عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-07, 12:06 AM   #22
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*
*
*


فائدة من الشريط الأول : الإخلاص3



كلام شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية




ومنهم‏:‏ من وجد حقيقة الإخلاص والتوكل على اللّه، والالتجاء إليه، والاستعانة به، وقطع التعلق بما سواه، وجرب من نفسه أنه إذا تعلق بالمخلوقين ورجاهم، وطمع فيهم أن يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضرة، فإنه يخذل من جهتهم، ولا يحصل مقصوده، بل قد يبذل لهم من الخدمة والأموال وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته إليهم، فلا ينفعونه‏:‏ إما لعجزهم، وإما لانصراف قلوبهم عنه، وإذا توجه إلى اللّه بصدق الافتقار إليه، واستغاث به مخلصًا له الدين، أجاب دعاءه؛ وأزال ضرره، وفتح له أبواب الرحمة‏.‏ فمثل هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء للّه، ما لم يذق غيره‏.‏ وكذلك من ذاق طعم إخلاص الدين للّه وإرادة وجهه دون ما سواه؛ يجد من الأحوال والنتائج والفوائد مالا يجده من لم يكن كذلك‏.‏

بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو؛ وتعلقه بالصور الجميلة، أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان والآلام وضيق الصدر ما لا يعبر عنه، وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى، ولا يحصل له ما يسره، بل هو في خوف وحزن دائمًا، إن كان طالبًا لما يهواه فهو قبل إدراكه حزين متألم حيث لم يحصل‏.‏ فإذا أدركه كان خائفًا من زواله وفراقه‏.‏
وأولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الإخلاص للّه، والعبادة له، وحلاوة ذكره ومناجاته، وفهم كتابه، وأسلم وجهه للّه وهو محسن بحيث يكون عمله صالحًا، ويكون لوجه اللّه خالصًا، فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا‏.‏ أو اندفع عنه ما يضره، فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة، أو اندفع عنه من المضرة، ولا أنفع للقلب من التوحيد وإخلاص الدين للّه، ولا أضر عليه من الإشراك‏.‏ فإذا وجد حقيقة الإخلاص التي هي حقيقة ‏{{ إياك نعبد }}‏ مع حقيقة التوكل التي هي حقيقة ‏{{ إياك نستعين }} ‏، كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا‏.‏ واللّه أعلم‏.‏


*
*
*
*
*



توقيع أمة الخبير
*
*
*


إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله

*
*
*


أمة الخبير غير متواجد حالياً