عرض مشاركة واحدة
قديم 28-02-10, 06:27 PM   #13
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

تفريغ الشريط الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صل الله و سلم على نبينا محمد و على آله و أصحابه و أزواجه و أتباعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا يا ربنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علما، ربي اشرح لي صدري و يسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقه قولي. أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلا أن يفتح علي و عليكن أبواب فضله و علمه و أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين و أن يدخلنا برحمته في عباده المؤمنين و أوليائه الصالحين وأن يجعلنا جميعا و من نحب و إخواننا المسلمين في جنات و نهر في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، اللهم اجعلنا يا ربنا عندك مرضيين و اجعلنا عندك رضيين و ارضى عنا رضاءً لا سخط بعده يا أرحم الراحمين و تغمدنا جميعا بواصل فضلك و رحمتك يا ارحم الراحمين . اللهم أصلح أحوالنا و أحوال المسلمين، اللهم ارزقنا علما نافعا يورثنا خشيتك في السر و العلن، اللهم ارزقنا عملا صالحا يقربنا إليك، اللهم ارزقنا خشيتك في السر و العلن، اللهم ارزقنا خشيتك في السر و العلن و وفقنا للصالحات، اللهم املأ قلوبنا نورا و إيمانا و يقينا، اللهم اشرح صدورنا و يسر أمورنا، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا و نور صدورنا و جلاء همومنا و ذهاب أحزاننا، اللهم علمنا منه ما جهلنا و ذكرنا منه ما نسينا وارزقنا تلاوته و تدبره آناء الليل وأطراف النهارعلى الوجه الذي يرضيك يا ذا الجلال والإكرام.

أخواتي الكريمات الحمد لله الذي يسر لنا هذا اللقاء في هذا اليوم أسأل الله تعالى أن يجعله لقاء خير و بركة و أن يعم -بما نقول و نسمع - الجميع بالنفع و البركة بفضله ورحمته إنه جواد كريم.
لا يخفى عليكن أخواتي الكريمات أن نستحضر النية وأن نجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم و أن نطلب من الله سبحانه و تعالى أن يفتح علينا من خزائن علمه ما ينفعنا في ديننا و دنيانا، إخلاص النية و الإقبال بشوق وحب لأننا بحول الله تعالى في روض من رياض الجنة، اجتمعنا حول مائدة القرآن و في ظلال القرآن، في ظلال الوحي المطهر المنزل من الله تبارك وتعالى وهو خير من الدنيا وما فيها هذه الساعة المباركة نقضيها معا في ظني أنها من ابرك ساعات اليوم بل من ابرك ساعات العمر فنسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعلها ذخرا لنا يوم نلقاه فباستحضارالنية وحضور القلب والإقبال كما قلنا بحب و شوق و دعاء.
ندعو و نتضرع بإخلاص واستكانة و خشوع و ذل وانكساربين يدي الله سبحانه و تعالى فالله يسمعنا و الله سبحانه وتعالى يباهي بفعلنا و بمجلسنا هذا ملائكته في السماء و الحمد لله اجتمعنا على محبة الله و طاعته فنحمد الله سبحانه و تعالى على فضله و إحسانه. و نريد أن نستثمر كل ما نسمع من الخير في هذا الدرس المبارك في حياتنا، نريد أن نرى أثره في صلاتنا، في معاملاتنا مع الأهل مع الجيران، مع الناس أجمعين، نريد أن نكون رحمة كما اخبر الله سبحانه و تعالى عنا بقوله رحمة للعالمين
لنكن مصدر خير و نور و سلام و أمن للناس من حولنا مسلمين و كافرين فلابد أن يظهر أثرالمسلم في الوجود بأن يكون داعية بأخلاقه وسلوكه وأفعاله وأن يمثل الإسلام خير تمثيل حيث كان في مشارق الأرض و مغاربها وأن يكون مصدرراحة وأمن و طمأنينة لمن حوله حتى نذب عن ديننا.
بعض أبناء جلدتنا وإخواننا من المسلمين صغارا و كبارا ذكورا و إناثا من ينتسبون إلى العلماء، أو أهل العلم أوطلبة العلم ربما اخطأوا الطريق و تأولوا النصوص فزلواوارتكبوا أخطاء كبيرة عادت بالضررالكبيرعلى الإسلام والمسلمين ولذلك يجب الحذر.

الهدف و الغاية -كما قلنا- من هذه الدروس المباركة أن نعيد الناس أجمعين إلى الواحد القهار، أن نخرج الناس جميعا من الظلمات إلى النور، أن نعرف الله سبحانه و تعالى حق المعرفة و أن نعبده كما شرع أو بما شرع و نرد الناس إلى المعين الصافي، إلى العقيدة النقية الطاهرة التي كانت في قلوب الأنبياء و الرسل، في قلوب الصالحين و الأولياء و الأخيار منذ أبينا آدم إلى يومنا هذا، نريد هذه العقيدة النقية هي التي تشرق في الجوارح و في القلوب و في العقول و تكون سفر سعادة للبشرية جمعاء.
الناس أحوج ما يكون إلى ديننا، الناس بحاجة كبيرة إلى قرآننا فحتى يحب الناس هذا الدين و يقبل الناس على هذا القرآن العظيم لا بد أن نتمثل الإسلام في سلوك حي راشد من الذكور و الإناث، نريد أن نتمثل الإسلام كما تمثله الرعيل الأول القدوة محمد عليه الصلاة و السلام، هو الذي مثل المنهج، جاء بالمنهج السماوي القويم والخالد الراشد النظيف الطاهر و تمثله سلوكا و أخلاقا وأفعالا و أقوالا
فهو القدوة كما قال الله جل و علا
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر :7 ]
(قلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران: 31 ]

فالحمد لله أن جعل لنا خير الرسل و خير الأنبياء، جعل لنا محمد صل الله عليه وسلم النوروالهدى و المشكاة والمصباح أن جعلنا من أتباعه عليه الصلاة و السلام.

هكذا يا بنياتي نريد أن نكون مع هذا الدرس المبارك، نستثمر عطاءات هذا الدرس، إشراقات هذا الدرس في إصلاح نفوسنا وأخلاقنا وتقويم ما اعوج من عقيدتنا، ما اعوج في توحيدنا وأيضا الأفكار المشوشة الغير صحيحة في عقولنا يجب أن نقومها أيضا بالقرآن و بهدايات القرآن والحمد لله رب العالمين.
بنياتي كنا تحدثنا في درسنا الماضي عن معنى التدبرلغة واصطلاحا، قلنا ماذا نعني بالتدبر في كتاب الله عز و جل فََتَدَبُرُالقرآن الذي أُمرنا به من الله تبارك و تعالى كما قال جل و علا :

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [ محمد:24]

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82 ]


قلنا ماذا نعني بالتدبر أو كما فهمه العلماء أو كما فهمه الأسلاف نريد أن نَلُمَ ما تفرق من هذه المعاني في كتب أهل العلم وما جرى على ألسنة العلماء و طلاب العلم، نلمه في كلمات نافعة ومضيئة ترينا الدرب، الطريق إلى الله تبارك و تعالى أثناء النظر والتدبر في كتاب الله تبارك و تعالى و لذلك يا بنياتي من الضرورة بمكان أن نسترجع ما دار حول هذه المسألة المهمة في غاية الأهمية.
فالآن بودي من الأخوات الكريمات اللاتي يستمعن إلي أن يلخصنا لي ما قلناه في التدبر الراشد، التدبر الحسن التدبر الكريم، لا أريد شروط التدبر، لا أريد الوسائل المعينة على التدبر التي ذكرناها، أريد التدبر الذي نرمي إليه و نقصده.
ما التدبر القويم، الراشد، المفيد، النافع في تعريف أغلب أهل العلم الذين تكلموا عن التدبر ؟؟ أريد الآن أخواتي أن تكتبن لي ملخص لماذا الموضوع لكي اطمئن فقط لوصول الفكرة إلى الجميع.


ماذا يقصد بالتدبر، التدبر الحسن الذي أمرنا به في كتاب الله غز و جل و في سنة النبي صل الله عليه و سلم و الآن أهل العلم و طلاب العلم يؤكدون عليه و يحثون عليه بقوة ؟


التدبر الذي أمرنا به هو التأمل والنظر و التفكر بعمق بوعي تام وبحضور القلب في ألفاظ القرآن وفي أساليبه وفي معانيه وفي موضوعاته، قلنا نتأمل القرآن حرفا حرفاً لأن كل حرف من كتاب الله وضع بعناية كبيرة دقيقة و تتعلق به معاني جليلة لم يوضع حرف في قران هكذا عبثا أو زيادة، لا، بل لحكمة ربما تظهرلأحد العلماء في جيل من الأجيال و ربما تخفى لكن ما من حرف في كتاب الله إلا و يتعلق به معنى و سر من الأسرار و لذلك الله تبارك و تعالى جعل القرآن محكما و متشابها:
- المحكم البين الظاهر
- ومن القرآن من آيات الله عزوجل منه المتشابه الذي يرد علمه إلى الله تبارك و تعالى، لا يعلمه إلا الله جلا و علا كما في فواتح السور، الحروف المقطعة، العلماء اجتهدو في تفسير أو الوقوف على المقاصد و الدلالات وراء هذه الحروف المذكورة في أوائل السور لكن الذي عليه جنب كبير من العلماء أن يرد علم هذه الحروف إلى الله تبارك و تعالى وإن ظهر بعض الحكم و بعض المعاني و بعض الفوائد المتعلقة بها فلا مانع أن تذكر و هي إن شاء الله نافعة ومفيدة ولكن لايمكن القطع بها ولذلك نرد علم هذه الحروف إلى الله تبارك و تعالى ولذلك قال بعض أهل العلم الحروف في القرآن لدينا :
- حرف مبنى
- و حرف معنى
- وحرف لا معنى ولا مبنى

* حروف المباني هي الحروف العربية المعروفة مثل با، تا، ثا، جيم....
حروف المباني في الحقيقة لا معنى لها لكن إذا اجتمعت على هيئة معينة وعلى طريقة معينة أعطتنا معنى تكلم به المتكلم أوالواضع ابتداءا في لغة العرب الفصيحة ثم نقل إلينا.


* حروف المعاني مثل همزة الاستفهام، واوالعطف، تا القسم وهكذا....
حروف المعاني كل حرف له معنى سواء كان على حرف واحد أوعلى حرفين مثل مِنْ الجارة أو إلى، كل هذه حروف المعاني سواء كانت على حرف على حرفين أو ثلاثة أو أربعة هذه حروف المعاني، كل حرف له معنى.


* وهناك حروف حقيقة لا يمكن أن نقول عنه حرف معنى أو حرف مبنى
اختصه الله سبحانه و تعالى بعلمه كما قلنا مثل الحروف التي افتتح بها السورولذلك لا يمكن أن نقرأها كما نقرأ كلمات العربية مثلا -الم- نقول ألم، لا لها قراءة خاصة ما لم نسمعها ممن أوحي إليه بها لا يمكن أبدا أن نقرأها، لوأعطينا إنسان عامي بدأ يتعلم العربية في أي قطب من أقطاب الدنيا ثم وضعنا بين يديه أوائل سورة البقرة على سبيل المثال وقلنا له اقرأ و لم يكن له علم بطريقة قراءة هذه الآيات الكريمة في فاتح سورة البقرة لا يمكن أبدا أن يقرأ (الم، ألف لام ميم ) سيقول المْ و بالتالي يجب فيها التلقي عن الله تبارك وتعالى والنقل المباشر، فالقضية على جانب كبيرجدا من الأهمية.

إذن نعود نتأمل القرآن بدقة وعناية بحضور قلب وتفكر وخشوع ورغبة و دعاء و تضرع لله تبارك و تعالى أن يفتح علينا أبواب العلم والفضل والرحمة والبركة، البركة في النظر والقراءة في كلام الله تبارك و تعالى، أتأمله حرفا حرفاً و نتأمله كذلك كلمة كلمةً فالكلمات في القرآن موضوعة أيضا بعناية و دقة و قلنا الكلمة في الآية الكريمة ينظر إليها من زوايا مختلفة، من دلالة اللغوية الوضعية و الدلالة الشرعية السياقية والدلالة الوظيفية فهناك دلالات كثيرة ممكن تُأخذ أيضا من البناء الصرفي للكلمة فالبناء الصرفي للكلمة له معنى أيضا فاسم الفاعل غير صيغ المبالغة و صيغة اسم الفاعل غير صيغ المبالغة و هكذا.
و بالتالي ينظر للكلمة من زوايا مختلفة و سنرى ذلك أثناء النظر والتأمل في آيات الله عز و جل في دروس التدبر التطبيقية بإذن الله تعالى.
إذن نتأمل حرفا حرفاً و كلمة كلمةً و آية آيةً كما قلنا نتأمله مقطعا مقطعاً وجزءا جزءاً و هكذا حتى نستظهر ما فيه من دلالات و هدايات ونأخذ من أنواره ما ننتفع فيه في ديننا و دنيانا، نريد هذه الآيات أن تشرق في قلوبنا و أن تهدينا سواء السبيل قال تعالى
(وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور:40]

نتأمل الأوامر و النواهي، مواطن الإنذاروالتخويف والتبشير و التكليف ....الخ
كل هذا من اجل ماذا؟؟؟
- كل هذا التأمل الطويل، نتأمل في القصص، في الأمثال...
قصص القرآن كثيرة، نتأمل في القصص، هدايات القصص، مقاصد القصص القرآني، القصص القرآني قصص حقيقي مأخوذ من الواقع الإنساني و بالتالي فهو مثال حي من تاريخ الإنسان فالله جلا وعلا يبين لنا في قصص من قبلنا ما فيه نفع و خير لنا و بالتالي يطيل الإنسان التأمل في قصص القرآن وكذلك الأمثال، ضَرْبُ الأمثال في القرآن هذا موضوع كبيروعظيم في القرآن الكريم إذن القصص والأمثال و فواتح السور و خواتم السور و هكذا.... جوانب كثيرة جدا في القرآن يمكن أن نتأملها و نتفكر فيها ونستثمر عطاءات هذه الآيات وهدايات هذه الآيات فيما يعود به علينا بالنفع والخيرالكثير.

كل هذا من أجل فهم معاني القرآن التأمل الطويل العميق والنظروترداد أي نقرأ الآية ونرددها نقصد بذلك أن ننتفع بها من أجل ماذا ؟؟ من أجل فهم معاني القرآن على وجهها، إدراك مقاصد الأحكام من هذا التنزيل الكريم وما المراد من التنزيل.

- الكشف عن وجوه الإعجاز والبيان فالقرآن في أبهر سورالإعجاز معجزة بيانية، ولا يمكن أن نقف على هذا الإعجازالبياني إلا بالعلم بالنظر والتفكر والأخذ عن أهل العلم فالعرب وقفوا في محراب التأمل والنظر والتفكر في آيات الله عاجزين أن يأتوا بمثله وقد بهرهم ببيانه وبأحكامه وبتشريعاته فخروا له ساجدين، كما ورد في القصة المشهورة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرة خرج على صناديد قريش، على جمع من قريش
وهم في ناديهم حول الكعبة وهم مجتمعون فوقف الرسول صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم سورة النجم ويرتل القرآن ترتيلا يقرأ القرآن قراءة خاشعة جميلة حسنة بصوت حسن فأُخذوا جميعا هؤلاء بما في القرآن، بجمال القرآن وبيان وإعجاز وحسن بناء ومعنى، فأُخذوا بجمال وبلاغة القرآن حتى لما انتهى النبي إلى قوله تعالى (فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا) [النجم 62] فخرت قريش وخرالجمع ساجدين لله تبارك وتعالى مع أنهم كانوا على الكفر.
فالقرآن في بيانه يستحق منا النظر والتفكر وبذلك تقوم الحجة على الناس أجمعين.

- بنياتي قضية كبيرة ومهمة للغاية في الموضوع، نحصل العلم النافع المورث للخشية و ينبغي بعد التحصيل العلم، أي كان هذا العلم، يجب التطبيق، العمل مباشرة، لا يكفي أن آخذ هذا العلم والنوروالهداية من الآية وأكتفي بذلك ينبغي أن أُحول هذا العلم إلى عمل إلى سلوك في الحياة، فإن كان عندي تقصيرفي جانب العبادة أصلح هذه العبادة، وإن كان عندي جانب من التقصير في السلوك أصلح هذا السلوك كتعاملي مع أهلي جيراني مع إخواني في ميدان العمل في الحارة في المجتمع الصغيرالذي أحيا فيه ينبغي للإنسان أن ينظر إلى عيوب نفسه، إلى أخطائه إلى جوانب التقصير في حياته ويحاول أن يصحح وأن يصلح وأن يجتهد في الإصلاح لأن الله تعالى أمرنا أن نسعى جاهدين في إصلاح أنفسنا، جاهدين أن نُزكي أنفسنا، نزكي أنفسنا بالعمل الصالح بالعلم النافع، فالتزكية مهمة
وعلى جانب كبير في الإسلام، يقول الله تعالى
(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿٩﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) [الشمس 9-10]
(قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ) [ الأعلى: 14]

نقرأ القرآن ونقصد أن نزكي نفوسنا بهذا القرآن، بالعلم والعمل مباشرة، وأن نشفى من أمراضنا سواء تلك الأمراض التي في القلوب أوالأمراض المتعلقة بالجوارح، أي نوع من أنواع الأمراض يمكن أن نتعافى منه وأن نشفى منه بالقرآن بالوحيين (الكتاب والسنة) نطلب العافية في أجسادنا، وفي أنفسنا وقلوبنا وهذا ما يتأتى إلا بصدق النية والإخلاص والرغبة والدعاء المخلص والأخذ بالأسباب كما أمر الله تعالى
إذن نريد العافية في نفوسنا وأبداننا وعقولنا ونريد أن نقوي الإيمان ونكتسب اليقين كلما ترقى الإنسان درجات العمل، درجات الإيمان، درجات اليقين، كلما كان من الله أقرب كان لله أطوع حتى أنَّ التوفيق يكون ملازم له كما قال الله عز وجل
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) [العنكبوت: 69] قال سبحانه وتعالى: سنهدينهم سُبُلنا لم يقل سبيلنا
ثم ذكر الله تعالى المعية الخاصة
إن الله مع المحسنين، معية خاصة، معية نصرة، معية حفظ، معية توفيق، معية عطاء، معية صلاح وإصلاح وخير وبركة لايُحد ولا يُقدر قدرا، الحمد لله رب العالمين.
في الحقيقة فضل الله علينا واسع وكبير
والإنسان في ساحة القرآن يشهد كل هذه الخيرية بالنظروالتفكر والتدبر حتى ينال الرفعة والعزة.

* وهناك قضية من أعظم المقاصد في النظر والتأمل والتفكر في القرآن معرفة الله العظيم، الذي أُمرنا أن نخضع له و الذي يجب أن نوحده ونعبده ونسجد له.
من الله؟؟ من هذا الخالق العظيم ؟؟ من هذا الرازق الكريم؟؟؟
معرفته سبحانه وتعالى من خلال آياته الشرعية بأسمائه وصفاته عرفّ نفسه جلا وعلا وذكر أسمائه وصفاته وذكر آثار هذه الأسماء والصفات في الوجود ، أمرنا بالنظر في آياته الشرعية وآياته الكونية حتى نعرف الله تعالى ونعبده العبادة التي تليق به جلا وعلا بدون إشراك ورياء.
هذه من المقاصد العظيمة من التدبر إلى غير ذلك من الأمور التي ذكرناها لذلك أريد التركيز عليها واستحضارها باستمرار.
الأن السؤال الذي يجب أن أطرحه وهو مهم في هذا الجانب ممكن أن نستخلص إجابته مما استمعنا آنفا ونزيد عليها إن شاء الله تعالى.


إذا قلنا وسألنا ما الغايات الكبرى من إنزال القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم.
ما المقاصد الكبرى من التدبر؟


نريد أن نخلص هذه النقاط وهي على جانب كبير من الأهمية، غايات التدبر والمقاصد مرتبطة ونريد أن نستمنع منكن. السؤال :

ما الغايات من إنزال القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم؟
- وماالمقاصد الكبرى من التدبر؟

كما قلنا هذان الموضوعان متلازمان تلازم كبير، الغايات الكبرى من الإنزال والمقاصد الكبرى من التدبر.

غايات تنزيل كتاب الله عز وجل

1 – معرفة الله عز وجل بأسمائه وصفاته وآلائه وآثارهذه الأسماء والصفات في الوجود، من آياته الشرعية وآياته الكونية.
الدليل
:
(اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) [ البقرة 255 ]

2 – إخراج الناس من الظلمات إلى النور:
الأدلة من كتاب الله
(الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [إبراهيم 1]

3 – فطر الله الناس على التوحيد والإيمان كما قال عز وجل (.طْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم :30 ]
فالناس فطروا على التوحيد وعلى معرفته ومحبته وعلى عبادته
كان الناس على التوحيد والعمل الصالح من آدم إلى نوح عليهما السلام ولما حصل انحراف في العقيدة والسلوك أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب ليرد الناس إلى هذه العقيدة النقية، إلى التوحيد.
فهناك انحراف في العقيدة ، في التوحيد، في أعمال القلوب وفيما يستقر في القلوب، في معرفة الله عز وجل، تشويش وخلل، حصل انحراف عن التوحيد لذلك ابتعث الله تعالى الرسل ليردوا الناس إلى التوحيد فالله تعالى لا يقبل أبدا إلا دين الإسلام، دين التوحيد، دين الحنيفية السمحة، دين إبراهيم الخليل،الإسلام.
قال تعالى :
(وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [التوبة 115]
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [ ابراهيم :4]

ليقيم الله الحجة على الناس ، فإذا حصل انحرف الناس أرسل الله لهم الأنبياء والرسل ليدلوا الناس على الطريق ويردوهم إلى الفطرة السليمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ) متفق عليه ولم يقل يسلمانه لأن الإسلام هو الأصل.


لماذا أُنزل القرآن ؟
ليصلح ما فسد وما اختل من أمرالعقيدة والتوحيد في القلوب والعقول وحتى يدخل الناس جميعا في دين الله أفواجا، دين الإسلام الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده، قال تعالى (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ) [النساء 48 ]
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران :85]

لأن الإسلام هو دين الرسل جميعا

كل الرسل جاءوا بالإسلام، نحمد الله تعالى لأننا أبناء الإسلام نؤمن بالرسل جميعا، من أولهم نوح إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، دون التفريق بينهم وأنهم جاءوا بالحق والتوحيد ودعوا الناس جميعا إلى التوحيد إذن هذه الغاية الثالثة من الإنزال.

4 – إصلاح ما فسد من أخلاق الناس وسلوكهم ومعاملاتهم، حصل عندهم انحراف في معاملاتهم، ظهر فيهم الزنا، الربا، اللواط، التطفيف في الميزان.... في كل أمة وفي كل قوم حصلت انحرافات سلوكية وأخلاقية متعلقة بالجوارح لذلك أنزل الله هذا الكتاب الكريم ليصلح ما فسد من أخلاق الناس ومعاملاتهم وعباداتهم.
وحتى تشيع المودة والرحمة ويشيع العدل بين الناس

(إنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل: 90 ]
الله سبحانه وتعالى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن والوصايا العشر في أواخر سورة الأنعام معروفة.
إذا الله أنزل الكتاب ليصلح الأخلاق والسلوك و ينشرالعدل والسلام والمحبة والرحمة بين الناس ويعيش الناس في وأمن وأمان ورغد من العيش بمقتضى السنن التي أودعها الله وسخرها للناس في الأرض والسموات.

5 –تزكية النفوس وتطهير النفوس والجوارح والأرواح ويحقق للناس أكبر قدر من السعادة في الدنيا والآخرة، كذلك القرآن الكريم يحمل الناس إلى دارالخلود في جنات الخلود، في النعيم المقيم في الجنة.

6- القرآن يرشد الناس لما فيه سعادتهم وصلاحهم وخيرهم في الدنيا والآخرة ويحذرهم من كل ما يضرهم ولا ينفعهم ويضع لهم المنهج القويم للحياة والمعاش، المتمثل ذلك في الشريعة الكاملة الخالدة في عهد الإسلام.
أخذ العبرة والعضة من أسلافهم والأمم السابقة، كيف أنهم لما غيروا غير الله ما بهم لذلك حتى يثبتوا
على ما هم فيه من حق، لذلك الله تعالى اسبغ عليهم الله النعم والبركات من السماء والأرض.
القرآن يكون لهم حصنا وملجأ وملاذا من كل ما يؤذيهم ويضرهم في دينهم ودنياهم وفي أجسامهم وقلوبهم وأرواحهم كلما وجدوا الأذى والضرر فزعوا إلى القرآن وعاشوا في ظلاله وأنواره فيزيح الله عنهم الظلمات ويكشف عنهم الحجب التي تحول بينهم وبين الخير ويهديهم به إلى التي هي أقوم وإلى الخير والصلاح.
7- ليكون للناس و للمسلمين معراجا وسلما للعزة والتمكين في الأرض ونيل كل البركات والرحمات من الله ناهيك أن يمكن لهم في الأرض فيعبدوا الله سبحانه وتعالى على هدى ونور، يقول الله تعالى على أحد أنبيائه
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) [هود: 52 ]
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف: 44]
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء: 10]
(طه ﴿١﴾ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ) [طه: 1- 2]

لم ينزل علينا القرآن لنشقى بل أنزله الله تعالى هدى وبشرى وشفاء وموعظة وحجة، الخيرية كل الخيرفيه.
قال تعالى (قالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) [طـه: 123]

(يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ) [النحل: 89 ]

هذه في ظني أبرزغايات التنزيل لهذا الكتاب الكريم وهناك غايات آخرى خاصة ورديفة لها.
تلخيص النقاط أبرز الغايات من التنزيل :

هناك سبعة نقاط ذكرت....
هذه الغايات ينبغي أن نستحضرها في كل لحظة من لحظات التدبر لاتغيب عنا أبدا في كل مجلس من مجالس التدبر تكون حاضرة وتكون في أذهاننا ولا تغيب كل ما جئنا ننظر في الآيات الكريمة نجعل هذه الغايات نصب أعيننا بمثابة المشكاة والمصباح التي تضيء الطريق لاستظهار والإنتفاع بهدايات الآيات الكريمة في كل تدبر.

أنواع التدبر.....يتبع



توقيع أم ايمان

التعديل الأخير تم بواسطة أم ايمان ; 28-02-10 الساعة 06:53 PM
أم ايمان غير متواجد حالياً