عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-07, 02:43 AM   #13
مسلمة لله
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

**الإخــــــــــلاص**

** مفهوم الإخلاص :-

أصل الإخلاص في اللغة مادة خَلُصَ، والخالص: هو مازال عنه شوبُه بعد أن كان فيه.

والإخلاصُ في الشرع: هو تصفيةُ العمل من كل شائبة تشوبه.
ومدارُ الإخلاصِ على أن يكون الباعثُ على العمل امتثالَ أمرِ الله، وإرادتَه
_عز وجل_ فلا يمازج العملَ شائبةٌ من شوائب إرادة النفس: إما طلبُ التزيُّن في قلوب الخلق، وإما طلبُ مدحِهم والهربُ من ذمهم،أو طلبُ تعظيمهم، أو طلبُ أموالهم أو خدمتِهم ومحبتِهم،وقضائهم حوائجه، أو غيرُ ذلك من العلل، والشوائب التي يجمعها: إرادةُ ما سوى الله في العمل؛ فهذا هو مدار الإخلاص.

ولا حرج بعد هذا على من يطمح إلى شيء آخر، كالفوز بنعيم الآخرة، أو النجاة من أليم عذابها.
بل لا يذهب بالإخلاص_بعد ابتغاء وجه الله_أن يخطر في بالِ العامل أن للعمل الصالح آثاراً طيبةً في هذه الحياة الدنيا كطمأنينة النفس،وأَمْنِها من المخاوف، وصيانتها عن مواقف الذل والهون، إلى غير ذلك من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد بها إقبال النفوس على الطاعات قوة إلى قوة.



** الأمر بالإخلاص في القرآن والسنة :-

قال الله تعالى: (فَمَنْ كانَ يَرْجو لِقاءَ رَبِّهِ فَلَيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدا).
قال الماوردي: قال جميع أهل التأويل في تفسير هذه الآية: إن المعنى لا يرائي بعمله أحداً.
وقال تعالى: (وما أُمِروا إلاّ لِيَعْبُدوا اللهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدّينَ).
وقال تعالى :" قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين "


وعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الدنيا ملعونة ملعونٌ ما فيها إلاّ ما ابتغى به وجهُ الله). رواه الطبراني.

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه).
رواه النسائي.



** أهمية الإخلاص :-

-الإخلاص شرط لقبول الأعمال ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في قول الله تعالى :" هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا "
قال :أخلصه وأصوبه ، قيل: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: أن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله متحدثاً عن الإخلاص وفضله وأهميته: “بل إخلاص الدين لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه، وهو الذي بعث به الأولين والآخرين من الرسل، وأنزل به جميع الكتب، واتفق عليه أئمة أهل الإيمان،وهو خلاصة الدعوة النبوية، وهو قطب رحى القرآن الذي تدور عليه رحاه”.



**ثمرات الإخلاص :-

-الإخلاص سبب للنجاة من المحن والذنوب في الدنيا ، قال تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام :" كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين "
قال السعدي رحمه الله :أن من دخل الإيمان قلبه، وكان مخلصا لله في جميع أموره فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه، وصدق إخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه .

- وسبب في مضاعفة الحسنات والأجر يوم القيامة ، قال تعالى : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " وقال :" والله يضاعف لمن يشاء "
هذا التضعيف للحسنة، لا بد منه، وقد يقترن بذلك من الأسباب ما تزيد به المضاعفة، ومنها إخلاص العبد ( نقلا عن تفسير السعدي )

** ما جاء من الوعيد الشديد فيمن يرائي بعمله :-

عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت قال : كذبت , ولكنك قاتلت ليقال جريء , فقد قيل : ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار , ورجل تعلم العلم وعلمه , وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم , وعلمته , وقرأت فيك القرآن , قال : كذبت , ولكنك تعلمت ليقال : عالم , وقرأت القرآن ليقال : قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على , وجهه حتى ألقي في النار ).
رواه مسلم والنسائي والترمذي.

وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بشر هذه الامة بالسنا والدين والرفعة والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب).
رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي.



وعن كعب بن مالك، عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (من ابتغى العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء، أو تُقبل أفئدة الناس إليه فإلى النار).
رواه الحاكم والبيهقي.

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من سمّع سمّع اللهُ به، ومن يرائي يرائي الله به).
رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك).
رواه ابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي.

والأحاديث في المعنى كثيرة. وحسبك أن العالم والمقتول والمنفق ماله مع عدم الإخلاص أول من تسعر بهم النار.


** علامات الإخلاص :-

1- أن يستوي عنده مدح الناس وذمهم
2- أن يحب عبادة السر أكثر من عبادة العلن
3- أن يهرب من الترؤس ومواطن الشهرة
4- أن يسيء الظن بنفسه


** كيفية تحقيق الإخلاص :-

-التفكر في عظمة الله سبحانه وافتقار العبد إليه وغنى الله عنه
ما ينظر المرائي إلى الخلق في عمله إلا لجهله بعظمة الخالق . ابن رجب كلمة الإخلاص ص/31

- إصلاح السرائر
إذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر . ابن تيمية الفتاوى (3/277)

-تحقيق التوحيد
اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد ، فإنه لا يوصل إلى الله سواه ، واحرصوا على القيام بحقوقه ، فإنه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه . ابن رجب كلمة الإخلاص ص54

-.متابعة الأمر والنهي
ولا يحصل الإخلاص إلا بعد الزهد ، ولا زهد إلا بعد التقوى ، والتقوى متابعة الأمر والنهي - ابن تيمية الفتاوى 1/94


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



المصادر
تفسير السعدي رحمه الله
كتاب" في السلوك الإسلامي القويم" للشوكاني
اقتباس من مقالة بعنوان " رمضان شهر الإخلاص " موقع أنا المسلم



توقيع مسلمة لله
[FRAME="7 10"]ما دعوة أنفع يا صاحبي ** من دعوة الغائب للغائب
ناشدتك الرحمن يا قارئا ** أن تسأل الغفران للكاتب
[/FRAME]

التعديل الأخير تم بواسطة مسلمة لله ; 02-07-07 الساعة 03:11 AM
مسلمة لله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس