عرض مشاركة واحدة
قديم 19-01-10, 09:54 PM   #8
حفيدة ام المؤمنين
~مستجدة~
c8 المشاركة الثانية

معاً نكمل الطريق ان شاء الله
منقول عن بحث للد/ فيصل بن سعود الحليبي - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالأحساء
القاعدة الثانية : أن قلب المرء وإن صفا ، وثبت على الإيمان ، واستلذ بحلاوته ، فإنه معرّض للانتكاسة ، ومهيأ للانقلاب ، قد يقرب من ذلك وقد يبعد عنه ، يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ ؛ إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ - رواه أحمد وهو صحيح
وإن القلب أيها المؤمنون لشديد التقلب ، ويضرب النبي صلي الله عليه وسلم لشدة هذا التقلب مثلاً فيقول : ( لقلب ابن آدم أسرع تقلبًا من القدر إذا استجمعت غليانًا ) رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة وإسناده صحيح
ومن الذي بيده تقليب القلوب وتصريفها ، إنه الله سبحانه ، يقول النبي صلي الله عليه وسلم :
( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ) رواه مسلم
القاعدة الثالثة : أن مذهب أهل السنة والجماعة في شأن الإيمان ، أنه يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وهل يستوي إيمان عبد تعلق قلبه بالمساجد ، وشغف بحب الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ، وأضاء نور القرآن عقله ، وأنارت السنة بصيرته ، بمن صد عن هذا كله ، فرضي بمستنقعات الرذيلة له موردًا ومشربًا ، وامتلكت جوارحَهُ المعاصي ، وسرى في دمه داءُ التبعية لكل ناعق ، فاستمتع بالشهوات المحرمة ، وسلَّم قياده لشيطان الهوى ؟ لا والله الذي لا إله إلا هو لا يستوون ، وهل يستوي من قال الله فيه : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " ، هل يستوي هؤلاء بمن قال الله تعالى فيهم :
" وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " أقول : لا يستوون !!
القاعدة الرابعة : أن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها في أعظم العبادات قدرًا ، وأكثرها تأثيرًا ؛ كالصلاة ، والحج ، والصيام وتلاوة القرآن ، وقيام الليل ، أمر متعذر ؛ لشدة انشغال القلب بأعمال الدنيا ، وملذاتها ، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح ، وليس هذا من الرياء أو النفاق في شيء ، وقد وجد هذا أفضل القرون من صحابة النبي صلي الله عليه وسلم ؛ فقد روى مسلم في صحيحه : عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ، قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ ، سَاعَةً وَسَاعَةً ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " .
مظاهر الفتور
المظهر الأول : قسوة القلب ، ذلك السياج المانع للقلب من الخشوع لله تعالى ، الحابس لدمع العين من خشيته ، الحائل دون قشعريرة الجلد وليونته ذلاً لله تعالى ، فلا يعرف القلب بعد هذا معروفًا ، ولا ينكر منكرًا ، قد جفّت ينابيع الحب فيه ، وأقفرت رياض الرحمة لديه ، واصفرت خضرة المشاعر في فؤاده
" فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " ، وتستمر القسوة بالقلب حتى تصل إلى درجة تتضاءل أمامها صلابة الأحجار والصخور
وشتان بين من كان هذا حال قلوبهم ، وبين من تنتفض أجسادهم كالعصافير المبللة بالمطر رهبة من الله تعالى ، حتى خلّد الله ذكرهم ووصفهم في كتابه العزيز فقال : " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ "
ولا ريب أن ذكر الموت والاستعداد للآخرة وتمني حسن الخاتمة علاج لكل من قسا قلبه بالمعصية ، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها ؛ فإنها ترق القلب ، وتدمع العين ، وتذكر الآخرة ) رواه الحاكم وهو صحيح
وللحديث بقية ان شاء الله

التعديل الأخير تم بواسطة حفيدة ام المؤمنين ; 19-01-10 الساعة 10:08 PM
حفيدة ام المؤمنين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس