عرض مشاركة واحدة
قديم 24-08-06, 11:15 AM   #2
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي أهمية التوحيد ( 2)

- التوحيد عند المتكلمين
هناك من يقول‏:‏ التوحيد نوع واحد فقط، وهو توحيد الربوبية وهو‏:‏ الاعتراف بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت، إلى آخر ما جاء من أفعال الله وصفاته جل وعلا‏.‏ وعلى هذا جميع علماء الكلام والنظار الذين بنوا عقيدتهم على علم الكلام‏.‏ ‏,‏عقائدهم موجودة، وإذا قرأت في كتبهم لا تجد فيها إلا إثبات توحيد الربوبية، فمن اعترف به عندهم فهو الموحد وليس عندهم توحيد الألوهية ولا توحيد الأسماء والصفات، ولذلك لا يعدون عبادة القبور ودعاء الأموات شركًا، وإنما يقول أماثلهم‏:‏ هذا توجه لغير الله، وهو خطأ‏.‏ ولا يقولون‏:‏ هذا شرك‏.‏

وبعضهم يقول‏:‏ إن هؤلاء الذين يدعون الأموات، ويستغيثون بالمقبورين ليسوا بمشركين؛ لأنهم لا يعتقدون أن هؤلاء الأموات أو هذه المعبودات تخلق وترزق وتدبر مع الله، فما داموا لم يعتقدوا ذلك فإنهم ليسوا مشركين، ولا يعد عملهم هذا شركًا‏.‏ وهو إنما اتخذوا هذه الأشياء وسائل و وسائط بينهم وبين الله شفعاء‏.‏

هذه مقالتهم، كما قال المشركون من قبل‏:‏ ‏﴿‏مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى‏﴾‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 3‏]‏، وقال تعالى عنهم‏:‏ ‏﴿‏ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ ولاَ يَنفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ‏﴾‏ ‏[‏يونس‏:‏ 18‏]‏

ويقول علماء الكلام‏:‏ إن عبادة القبور والتعلق بالأموات والاستغاثة بهم ليس بشرك، وإنما هي توسل، وطلب للشفاعة، واتخاذ وسائط إلى الله عز وجل‏.‏ ولا يكون شركًا إلا إذا اعتقدوا أن هذه الأشياء تخلق وترزق وتدبر مع الله عز وجل‏!‏‏!‏

هذا يصرحون به في كتبهم وفي كلامهم‏.‏
والذي ينكر من أهل الكلام على من يقع في هذا الأمر يقول‏:‏ هذا من باب الخطأ، وهؤلاء جهال وقعوا في هذا الجهل لا عن قصد؛ بل لجهلهم‏.‏
لكن الأكثر لا ينكرون عليهم؛ بل يقولون‏:‏ هذا اتخاذ وسائط وشفعاء عند الله عز وجل، وليس شركًا‏.‏

وأنا لم أتقول على القوم شيئًا لم يقولوه؛ بل هذا موجود في كتبهم التي ردوا بها على أهل التوحيد، ودافعوا بها عن أهل الشرك‏.‏

وأما الأسماء والصفات
فإثباتها عندهم يقتضي التشبيه، فنفوها عن الله عز وجل، وهؤلاء هم‏:‏ الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية، كلهم نفوا توحيد الأسماء والصفات، تنزيهًا لله –بزعمهم- عن مشابهة المخلوقين، فصار التوحيد منحصرًا عندهم في توحيد الربوبية فقط، وليس عندهم توحيد الألوهية ولا توحيد الأسماء والصفات‏.‏

وينكرون على من يقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، حتى إن كاتبًا عصريًا منهم يقول‏:‏ تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هو من التثليث‏!‏ بلغت الوقاحة به إلى أن يشبهه بدين النصارى‏.‏ والعياذ بالله‏.‏

5- الخطأ في تقسيم التوحيد‏:‏


ومن المعاصرين من يقسم التوحيد إلى أربعة أقسام، فيقول‏:‏ التوحيد أربعة أنواع‏:‏ توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الحاكمية‏.‏ ويستند في هذا إلى أن التقسيم اصطلاحي، وليس توقيفيًا، فلا مانع من الزيادة على الثلاثة‏.‏

ويقال لهذا‏:‏ ليس التقسيم اصطلاحيًا، وإنما يرجع في التقسيم إلى الكتاب والسنة‏.‏ والسلف حينما قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام استقرءوها من الكتاب والسنة‏.‏

أما الحاكمية فهي حق‏.‏ يجب أن يكون التحاكم إلى شرع الله عز وجل، لكن هذا داخل في توحيد العبادة لأنه ‏"‏طاعة الله عز وجل‏"‏، السلف ما أهملوا توحيد الحاكمية حتى يأتي واحد متأخر فيضيفه، بل هو عندهم داخل في توحيد العبادة ‏"‏توحيد الألوهية‏"‏‏!‏ لأن من عبادة الله جل وعلا طاعته بتحكيم شرعه، فلا يجعل قسمًا مستقلاً‏.‏ وإلا لزم من ذلك أن تجعل الصلاة قسمًا من أقسام التوحيد، وتجعل الزكاة قسمًا، والصيام قسمًا، والحج قسمًا، وكل أنواع العبادة أقسامًا للتوحيد، ويجعل التوحيد أقسامًا لا نهاية لها‏!‏ وهذا غلط‏.‏ بل أنواع العبادة كلها تندرج تحت قسم واحد وهو توحيد الألوهية، فإنه جامع لها مانع من دخول غيرها معها‏.‏

ومنهم من يزيد على الأقسام الأربعة قسمًا خامسًا ويسميه‏:‏ اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-‏.‏ وهذا غلط‏.‏ فاتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- حق ولا بد منه، لكن اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من لوازم التوحيد، ولذلك لا تصح شهادة‏:‏ أن لا إله إلا الله، إلا بشهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏

فمن لازم الشهادة لله بالتوحيد الشهادة للرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، وهذا من لوازم التوحيد وليس قسمًا مستقلاً من أقسام التوحيد‏.‏ ومخالف التوحيد يقال له مشرك أو كافر‏.‏ ومخالف المتابعة يكون مبتدعًا‏.‏

هذه أقوال المخالفين لأهل السنة في تقسيم التوحيد وهم بين مفرط ومفرط‏.‏

المُفرِط هو‏:‏ الذي زاد على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام‏.‏

والمفرِّط هو‏:‏ الذي اقتصر على نوع واحد وأهمل البقية؛ بل أهمل الأهم، الذي هو المطلوب، وهو توحيد الألوهية‏.‏

أما توحيد الربوبية، فجميع الأمم مقرة به، لم ينكره إلا شذاذ من الخلق، أنكروه تكبرًا وعنادًا مع اعترافهم به في قرارة أنفسهم‏.‏ فجميع الخلق مقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر، لكن ليس هذا هو التوحيد المطلوب‏.‏

6- التوحيد الذي طولب به البشر‏:‏

التوحيد المطلوب هو توحيد الألوهية، ولهذا كان الرسل كلهم يبدءون دعوتهم لأقوامهم بقولهم‏:‏ ‏﴿‏اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ‏﴾‏ يدعون إلى توحيد الألوهية كما أخبر القرآن عنهم ذلك لأن توحيد الألوهية هو الذي تنكر له البشر واجتالتهم الشياطين عنه‏.‏

وأما توحيد الربوبية فهو شيء حاصل وموجود ومستقر في النفوس‏.‏ والاقتصار عليه والاكتفاء به لا ينجي العبد، ولا يدخله في زمرة الموحدين المؤمنين، ولذلك قاتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- كفار قريش، وهم يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، قاتلهم واستحل دماءهم حتى يقروا بتوحيد الألوهية؛ قال -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله‏)‏.(3)

فهذا دليل على أن المطلوب الأعظم من الخلق هو توحيد الألوهية، ولذلك لم يقل -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقروا بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت؛ لأنهم مقرون بهذا‏.‏ بل قال‏:‏ ‏(‏حتى يقولوا لا إله إلا الله‏)‏ أو ‏"‏يشهدوا أن لا إله إلا الله‏"‏‏.‏



[glow=CCCCCC]يتبع إن شاء الله[/glow]



توقيع أم هشام
من العجائب ، أن البركات التي تنزل على العلم ، تنزل على المجتهد حتى الذي اجتهد في تقليب صفحات الكتاب !!

******************************************
إذا حدّثت ففتش ، وإذا كتبت فقمِّش
******************************************
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس