لكى نشعر بلذة الطاعه في الاذكار
قال الله تعالى :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) سورة الأحزاب ( 41 ، 42 )
فضل أذكار الصباح و المساء :
إن أذكار الصباح و المساء تحوي من الخير العميم ، و النفع العظيم ، و البركة لقائلها ، ما لا يمكن أن يحيط بها الإنسان أو يعبر عنها لسان ، و من ذلك :
1- أذكار الصباح و المساء قوت للقلوب و الأرواح ، تورث في القلب السكينة و الطمأنينة و الراحة و السرور .
2- من أسباب الحفظ و الأمن و السلامة من شرور الدنيا و الآخرة .
3- من أسباب فتح باب الخيرات و البركات .
4- من أسباب تحصيل الأجور العظيمة من الله سبحانه .
5- أعظم سلاح لدفع الشر قبل وقوعه ، و بعد وقوعه ، قال النبي صلى الله عليه و سلم ( الدعاء ينفع مما نزل ، و مما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء ) رواه الحاكم
6- تقوية لصلة العبد بربه ، و اعتراف بنعمه المتوالية ، و شكر له على تفضله و إحسانه .
7- تشعر العبد بأنه مفتقر إلى ربه ، و محتاج إليه ، لا يستغني عنه طرفة عين .
8- من أسباب صلاح العبد ، فصلاح المؤمن متوقف على صلاح جوارحه ، و صلاح جوارحه متوقف على صلاح قلبه ، و صلاح قلبه لا يتم إلا بالمحبة لله و التعظيم له ، و هذان لا يتحققان إلا بذكر الله و المثابرة عليه . الوابل- مقدمة المحقق بشير عيون ص 4
ما القدر الذي يكون به العبد من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات ؟
قال الله سبحانه و تعالى : (( ... وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما )) سورة الأحزاب ( 35 )
قال ابن الصلاح : إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحاً و مساءاً في الأوقات و الأحوال المختلفة ليلاً و نهاراً ، كان من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات . الأذكار للنووي ص 7
أهمية حضور القلب و التفكر في معاني الأذكار :
قال النووي : المراد من الذكر : حضور القلب ، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر ، فيحرص على تحصيله و يتدبر ما يذكر ، و يتعقل معناه ، فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود ، و لهذا كان المذهب الصحيح المختار استحباب مد الذاكر قول : لا إله إلا الله ، لما فيه من التدبر . الأذكار للنووي
( أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد ، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه ، رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر، رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر ) رواه مسلم و إذا أمسى قال : أمسينا و أمسى الملك لله
أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله : أي دخلنا في الصباح متلبسين بنعمة و حفظ من الله تعالى و استمر دوام الملك كائناً لله ، و مختصاً به .
لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ : أي لا معبود بحق إلا هو ( وَحدَهُ ) فيه تأكيد للإثبات (لا شَريكَ لهُ ) فيه تأكيد للنفي .
و هذا تأكيد من بعد تأكيد اهتماماً بمقام التوحيد و تعلية لشأنه ، و لما أقر لله بالوحدانية أتبع ذلك بالإقرار له بالملك و الحمد و القدرة على كل شيء . فقال :
لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد ، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير :
فالملك كله لله ، و بيده سبحانه ملكوت كل شيء و الحمد كله له ملكاً و اشتقاقاً ، و هو سبحانه على كل شيء قدير ، فلا يخرج عن قدرته شيء قال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمَاً قَدِيراً) سورة فاطر ( 44 )
و في الإتيان بهذه الجملة المتقدمة بين يدي الدعاء فائدة عظيمة ، فهو أبلغ في الدعاء ، و أرجى للإجابة ثم بدأ بعد ذلك بذكر مسألته و حاجاته فقال :
رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم - أو هذه الليلة - : أي أسألك الخيرات التي تحصل في هذا اليوم من خيرات الدنيا و الآخرة ، أما خيرات الدنيا : فهي حصول النعم و الأمن و السلامة من طوارق الليل و حوادثه و نحوها ، و أما خيرات الآخرة فهي حصول التوفيق لإحياء اليوم و الليلة بالصلاة و التسبيح و قراءة القرآن و نحو ذلك .
وَخَـيرَ ما بَعْـدَه - أو ما بعدها - : أي أسألك الخيرات التي تعقب هذا اليوم أو هذه الليلة .
وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه : أي و أعتصم بك و التجئ بك من شر ما أردت وقوعه فيه من شرور ظاهرة و باطنة .
رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَـلِ : المراد بالكسل : عدم انبعاث النفس للخير مع ظهور القدرة عليه ، و من كان كذلك فإنه لا يكون معذوراً بخلاف العاجز ، فإنه معذور لعدم قدرته .
وَسـوءِ الْكِـبَر : أي ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل و اختلاط الرأي و غير ذلك مما يسوء به الحال .
رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر : أي أستجير بك يا الله من أن ينالني عذاب النار و عذاب القبر ، و إنما خصصهما بالذكر من بين سائر أعذبة يوم القيامة لشدتهما ، و عظم شأنهما ، فالقبر أول من منازل الآخرة ، و من سلم فيه سلم فيما بعده ، و النار ألمها أعظيم و عذابها شديد . يُنظر فقه الأدعية لعبدالرزاق البدر 3 / 21 ، شرح حصن المسلم لمجدي أحمد ص 161
اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ . سورة البقرة ( 255 )
فضلها : من قالها حين يصبح أجير من الجن حتى يمسي ، و من قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح . رواه الحاكم
هذه الآية أعظم آية في كتاب الله ، فقد سأل النبي صلى الله عليه و سلم أبي بن كعب رضي الله عنه : ( أي آية أعظم في كتاب الله ؟ ) قال : آية الكرسي ، فضرب على صدره و قال : ليهنك العلم أبا المنذر ) . رواه مسلم أي ليكن العلم هنيئا لك .
الشرح :
هذه الآية الكريمة إنما كانت بهذه المنزلة لعظم ما دلت عليه من توحيد لله و تمجيده و حسن الثناء عليه ، و ذكر نعوت جلاله و كماله ، فتضمنت من أسماء الله خمسة أسماء ، و تضمنت من الصفات ما يزيد على العشرين صفة للرب تبارك و تعالى .
قال ابن تيمية : و ليس في القرآن آية واحدة تضمنت ما تضمنته آية الكرسي . مجموع الفتاوى 14 / 129
و قد اشتملت هذه الآية العظيمة على عشر جمل مستقلة :
- اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ : بدأت الآية بذكر تفرد الله بالألوهية ، فهو سبحانه لا معبود بحق إلا هو ، و ألوهية غيره و عبادة غيره باطلة : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } سورة الحج ( 62 )
الْحَيُّ الْقَيُّومُ : جمع هذين الاسمين في غاية المناسبة ، و ذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال ، فكمال الأوصاف في الحي ، و كمال الأفعال في القيوم .
فالحي : هو كامل الحياة ، و ذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالسمع و البصر و العلم و العزة و القدرة و الكبرياء و العظمة و غيرها من صفات الذات المقدسة .
القيوم : القائم على نفسه فلا يحتاج إلى أحد من خلقه ، و القائم على غيره فكل أحد محتاج إليه .
لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ : أي لا يعتريه نعاس و لا نوم ، لأن السنة و النعاس إنما يعرضان للمخلوق الذي يعتريه الضعف و العجز ، و لا يعرضان لذي العظمة و الكبرياء و الجلال .
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ : إخبار بأن الجميع عبيده ، و في ملكه و تحت قهره و سلطانه ، و يتفرع على كون الملك لله ألا نتصرف في ملكه إلا بما يرضاه ، و منها : تسلية الإنسان عند المصائب ، و رضاه بقضاء الله و قدره ، لأنه متى علم أن الملك لله وحده رضي بقضائه و سلّم .
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ : هذا من عظمته و جلاله و كبريائه عز و جل أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه في الشفاعة {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} سورة النجم ( 26 )
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ : إخبار عن علمه الواسع المحيط بجميع الكائنات ماضيها و حاضرها و مستقبلها .
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ : لها معنيان :
- لا يحيطون بشيء من علمه ، أي : لا يعلمون عن الله سبحانه من اسمائه و صفاته و أفعاله إلا بما شاء أن يعلمهم إياه فيعلمونه .
- و لا يحيطون بشيء من معلومه - أي مما يعلمه في السماوات و الأرض - إلا بما شاء أن يعلمهم إياه فيعلمونه .
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ : هذا بيان لعظمة الله بذكر عظمة مخلوقاته ، فإذا كان الكرسي و هو مخلوق من مخلوقاته وسع السماوات و الأرض فكيف بالخالق الجليل ؟! و قد شمل و أحاط الكرسي السماوات و الأرض .
و الكرسي : هو موضع قدمي الرب سبحانه و هو بين يدي العرش كالمقدمة له ، و العرش فوق المخلوقات و هو أعلى المخلوقات .
قال صلى الله عليه و سلم : ( ما السماوات السبع و الأرضون بالنسبة للكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ، و إن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة ) رواه ابن حبان
وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا : أي لا يثقله حفظ السماوات و الأرض لكمال عظمته و اقتداره ، فالسماوات و الأرض تحتاج إلى حفظ ، و لولا حفظ الله لفسدتا لقوله (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )سورة فاطر ( 41 )
وَهُوَ الْعَلِيُّ : له العلو المطلق :
أ- علو القدر : معناه أن الله ذو قدر عظيم ، لا يماثله أحد من خلقه ، و لا يعتريه معه نقص .
ب - علو القهر : معناه أن الله قهر جميع المخلوقات ، فلا يخرج أحد منهم عن سلطانه .
جـ - علو الذات : معناه أن الله بذاته فوق عرشه .
الْعَظِيمُ : الجامع لجميع صفات العظمة و الكبرياء ، الذي تحبه القلوب ، و تعظمه الأرواح .
و في قوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) التحذير من الطغيان على الغير ، و لهذا قال تعالى : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيَّاً كَبِيرَاً }
فإذا كنت متعالياً في نفسك فاذكر علو الله عز و جل ، و إذا كنت عظيماً في نفسك فاذكر عظمة الله ، و إذا كنت كبيراً في نفسك فاذكر كبرياء الله .
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 309 ، تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي 1/ 313 ، تفسير سورة البقرة لابن عثيمين 3/ 255 ، فقه الأذكار للبدر 3 / 57
( اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ ، وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي ، فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ ) فضلها : أن من قالها موقناً بها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة و كذلك إذا أصبح . رواه البخاري
أول الحديث : سيد الاستغفار : أن يقول العبد : اللهم أنت ربي ، أي أفضل أنواع الأذكار التي تطلب بها المغفرة هذا الذكر الجامع لمعاني التوبة ، و الاستغفار : طلب المغفرة .
و المغفرة : الستر للذنوب و العفو عنها .
قال الطيبي : لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعاني التوبة كلها استعير له اسم السيد ، و هو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج ، و يرجع إليه في المهمات ، قال ابن أبي جمرة : جَمَعَ الحديث من بديع المعاني و حسن الألفاظ ما يحق له أن يسمى سيد الاستغفار ، ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية ، و لنفسه بالعبودية و الاعتراف بأنه الخالق ، و الإقرار بالعهد الذي أخذ عليه ، و الرجاء بما وعد به ، و الاستعاذة مما جنى به على نفسه ، و إضافة النعم إلى موجدها ، و إضافة الذنب إلى نفسه ، و رغبته في المغفرة ، و اعترافه بأنه لا يقدر على ذاك إلا هو .
و يظهر أن اللفظ المذكور إنما يكون سيد الاستغفار : إذا جمع صحة النية و التوجه و الأدب . تحفة الذاكرين للشوكاني ص 87 ، فيض القدير للمناوي 4 / 119
اللّهـمَّ : هي بمعنى يا الله ، حذف منها يا النداء و عوض عنها بالميم المشددة ، و لهذا لا يجوز الجمع بينهما .
أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك : فيه تذلل و خضوع ، و انكسار بين يدي الله ، و إيمان بوحدانيته سبحانه في ربوبيته و ألوهيته.
وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت : أي و أنا على ما عاهدتك عليه ، و واعدتك من الإيمان بك ، و إخلاص الطاعة لك قدر استطاعتي ، و قيل : العهد ما أخذ عليهم في عالم الذر ( ألست بربكم ) و الوعد ما جاء على لسان النبي صلى الله عليه و سلم أن من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة .
أَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت : أي ألتجئ إليك يا الله ، و أعتصم بك من شر الذي صنعته من شر عاقبته و حلول عقوبته و عدم مغفرته ، أو من العود إلى مثله من شر الأفعال و قبيح الأعمال .
أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ : أي أعترف بعظم إنعامك علي ، و في ضمن ذلك شكر المنعم سبحانه و التبري من كفران النعم .
وَأَبـوءُ بِذَنْـبي : أي أقر بذنبي من تقصير في واجب أو فعل لمحظور ، و فائدة الاعتراف بالذنب : أن الاعتراف يمحو الاقتراف كما قيل :
فإن اعتراف المرء يمحو اقترافه
كما أن إنكار الذنوب ذنوب
فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ : أي اغفر لي يا الله ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . فيض القدير للمناوي 4 / 119 ، فقه الأذكار للبدر 3 / 17
( اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ) أربع مرات
فضلها : من قالها حين يصبح أو يمسي أربع مرات أعتقه الله من النار ، و إذا أمسى قال : اللهم إني أمسيت أشهدك و أشهد حملة عرشك ... رواه أبو داود
اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ : أي دخلت في الصباح ، و أنا أشهدك و أشهد حملة عرشك و هم الملائكة المقربين ، حملة العرش الأربعة قال تعالى: ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ... ) سورة غافر ( 9 )
فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية قال تعالى : ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) سورة الحاقة ( 17 )
وَمَلاَئِكَتَكَ : الملائكة خلق عظيم ، خلقهم الله من نور .
وَجَمِيعَ خَلْقِكَ : من باب عطف العام على الخاص ، لأن جميع الخلق يتناول الملائكة و غيرهم .
و المراد هنا من تخصيص الملائكة من بين سائر المخلوقات : هو الدلالة على أن الملائكة أفضل من البشر ، أو أن المقام مقام الإشهاد ، و الملائكة أولى بذلك من غيرهم ، لأنهم عرفوا أن الله لا إله إلا هو ، و أن محمداً عبده و رسوله قبل سائر المخلوقات ، و إما لأن الأصل في المشهود العدالة و هي أتم فيهم . شرح حصن المسلم لمجدي أحمد ص 165
أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ : أنك لا معبود بحق سواك وحدك لا شريك لك .
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ : و أن محمداً عبد لك شرفته بالرسالة على جميع الخلق .
|