عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-11, 09:38 AM   #3
عطاء الخير
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 23-08-2006
المشاركات: 604
عطاء الخير is on a distinguished road
افتراضي

كيف تُعْجَب بِنَفْسِك... وأَنْتَ بهذِهِ المَثَابة؟!
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

وإذا أَعْجَبَتْكَ نَفْسُكَ؛ فَانْظُر إلى الخَلَلْ والتَّقْصِير والضَّعْف في نَفْسِك، تَذَكَّرْ أنَّكَ خُلِقْتَ مِمَّا يُشْبِه البُصَاق، وَأَنَّكَ حُمِلْتَ مُجَاوِراً للنَّجَاسات، وَأَنَّكَ وُجِدْتَ على هذهِ الأرْضْ حَقِيراً ذَلِيلاً صَغِيراً لا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِك فَضْلاً عَنْ غَيْرِك، ثُمَّ بعد ذلك أَتَتْكَ الهُمُوم والأَكْدَارْ التِّي طُبِعَت عليها هذِهِ الحَيَاة ... فَكَيْفَ تُعْجَبْ بِنَفْسِك... وأَنْتَ بهذِهِ المَثَابة؟!

والعُجْبَ فَاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ *** أعْمَالَ صَاحِبِهِ فِي سَيْلِهِ العَرِمِ

فَعَلَيْكَ أنْ تُرَاجِع نَفْسَك.



منزلة المُراقبة
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

إذا حقَّقَ المُسْلِم مَنْـزِلَة المُرَاقَبَة، واسْتَحْضَر قُرْبَ الله مِنْهُ اسْتَحْيَا مِنْهُ، يعني لو تَصَوَّرْنَا أنَّ الزَّانِي وهو يُزَاوِلُ هَذِهِ الفَاحِشَة يَسْتَحْضِر أنَّ الله -جلَّ وعلا- مُطَّلِعٌ عَليهِ، ما أَقْدَم على هذِهِ المَعْصِيَة، لو اسْتَحْضَرْنَا أنَّ المُرَابِي وهو يَعْقِد الصَّفْقَة يَسْتَحْضِر أنَّ الله مُطَّلِعٌ عَليهِ وأنَّهُ يُزَاوِلُ حَرْبَ الله -جلَّ وعلا- ما أَقْدَم على هذا العَمَل؛ لَكِنْ الذِّي يَقُودُ إلى هذِهِ الأُمُور الغَفْلَة، والغَفْلَة عُقُوبة من الله -جلَّ وعلا-، سَبَبُها ما يُغَطِّي القُلُوب منْ غَشَاوَة الذُّنُوب، هذا هُو الرَّان، إذا حقَّقَ المُسْلِم مَنْـزِلَة المُرَاقَبَة واسْتَحْضَر قُرْبَ الله مِنْهُ اسْتَحْيَا مِنْهُ وَتَرَكَ ما يُسْخِطُهُ؛ بَلْ ما لا يُقَرِّبُ إِليِهِ، واهْتَمّ بما يُقَرِّبُ منهُ حتى تَقَرّ عَيْنُهُ بِعِبَادَتِهِ، ويَأْنَسْ بِمُنَاجَاتِهِ، ويَسْتَوْحِشْ مِنْ غَيْرِهِ، يعني نَسْمَع في سِيَر المُتَقَدِّمِينْ التَّلَذُّذ بِمُنَاجَاةِ الله، الوَحْشَة مِنْ مُجَالَسَة المَخْلُوقِينْ، أَظُن هذا ضَرْب من الخَيَال... لماذا؟ لِأَنَّ الإِنْسَان يُؤَدِّي هذِهِ العِبَادَة عَلَى وَجْهٍ قَدْ لا يُكْتَبْ لَهُ مِنْ أَجْرِهَا شَيْئًا، يَأْتِي بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا؛ لَكِنْ لا يَحْضُر قَلْبُهُ فِي جُزْءٍ مِنْهَا، مِثْل هذِهِ العِبَادَة يَتَلَذَّذ بِهَا صَاحِبُهُا؟ يَرْتَاحُ بِهَا المُتَعَبِّد؟ هذِهِ الصَّلاة التِّي يُكَبِّر تَكْبِيرَة الإِحْرَام ويُسَلِّم ولا اسْتَحْضَر مِنْها شَيْء مِثْل هذِهِ العِبَادَة يَتَلَذَّذْ بِهَا صَاحِبُهُا؟ يَتَلَذَّذ بِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ إِذَا سَجَد وانْطَرَحَ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ أَبَداً! تَجِدْهُ مَتَى يَنْتَهِي مِنْ أَدَاءِ هَذِهِ العِبَادَة، الآنْ وُجِدَتْ السَّاعَاتْ فِي جُدْرَانِ المَسَاجِدْ تَجِدْ الإِنْسَانْ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مِنْ دُخُولِهِ! مِنْ تَكْبِيرة الإِحْرَام إلى السَّلام وعَيْنُهُ فِي السَّاعة مَتَى ينتهي؟ لماذا؟ لِيُرُوح يَسْتَانَسْ مع فُلانْ وعَلَّانْ، عَكْسْ مَا عليهِ سَلَفْ هذِهِ الأُمَّة، مِنْ أُنْسِهِمْ بِالله، وتَلَذُّذِهِمْ بِمُنَاجَاتِهِ، واسْتِيحَاشِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، واللهُ المُسْتَعَانْ.
أقول: إذا حقَّقَ المُسْلِم مَنْـزِلَة المُرَاقَبَة، واسْتَحْضَر قُرْبَ الله مِنْهُ اسْتَحْيَا مِنْهُ، وَتَرَكَ ما يُسْخِطُهُ؛ بل ما لا يُقَرِّبُ إِليِهِ، واهْتَمّ بما يُقَرِّبُ منهُ حتى تَقَرّ عَيْنُهُ بِعِبَادَتِهِ، ويَأْنَسْ بِمُنَاجَاةِ ربِّهِ، ويَسْتَوْحِشْ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا حَصَلَ ذَلِكَ لِسَلَفِ هذِهِ الأُمَّة، بِخِلافِ مَنْ غَفَلَ عَنْ مُرَاقَبَةِ الله -جَلَّ وعَلا-؛ فَإِنَّهُ لا يَتَلَذَّذ بِعِبَادَة؛ بَلْ تَثْقلُ عليهِ، ويَأْنَسْ بِغَيْرِهِ، وهَذَا أَمْرٌ مُشَاهِدٌ مُجَرَّب.






تَوْطِين النَّفْس على الشَّدَائِد
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

تَوْطِين النَّفْس على الشَّدَائِد، على شَدَائِدْ تَحْصِيلْ العِلْم لِتَعْلَمْ أنَّ هَذَا العِلْم مِمَّا حُفَّتْ بِهِ الجَنَّة، الجَنَّة حُفَّتْ بِمَا تَهْوَاهُ النُّفُوس أو مَا تَكْرَهُهُ النُّفُوس؟ - نعم - حُفَّتْ الجَنَّة بِالمَكَارِهْ... تَبِي الجَنَّة أَقْدِمْ عَلَى هَذِهِ المَكَارِهِ، والعِلْم لَيْسَ بِالأَمْر السَّهْل، ولا يُمْكِنْ أنْ يُسْتَطَاع أو يُنُال بِرَاحَةِ الجِسْم، لا يُمْكِنْ أنْ يُنَالْ العِلْم بِرَاحَة الجَسَدْ، وإلاّ لَوْ كان يُبَاع ويُشْتَرى صَاروا النَّاس كُلُّهُم عُلَمَاء، التُّجَّار كُلُّهُم عُلَمَاء، ولَوْ كان يُسْتَطَاع مَعَ الرَّاحَة والنَّوم كل النَّاس عُلَمَاء؛ لكنْ مَعَ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ العِلْم، ورَفْع مَنَازِلْ أَهْلِ العِلْم فِي الدُّنْيَا والآخِرَة، العُلَمَاء عَدَدُهُم يَسِير قَلِيلْ بِالنِّسْبَة للنَّاس ما الذِّي عَاقَ أُولَئِك عن تَحْصِيل العِلْم؛ لِيُحَصِّلُوا هذِهِ المَنَازِل وهذِهِ الدَّرَجَات العَالِيَة فِي الدُّنْيَا والآخِرَة الذِّي أَعَاقَهُم الشَّدائِد والعَقَبَات التِّي تَعُوق التَّحْصِيل، فَلا بُدَّ من تَوْطِينْ النَّفْس على هذِهِ الشَّدَائِد، أيضًا مِمَّا يُعِينْ عَلَى تَقْوِيَة الهِمَّة فِي نَفْسِ طَالِبِ العِلْم النَّظَر في سِيَر العُلَمَاء والعُظَمَاء الصَّالِحِينْ وسَيِّدُهُم ومُقَدَّمَهُم النَّبِي -صلَّى الله عليْهِ وسلَّم-، لا بُدّ مِنْ إِدَامَة النَّظر فِي سِيرَتِهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- أَفْضَلُ الخَلْق، أَكْرَمُ الخَلْق، أَشْرَفُ الخَلْق، أَعْلَمُ الخَلْق بِالله أَشْجَع النَّاس أَخْشَاهُم وأَتْقَاهُم لله، ومع ذلك يَرْبُطُ الحَجَر على بَطْنِهِ، ويَنَام عَلَى حَصِير يُؤَثِّر فِي جَسَدِهِ، وَوِسَاده مِنْ أَدَمْ حَشْوُها لِيفْ، هَذَا الذِّي يَعْرِف قَدْر الدُّنْيَا، وهُو أَعْلَمُ النَّاس وأَخْشَاهُم وأَتْقَاهُم وأَكْرَمُهُم على الله -جلَّ وعلا-، إذا قَرَأْتَ فِي سِيرَتِهِ عَرَفْتَ الغَايَة التِّي تُرِيدُها، والسَّبِيل الذِّي تَسْلُكُه مُقْتَدِيًا بِالأُسْوَة وهُو النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، يَعْنِي لَمَّا يُقَال فٌلان يُصَلِّي كذا أو يَصُوم كذا قد يقُول قَائِل والله عاد هذا شَقَّ على نَفْسِهِ، والدِّين يُسْر، وعَلَيْكُم من الدِّين ما تُطِيقُونْ؛ لَكِنْ إِذَا قِيل لهُ إنَّ النَّبِي -عليه الصَّلاة والسَّلام- الذِّي غُفِرَ لهُ ما تَقَدَّم ومَا تَأَخَّر قَام حَتَّى تَفَطَّرت قَدَمَاهُ، هذا مغْفُور لَهُ مَا تَقَدَّمَ وما تَأَخَّر -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ومع ذلك قَامَ هَذَا القِيَام، وجَاهَدَ فِي الله حَقَّ الجِهَاد، وأَدَّى الأَمَانَة، وبَلَّغَ الرِّسَالَة، وحَصَل لَهُ مِن الشَّدَائِد مَا حَصَل، ومع ذلك حينما قيل لهُ تَفْعَل هذا وأنْتَ غُفِرَ لَك؟؟؟ تَرْجُوا مَغْفِرة ؟؟؟ ((أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)) اللهُ -جَلَّ وعلا- يُنْعِمُ عَلَيْكَ بِجَلائِلِ النِّعَم، ودَقَائِق النِّعَم، النِّعَم التِّي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، ومع ذلك تَبْخَل على نَفْسِك بالذِّكر الذِّي لا يُكَلِّفُكَ شيء، ولَوْ أَعْمَلْتَ لِسَانَكَ لَيْلَ نَهَار بِذِكْرِ الله ولَهَجْتَ بِشُكْرِهِ مَا اسْتَطَعْتَ أنْ تَفِ بِشُكْرِ نِعْمَة مِنْ نِعَمِ الله -جَلَّ وعلا-... فَكَيْفَ بجميع النِّعَم. {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل / 18]، فَمِثْلِ هذا يَحْتَاج إلى شُكْر، والشُّكْر يَحْتَاج إِلَى بَذْلِ من النَّفْسْ.






ما سلك رجل طريقاً يلتمس فيه علماً

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

((ما سلك رجلٌ طريقاً يلتمسُ فيه علماً إلاَّ سهَّل الله لهُ بهِ طريقاً إلى الجنَّة)) وهذا من نِعَمِ الله -جل وعلا- أنْ رَتَّب الأُجُور على بَذْل الأسباب، وتَرَك النَّتائج بيدِهِ، فالنَّتائج بيد الله -جل وعلا-، الإنسان يجتهد، يبذل السَّبب، هو مأمُور ببذل السَّبب على ألاَّ يعتمد على هذا السَّبب، فالمُسبِّب هو الله -جل وعلا-، والمُسَهِّل والمُيَسِّر هو الله -جل وعلا-، عليهِ أنْ يبذل السَّبب، ويَسْلك الطَّريق ولو طالَ الطَّريق، وشو عَاجْلين عليه عاد؟ بعض النَّاس يطلب العلم خمسين، ستِّين سنة الأمر سهل، أنت يكفيك مثل هذا الوعد ((ما سلك رجلٌ طريقاً يلتمسُ فيه علماً إلاَّ سهَّل الله لهُ بهِ طريقاً إلى الجنَّة)) وش قصدك؟ قصدك تنجُو من النَّار، وتدخل الجنَّة؟ هذا طريقُهُ، أما كونك تكُون عالم أو لا تكون هذا بيدِهِ، اسأل الله -جل وعلا-، فالسَّبب سُلُوك الطَّريق، والمُسبَّب هو العلم، والمُسبِّب هو الله -جل وعلا-، والنَّتائج بيدِهِ، وهذا في جميع أبواب الدِّين، أنت تبذل السَّبب وتترك النَّتائج لله -جل وعلا-، تأمُر وهدَفُك أنْ ينتشر الخير بسببك، تنهى وقصدُك أنْ ينكَفَّ الشَّر بسببك، وتمتثل أمر الله وأمر نبيِّه -عليه الصلاة والسلام-، كوْن المأمُور يأتمر، أو المنْهي ينتهي أو لا يَنتهي هذا ليسَ بيدك، أجْرُكَ ثبت ووزْرُهُ عليه، فهذا الطَّريق طريقٌ إلى الجنَّة، وهذا الوعد من الصَّادق المصدُوق كما في الخبر المرفُوع الآتي هذا مُرتَّب على مُجرَّدِ بذل السَّبب، والإنسان ليسَ بيدِهِ إلاّ هذا.






لزوم الصمت
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيراً أو لِيصمُت)) الأصل أنَّ الإنسان مُحاسب بجميع ما يلفظُ به؛ فإنْ قال: خيراً كُتب في ميزان حسناتِه في صحيفة الحسنات، وإنْ قال: شرًّا كُتب في الصحيفة سَّيِّئة، وإنْ قال: لا هذا ولا هذا، فالخلاف بين أهل العلم معرُوف هل يُكتب أو لا يُكتب؟ مع أنَّ قولهُ -جل وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[(18) سورة ق] يدل على أنَّ كل شيء يُكتب، وعلى هذا على الإنسان أنْ يحتاط لنفسِهِ؛ لأنَّ كثرة الكلام لابُدَّ أنْ تُوقِع في المحظُور والممنُوع؛ فمن كَثُر كلامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، لِيَقُل خير أو لِيَصْمُت، وفاز من جُبِل على الصَّمت؛ لأنَّ أكثر الكلام في القيل والقال الذِّي لا فائدة فيه فضلاً عن الكلام المُحرَّم، فعلى الإنسان أنْ يهتم لمثل هذا، ولذا قال مُعاذ بن جبل: وهل يُؤاخذُ النَّاس على حصائد ألسنتهم؟ على الكلام يعني، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((وهل يُكبُّ النَّاس على وُجُوههم -أو قال:- على مناخرهم إلاّ حصائد ألسِنتِهِم؟!)) لاشكَّ أنَّ من يحتاط لِنفسِهِ ويتحرَّى في هذا الباب، والنَّاصِح لِنفسِهِ أنْ يلزم الصَّمت إلاّ فيما ينفع.

التعديل الأخير تم بواسطة عطاء الخير ; 11-03-11 الساعة 09:41 AM
عطاء الخير غير متواجد حالياً