إذا اشتد الحر.....
إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ...
موعظة
نعيش هذه الأيام مع واعظ الصيف ، فهل أصغت
قلوبنا لموعظته ؟! وهل وعينا درسه ؟!
من منا الذي لم يؤذه حر الصيف ، ولا لفح وجهه سَمومُه ؟!
كلنا وجد من ذلك نصيبا قل منه أو كثر ، فأي شيء
تعلمناه من الحر؟
روى الشيخان وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال :
(( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ـ أي: أخروها حتى يبرد الجو ـ فإن شدة الحر من فيح جهنم ))
وعند ابن ماجه بإسناد صحيح قال صلى الله عليه وسلم :
(( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا !! فجعل لها نَفَسين : نَفَس في الشتاء ، ونَفَس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها ))
إن شدة الحر التي يجدها من وقف حاسر
الرأس حافي القدمين في حر الظهيرة ما هي إلا نَفَس
من فيح جهنم ، نعوذ بالله منها ومن حرها ..
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم ، جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ))
قالوا : والله إن كانت لكافية ! قال :
(( إنها فُضِّلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها ))
فحقٌ على العاقل أن يسأل نفسه وهو يتقي حر الدنيا :
ماذا أعد لحر الآخرة ونارها ؟
يا من لا يصبر على وقفة يسيرة في حر الظهيرة
كيف بك إذا دنت الشمس من رؤوس الخلق ، وطال وقوفهم
وعظم كربهم ، واشتد زحامهم ؟!
روى الإمام مسلم عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم
كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق
فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه
ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ))
قال : وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فِيـه ..
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال :
(( يوم يقوم الناس لرب العالمين ، قال :
يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنيه ))
أخرجه البخاري والترمذي
تلكم نار الآخرة ، وذاك حر الموقف ، فأين المتقون ؟!
اللهم إن أجسادنا لا تقوى على النار ، فأجرنا منها يا رحيم
رأى عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوما في جنازة قد هربوا
من الشمس إلى الظل ، وتوقوا الغبار ، فأبكاه حال الإنسان
يألف النعيم والبهجة ، حتى إذا وُسِّد قبره فارقهما
إلى التراب والوحشة !!!
إخواني .. لئن كنا نتقي الحر بأجهزة التكييف
والماء البارد والسفر إلى المصائف ، وكل هذه نعمٌ
تستوجب الشكر ..
فهل تأملنا وتفكرنا كيف نتقي حر جهنم ؟
كيف ندفع لفحها وسمومها عن أجسادنا الضعيفة
ووجوهنا المنعمة ؟
|