اجتهاد السلف في طاعة الله عز وجل
باع الحسن بن صالح –أحد عباد التابعين- جارية فقامت في منتصف الليل تقول : الصلاة يا أهل الديار ، فقالوا أأصبحنا ؟ فقالت لهم : ألا تصلون إلا المكتوبة . فذهبت إلى الحسن وقالت له : بعتني إلى قوم لا يصلون إلا المكتوبة ، ردني ردني.
تزوج رياح القيسي امرأة ، فأراد أن يختبرها فتناوم في الربع الأول من الليل ، ثم أرادت أن توقظه. فقال : سأقوم ، واستمر في نومه.
فقامت الربع الثاني من الليل ، وأرادت أن توقظه فقال : سأقوم ، فقامت الربع الثالث من الليل ، وأرادت أن توقظه فقال : سأقوم ، فقالت : يا ليت شعري من غَرَّنيِ بك يا رياح.
سمع أبو حنيفة –رحمه الله- امرأة تشير إليه وتقول : هذا الرجل يقوم الليل كله : فقال : لا يتحدث الناس أني أقوم الليل كله ولا أفعل ، فصار يقوم الليل كله.
كان لقوم جارية فأخرجوها إلى النَّخَّاس (بائع الرقيق) ، فأقامت أيامًا تبكي ، ثم بعثت إلى ساداتها تقول : بحرمة الصحبة ردوني ، فقد ألفتكم.
من تعود طاعة الله عز وجل ، وامتلأ قلبه بحبه ، فإنه يصبر على الجوع والعطش ولا يصبر على البعد ، كما قالت إحدى الصالحات : تعودوا حُبَّ الله وطاعته , فإن المتقين ألفوا بالطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها ، فإذا أمرهم الملعون بمعصية مرت بهم محتشمة فهم لها منكرون.
وقال بعضهم : إني لا أحسن أن أعصي الله.
وقال بعضهم : أحبه إلَيَّ أحبه إليه.
وإذا وفق العبد إلى شيءٍ من المحبة والأنس ثم حرم بغفلة أو ذنوب فيمكنه أن يتوسل إلى الله عز وجل بعمله الصالح ، وقديم الوصل.
يقول ابن الجوزي : يا هذا قف في الدياجي ، وامدد يَدَ الذل ، وقل : قد كانت لي خدمة فعرض تفريط أوجب البعد ، فبحرمة قديم الوصل ردوني ، فقد ألفتكم.
يا من كان له قلب فمات ، يا من كان له وقت ففات ، استغث في بوادي القلق ، ردُّوا عَلَيَّ ليالي التي سلفت ، احضر في السحر ، فإنه وقت الإذن العام ، واستصحب رفيق البكاء ، فإنه مساعد صبور ، وابعث مسائل الصعداء ، فقد أقيم لها من يتناول.
من كتاب (خواطر إيمانية) لـ د.أحمد فريد