عرض مشاركة واحدة
قديم 24-03-10, 11:28 PM   #17
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ الشريط الرابع لدروس التدبر

الحمد لله رب العالمين و صل الله و سلم على نبينا محمد و على آله و أصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات,وأسأله وهوالجواد الكريم أن يتولانا جميعا بواسع فضله ورحمته وأن يفتح علينا أبواب العلم وأن يهدينا جميعا سواء السبيل وأن يربط علينا برباط الحق حتى نلقاه .
اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وادخلنا برحمتك في زمرة عبادك المؤمنين وااحشرنا مع عبادك الصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إنا نسألك الهداية والتوفيق على ما تحبه وترضى من الأقوال والأفعال والنيات والهدى إنك على كل شيء قدير
اللهم اهدنا واهدي بنا ويسر الهدى لنا واجعلنا جميعا هداة مهتدين، وارزقنا الثبات على الدين حتى نلقاك.
اللهم اختم بالباقيات الصالحات أعمالنا وأعمارنا، واجعل ما بقي من أعمارنا في طاعتك وتوفنا على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين أعدائك أعداء الدين واهدي ضال المسلمين
اللهم واجمع كلمة المسلمين ذكورا وإناثا، حكاما ومحكومين على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله اللهم اجمعهم على الهدى والتقى والعفاف، اللهم اجمعهم على التوحيد والإيمان واليقين يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لما تحبه وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى، واجعلهم هداة مهتدين، واجعلهم رحمة على رعاياهم، إنك جواد كريم .
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب همومنا وأحزاننا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته وتدبره والتفكر في آياته أناء الليل وأطراف النهارلعلك ترضى يا أرحم الراحمين. واجعله دليلنا وسائقنا إلى جناتك جنات النعيم، اللهم بارك لنا في ساعتنا هذا، واجعل اجتماعنا اجتماعا مرحوما وتفرقا من بعد تفرقا معصوما ولا تجعل فينا ولا معنا ولا من حولنا ولا من نحب شقيا ولا محروما إنك جواد كريم.
بنياتي أهلا بكن جميعا في درس التدبر في هذا اليوم، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للخير، كما قلت آنفا أخذنا سورة الجاثية كنموذج تدبر وسنحاول قدر المستطاع تجربة سنعيشها معا ونستفيد من عطاءات هذه التجربة في سور القرآن الأخرى، لم يكن لنا سابق تجربة مع التدبر في دروس مفتوحة مع الأخوات عن طريق الغرف الصوتية، وإن كان تجارب في المعاهد والجامعة في الدروس الخاصة، ولكن هذه التجربة الأولى عن طريق المحادثة عن طريق الغرف الصوتية، سنحاول أن نستجمع كل الخبرات والتجارب التي عشناها عن التدبر وأيضا عاشها غيرنا من الأئمة والدعاة والخيرين والصالحين عباد الله، ونستفيد منها في استنطاق واستظهار دلالات الآيات الكريمة لننتفع بها في الدارين، فالخبرات التي معي وعند غيري و ربما تكون عند إحداكن، لامانع أن نتبادل هذه الخبرات ونتناقش ونتحاور للوصول للطريقة المثلى والطريق الأمثل، والطريق الأحسن والأفضل للوصول إلى الغاية وهي كما قلنا في النهاية أن نستفيد من إضاءات وهدايات الآيات الكريمة تزيدنا إيمانا وخشوعا وذلا وانكسارا وطاعة لله تبارك وتعالى .
نحن في الحقيقة إذا جئنا لهذه الروضة الوارثة الغناء، الناعمة الطيبة، هي روضة من رياض الجنة، روضة القرآن، في الحقيقة نحن نريد أن نغتسل من ذنوبنا من معاصينا، من تقصيرنا، نريد أن نتزود من زاد الإيمان حتى نواجه الحياة بكل تابعاتها، ألامها وعقباتها، نستمد القوة من الله تبارك وتعالى، ولا أظن أننا يمكن أن نجد طريقا أو سبيلا أنفع وأنجع من الإعتصام بكتاب الله عز وجل وبسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فكلما الإنسان واجه لهيب الحياة و ألم الحياة وأصابه الهم لسبب أولأخر، بسسب تحرقات الحياة وتكلفاتها، عليه أن ينطرح في رياض القرآن، أن يعود مباشرة للقرآن، يجزع للقرآن، يقرأ القرآن قراءة تفكر، تدبر ونظروبكاء وخشوع لله سبحانه وتعالى، فيجد الراحة والطمأنينة لأنه يتكلم مع الله تبارك وتعالى، يتحدث مع الله تبارك وتعالى بكلامه، الله سبحانه و تعالى يتنزل عليه بالرحمة والطمأنينة، يتنزل عليه بالفضل والبركة فيرزقه الإيمان الذي يجد حلاوته في قلبه، فينزع في قلبه الهم والحزن ويشعر بالراحة، راحة كبيرة، فما أحوجنا إلى العودة باستمرار إلى القرآن كلما حزبنا أمر، أو أصابنا هم أو حزن أو بلاء في هذه الدنيا.
الحمد لله أن جعل كتابه بين أيدينا، نسأله سبحانه وتعالى كما جعله ميسرا للوصول إليه قراءة، أن يجعله في صدورنا آيات بينات نستفيد وننتفع منها في الحياة الدنيا والآخرة.
ربما سبب اختياري للجاثية ، أسباب عديدة :
- السورة مكية، تشتمل على أبرزأهداف القرآن المكي، والقرآن كما تعلمن جميعا يعتني بقضايا كبرى من قضايا في الدين، قضية التوحيد والعقيدة وقضية السلوك والأخلاق وقضية صفات الفريقين، صفات أهل الإيمان وصفات أهل النفاق والشرك، والتكذيب والعناد والاستكبار، بصفة عامة، وإن كان الحديث عن المنافقين لم يكن مفصلا وفيه نوع من الأصد لم يكن في العهد المدني، لكن في العموم القرآن المكي يعرض الصفات العامة لأهل الإيمان والتقوى والصلاح، والصفات العامة التي يتصف بها أهل الكفر ويدخل في زمرة هؤلاء ممن كان على شاكلة أهل النفاق والضلال، ويبين جزاء الفريقين في الحياة الدنيا والآخرة.
- البعث والنشور : يركز القرآن المكي على قضية البعث والنشور، كما نحن في حاجة ماسة لعطائته وهداياته وفوائده واشعاعته، لأن المشكلة الكبرى التي يعاني منها الكثيرمن أبناء الإسلام ذكورا وإناثا، ضعف العقيدة في قلوبهم، فلو عرفوا من يعبدون، لوعرفوا من يوحدون، ولو عرفوا من هو الذي هم له مستسلمون، والذي له هم يصلون، عرفوه حق المعرفة بأسمائه وصفاته وأثار أسمائه وصفاته في الوجود لعرفوا معنى العزة ولعرفوا معنى الاستعلاء على الشهوات، ولعرفوا معنى الإيمان وقيمة الإيمان في حياة المسلم ولكان ذلك لمحالة صادا لهم عن ارتكاب والوقوف في حماءات الشهوات والنمكرات والكبائر، يكون لهم الإيمان عاصما للوقوع من المحذور، لأنهم يعرفون الله سبحانه وتعالى وهم أشد له خشية من غيره، فمن خاف الله أطاعه وأحبه وأخلص له العبادة، وأخلص له الطاعة، فلا يراه إلا حيث أمره لأنه يخاف الله ولأنه يعرف عظمة الله سبحانه وتعالى.
هذه السورة العظيمة تمثل لنا المنهج القويم للوصول إلى الله تبارك وتعالى، فيها تعليمات على جانب كبير جدا من الأهمية، نحن في أمس الحاجة إليها، طريق اليقين طريق الإيمان ، لا يمكن الوصول إليه إلا أن نسلك الدعوة الكبيرة من الله تبارك وتعالى لنا في هذه السورة وغيرها من السور، أن نتفكر ونتدبر، أي نستخدم العقل، العقل نعمة عظيمة من الله، أعظم النعم الله على العبد في ذاته، إذا نزع الله منه هذا العقل أصبح هو وسائرالحيوان والجماد، لافرق بينه وبين سائر المخلوقات المهدية تلقائيا بالقدرة الإلاهية والهدى الرباني الفطري، تلقائيا يقوم بوظيفته ولكن ليس له عمل وأثرواضح في التغيروالبناء الحضاري للحياة في هذه الدنيا، فالعقل من نعم الله تبارك وتعالى الكبيرة.

هذا العقل يجب أن يوظف ويستخدم في غاية عظمى، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴿٥٧﴾ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴿٥٨﴾ [الذاريات]
إذن يستخدم هذا العقل للاستدلال على الله تبارك وتعالى، على الطريق الموصل إلى الله تبارك و تعالى، فالعقل الذي لا يوصل إلى الله تبارك و تعالى يعني الفكروالنظر والتدبر استخدام العقل والقلب الذي يوصل إلى الله تعالى، هو القلب في الحقيقة السليم والعقل السليم ، الخالص الصحيح، أو نقول الصحيح، السليم من الآفات القادحة.
العقل المشوش، العقل الصدء، المليىء بالشبهات هذا لا يدخل في زمرة العقلاء، بل هو دون البهائم، لاقيمة لعقله، وإن استخدم في الحياة المادية وصار لها أثر في الحياة المادية تصنيعا أو بناء فهذه حضارة جوفاء لا قيمة لها، وهذا الصنيع المادي الذي صنعه هوفي الحقيقة سيكون حجة عليهم يوم القيامة وسيجازى على عمله في الدنيا لكن لا يأخذ شيئا في الآخرة، أبدا، يجازى لأنه يعمل بالسنن فيأخذ جزاء هذا العمل. يستخدم عقله لكنه في الحقيقة هو دون البهيمة كما قال الله عز وجل
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]

هنا بنياتي، يجب أن نستخدم هذا العقل استخداما صحيحا سليما، أن نستفيد من هدايات القرآن، من دلالات القرآن، من دعوات القرآن، أن نستفيد من هذا القلب والعقل الذي وهبه الله لنا.
لهذا نجد هذه السورة العظيمة تركزعلى أمرين اثنين، على جانب كبير من الأهمية:
- في زيادة اليقين
- معرفة الله بأسمائه وصفاته للحصول على كمال الذل والخضوع له جل وعلا
التفكر والنظر بالعقل أين يكون وأين ينبغي أن يكون؟
يكون في أمرين اثنين :
- التفكر في الآيات العينية المشاهدة، الكونية التي بثها الله سبحانه وتعالى من حولنا ، في القريب والبعيد مخلوقاته، في السماوات والأرض والأنفس، هذه الآيات منصوبة دالة على كمال قدرة الله وتعالى، دلائل القدرة والصنع والتكوين والإتقان في الخلق والتصوير.
كلما أمعن الإنسان النظر فيها في هذه الآيات تفكرا وتدبرا ازداد ذلا وخضوعا لله تبارك وتعالى وعلم أن الله واحد، وأنه كامل الصفات جل وعلا، وأنه لا يمكن أن يشاركه أحد، لا في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في ملكه جل وعلا، هو المتفرد بالصنع والخلق، كلما ازدادا تعمقا ونظرا في آيات الله الكونية.
فالتفكر في آيات الكونية المشهودة من أقوى الطرق الموصلة إلى اليقين، الموصلة إلى الإيمان فهؤلائك الذين فقدوا النظر والتفكر هم في الحقيقة عميان، وهم في الحقيقة في عداد الموتى الله تبارك تعالى يقول : (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 122]
هل يستوي الأحياء والأموات؟ لا
هل تستوي الظلمات والنور؟ لا يمكن
هل يستوي من على الأرض ومن في القبور؟؟؟ لا
الحياة الحقيقية حياة الإيمان لا يمكن...بالإيمان الحر والإيمان القوي، الإيمان الخالص ، الإيمان الناضج النافع، الحي المحرك للخيروهذا لا يمكن إلا بالعلم بالتفكر والنظر، أما الإيمان الناتج عن التقليد كما قال تعالى في كتابه :( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) [الزخرف:22]
وجدت أهلي على الإسلام فأصبحت مسلما، وجدت أهلي يصلون فصليت مثلهم، فهو مقلد لغيره
لا يستخدم عقله، لا يتفكر ولا ينظر ولا يتدبر، في الحقيقة هو يخسرالكثير، يجب أن يستخدم عقله وينظر ويتفكر ويحمد الله تعالى أن جعله من أمة مسلمة، وفي ذرية أمة مسلمة وجعل والديه من المسلمين، هذه نعمة كبيرة عظيمة وعليه أن يستفيد من هذا الانتماء إلى الإسلام بأن يكثر من النظر والتفكر والتدبر وأن يتعلم لأن من أراد الجاه عليه بالعلم من أراد المال عليه بالعلم ومن أراد العزة في الحياة الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الرفعة في الآخرة فعليه بالعلم، العلم الموصل إلى الله، العلم المورث للخشية، ليس أي علم.
إذا الطريق الأول التفكروالتدبر والنظرفي مخلوقات الله.
بنياتي إشارة بسيطة :
لو استخدمنا العقل، العقل السليم الخالي من الآفات، العقل الصحيح السليم واستخدمنا قلوبنا الواعية العاقلة ونظرنا، الله تبارك وتعالى هوالمصور حل وعلا، قال (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران:6]
من أسماء الله تعالى المصور، لو نظرنا إلى وجوهنا، وجوه البشر، كم خلق الله سبحانه وتعالى من هذه الوجوه منذ آدم إلى يومنا هذا، نظرنا إلى وجوه الناس عجب !!!
العينان في مكانهما لم يتغيرا منذ آدم إلى يومنا هذا، الأنف في مكانه، الفم في مكانه ، والخد في مكانه، والأذنان في مكانهما، فكل جارحة وكل في مكانها، لم يتغير هذا المكان ومع ذلك لا تجد صورة تشبه صورة على الإطلاق، حتى التوأم الذي يخرج من بطن واحد ومن أم واحدة وإن كان بينهما تشابه كبير إلا أن هناك فوارق بينهما تظهر عند التدقيق
من هو المصور؟ الله تبارك وتعالى
ولو نظر كل واحد منا في وجهه ووجه أخيه سيجد فارق في اللون في الزينة العامة لهذا الوجه ، وكلنا نملك نفس الجارحة وفي نفس المكان...أي فنان؟ أي مبدع هذا ؟ لو جعلنا لفنان ولأبرع مبدع في الوجود وجعلنا له مربعا عشرة سنتيمتر في عشرة أو متر في متر، ثم حددنا له نقاط معينة فيه وقلنا له ارسم لنا صورة في هذا المربع لا تتكررولا تتجاوز هذه الحدود والنقاط كم سيرسم لنا من صورة؟ ألف ألفين مليون، مليار ثم يقف، يصل إلى حد يقف، ويعجز العقل.
كم خلق الله من المليارات منذ آدم إلى يومنا هذا؟؟ لا تجد وجها يشبه الأخر هنا يظهر معنى عظمة المصور (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
هذا الخالق عظيم، هنا تتجلى العظمة، هذا فقط في خلق الإنسان فكيف في خلق سائر الكائنات والأحياء سبحان الخالق العظيم.
انظر إلى عالم الطيور بأشكالها وصورها وألوانها الزاهية، نجد الصغير والكبير مختلف الأشكال والألوان والأصوات...سبحان الله
نعود للإنسان نفسه، ثبت علميا الآن أنه لا يوجد هناك أحد من البشر منذ آدم إلى يومنا هذا يماثل الآخر لافي صورة وجهه، ليس فقط في الوجه لكن حتى في نبرة الصوت، كل إنسان له نبرة خاصة به، لا تشابه النبر الأخرى عند مخلوق آخر من جنسه.
وبصمة العين، العين لها بصمة خاصة بها، ليس هناك عين تشبه الأخرى في بصمتها، سبحان الله سبحان الله سبحان الله.
ليس فقط هذا بل حتى في هيكله العظمي، في مشيته لا تجد أحدا يشبه الأخر في مشيته في حركته، ولا تجد أحدا يشبه الأخر في مشاعره سبحان الخالق المصور جل في علاه.
وهنا يظهر لنا معنى قوله تعالى (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية
ولكن بسبب الإلف والعادة تغيب عنا المعجزة في الخلق، لما نرى الأشياء مألوفة كل يوم نراها لا نتفكر فيها ولكن لو وقفنا للتفكر والتدبر أدركنا العظمة الهائلة في التصويروالخلق والإبداع، سبحان الخالق العظيم سبحان الخالق العظيم.
إذا الإشارة وقوية جدا من الله تبارك وتعالى إلى العقول السليمة، الصحيحة، الخالية من الآفات، أن تنظر وتتفكر في خلق الله تعالى (وَفِي خَلْقِكُمْ )
في الخلق معجزات عظيمة جدا جدا، لو تصورنا العين كم فيها من صور الإعجاز؟
الإعجاز في خلق العين شيء عجيب جدا، الآن العين فيها ماء ومع ذلك نجد الإنسان يعيش في مختلف درجات الحرارة، هناك درجات شديدة الحرارة، شديدة البرودة، لو وجد في درجات منخفضة جدا ربما خمسين أو ستين تحت الصفر ومع ذلك لايغطي العينين، يغطي الأذنين، يغطي الرأس، يغطي جزء كبير من الوجه، ولكن لا يمكن أن يغطي العينين لأنه يحتاج إليهما ومع ذلك هاتان العينان حماهما الله سبحانه وتعالى من التجمد مع أنه سائل لا يتجمد، من أودع هذه الخاصية في ماء العين أن لا يتجمد مهما كانت درجة الحرارة الخارجية؟؟ إنه الله الحكيم سبحانه وتعالى، قدرة هائلة.
العين كم يمكن أن تميز من الألوان؟ يقال أن في الميكرو المربع الواحد من العين، فيه أكثر من مئة مليون مستقبل ضوئي في هذا الجزء اليسير جدا من العين.
قدرة العين على التفرقة بين الألوان، لها قدرة أن تفرق بين ثمانية ملا يين لون من درجات الألوان المختلفة، ثمانية ملا يين تستطيع العين أن تميز بينهما، أي كاميرة مهما كانت درجة الوضوح أوالقدرة على استقبال الضوء، الكاميرات الرقمية الكبيرة التي وصل إليها العلم، لا تستطيع أن تأتي ولا بواحد في المئة من وظيفة العين، هذا في خلق الإنسان، سبحان الخالق العظيم.
إذا التفكر في الآيات الله المبثوثة في الكون الكبير سواء في الأجرام السماوية البعيدة عنا وفي المخلوقات القريبة منا سواء عالم الحيوانات، أو عالم النبات أو عالم الطيور، أوعالم الجبال أوعالم البحار والأنهار، أوعالم البراري في عالم الحشرات ....معجزات عظيمة كبيرة جدا لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى.
إذا كثرة النظر والتفكر والتدبر في هذه المخلوقات، الحقيقة يحتاج الإنسان أن يقف عندها وقفة نظر وتأمل، سبحان الله، يعني كما قلت بسبب الإلف والعادة، أشياء مكرورة نراها كل يوم، مثل حركة الليل والنهار، تقلب الليل والنهار، الليل يأخذ من النهار، والنهار يأخذ من الليل في حركة دائبة مستمرة لا انقطاع لها ولا تبدل ولا تغير ولا تحول منذ أن خلق الله السموات والأرض إلى يومنا هذا.
سبحان الله هذه الحركة الدائبة المستمرة لا تلتفت الأنظارإليها، يقول الله تعالى وفي اختلاف الليل والنهار آية من آيات الله ولكن بسبب الإلف والعادة لا ندرك حقيقتها.
أنظرنا بنياتي شيء عظيم جدا سبحان الخالق العظيم، نجد أن الكون الواسع الكبيرالعظيم حدده علماء الفضاء عمقه أربع وعشرون ألف مليون سنة ضوئية، في عمق الفضاء، ومع ذلك هذا الكون الواسع جدا الذي لا يستطيع العقل أن يتصوره، يعني أربعة وعشرون مليون سنة ضوئية لا يمكن للعقل أن يتصوره فوق الخيال، السنة الضوئية، لما نأتي نتصورها، لايخفى عليكن معنى السنة الضوئية، الضوء يقطع في الثانية حوالي 186000 ميل، حوالي 300000 ميل في الثانية الواحدة ، فسرعة الضوء في الثانية الواحدة يضرب في 60 حتى نعرف في الدقيقة ثم نضرب في ستين حتى نعرف في الساعة ثم نضرب في 24 في اليوم ثم في الشهر ثم في السنة فنجد هذا الرقم العظيم الضخم، سنة ضوئية واحدة.
أقرب نجم إلينا الشمس 39 مليون ميل تقريبا بيننا وبين الشمس، لكن لو تجاوزنا الشمس، سر الحياة على الأرض ولها اعتبار خاص لأن الله سبحانه وتعالى خلقها وأوجدها لتكون آية من آياته الله عز وجل وهي مرتبطة ارتباط وثيق بحياة الناس وحياة الكائنات الحية على الأرض، حتى قيل أن الطاقة الموجودة على الأرض، كل الطاقة متشكلة سواء في صورة النفط أو الفحم، الفحم الحجري أو الفحم النباتي أوالمتشكل في صورة النبات أو أي مخلوق على الأرض كله مخزون من الطاقة التي جاءت من الشمس، فالطاقة التي تأتي من الشمس تُخزن بأشكال مختلفة بقدرة الله تعالى وهي بقدر فسبحان الخالق العظيم.
هذا النجم القريب، فماذا لو تجاوزنا الشمس، فأقرب نجم إلينا يبعد عنا حوالي خمس سنوات ضوئية، وأبعد مجرة في عمق الكون تبعد عنا 24 مليون سنة ضوئية، مسافات هائلة...
هذا الخلق يظهر لنا مع قول الله عز وجل (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ)
نبدأ في السماوات : (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ)
(وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) ولكن بسبب الإلف والعادة لا ندرك عظمة هذا التقلب في الليل والنهار، مع أنه آية من آيات الله تعالى.
إذا قلت العمق الكبير جدا في الكون وهو في اتساع دائم كما يقول العلماء مظلم، شديد الظلمة ولذلك أول البشر الذين خرجوا إلى أجواء الفضاء في مراكب الفضاء، هؤلاء لما صعدوا إلى السماء في مراكبهم، كلما تجاوزوا الغلاف الجوي في مراكبهم، هذا الغلاف يرتفع عن الأرض بحوالي ألف كيلومتر محيط بالأرض هذا الغلاف الجوي بعد ما تجاوزوه دخلوا في ظلمة، لما كانوا داخل الغلاف الجوي بقدرة الله تعالى، الجزء المقابل للشمس نرى النور والبياض، نرى النهار في هذا الجزء المقابل للشمس بينما الجزء الأخر الذي لا يقابل الشمس يقابل ظلمة السماء، فإذا جاء الليل التقت ظلمة الأرض بظلمة السماء الكبيرة فنرى النجوم البعيدة كما نعلم ونرى.
إذاالكون كله مظلم بدليل أنه إذا غابت الشمس في الجهة الأخرى من الأرض، في القسم المقابل للشمس سيكون نهارا، والجزء الأخر سيكون ليلا، وإذا جاء الليل التقت ظلمة الأرض بظلمة السماء فنرى النجوم الغائرة البعيدة عنا كما قلنا بالمئات وألوف السنوات الضوئية البعيدة عنا في أعماق الفضاء، نراها لأن الكون كله مظلم، شديد الظلمة، من الذي نوره ؟؟؟ إنه الله تبارك وتعالى ولذلك الله قال: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) [فصلت: 12]
وقال (بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿٦﴾ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ) [الصافات:]
وقال تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض )
الله تعالى بقدرته هو الذي نور السماوات بهذه النجوم التي لا يأتي عليها العد، المليارات والمليارات من النجوم تملأ السماء، ولا تتصادم وفي أفلاكها بقدرة الله ممسكة، مع أنها بحجم نجم كبير ضخم جدا جدا، شيء لا يتصوره إنسان، شمسنا مثلا حجمها مئة ألف مرة ضعف حجم أرضنا حتى نصل إلى حجم الشمس، فهذا نجم قريب منا، كيف النجوم الأخرى، مئات ألاف ملايين المرات ضعف حجم الشمس، نجوم كبيرة في السماء فسبحان الله الخالق العظيم، وبعدها كلها نار، يعني كميات هائلة من الطاقة التي تطلقها هذه النجوم، من الذي يمسك كرات الناراللهب المشتعلة بهذا هذا الحجم الهائل في السموات، من الذي يمسكها؟؟؟ إنه الله
هنا يظهر لنا قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴿٧٥﴾ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴿٧٦﴾ ) [الواقعة] (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ) [النجم :1]
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ) [النجم:49] يقسم الله تعالى بالنجم، فسبحان الله العظيم.
موضوع النجوم، موضوع عظيم كبير جدا، السموات بما فيها من إعجاز في الخلق تستحق وقفة، (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [الحج:65]
ويقول تعالى: (نَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [ فاطر:41]
فهو الذي يمسك السموات والأرض فسبحان الخالق العظيم. هذا التدبروالتفكر الذي يولد اليقين ، كلما
تلتقي ظلمة الأرض بظلمة السماء فنرى تلك النجوم العظيمة، إذا ظلام شديد فهنا كما قلت بسبب الإلف والعادة تغيب عنا الآية، آية الليل والنهار، فالنهار آية من آيات الله سبحانه وتعالى، الطبقة القليلة جدا المقابلة للشمس نرى هذا البياض المشرق لا يكون إلا في قطعة صغيرة جدا جدا جدا يمكن أن نقول إذا وضعنا خطا على صفحة بيضاء ، خيط صغير بالقلم الأسود، يعني يكون واحد من الألف من الخط هذا بالنسبة لصفحة الكون الكبيرة جدا، خط البياض الموجود في الجهة المقابلة للشمس على الأرض، فسبحان الخالق العظيم، فسبحان الخالق العظيم، فسبحان الخالق العظيم.
(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) هذا الإختلاف والتعاقب المستمر دون انقطاع ولا تغير ولا تبدل ولاتحول منذ أن خلق الله السموات والأرض إلى يومنا هذا ألايستحق منا أن نقف عنده ونتفكر فيه؟؟
إذا من أقوى الطرق الموصلة إلى محبة الله، إلى الخضوع لله تبارك وتعالى ، إلى استغراق الإنسان في العبودية التامة لله عز وجل، أن يعرف الله عز وجل، ولا يمكن أن يعرف الله عز وجل إلا عن طريق الآيات الكونية والآيات الشرعية، كتابه الكريم، كلامه الكريم، الذي أنزله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام حجة علينا وعلى الخلق أجمعين، وهو الذي يهدينا إلى سواء السبيل، هو الذي يدلنا على معرفة آياته الله الكونية، فهو الذي أمرنا : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ) [آل عمران:190] هذه الآيات لأصحاب العقول
قال تعالى لقوم يعقلون ، لقوم يتفكرون ...فينبغي للإنسان أن يستخدم عقله في النظر في آيات الله سبحانه وتعالى
لذا نسأل بدلائل توحيد الألوهية، توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات إذا سألنا طفل صغيربماذا تعرف ربك؟ قال بآياته ومخلوقاته، آياته المبثوثة في الكون، وأعرفه بآياته الشرعية المعجزة للناس، ليه؟
لأن هذا الكتاب الكريم حجة على الخلق، معجز لهم في نظمه وبلاغته ولغته وأحكامه وتشريعاته وهداياته، في كل جانب من جوانبه، ولذلك يقول تعالى (حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الجاثية
إشارة إلى أن يقول الله عز وجل أن هذا الكتاب أنزلته عليكم من جنس كلامكم، بحروف كلامكم التي تتكلمون بها وتنشئون منها كلماتكم وتنتفعون بهذه اللغة فيما بينكم ، هذه اللغة التي تتكلمون بها أنزلت عليكم كلامي بها معجز لكم .
هل تستطيعون أن تأتوا بمثله ؟ تشتمل على بعض معاني إشارة إلى إعجاز القرآن للبيان والتشريع
(حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) [الإسراء:88]
بين أيدي الناس، خمسة عشر قرنا مازال يتحداهم ، ويعلن النداء للناس جميعا ائتوا بمثله ، ائتوا بآية، ائتوا بعشر سور غير مفتريات ، ولم يستطع أحدا أبدا من البشر أن يأتي بمثل هذا الكتاب الكريم .
إذا هذا الكتاب حق للمرء أن يفرح به، وأن يسعد به، وأن يتمسك به، وأن يحرص على حفظه، وعلى تلاوته وتدبره، لأنه أعجز الناس جميعا، فهو الآية، آية الصدق التي بقيت خالدة منذ محمد عليه الصلاة والسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فمعجزة محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كانت معجزات كثيرة حسية ومعنوية كبيرة عظيمة، لكن أعظم معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على صدق رسالته هذا الكتاب الذي بين أيدينا، هذا حجة الله تعالى على الخلق.
محمد صلى الله عليه وسلم مات وغابت معه معجزاته، نقلت إلينا، ونحن نؤمن بها والحمد لله وبقي شيء منها لأن الله تعالى قال:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [ فصلت:53]

الله سبحانه وتعالى يريهم بعض الآيات التي أجراها على أيدي محمد عليه الصلاة والسلام ليقيم الحجة على الخلق أجمعين، منها شق القمر، ذاك العهد الأول لما تحدى المشركين، فالله سبحانه وتعالى شق القمر للنبي عليه الصلاة والسلام، آية حسية دالة على صدقه ومع ذلك لم يؤمن هؤلاء بل قالوا سحرنا محمد عليه الصلاة والسلام
ولا تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ولذلك قال تعالى في الجاثية: (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
سبحان الله الآية عظيمة وقوية ودامغة وحسية ومع ذلك يقولون سحرنا محمد.
جاء العلم الحديث وينفق هؤلاء الكفار المليارات من الدولارات ليذهبوا إلى عمق الفضاء ويكتشفوا ما فيه، ويأخذوا من تربة القمر، ويروا الشق الذي في القمر، ثم يدرسوا هذه التربة فيتبين لهم أن القمر فعلا قد شق من أربعة عشرة قرنا، وحددوا الزمن، وإذا هو في زمن محمد عليه الصلاة والسلام، يوم تحدى العرب وأجرى الله تلك المعجزة.
من اكتشف هذه؟ ليس المؤمنون بل الكفار وما علموا أن ذلك آية صدق محمد عليه الصلاة والسلام ، قال الله سبحانه وتعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ﴿١﴾ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) [القمر] سبحان الخالق العظيم .
هذا الكتاب حجة على الخلق، شهادة صدق محمد عليه الصلاة والسلام ، صدق رسالته هذا الكتاب العظيم، لذلك نحن بحاجة أن نتمسك به ونأخذ من هداياته، وننتفع بتعاليمه وإرشاداته ونصائحه وتوجيهاته، ونستظهر الفوائد ونقف عليها، نقرأ في كتاب الله تعالى حتى نزداد خضوعا وذلا وانكسارا لله سبحانه وتعالى، فسبحان الله الخالق العظيم.
إذا دعوة هذه السورة العظيمة المكية إلى الناس أجمعين أن يتفكروا وأن ينظروا في آيات الله المبثوثة في الأفاق والأنفس، في القريب والبعيد والصغير والكبيرمن خلق الله تبارك وتعالى، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى إشارات، والإشارة تكفي، لأن المقام مقام إيجاز لذلك قال تعالى : (وَفِي خَلْقِكُمْ ) أي يا أيها الناس في خلقكم أيها المكلفون، وبالتالي ينسحب ذلك على كل ما خلق الله تبارك وتعالى، في خلقكم وفي خلق جميع الكائنات وجميع المخلوقات الصغيرة والكبيرة.
وفي خلقكم ، ليه؟ لأن هذه الآية فيك، لذلك قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) وقال (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ) الآية في النفس لأنها قريبة منك، تنظر في نفسك، كما قال الحكيم : فيك انطوى العالم وأنت جرم صغير، شيء عظيم ، كبير جدا لا يتصوره الإنسان، كيف أن الله عز وجل خلق هذا الإنسان من التراب وهو بهذا الخلق المعجز بتفكيره ومشاعره وقوته وفي بأسه وآثره في الوجود يعني شيء عظيم هذا الإنسان، كلما قرأ الإنسان في خلق الإنسان سواء في أجهزته أوقدرته على التشكيل والصنع، ترك الأثر في الوجود، يقول سبحان الخالق العظيم .
فالإنسان ينبغي عليه أن يتفكر في كل المخلوقات البعيدة والقريبة، الصغيرة والكبيرة ، ينظر فيها ويتدبر، كيف خلقها الله عز وجل؟
لذلك سألني مرة أحد طلبة العلم، سبحان الله لماذا يخلق الله هذه الخنافس وهذا النمل في الصحراء، في أعماق الصحاري والبراري، ما الفائدة منه؟؟؟ممالك من النمل والحشرات والدواب، ما الفائدة من خلقها؟؟؟
قلت سبحان الله، لو لم يكن لها من فائدة إلا أنها تسبح الخالق لاكتفى بذلك، حكمة، يقول الله سبحانه وتعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) [ الإسراء:44]
يكفي أن الله يخلق ما يشاء، ليسبح وليس أحد يحب المدح مثل الله تبارك وتعالى، الله تعالى يحب المدح والثناء من خلقه، كل مخلوق في الوجود يثني على الله، السماوات والنجوم، والكواكب والجمادات والحيوانات والأشجار والأحجار، كلها تثني على الله تبارك وتعالى.
هناك زجل من التسبيح هناك غناء يملئ الوجود تسبيحاً وتهليلاً وتعظيماً لله تبارك وتعالى يملئ الوجود لكن الله سبحانه وتعالى أخفاه عنا جعل حد لمدى الصوت (الرينج) أو المدى الذي نحن نسمع فيه محدود وما قبله وما بعده أخفاه عنا ولو اسمعنا الله سبحانه وتعالى أصوات من في القبور أو أصوات الكائنات المسبحة حولنا ما استمتعنا بالحياة كيف نستطيع أن ننام وسريرك الذي تحتك أو الفرش الوثيرة الطيبة التي تنام عليها تسبح كيف تنام والجدار الذي حولك يسبح والمصباح الذي حولك يسبح والدولاب الذي أمامك في غرفة النوم يسبح والأرض سبحان الله .. كيف يطيب لك نوماً كيف يهنأ لك عيشاً ولذلك أخفى الله سبحانه وتعالى عنك كل ذلك رحمة منه وفضلاً قال :( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ) [ابراهيم:34 ] سبحان الله وهنا يظهر معنى قول الله عز وجل :( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) الجاثية .
يعني كل تلك المخلوقات مع أنها موجودة للتسبيح والذكر والتعظيم لله تبارك وتعالى لكن خلقت لمن ؟ خلقت لك أيها الإنسان فضلاً من الله ونعمة فضلاً من الله ونعمة قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) [البقرة : 29].
ياسبحان الله يارب كل مافي هذه الأرض لمن ؟ لك ! نعم ..
الآن العلماء بدأئوا يدرسون هذه المخلوقات الموجودة في البراري و في الصحاري و في الكهوف وفي الجبال وفي الأنهار وفي المحيطات وفي غير ذلك من الأماكن... فماذا وجدوا ؟ وجدوا توازن بيئي يعني هذه الكائنات وهذه المخلوقات مهمة جداً للتوازن البيئي من حيث التوازن في نسبة الأكسجين الموجودة ونسبة الهيدروجين ونسبة العناصر في الهواء كل هذه مهمة جداً الإنسان الآن يأتي يدمر الفطرة يدمر الطبيعة بيده ويقضي على الحياة كما قال الله عز وجل :( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم :41] الآن الغطاء النباتي الموجود موزع بدقة وحكمة كبيرة في الكون يعني الغطاء النباتي في الغابات موزع بدقة كبيرة مثلاً في الحزام حول خط الاستواء في اندونيسيا وفي أوساط أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية في البرازيل وحولها هذا الغطاء النباتي الكبير العظيم مهم جداً في التوازن البيئي كذلك سائر الكائنات فلها وظيفة وخلقها الله لحكمة.....


يتبع بإذن الله تعالى



توقيع أم ايمان

التعديل الأخير تم بواسطة أم ايمان ; 25-03-10 الساعة 07:35 PM
أم ايمان غير متواجد حالياً