عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-10, 11:20 PM   #4
زياد عوض
حفظه الله تعالى
 
تاريخ التسجيل: 15-02-2009
المشاركات: 152
زياد عوض is on a distinguished road
افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
لا شك أنَّ المؤمن معرَّض للوقوع في الذنوب كما ثبت في الحديث القدسي الذي يرويه النَّبي – صلَّى الله عليه وسلم - عن ربِّه ( يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ) . أخرجه مسلم ، ولقول النَّبي - صلى الله عليه وسلم- : (كل بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ) الحاكم في مستدركه.
فالذنب واقع من العبد لا محالة ولكن بيَّن الله حال عباده المتقين وأنَّهم إذا وقعوا في الذنوب سارعوا إلى التوبة وطلب المغفرة من ربِّهم ، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) (آل عمران – 135- 136 ) ، وقد حثَّ الله تعالى عباده على التوبة من الذنوب في غير ما آية من كتابه وبيَّن أنَّها سبب الفلاح في الدنيا والاخرة ’ وأن الذنوب قد تحول بين العبد وبين حصول ما يرجوه من الخير قال الله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) ( الشورى – 30 ) وقد رُوي إنَّ العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، وعن ابن عباس قال: ( إن للحسنة ضياء في الوجه ، ونورا في القلب ، وسَعَةً في الرزق ، وقوة في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق , وإن للسيئة سوادا في الوجه ، وظلمةً في القبر والقلب، ووهناً في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضا في قلوب الخلق ) .
فعلى العبد أن يسارع في التوبة لينال الخير في الدنيا والأخرة ، قال الله تعالى :( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ) ، قال الطبري في تفسيره : يقول: فقلت لهم: سلوا ربكم غفران ذنوبكم، وتوبوا إليه من كفركم، وعبادة ما سواه من الآلهة ووحدوه ، وأخلصوا له العبادة، يغفر لكم، إنِّه كان غفارًا لذنوب من أناب إليه، وتاب إليه من ذنوبه.
وقوله:( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) يقول: يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم مدرارا متتابعا , وعن الشعبيّ ، قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي ، فما زاد على الاستغفار، ثم رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت، فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) وقرأ الآية التي في سورة هود حتى بلغ:( وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) , ثم قال الطبري : وقوله:( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ) يقول: يرزقكم بساتين ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) تسقون منها جناتكم ومزارعكم ؛ وقال ذلك لهم نوح ، لأنهم كانوا فيما ذُكر قوم يحبون الأموال والأولاد، انتهى كلامه بتصرف يسير .
فبالتوبة الصادقة النصوح الخالصة لله يحقق الإنسان الخير في الدنيا والأخرة , وحقيقة التوبه النصوح أن يقلع العبد عن المعصية ، ويعزم ألَّا يعود اليها ، ويندم على فعلها ، وإن كانت متعلقة بالعباد فعليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها ، وعليه أن يقصد بتوبته وجه الله رجاء التخلص من الذنوب التي تكون حائلا بينه وبين فلاحه وسعادته في الدنيا والأخرة ولا يكون مقصود العبد النيل من حظوظ الدنيا فقط دون الالتفات إلى حقيقة التوبة ، والله تعالى أعلم .
زياد عوض غير متواجد حالياً