عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-09, 03:03 AM   #12
د.سهيرالبرقوقي
نفع الله بك الأمة
افتراضي

(29) رد الإشكال بتفصيل علمى دقيق ‏فالجواب :

أن ما ذكره علماء الحديث من التساهل فى أحاديث الترغيب ‏والترهيب لاينتظم مع مسألتنا المفروضة .وبيانه :

‏أن العمل المتكلم فيه :
‏‏
1- إما أن يكون منصوصا على أصله جملة وتفصيلا .
‏ ‏
2- أو لايكون منصوصا لاجملة ولا تفصيلا .
‏ ‏
3- أو يكون منصوصا عليه جملا لاتفصيلا .


‏فالأول :

لاإشكال في صحته كالصلوات المفروضات ؛ والنوافل المرتبة ‏لأسباب وغيرها ,

وكالصيام المفروض , أو المندوب على الوجه ‏المعروف ؛

إذا فعلت على الوجه الذى نص عليه من غير زيادة ولا ‏نقصان : كصيام يوم عرفة , والوتر , وصلاة الكسوف ,

فالنص جاء ‏فى هذه الأشياء على ماشرطوا ؛ فثبتت أحكامها من الفرض والسنة ‏والاستحباب .

فإذا ورد فى مثلها أحاديث ترغب فيها؛ اوتحذر من ترك ‏الفرض منها ,

وليست بالغة مبلغ الصحة , ولاهى أيضا من الضعف ‏بحيث لايقبلها أحد ,

فلا بأس بذكرها والتحذير بها والترغيب , بعد ثبوت ‏أصلها من طريق صحيح .

‏والثانى :

ظاهر أنه غير صحيح ؛ وهو عين البدعة ؛ لأنه لايرجع إلا ‏لمجرد الرأى المبنى على الهوى,

وهوأبدع البدع وأفحشها كالرهبانية ‏المنفية عن الإسلام , والخصاء لمن خشى العنت ,

والتعبد بالقيام فى ‏الشمس , أو بالصمت من غير كلام أحد ,

فالترغيب فى مثل هذا لايصح ‏؛

إذ لايوجد فى الشرع , ولا أصل له يرغب فى مثله , أو يحذر من ‏مخالفته .

‏والثالث :

ربما يتوهم أنه كالأول من جهه أنه إذا ثبت أصل عبادة فى ‏الجملة فيسهل فى التفصيل نقله من طريق غير مشترط الصحة ؛

فمطلق ‏التنفل بالصلاة مشروع , فإذا جاء ترغيب فى صلاة ليلة النصف من ‏شعبان ؛فقد عضده أصل الترغيب فى صلاة النافلة ,

وكذلك إذا أصل ‏صيام ثبت صيام السابع والعشرين من رجب , وما أشبه ذلك.! ‏

وليس كما توهموا ؛ لأن الأصل إذا ثبت فى الجملة لايلزم إثباته فى ‏التفصيل .

فإذا ثبت مطلق الصلاة لايلزم منه إثبات الظهر و العصر أو ‏الوتر أو غيرها ؛ حتى ينص عليها على الخصوص ؛

وكذلك إذا ثبت ‏مطلق الصيام لايلزم منه إثبات صوم رمضان أو عاشوراء أوشعبان أو ‏غير ذلك ؛ حتى يثبت بالتفصيل بدليل صحيح .

ثم ينظر بعد ذلك فى ‏أحاديث الترغيب والترهيب . بالنسبة إلى ذلك العمل الخاص الثابت ‏بالدليل الصحيح . ‏ والدليل

على ذلك :

أن تفضيل يوم من الأيام , أو زمان من الأزمنة ‏بعبادة ما يتضمن حكما شرعيا فيه على الخصوص

كما ثبت لعاشوراء ‏مثلا , أو لعرفة , أو لشعبان -مزية على مطلق التنفل بالصيام-

فإنه ‏ثبتت له مزية على الصيام فى مطلق الأيام ؛ فتلك المزية اقتضت مرتبة ‏فى الأحكام أعلى من غيرها

بحيث لا تفهم من مطلق مشروعية الصلاة ‏النافلة (1) ؛

لأن مطلق المشروعية يقتضى أن الحسنة بعشر أمثالها ‏إلى سبعمائة ضعف فى الجملة ؛ وصيام عاشوراء يقتضى أنه يكفر ‏السنة التى قبلها ؛

فهو أمر زائد على مطلق المشروعية ؛ ومساقة يفيد ‏له مزية فى الرتبة ؛ وذلك راجع إلى الحكم .

‏فإذا ؛ هذا الترغيب الخاص يقتضى مرتبة فى نوع من المندوب خاصة ؛ ‏فلابد من رجوع إثبات الحكم إلى الأحاديث الصحيحة بناء على قولهم ‏‏:

"إن الأحكام لاتثبت إلا من طريق صحيح " ؛

والبدع المستدل عليها ‏بغير الصحيح لابد فيها من الزيادة على المشروعات ؛ كالتقييد بزمان ‏أو عدد أو كيفية ما ؛

فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير ‏الصحيح ؛ وهو أمر ناقض لما أسسه العلماء.

ولايقال :إنهم يريدون ‏أحكام الوجوب والتحريم فقط .

لأننا نقول : هذا تحكم من غير دليل ؛ بل ‏الأحكام خمسة ؛

فكما لا يثبت إلا بالصحيح [ فكذلك لايثبت غيره من ‏الأحكام الخمسة كالمستحب إلا بالصحيح ] (2)

فإذا ثبت الحكم فاستسهل ‏أن يثبت فى أحاديث الترغيب والترهيب ؛ ولا عليك .

‏‏------------------------------------
‏‏(1) كذا فى الأصل ؛والسياق يقتضى أن يقال : صيام النفل . فتأمل .
‏‏(2)سقط من الأصل ؛ والسياق يقتضيه .

نتابع معًا بإذن الله تعالى....
‏ ‏ ‏



توقيع د.سهيرالبرقوقي
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
http://www.tvquran.com/


{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }

د.سهيرالبرقوقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس