرصة‎.

ثم حذرهم ( أَن‎ ( ‎يستمروا على غفلتهم، حتى يأتيهم يوم يندمون فيه، ولا تنفع ‏الندامة‎.

و‎ ) ‎تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) أي: في‎ ‎جانب حقه‎.

وَإِنْ كُنْت في الدنيا ( لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) في إتيان‎ ‎الجزاء، حتى رأيته عيانا‎.



نتابع معًا بإذن الله تعالى............



توقيع د.سهيرالبرقوقي
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
http://www.tvquran.com/


{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

د.سهيرالبرقوقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس