قال الْمُصَنِّف - رحمه الله - (الكلام هو : اللفظ المركب المفيد بالوضع)فيه مباحث على ما يلي :الأول : بدأ الْمُصَنِّف - يرحمه الله -بتعريف الكلام ؛ لأنه موضوع النحو ومادته والتي يعمل فيها ، وبه يقع التفاهم والتخاطب . ومِنْ ثَمَّ يَبِينْ عناية الْمُصَنِّف - يرحمه الله - بتقديم ما حقه التقديم على غيره ، وهذا هو حقيقة التدرّج المحمود في التعليم .الثاني :قوله : (الكلام) أَيْ في اصطلاح النحويين ؛ لأن (ال) في (الكلام) إما أن تكون عوضاً عن مضاف إِلَيْهِ ، أَوْ للعهد الذهني .فعلى الأول إما أن يكون المضاف إِلَيْهِ المحذوف ضميراً أَوْ لا ، فإن كان ضميراً يكون التقدير : كلامنا ؛ أَيْ معشر النحاة . وإن كان اسماً مظهراً فيكون التقدير : كلام النحويين ، والْمُصَنِّف - يرحمه الله - منهم . وعلى الثاني يكون المقصود : الكلام المعهود في الأذهان ، وهو كلام النحويين ؛ لأن المتن المبدوء به ذلك في النحو ، ومصنفه من النحويين ، بل من أئمتهم المشهورين .الثالث : قوله (اللفظ) يتعلق به أشياء ثلاثة :الأول : معناه في اللُّغَةحَيْثُ إِنه : يدل على طرح الشيء ، تقول : لفظتُ الشيء من فمي ، إِذا طرحتَه . الثاني : معناه في الاصطلاححَيْثُ إِنه : الصوت المنقطع من الفم ، المشتمل على بعض الحروف الهجائية تحقيقاً كـ(زيد) أَوْ تقديراً كالضمير المستتر . الثالث : الاحتراز بهحَيْثُ احترز بقَيْد (اللفظ) - في تعريف الكلام اصطلاحاً - : عن كل ما حصل به التفاهم وليس بلفظ ، كالكتابة والإشارة ونحوهما . وهي تُسَمَّى عند اللُّغَويين بـ (الدَّوالّ) لأنها تدل على معنى يَفْهَمه المخاطَب بها . الرابع : قوله (المركّب) يتعلق به أشياء ثلاثة : الأول : معناه في اللُّغَة حَيْثُ إِنه : علوُّ شيءٍ شيئاً ، تقول : ركبتُ الدَّابة إِذَا عَلَوْتها . وكلمة (المركب) اسم مفعول من : ركب .الثاني : معناه في الاصطلاححَيْثُ إِنه : ضمُّ كلمةٍ إِلى أخرى فأكثر . سواء أكان الضم ظاهراً كـ (قام زيد) ، أم كان مُقَدَّراً كـ (قم) ، إِذْ التقدير : قُمْ أنت . وليُعْلم أن التركيب يأتي على أنواع : • ومنه : المركب الإسنادي ؛ وهو المكوّن من مسنَدٍ ومسند إِلَيْهِ ، كـ (زَيْدٌ قَائِمٌ ، وقام زَيْدٌ) حَيْثُ إِن زيداً مسند إِلَيْهِ ، والقيام مسند . • ومنه : التركيب المزجي كـ (بَعْلَبَك) . • والتركيب الإضافي ، كـ (غلام زيد) . • والتركيب العددي ، كـ (أربعة عشر) .الثالث : الاحتراز به قَيْد (التركيب) احترز به : عن المفرد ، كـ (زيد) فقط ، أَوْ (عمرو) فقط - أعني : لم يُضَمّ إليها شيء آخر - .