وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله خير اختي الشيهدة بأذن الله.
((إن في خلق السماوات والأرض وأختلاف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)) آل عمران 190,191
قال صلى الله عليه وسلم ((ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها))
ومعنى الآية انه يقول تعالى (إن في خلق السماوات والأرض ) أي هذه في ارتفاعها واتساعها, وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات ,وثوابت وبحار, وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار ,وحيوان ومعادن ومنافع , مختلفة الأوان والطعوم والروائح والخواص (واختلاف اليل والنهار) أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر , فتارة يطول هذاويقصر هذا , ثم يعتدلان ,ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصير , ويقصرا, ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم, ولهذا قال (لأولي الألباب) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها , وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله تعالى فيهم (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يوسف 105,106
ثم وصف الله تعالى أولي الألباب فقال ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) كما ثبت في صحيح الخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال * صل قائما , فإن لم تستطيع فقاعدا , فإن لم تستطيع فعلى جنبك * اي لا يقطعون ذكره في جميع أخوالهم بسرائرهم وضمائرهم وألسنتهم (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ) أي يفهمون ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته , وعلمه وحكمته , واختياره ورحمته
وعن الحسن البصري أنه قال تفكر ساعه خير من قيام ليلة. وقال الفضيل قال الحسن الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك وقال سفيان بن عيينة الفكرة نور يدخل قلبك . وربما تمثل بهذا البيت
إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة
تفسير ابن كثير
...............
من ثمار التدبر :
اعلم رعاك الله أن العبد إذا وفق لتدبر آيات الله تعالى فاز بالخير العميم ، يقول ابن القيم -- رحمه الله -- :
"فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده ، وأقرب إلى نجاته : من تدبر القرآن ، وإطالة التأمل ، وجمع الفكر على معاني آياته ، فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما. وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ، ومآل أهلهما ، وتتل في يده (تضع) مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم ، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله. وتعرفه ذاته ، وأسماءه وصفاته وأفعاله ، وما يحبه وما يبغضه ، وصراطه الموصل إليه ، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه ، وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه وصفاتها النفس ، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم ، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة ، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
|