الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،
فقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا، وتوعد متعاطيه بحرب منه فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَاتُظْلَمُونَ {البقرة:279،278}
وعده النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات السبع حين قال: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ. رواه البخاري ومسلم .
وتحريم الربا أمر معلوم من الدين ضرورة، ولا يباح إلا لمن بلغ من الاضطرار حدا كبيرا كالخوف من الهلاك أو حصول المشقة البالغة
وقد جاء في فتوى " مجمع البحوث الإسلامية " بالقاهرة في مؤتمره الثاني المنعقد في شهر محرم 1385 هـ ( مايو 1965م ) قالوا :
"والفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم ، لا فرق بين ما يسمَّى بالقرض الاستهلاكي ، وما يسمى بالقرض الإنتاجي ( الاستغلالي ) ، وكثير الربا في ذلك وقليله حرام ، والإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة ، والاقتراض بالربا كذلك ، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه ضرورة ، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير الضرورة" انتهى . إذاً إن المقترض بالربا لا بدَّ أن يكون الدافع لفعله المحرَّم هذا هو الضرورة ، وليست الحاجة التي يمكنه التخلي عنها ، وعدم فعلها ، والضرورة تتعلق بضرر يقع على دينه أو بدنه أو عقله أو عرضه أو ماله – وهي ما يسمى " الضرورات الخمس " - ، وليست هي المشقة التي يمكن تحملها ، بل هي الضرورة التي قد تسبب له هلاكاً ، أو تلفاً لبعض أعضائه ، أو سجناً طويلاً ، أو مرضاً مزمناً .
قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله :
فالضرورة : بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل ، واللبس بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات ، أو تلف منه عضو ، وهذا يبيح تناول المحرم .
والحاجة : كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك ، غير أنه يكون في جهد ومشقة ، وهذا لا يبيح المحرَّم . " المنثور في القواعد " .
ولذلك فإنَّ القروض الربوية لا يجوز الإقدام عليها إلا في حال الضرورةالملجئة التي لا يمكن دفعها إلا بأخذ تلك القروض، فأقول للأخت السائلة قبل أن تمد يدها إلى الاقتراض من البنك لأنّها بلغت حد الاضطرار عليها أولا أن تحاول تحصيل ما تحتاجه من المال لفك اسر زوجها بطرق الحلال بأن تبيع ما عندها من ممتلكات أو مصاغ إن كان عندها شيئ من ذلك، فإن لم يوجد عندها شيئ استعانت بأهل الخير من اهل المال والثراء وهم كثر ولله الحمد ، فإن لم تستطع تحصيل المال بإحدى هذه الطرق، جاز لها اخذ قرض ربوي بقدر الحاجة ولكن بشرط أن تتيقن أو يغلب على ظنها نجاح قضية زوجها وبالتالي خروجه من السجن . والله تعالى أعلم.